رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    إجازة مدفوعة الأجر.. موعد آخر عطلة رسمية خلال عام 2025    خبير مصرفي: تراجع التضخم قد يدفع المركزي لتخفيض أسعار الفائدة 2% | خاص    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل ضمن مشروعات "حياة كريمة"    مَن هو تامر المهدي الرئيس التنفيذي الجديد للمصرية للاتصالات؟    السياحة تشارك في معرض Tourism EXPO 2025 باليابان    د. معتز صلاح الدين يكتب : مصر بقيادة السيسي .. مواقف شريفة رفضا للتهجير وجهود دؤوبة لإقامة الدولة الفلسطينية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    قانونية مستقبل وطن: إشادة ترامب بالسيسي تجسد دور مصر المحوري في غزة    الصين تؤكد دعمها لخطة ترامب وتدعو الأطراف المعنية لتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار    استمرار تدفق المساعدات إلى غزة وسط تحديات ميدانية ووعود بإعادة الإعمار    بعد خيبة أتلتيكو.. موعد مباراة ريال مدريد ضد كايرات ألماتي والقناة الناقلة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالطة سراي.. محمد صلاح أساسيًا    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو ورطوبة مرتفعة مع احتمال تشكل الضباب    قرار بشأن دعوى تعويض أسرة حبيبة الشماع 100 مليون جنيه ضد شركة توصيل شهيرة    ضبط 565 بطاقة تموينية داخل مخبز وتحرير 206 محاضر    ضبط شخصين اعتدوا على آخر بأسلحة بيضاء في الأقصر    إصابة 14 شخصًا في انقلاب سيارة بطريق نجع حمادي- قنا    ضبط 97 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط المتهمين بغسل 200 مليون جنيه متحصلات القرصنة على القنوات الفضائية    رئيس الوزراء يتفقد وحدة المكتبة المتنقلة بقرية شمّا بأشمون    التعاون في مجالات التعليم والزراعة الأبرز.. تفاصيل لقاء السيسي ورئيس شبكة الآغاخان للتنمية    انتهاء الخلاف بين أحمد العوضي وبيومي فؤاد.. اعرف التفاصيل    «الرقابة الصحية» : تحسين جودة الخدمات الطبية ركيزة أساسية لتطوير المنظومة    مدبولي يستفسر من المواطنين عن جودة الخدمات الطبية    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    من الإمارات إلى السعودية.. الصحافة العربية تُشيد بانتصار الأهلي على الزمالك في القمة 131    بتهمة النصب والاحتيال.. ضبط كيان تعليمي وهمي بدون ترخيص بمصر الجديدة    التخطيط: الناتج المحلى الإجمالى لمصر يُسجّل نموا 5% بالرُبع الرابع من 24/2025    وزيرة التنمية المحلية تشهد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية في مصر    يوتيوب يدفع 22 مليون دولار لترامب لتسوية قضية غلق حسابه بعد اقتحام الكونجرس    جورج كلونى يثير القلق حول حالته الصحية.. والطبيب: هناك مشكلات أكثر خطورة    "السادات والمعركة".. على "الوثائقية" بالتزامن مع الذكرى 52 لانتصارات أكتوبر    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع اللجنة الدائمة للإشراف على منظومة عمل الرائدات الاجتماعيات    نائب وزير التربية والتعليم يفتتح معرض منتجات التعليم الفني بالعاصمة الإدارية    ختام فعاليات التدريب البحرى المشترك المصري التركي «بحر الصداقة - 2025»    وكيل اقتصادية النواب يطرح مقترحات للقضاء على ظاهرة عجز المعلمين    أسعار البيض اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر    آمال ماهر تفتتح الدورة ال33 لمهرجان الموسيقى العربية بحفل مميز    الأمم المتحدة تحذر من توسع النشاط الاستيطاني الإسرائيلي بالأراضي المحتلة    حسين الشحات: تعاهدنا على الفوز بالقمة.. وجميع اللاعبين يستحقون جائزة رجل المباراة    الضغط الخفي لمرض السكري على قلبك وكيفية الوقاية منه    دراسة تبين تأثير الأمراض ونمط الحياة على شيخوخة الدماغ    الأهلي يعلن إصابة طاهر محمد طاهر في مباراة الزمالك    رويترز: من المرجح أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماع الخميس المقبل    مجدي طلبة: كوكا نجح في تحجيم خطورة بيزيرا.. وعودة الشحات أبرز مكاسب القمة للأهلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    ما اكتفتش بالحضور متأخرة، شاهد ماذا فعلت ملك زاهر في العرض الخاص لمسلسل شقيقتها "ولد وبنت وشايب"    لديه الحلول، ما شروط زيدان لتدريب مانشستر يونايتد؟    الجهاد الإسلامي: خطة ترامب هي اتفاق أمريكي-إسرائيلي يعكس بالكامل الموقف الإسرائيلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة الأقصر    وزير الري الأسبق: إثيوبيا مررت 5 مليارات متر مكعب من سد النهضة خلال الأسبوع الماضي    في مواجهة مع أفكار الأسرة التقليدية.. حظك اليوم برج الدلو 30 سبتمبر    راحة فورية وطويلة المدى.. 7 أطعمة تخلص من الإمساك    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل مجلس الشعب: ما وراء الشائعة
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 04 - 2009

فجأة وكالعادة ثارت شائعات كثيفة خرجت من أوساط عليا فى الحزب الوطنى الحاكم بقرب قيام الرئيس مبارك باتخاذ قرار بحل مجلس الشعب وإجراء انتخابات مبكرة له خلال الصيف القادم فور انتهاء دور الانعقاد الحالى له والذى يعد الرابع قبل الأخير. وكالعادة أيضا لم يقم أى مسئول كبير فى الحزب الحاكم أو فى الدولة أو متحدث باسم رئيسها بتأكيد أو نفى صحة تلك الشائعات بصورة حاسمة، وكل ما قيل على لسان رئيس مجلس الشعب نفسه ووزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية هو «أن مثل هذا القرار لا يملكه إلا رئيس الجمهورية وفقا للنص الدستورى‏»‏ فى إشارة للمادة 136 من الدستور، بما يعد مجرد «تقرير» بحقيقة يعلمها كل مبتدئ فى الدراسات الدستورية وليس «إخبارا» عن مدى صحة واقعة يتداول الناس حولها الشائعات.
ومن الواضح أن الشائعات لا تخلو من ظلال كثيرة من الحقيقة، ليس فقط بسبب التحركات الانتخابية الكثيفة التى تجرى بسرعة هائلة خلال الأسابيع الأخيرة داخل الأروقة التنظيمية للحزب الحاكم، ولكن أيضا للانتشار المريب لنفس الحجج التى تساق لتبرير حل مجلس الشعب فى أوساط إعلامية وسياسية معروفة بقربها من قيادات الحزب والحكومة راحت بدورها تروج لها ببراءة مصطنعة فى الوسائل والمحافل الإعلامية والسياسية التى تسيطر عليها. وهذه الحجج من فرط هشاشتها وتهاويها من الناحيتين الدستورية والقانونية والواقعية فى حد ذاتها تكاد تشى بأن هناك بالفعل حلا قريبا لمجلس الشعب وأن ما يجرى الآن هو بالفعل تمهيد سياسى وإعلامى له. والحجج المطروحة هى أربع رئيسية: اثنتان تبدوان قانونيتين والأخريين تبدوان واقعيتين. الحجة الأولى هى تخصيص مقاعد للمرأة فى المجلس القادم وقرر الحزب الحاكم فى مؤتمره العام السابق أن يكون عددها ستة وخمسين مقعدا، والثانية أن هناك تعديلات فى الدوائر الانتخابية نتيجة لذلك ولأسباب أخرى سوف يتم إجراؤها، وهما حجتان تستلزمان حسب مروجيهما تعديلات تشريعية توجب حل مجلس الشعب. أما الحجة الثالثة الواقعية فهى أن هناك تقارير لدى المجلس من محكمة النقض ببطلان عضوية عشرات من أعضائه، بما يلزم بحله تجنبا لأى شكوك فى دستورية أعماله. والحجة الرابعة الواقعية هى القول بأن عام 2010 سوف يشهد فى شهر مايو انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى وفى شهر نوفمبر انتخابات مجلس الشعب بينما يشهد شهر سبتمبر عام 2011 انتخابات رئاسة الجمهورية، الأمر الذى يحمل «ازدحاما» انتخابيا ليس هناك مفر من تجنبه سوى بحل مجلس الشعب وإجراء انتخابات مبكرة له.
والحقيقة أن الحجتين الأوليين لا تصمدان كثيرا أمام أى منطق دستورى أو قانونى، حيث إن كل تلك التعديلات ستتم فى القوانين المختصة وفى مقدمتها قوانين مباشرة الحقوق السياسية ومجلس الشعب ومجلس الشورى، ويمكن تطبيق ما يتم الوصول إليه فى الانتخابات العادية لمجلس الشعب فى نوفمبر 2010 دون أى حاجة دستورية أو قانونية لحل المجلس خاصة أن الدستور يجيز فى المادة (62) بعد تعديلها أن يتضمن النظام الانتخابى «حدا أدنى لمشاركة المرأة فى المجلسين» بما يعطى القوانين التى ستنظم ذلك غطاء دستوريا مناسبا لا يستلزم أى حل لمجلس الشعب. والخشية الحقيقية التى يجب على قادة الحزب الوطنى وحكومته أن يشعروا بها هى مدى توافق هذه المادة مع المادة (40) من الدستور التى تنص على أن «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، لما بينهما من تناقض واضح يمكن أن يكون محلا لطعن دستورى فى حالة تخصيص مقاعد للمرأة لمجرد جنسها وهو تناقض لن يحله إجراء انتخابات مبكرة لمجلس الشعب. أما الحجتان السياستان الواقعيتان فهما أكثر هشاشة وتهافتا من أن يؤخذا بجدية، فعدد تقارير النقض التى تبطل عضوية أعضاء فى المجلس الحالى أقل مما كان موجودا لدى المجالس السابقة، وظلت المادة (93) من الدستور تعطى المجلس بأغلبية أعضائه من الحزب الحاكم الحق الوحيد فى الفصل فيها تحت الشعار المعروف «المجلس سيد قراراه» دون أى حاجة لحل المجلس نفسه، كما أن حجة الازدحام الانتخابى لا يمكن قبولها كمبرر لهذا الحل إلا إذا كان هناك «غرض فى نفس يعقوب».
وهنا يصح طرح التساؤل عن حقيقة هذا الغرض وما يجرى بالفعل فى كواليس الحزب الوطنى وحكومته. والأكثر ترجيحا هو أن هناك «سيناريو» أصلى لإدارة الانتخابات البرلمانية فى المواعيد المقررة لها ثم حدث تغيير مفاجئ له فى ظل عوامل جديدة طرأت، وكانت ملامح هذا السيناريو قد اتضحت خلال الفترة الماضية سواء من تصريحات بعض قيادات الحزب الحاكم أو من السياسات والإجراءات التى قام بها الحزب فى النظام السياسى للبلاد.
وكانت أبرز تلك الملامح هى:
أولا، إجراء الانتخابات عن طريق القوائم الحزبية مما يستبعد بصورة شبه كاملة دخول أى من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المجلس الجديد وهو ما يساعد عليه تعديل المادة (5) من الدستور والتى حرمت اختلاط أى عمل عام أو سياسى بالدين، والمادة (62) التى حصرت القوائم فى الأحزاب دون غيرها، والمادة (88) التى ألغت الإشراف القضائى المباشر على العملية الانتخابية، بحيث يتكرر فى انتخابات مجلس الشعب القادمة ما حدث للإخوان فى انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى عام 2007 والمجالس المحلية عام 2008.
ثانيا، الاتفاق السياسى مع الأحزاب المعارضة الرئيسية وبعض الأحزاب الصغيرة على أن تدعم التعديلات القانونية مقابل أن تحصل بدعم الحزب الحاكم على النسبة الحالية من مقاعد المجلس التى يشغلها الإخوان موزعة بينها بنسب يتفق عليها، مما يعطى فى النهاية انطباعا للرأى العام الخارجى والداخلى بأن انتخابات ديمقراطية قد أجريت بدليل حصول المعارضة غير الإخوانية على ما يقارب ربع مقاعد مجلس الشعب.
وثالثا، أن يتم تخصيص عدد من المقاعد للمرأة يضاف للعدد الحالى للمجلس (444 منتخبا) بما يضيف للانطباع السابق أن النظام المصرى مستجيب للمطالب الدولية بتمكين المرأة، وفى نفس الوقت يمكنه العدد الزائد من المقاعد من الاستجابة للمطالب الداخلية من أعضاء الحزب الحاكم ومنح المعارضة النسبة المتفق عليها من المقاعد.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية بدا واضحا أن هذا السيناريو «الأصلى» راح يتغير بتغير المحور المركزى الذى يقوم عليه وهو اختيار نظام القائمة الحزبية لكى تجرى به الانتخابات القادمة، حيث صرحت القيادات العليا للحزب الوطنى ولجنة السياسات به بشكل حاسم بأن النظام الانتخابى القادم سيكون فرديا وليس بالقائمة، مما ترتب عليه على الأرجح تغير موعد الانتخابات نفسها وبدء الحديث عن حل المجلس. والحقيقة أنه لا أحد يملك معرفة نوعية العوامل الجديدة التى طرأت لكى تغير السيناريو «الأصلى» إلى ذلك الحد، إلا أن المرجح هو أن العودة للنظام الفردى قد أتى بفعل عاملين، الأول دستورى يتعلق بالتناقض السابق الإشارة إليه بين نظام القوائم الحزبية والمادة (40) من الدستور مما خشى معه الحزب الحاكم أن يلقى المجلس القادم والذى سينتخب فى ظله رئيس الجمهورية مصير مجلسى 1984 و1987 اللذين قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نظامى القوائم اللذين قاما عليهما لأسباب قريبة من ذلك. أما العامل الثانى فهو واقعى، حيث يبدو الحزب الوطنى وحكومته متأكدين من قدرتهما على إجراء الانتخابات والحصول على النتائج بالصورة التى يرغبانها فى ظل غياب الإشراف القضائى المباشر وتوقع الاتفاق مع أحزاب المعارضة على الصفقة البرلمانية المشار إليها بما يعنى صمتها عن أى تدخلات فيها.
أما الحل المبكر للمجلس فعلى الأرجح أنه يرتبط بصورة مباشرة من ناحية برغبة نظام الحكم فى إقصاء الإخوان المسلمين عن المشهد البرلمانى والسياسى المصرى الشرعى بصورة شبه كاملة وبفترة كافية قبل الانتخابات الرئاسية فى 2011 والتى يمكن أن تشهد مفاجآت فى شخصية مرشح الحزب الحاكم. وهنا تظهر الناحية الثانية وهى ترتبط بشخص هذا المرشح، حيث توضح مؤشرات مختلفة أن طرح نجل الرئيس السيد جمال مبارك قد عاد بقوة وأن الأحاديث عن النظام الانتخابى الفردى وحل مجلس الشعب تأتى من قلب لجنة السياسات، مما يطرح التساؤل حول ما إذا كان الأمران يمثلان أدوات للضغط والتفاوض مع برلمانيى الحزب الحاكم وبعض قوى المعارضة وفى مقدمتها الإخوان المسلمين من أجل تمرير ترشيح نجل الرئيس مقابل الحصول على حصص مضمونة فى مجلس الشعب القادم سواء تمت انتخاباته فى موعدها أو جرت بصورة مبكرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.