محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    انطلاق معرض أخبار اليوم للتعليم العالي برعاية رئيس الوزراء.. اليوم    السيسي يفتتح منتدى رجال الأعمال المصري الأوغندي بمشاركة نظيره "موسيفيني"    عيار 21 الآن ينخفض بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025 بالصاغة    أسعار التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    عاجل - حماس: علاقاتنا مع مصر راسخة والتعاون مستمر في كافة الملفات    خروج 35 عربة قطار عن مسارها في ولاية تكساس الأمريكية    الموضوع زاد عن حده، أول صدام مباشر بين إدارة الأهلي وريبيرو بسبب أحمد عبد القادر    منتخب 20 سنة يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديًا    اعتراف مستفز من البلوجر "ياسمين" أثناء التحقيقات وقرار جديد بحبسه في سجن الرجال    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    تعرف على أسرار برج السرطان للرجل والمرأة.. عاطفة تحت حكم القمر    كنت فاكر إن ده العادي بتاعه، هشام ماجد يروي قصة مباراة حولته من أهلاوي إلى زملكاوي    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    ممنوعة في الموجة الحارة.. مشروبات شهيرة تسبب الجفاف (احذر منها)    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    «حماس» تشيد بدور مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    أحمد مجدي: لدي مستحقات متأخرة في غزل المحلة وقد ألجأ للشكوى    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    نتنياهو: أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحانية مرتبطة برؤية "إسرائيل الكبرى".. وتشمل فلسطين وأجزاء من الأردن ومصر    6 بنوك تتصدر ترتيب المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    عاجل| قمة ألاسكا.. "تمرين استماع" بين ترامب وبوتين وسط تعقيدات الحرب الأوكرانية    على طريقة "اللي على راسه بطحة"، صورة مفاجأة تهز سارة خليفة أثناء التحقيقات معها    محافظ الجيزة يعلن اليوم المرحلة الثانية لتنسيق القبول بالثانوية العامة 2025    نتنياهو: لا اتفاقات جزئية.. وهدفنا نصر حاسم فى الحرب بغزة    ثلاث تغييرات في تشكيل الأهلي ضد فاركو بالجولة الثانية من الدوري    مورينيو يقود فنربخشة لاجتياز فينورد قبل مواجهة بنفيكا لحسم مقعد الدوري من أبطال أوروبا    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    نيوكاسل يعلن الصفقة الثالثة    أمين عمر حكما لبيراميدز والإسماعيلي.. والغندور للطلائع والمصري    المئات يتظاهرون ضد حظر السباحة في نهر شبريه في برلين    طريقة عمل شاورما اللحم فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهزة    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    نجم الزمالك السابق: مباراة مودرن جرس إنذار للأهلي.. وبصمات فيريرا واضحة مع الأبيض    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    بداية أسبوع من التخبط المادي.. برج الجدي اليوم 13 أغسطس    نقاش محتدم لكن يمكنك إنقاذ الموقف.. حظ برج القوس اليوم 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    مصدر بهيئة قناة السويس ببورسعيد ينفي ما تم تداوله حول إغلاق كوبري النصر العائم    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    "الإسكان": منصة إلكترونية/لطلبات مواطني الإيجار القديم    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلام يا شادي
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 03 - 2009

تذكرت اقتراب موعد القسط السنوى لبيت أجتهد فى سداد ثمنه، فقلت إنه من الحكمة أن أتصل بالشركة للاطمئنان على سير العمل بالمشروع إن كان هناك عمل أصلا قبل أن أدفع بقية دم قلبى. اتصلت بالشاب الذى تعاقدت معه على شراء البيت، واسمه شادى، فرد على صوت يشبهه، وعندما سألته عن شادى تلعثم وأخبرنى فى اقتضاب أنه أخوه، وأن شادى مات، منذ حوالى شهر، فى حادث سيارة. صدمت. تمتمت بكلمات تحاول تقديم العزاء، ثم أنهينا المكالمة بسرعة.
لم أكن أعرف شادى جيدا: أظن أنه فى أواخر العشرينيات، وفى المرات القليلة التى التقينا فيها كان يبدو مرحا ومهذبا ومقبلا على الحياة، وقال لى مرة إنه ينوى شراء شقة فى مشروع بالعين السخنة تبنيه الشركة التى يعمل بها، ونصحنى بالشراء فيها لأنها «استثمار جيد للمستقبل». ورغم أنى لا أعرفه بصورة جيدة، إلا أنى أتصور أنه مثلنا جميعا لابد وكان لديه أشياء كثيرة يريد فعلها ويؤجلها لوقت لاحق، ولديه ما يضايقه فى العمل ويتحمله على مضض، وعنده مخاوف تمنعه من أن يقول رأيه بصراحة فى أشياء كثيرة، فى السياسة أو الحب أو العائلة أو الأصدقاء. ولا بد أنه مثلنا جميعا قد قسا على ناس، وأخطأ فى حق ناس، وتحمل أشياء لا يحبها لكنها «ضرورية» وأراد أن يفعل أشياء يحبها لكنه خشى من نتائجها، وحرم نفسه من صحبة ناس يحبها: بعض من أهله، أو صديق، أو حبيبة، لأنه كان مشغولا بأشياء أخرى.
شادى، الذى لا أعرف سوى اسمه الأول، ليس أول ولا آخر الراحلين. فى السنوات العشر الماضية رحل من حولى كثير: زملاء لأبنائى وأبناء لزملائى، أصدقاء كانوا يسيرون على الدرب معى والتفت فجأة فلم أجدهم، وساسة ومجرمى حرب تعاملت معهم فى مناطق الصراعات التى كنت أعمل بها. رحل كل واحد منهم مثلما أتى: صغيرا وضعيفا ووحيدا، بغض النظر عما فعله فى حياته. ترى، لو أن الموت قد أمهل كل من هؤلاء يوما أو أسبوعا أو شهرا آخر، هل كانوا سيقضونه فى نفس ما كانوا يفعلون؟
لو لم يبق فى حياتك سوى يوم، أو أسبوع، أو شهر، كيف ستمضيه؟ ضع هذه الصحيفة جانبا، ولا ترد على المكالمة الآتية، وفكر لمدة خمس دقائق: هل كنت ستقضى هذا الوقت فى الصراع على منصب أكبر؟ فى شراء شىء آخر؟ فى الغضب على بعض من جيرانك ومعارفك وعلى شخص كنت تحبه؟ فى تفادى مواجهة نتائج أخطاء ارتكبتها عن ضعف أو غير قصد؟ فى الخوف من الفشل ومن كلام الناس ومن السلطة؟ هل ستقضى يومك الأخير فى عمل لا تحبه ومع أناس يضجرونك؟
هذا ليس سؤالا نظريا: فمثل هذه الفرصة تأتينا أحيانا: يزورنا ملاك الموت ويلقى علينا نظرة، ثم يمضى فنفلت بأعجوبة من حادث أو مرض. تأخذنا الصدمة أياما، ثم ننسى ونعود لنفس التكالب والصراع والخوف والقسوة. هذا ما يفعله البشر عادة. لكنى، فى كل مرة يفاجئنى فيها شادى بالرحيل، أفكر فيما سيكون عليه الأمر لو أننا فعلنا غير ذلك. لو أننا توقفنا قليلا ونحن نضع أحباءنا فى حفرة بالأرض، ونحن فى سرادق العزاء، ونحن عائدون لبيوتنا فى الليل، وفكرنا أن ذلك قد يكون آخر يوم لنا أيضا: ألا يكون من الأحسن أن نقضيه فى حضن من نحب، نمسح على رأس ولد أو بنت لنا، نكون من نريد، نقول ما نريد، ونبتسم لجار أو عابر سبيل، ثم نرثى لهؤلاء الذين يقاتلون للحصول على منصب يجعلهم أكثر شقاء مما هم عليه بالفعل وندعو لهم بالشفاء؟
أكاد ألمح ابتسامة السخرية على شفاه قارئ سيقول إن هذه مثالية وكلام غير واقعى. لكن، يا صديقى، إن كنت تظن أنى غير واقعى، فاطلب شادى فى التليفون واسأله عن مدى تقدم البناء فى المشروع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.