الوجوم والحزن كانا يخيمان على حزب الوفد أمس الأول. أثار ما حدث يوم الانتخابات كانت بادية على وجوه الجميع هناك ابتداء من رئيس الحزب السيد البدوى مرورا ببقية القيادات والمرشحين الخاسرين، الذين توافدوا حاملين المئات من بطاقات الاقتراع المزورة، انتهاء بأصغر موظف بالحزب. «ده مش تزوير ده فُجر» بهذه العبارة الموجزة عبر عضو الهيئة العليا وعضو لجنة تقييم المرشحين بالحزب أيمن عبدالعال عن رأيه فى ملابسات ما حدث يوم الانتخابات، والنتيجة الهزيلة، التى أشارت آخر مؤشراتها حتى الآن إلى فوز 3 مرشحين فقط فى الحزب من أصل 222 مرشحا للحزب، وخوض 8 مرشحين للإعادة. «ربنا بيقول إذا بليتم فاستتروا لكن ما حدث كان تزويرا سافرا إحنا مش عارفين مين ناجح ومين ساقط.. اللى يبات ناجح يصبح ساقط. تانى يوم الانتخابات الصبح تركت الحزب وكان 7 مرشحين قد أعلن القضاة نجاحهم، وفى المساء أربعة منهم سقطوا»، هكذا تابع عبدالعال وهو عضو غرفة العمليات بالحزب موضحا. كان عضو غرفة العمليات يشير تحديدا إلى ما حدث مع سكرتير عام الحزب منير فخرى عبدالنور فى جرجا ومنى مكرم عبيد فى القليوبية وعمران مجاهد فى دمياط ومحمد المالكى فى الجمالية، فضلا عن عدد آخر من المرشحين قيل إنهم سيخوضون جولة الإعادة، ثم أعلن سقوطهم أيضا. لكن الوجوم والحزن الذى ظهر على وجوه الجميع فى الحزب لما يكن فقط لما منى به الوفد من خسارة وإنما أيضا لدلالة ما حدث بالنسبة للوطن أيضا، حسبما قال سكرتير عام مساعد الحزب حسين منصور، الذى أشار إلى «النتائج الكارثية» لما حدث على التجربة الحزبية فى مصر والأجيال الجديدة وانتمائها لهذا الوطن. بعدها بقليل هاجم السيد البدوى رئيس الحزب فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده الحزب الوطنى واللجنة العليا للانتخابات متهما «الوطنى» ومرشحيه باكتساب شرعيتهم بالتزوير بالبلطجة، و«اللجنة» بأنها مجرد ديكور، واصفا يوم الانتخابات بأنه «كان يوما حزينا فى تاريخ العمل السياسى وعدوان على الديمقراطية». وتعرض فى سياق حديثه إلى ما حدث من إعلان سقوط عدد من مرشحى ورموز الحزب عقب إعلان نجاحهم، «للأسف بعض القضاة اللى اختارتهم اللجنة العليا للانتخابات لا يتعاملون مع الانتخابات على أنها مسألة تتعلق بمستقبل مصر. ولا أبرئ اللجنة العليا للانتخابات». تحدث البدوى تفصيلا عن استبعاد 22 صندوقا فى دائرة منير عبدالنور استجابة لعدد من الطعون المقدمة فيهم، فى الوقت الذى لم يتم الاستجابة فيه لطعن واحد مقدم ضد أى من مرشحى الوطنى، على حد قوله. وفيما رجحت مصادر قيادية بالوفد أن تكون التغيرات فى إعلان النتيجة عقابا للحزب على ما بدر منه تصريحات ضد الوطنى والانتخابات، إلا أن البدوى استبعد ذلك. أما محمد كامل المنافس التاريخى للقيادى الراحل بالحزب الوطنى كمال الشاذلى، الذى لم يوفق هذه المرة أيضا بالرغم من رحيل رجل الوطنى القوى، فقال مبررا ذلك: «فيما مضى كان الشاذلى ينجح بكل ما له من إمكانات فى تحديد النتيجة، أما هذه المرة فتم وضعنا فى سلة واحدة مع الإخوان بعد رفض الوفد التوقيع مع الوطنى على البلاغ الذى وجه ضدهم». كامل الذى كان خلف البدوى هو وعدد من رموز الحزب الذين سقطوا فى الانتخابات، وصف فى تصريحات خاصة ل«الشروق» ما حدث معه يوم الانتخاب قائلا: «كنت كسبان فى معظم القرى بدون منافس، لكن فى مدينة الباجور قفلوا الصناديق صباحا وقرب موعد إغلاق باب التصويت دخلت صناديق أخرى، فى عملية تم تصويرها وكان يشرف عليها عدد من البلطجية بقيادة رئيس مباحث الباجور»، على حد قول كامل. وفيما كان أيمن عبدالعال، عضو غرفة العمليات يبدى أسفه على كل ما حدث، كان منسق جماعة وفديون ضد التزوير، يحاول أن «ينظر للنصف المملوء من الكوب» قائلا: «بالعكس هما كده أنقذوا الوفد من شبهة الصفقات، وحطوه على الطريق الصح». وأضاف الرجل الذى كان صاحب مبادرة ترشيح الوكيل السابق للوكالة الدولة للطاقة الذرية محمد البرادعى للرئاسة، الذى يناديه بعض زملائه بالحزب «يا برادعى»: «علينا أن نبدأ من الآن فى اعتصامات وتظاهرات سلمية متصاعدة ونبدأ فى توجيه هجومنا على رئيس الجمهورية مباشرة ونفتح الوفد مقرا لكل القوى المعارضة»، وهو ما ستحدده طبيعة التفاعلات الداخلية فى الأيام والأسابيع المقبلة.