هل حدث «انقلاب قصر» داخل الحزب الوطنى الديمقراطى أدى إلى الشكل الغريب الذى انتهت إليه نتيجة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة؟!. هناك تحليل يقول إن ما يطلق عليه الحرس القديم فى الحزب ويمثله السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب ورئيس مجلس الشورى، كان قد وضع خطة شاملة تضمن للحزب الحاكم الحصول على أغلبية الثلثين، وتضمن - وهذا هو الأهم - نسبة لا بأس بها من المقاعد تذهب إلى أحزاب المعارضة الرئيسية خصوصا الوفد والتجمع والناصرى مع تقليص نسبة مقاعد جماعة الإخوان المسلمين إلى ما دون العشرين مقعدا. هذه الخطة أو التى أطلق عليها البعض تعبير الصفقة كانت من وجهة نظر أصحابها تضمن عدم إحداث هزات كبرى فى المجتمع، بل تراهن على إحلال أحزاب وقوى سياسية مدنية محل جماعة الإخوان المسلمين، ما يضمن رضاء دوليا فى الخارج، ورضاء قبطيا فى الداخل، والأهم أن هذا السيناريو كان يعنى أن مرشح الحزب الوطنى فى انتخابات الرئاسة المقبلة سواء كان الرئيس حسنى مبارك أو غيره كان سينافس أشخاصا مثل رفعت السعيد أو السيد البدوى أو ربما سامح عاشور وليس د.محمد عبدالعال أو موسى مصطفى موسى ورجب هلال حميدة، ورؤساء أحزاب أنبوبية لا أتذكر أسماءهم للأسف. الذى حدث يقول بوضوح إن تيارا آخر هو تيار لجنة السياسات لم تعجبه هذه الهندسة الانتخابية التى ثبت نجاحها فى المرحلة الثالثة من انتخابات 2005 وقيل إنها نالت رضاء الرئيس مبارك.. ولذلك قرر هذا الفريق الحديث العهد بالعمل السياسى نسف اللعبة بأكملها والانقلاب على هذه الخطة. راهن هذا الفريق على أن إقصاء تيار الإخوان بأكمله سيفرح كثيرين خصوصا فى الخارج وأن إقصاء كل «المشاغبين» سيفرح كثيرين خصوصا فى الداخل. سألت أكثر من شخص داخل الحزب الوطنى: هل حدث صراع علنى بين المعسكرين بشأن كيفية إدارة الانتخابات؟!. الرجل، لم ينكر وجود خلافات شديدة سابقة لقضية الانتخابات، لكنه ألمح إلى أن كل من أبدوا اعتراضات ولو شكلية على طريقة أداء فريق السياسات قد تم تهميشهم تماما داخل الحزب. النتيجة التى يمكن الوصول إليها مما حدث طوال الأسبوع الماضى هى أن أحمد عز أمين التنظيم قد صار هو الرجل الأكثر تأثيرا فى تقرير السياسات العامة للحزب بجانب جمال مبارك رئيس لجنة السياسات. فى يوم الأحد الماضى حدثت لقطة كانت ذات دلالة كبيرة: صفوت الشريف كان يتحدث فى المؤتمر الصحفى بهدوء ولا يريد نسف الجسور مع المعارضة.. وفجأة دخل أحمد عز مهاجما حمدين صباحى الذى وجه اتهامات للحزب الوطنى بممارسة تزوير واسع النطاق فى دائرة بلطيم بكفر الشيخ. الطريقة التى تحدث بها عز كانت تريد إيصال رسالة واضحة للجميع: «أنا الفائز.. أنا المنتقم، لم يعد هناك مجال للحلول الوسط».. لدرجة تذكرك بمبدأ جورج بوش الابن: «من ليس معى فهو ضدى». رغم كل ذلك لا يمكن الجزم بأن الأمور قد حسمت داخل الحزب الوطنى لمصلحة التيار الجديد.. فحتى الآن لم نسمع كلمة الرئيس مبارك.. ولم نعرف رأيه فيما حدث.. وإنا لمنتظرون.