فرضت الشرطة بمحافظة الأقصر إجراءات وتدابير أمن مشددة لتأمين احتفالات قرابة مليون قبطي وآلاف المسلمين، خلال فعاليات مولد "القديس ماري جرجس" الروماني، بجبل الرزيقات بمركز أرمنت، جنوبي المحافظة. وجاءت إجراءات الأمن الجديدة على خلفية التهديدات التي تلقتها الكنيسة المصرية من تنظيم القاعدة عقب الهجوم الذي تعرضت له إحدى كنائس العراق. وشملت الإجراءات التي يشرف عليها اللواءان طه الزاهد، مساعد أول وزير الداخلية لمنطقة جنوب الصعيد، واللواء صلاح زايد مدير أمن الأقصر، إخضاع مداخل ومخارج مدينة أرمنت لعمليات تفتيش دقيق، للمغادرين والقادمين للمدينة. وعززت قوات الأمن تواجدها في جبل الزريقات المتاخم للمنطقة التي يوجد بها الدير، ووسعت من دائرة الاشتباه بين القادمين والمغادرين، كما شنت حملات تمشيط للمناطق الجبلية المتاخمة للدير، بهدف تأمين الزائرين من الأقباط والمسلمين، وشددت الشرطة في الأقصر إجراءاتها الأمنية حول كنائس المحافظة والمنشآت المسيحية. وكانت آلاف الأسر قد بدأت في التجمع مبكراً داخل دير ماري جرجس، الذي يعني اسمه بالعربية "الذي يفلح الأرض"، بجبل الرزيقات قادمين من أنحاء البلاد ليشهدوا الاحتفالات التي تستمر حتى السابع عشر من شهر نوفمبر الجاري، وكانت لجنة باباوية تسلمت الدير استعداداً لبدء الاحتفالات. في غضون ذلك، أعلن الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر، حالة الطوارئ بين أجهزة المحافظة لتوفير كافة الخدمات اللازمة لزوار مولد "القديس ماري جرجس" من المسيحيين والمسلمين، وتوفير الرعاية الطبية والاجتماعية لهم حتى نهاية الاحتفالات.وتشتهر منطقة الأقصر في صعيد مصر بكثرة أديرتها، ومن بين تلك الأديرة دير ماري جرجس، وكلمة "ماري" أو "مار" هي كلمة سريانية تعني السيد أو القديس، وكلمة "جرجس" مشتقة من اليونانية "جرجريوس" ومعناها "من يفلح الأرض". ويقع الدير على بعد ثلاثين كيلومتراً غرب مدينة الأقصر، وهو دير حديث نسبياً حيث تم إنشاؤه في نهاية القرن التاسع عشر ما بين عامي 1850 و1870، وتكثر الأديرة والكنائس التي تحمل اسم هذا القديس الذي يعتبر أكثر القديسين شعبية بعد السيدة مريم العذراء لدى المسيحيين في مصر. من أهم الكنائس التي تحمل اسمه كنيسة ماري جرجس الروماني في مصر القديمة (الفسطاط) بقلب القاهرة، والتي دفن بها جزء من جسده. ولد ماري جرجس في مدينة ملاطية بتركيا، وكان والده أميراً لها وكان يدعى أنطاسيوس، ثم قتل أبوه فحملته أمه وأختاه إلى فلسطين وهناك التحق بالجيش، وتولى مناصب عليا حتى صار أميراً ووهبه الملك الروماني حصاناً جميلاً، ثم أصدر الملك دادا يافوس مرسوماً بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة، فرفض ماري جرجس هذا المرسوم ومزقه أمام الجنود فقادوه مكبلا أمام الملك. بدأت منذ هذه اللحظة سلسلة من التعذيب انتهت بقتله، ويحكي التقليد الكنسي أن جزءاً من جسده انتقل من فلسطين إلى مصر حتى استقر أخيرا بكنيسته في مصر القديمة.