وفدان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي يصلان القاهرة تلبيةً لدعوة مصرية    الضغوط تزداد لدعم وقف إطلاق النار في غزة.. ماذا قالت الجارديان عن خيارات نتنياهو؟    بالتعاون مع مستشفيات المملكة.. رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على ألف حالة بمكة والمدينة    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024 بأسواق الجمهورية    محافظة الجيزة: استقرار ضخ المياه بصورتها الطبيعية لمناطق حدائق الأهرام    وزير المالية: مصر تتخطى المتوسط العالمي في الشفافية المالية وإتاحة البيانات    الضرائب: عدم إصدار الفواتير الإلكترونية والإيصالات الالكترونية مخالفة للقانون    الخشت: حققنا قفزة كبيرة بتصنيف "كيو إس" بالتقدم 200 مركز خلال عامين بنسبة تطور 40%    الحكومة الجديدة، جمعة وشاكر وشكري والملا أكثر الوزراء المعمرين في الحكومة    سراج الدين: لهذا السبب لم نحصل على قرض لبناء استاد الأهلي.. وموعد الكشف عن التصميم    يورو 2024، يويفا يستعرض تألق حراس المرمى في تاريخ البطولات    وزير التجارة يترأس لجنة الاختبارات للمتقدمين للعمل بوظيفة ملحق تجاري بالوزارة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 12 مليون جنيه خلال 24 ساعة    «معلومات الوزراء» يسلط الضوء على مخاطر المعلومات الخاطئة والمضللة على العالم    الفنون التشكيلية يفتتح معرض "البصيرة" للفنانة ناهد إسماعيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 5-6-2024 في المنيا    وزير الصحة يطلق المرحلة الثانية لمبادرة الكشف المبكر عن الأورام ب 9 محافظات    الرقابة الصحية: 5 إصدارات جديدة لمعايير المستشفيات والخدمة الطبية لضمان جودتها    عبد الغفار يثمن تقرير الصحة العالمية عن أسباب نجاح مصر في القضاء على فيروس سي    "تصفيات كأس العالم".. جدول مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة    الكشف عن موعد افتتاح الملعب الجديد للمصري البورسعيدي    صالح جمعة: كهربا أراد مغادرة الأهلي في يناير.. وإمام عاشور الأفضل    حمادة طلبة: الزمالك يحتاج صفقات سوبر.. وأرفض محاسبة جوميز بالقطعة    التربية الإيجابية أساس بناء الإنسان    وزارة النقل: لم نلغ مشروع مد المترو لقليوب وندرس إنشاء ترام بالساحل الشمالى    مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى.. و"الاحتلال" يشدد إجراءاته فى القدس    صدمة وبكاء لطلاب الثانوية الأزهرية من امتحان الجبر والهندسة الفراغية.. فيديو    وفاة طفلة غرقاً في إحدى الترع أثناء اللعب ببورسعيد    تجديد حبس مسجل خطر ضبط بحوزته آر بى جى فى أطفيح بالجيزة 15 يوما    الجمعية الفلكية بجدة تكشف تفاصيل ميلاد ذى الحجة بالمملكة العربية السعودية    مجلس النواب الأمريكى يوافق على تشريع جديد يعاقب المحكمة الجنائية الدولية    ل رجل برج الجوزاء.. كيف يمكن أن تكون جوزائيًا وناجحًا؟    هالة خليل وفريق "كايروتا" فى معكم منى الشاذلى.. الجمعة    300 عرض مسرحي تقدموا للمشاركة بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    «كله فى القهاوى» فن وسياسة وأدب وقصص أخرى    عمر هلال: كتبت فوي فوي فوي فى 3 سنوات والفيلم كوميديا سوداء تعبر عن الواقع    البرلمان العربى يثمن مصادقة برلمان سلوفينيا على قرار الاعتراف بدولة فلسطين    تعرف على فضل العشر الأُوَل من ذي الحجة والأيام التي يُحرم فيها الصيام    ما هو السن الشرعي للأضحية وهل يجوز بالتضحية بالتي لم تبلغ السن المحدد؟    دار الإفتاء توضح أحكام ذبح الأضحية شرعا وشروطها    إي اف چي هيرميس تنجح فى إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولى لمجموعة "فقيه للرعاية الصحية"    جامعة الجلالة تعقد ورشة عمل حول استثمار الإمكانيات التكنولوجية لتقليل الاستيراد    نبيل عماد يكشف دوره في انضمام أحمد حمدي للزمالك.. وكيف بكى قبل نهائي الكونفدرالية    صحة الوادى الجديد: تنفيذ قافلة طبية مجانية بقرى الفرافرة ضمن مبادرة حياة كريمة    النائب طارق عبد العزيز ل"قصواء الخلالي": الرئيس السيسى ركز على مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى    البابا تواضروس ل"الشاهد": بعض الأقباط طلبوا الهجرة أيام حكم مرسي    خبير دولي: جهود مصر لدعم القضية الفلسطينية لم تنقطع لحظة واحدة    أسعار البيض اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024    "لوموند": الهند تدخل حقبة من عدم الاستقرار السياسي بعد الانتخابات التشريعية    صحيفة تسلط الضوء على الانقسام بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول الأصول الروسية    مصطفى الفقي: وزير التموين من أكفأ الوزراء في حكومة مدبولي    انطلاق فعاليات الاجتماع الفني لتطوير البنية التحتية للطاقة النووية في مصر بفيينا    5 نصائح من «الصحة» ل«الحجاج».. اتبعوها للوقاية من العدوى    "الناجح يرفع إيده" رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الأقصر    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    علماء الأزهر: صكوك الأضاحي لها قيمة كبيرة في تعظيم ثوابها والحفاظ على البيئة    البابا تواضروس يكشف كواليس لقائه الأول مع الرئيس السيسي    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة حب تنقذ وطنًا
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 12 - 2010

ننسى أحيانا أن أفراد الأسر المالكة بشر مثلنا. يحبون ويكرهون ويصادقون ويعادون. نسبغ عليهم صفات الملائكة إن اعتدلوا، ونلعنهم إن فسدوا أو أفسدوا. نقبل بشغف على قراءة سيرهم والاستماع إلى حكاياتهم ونميمة أهل البلاط كما لو كانت مختلفة عن مثيلاتها فى حياة البشر العاديين.
انشغل مؤرخون كثيرون بكتابة صياغات متعددة لقصة جورج الرابع الذى أعدم زوجته التى كان الشعب يحبها حبا جما متهما إياها بالخيانة الزوجية. وتوقفوا كثيرا ليناقشوا حكايات الملكة فكتوريا وعصرها الذهبى، وبخاصة حكايتها مع الأمير ألبرت الذى زوجته نفسها فى عام 1840. و قرأنا عن إدوارد الثامن الذى وقع فى غرام سيدة أمريكية ثرية سبق أن طلقت مرتين وكيف غضب الرأى العام البريطانى والطبقة الحاكمة على هذه العلاقة، مما دفع إدوارد إلى اعتزال الملك فى 11 سبتمبر عام 1936 ورحيله إلى فرنسا ليتزوج من السيدة واليس سيمبسون يوم 3 يونيو 1937. وفى عام 1947 تزوجت الملكة إليزابيث الأمير فيليب مونباتين، وبزواجها بدأت مرحلة فى تاريخ التاج البريطانى تختلف جذريا عن المراحل السابقة. ففى هذه المرحلة ارتفعت أصوات كثيرة تدعو للتخلص من النظام الملكى. وتعددت الأسباب. قيل إنه فقد جاذبيته ومكانته، وقيل أيضا إنه صار غير ذى فائدة كبيرة ومكلفا، كان لازما فى عهد الاستعمار وبناء الدولة الصناعية حين استدعت وجوده الأزمات الاجتماعية ولم يعد لازما فى عصر اقتصادات المال والانحسار الإمبراطورى.
كتبت هذه المقدمة كخلفية تمهد لحكاية الأمير ويليام والآنسة كاترين مالبورو. تذكرنا الخلفية بما كنا نعرفه عن العائلة المالكة البريطانية وبخاصة العنف الدموى فى بعض عهودها، ومواقفها من علاقات الحب التى قامت بين أمراء وأميرات من ناحية وأشخاص من خارجها. عرفنا ترفعها عن التعامل مع العوام من أبناء الطبقة الوسطى والطبقات الدنيا، ومقاومتها الشديدة للتغيير بكل أشكاله وإيمانها المطلق بالاستقرار واحترام التقاليد. وبالفعل حققت الاستمرار لنفسها، وربما كان هذا الاستمرار داخل الأسرة وفى علاقاتها بمؤسسات الحكم سببا من أسباب استقرار السياسة فى بريطانيا بشكل عام. اختلف الأمر بعض الشىء فى النصف الثانى من القرن العشرين. رأينا كيف طرأت ظروف فرضت تغييرا فى صورة الملكية. لم يعرف أهل البلاط الذين توسطوا فى خطوبة الأمير شارل أن الطبقة الارستقراطية التى كانت تعتبر المصدر الأساسى لتزويد العائلة المالكة بدماء جديدة قد امتدت اليها يد التغيير. خرج من رحم هذا التغيير جيل متمرد على ملل الارستقراطية وتحجر تقاليدها وخرجت من رحم هذا الجيل الآنسة ديانا سبينسر. جاءت مرحلة الوهج والصخب، بلغت ذروتها فى عام 1981 حين خرجت ملايين الناس إلى الشوارع لتحتفل بزواج ديانا من الأمير شارل، ولى العهد، كان واضحا أن الحكومة البريطانية أرادت استثمار ظاهرة ديانا لتستعيد مكانة النظام الملكى لدى الرأى العام، فدعت إلى حفل الزواج ملوك ورؤساء وزعماء سياسيين وشخصيات عامة من كل الدول. وسمحت للعرس بأن يتحول إلى عيد وطنى، وكان أول زواج ملكى بريطانى يذاع على الهواء مباشرة ويشاهده ملايين المشاهدين فى العالم. كان استثمارا سياسيا وإعلاميا ناجحا.
نعرف جميعا أن النهاية كانت مأساوية، والأسباب كثيرة ليس أقلها أهمية أن الأمير الشاب كان يحب سيدة أخرى ولم يحب ديانا ولم تحبه ديانا. قصة الحب كان ينقصها الحب. لا يهم الآن القول بأن ديانا نشأت فى بيت غير مستقر وزوجة أب غير طبيعية وأجواء غير صحية. على كل حال، فقد مهدت النهاية المأساوية لظاهرة ديانا لاستقبال جماهيرى بارد لزواج الأمير شارل بعد مصرع ديانا من مسز سيمبسون. لم يبد اهتماما، وهو الأمر الكافى ليحرم شارل من أن يعود ملكا ذات يوم. كانت ديانا قد انجبت وليام وهارى اللذين انتقل إليهما حب الشعب البريطانى لوالدتهما. وتركزت الانظار على وليام، باعتباره المرشح لولاية العهد بعد والده، ولم يكن خافيا أن دوائر حكومية وداخل القصر، كانت تشكو البطء الذى تعامل به وليام مع مشروع زواجه. كتب البعض فى بريطانيا عن حاجة البلاد إلى قصة غرامية جديدة تعيد الدفء إلى علاقة القصر بالشعب، وكتب آخرون عن حاجة بريطانيا إلى ما ينعش الشعور الوطنى فى وقت انكسارات فى أفغانستان وأزمات هوية واقتصادية وقضية مهاجرين.
أخيرا، خرج وليام إلى الناس ليعلن خطوبته على الآنسة كاترين (كيت) مالبورو، فتحقق المراد على كل الأصعدة. ها هو الأمير النبيل يقع فى حب فتاة من بنات الطبقة الوسطى، كان أحد أقربائها عاملا فى منجم وعملت والدتها مضيفة فى شركة طيران، أما هى فقد تعلمت فى مدرسة يدخلها أبناء وبنات الطبقة الوسطى وبعدها فى جامعة سان اندروز فى اسكتلندا حيث قابلت الأمير وليام. أخيرا تحقق حلم العوام البريطانيين: فتاة من العامة تتزوج أميرا عليه الدور ليكون وليا للعهد ثم ملكا للبلاد.
لفت النظر أن دوائر الحكومة لم تتأخر فى إعلان أن الزواج المقرر فى ربيع العام المقبل سوف ينعش الاقتصاد البريطانى المأزوم بشدة، وأن الناس عادت تتفاءل وتخلت عن مزاج الغضب واستعدت لأيام وليال كلها صخب ووهج وسعادة. أخيرا تحقق الجمع بين الاستقرار والتألق، دون أن يأتى أحدهما على حساب الآخر.
أخيرا وجدت بريطانيا الفتاة التى يمكن أن تبعث فيها روح ديانا. لقد شغلت ديانا عقول البريطانيين وأفئدتهم لعدد من السنوات، ومطلوب الآن من كيث أن تكسب القدر نفسه من حب الشعب، لتنقذ النظام الملكى من خصومه الذين عادوا ينشطون بسبب الأزمة الاقتصادية، ولتنقذ حكومة بريطانيا من أسوأ أزمة اقتصادية تواجه المملكة المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.