«عندما تولى نعمان جمعة رئاسة الوفد، ابتعدت يأسا من الحزب، الآن يئست من النظام الحاكم بأكمله»، هكذا عبر الدكتور عزت صقر، العضو السابق فى الهيئة العليا لحزب الوفد، عن كثير من الوفديين الذين ابتعدوا عن ممارسة العمل التنظيمى داخل الحزب. الدكتور عزت صقر، ينتمى لعائلة وفدية عريقة، وهو أحد أعضاء مجموعة كان يقودها الراحل القيادى الوفدى الدكتور إبراهيم الدسوقى أباظة، حاولت أن «تحول دون انحراف الوفد عن مساره بعد تولى الدكتور نعمان جمعة رئاسة الحزب»، حسب قوله، والمفارقة تصدت لهم مجموعة، كانت هى نفسها التى أزاحت جمعة عقب الانتخابات الرئاسية الماضية. يقول صقر: «ما يحدث فى مصر مزيف بطريقة عاهرة وأنا لم أتعود أن أعمل عملا صوريا»، ويضيف: «اليأس جعلنى أبتعد، ولو شعرت أن هناك أملا لعدت أعمل ليل نهار، لكن النظام يقاوم التغيير بشراسة». حين تأسس حزب الوفد الجديد عام 1978، أعاد فؤاد سراج الدين جمع شتات الوفديين سواء من جيل ما قبل الثورة أو أبنائهم، الذين جمعهم عداؤهم لثورة يوليو، كما جمعتهم مبادئ الليبرالية والوحدة الوطنية. كان الحزب فى بدايته مخيفا للنظام لرصيده الكبير فى الشارع المصرى، وكان يمثل بديلا حقيقيا قادرا على قيادة البلاد برؤية تنبع من مشروعه الليبرالى، الذى يربط بين مصر والعالم ومبادئه فى الوحدة الوطنية التى تربط المصريين بعضهم البعض. قال صقر: «ذهبت إلى الوفد أملا فى أن نفعل شيئا، وتصريح الرئيس مبارك لفؤاد باشا بأنه لن يستمر فى الحكم سوى فترة واحدة، أعطانا أملا فى أن نفعل شيئا من خلال الوفد الجديد»، وأضاف: «صدقنا أن مبارك لا يطمح فى الزعامة، لكنه خدعنا». وبنبرة متأثرة يتابع صقر: «سافرت بلادا كثيرة، فى كل البلاد تجد شعوبا لديها أمل فى بكره، الشعب الوحيد الذى يخاف من بكره هو الشعب المصرى. مصر فى حالة قتل، حالة خنق، وللأسف مفيش حل إلا بيد الرئيس، لأن الأمر كله بيده». يشعر صقر وغيره ممن التقيناهم من قدامى الوفديين بأحاسيس متناقضة تجاه مصر، ما بين إحساس وطنى متأصل ورغبة فى تحسين الأوضاع، وبين إحساس بالاغتراب نتيجة لتشوه معايير العمل والحياة والترقى. من بين هؤلاء المهندس يوسف حامد زكى، عضو الهيئة العليا الأسبق بحزب الوفد ونجل حامد باشا زكى وزير الاقتصاد فى آخر حكومات الوفد قبل حركة يوليو، ومثله مثل صقر فقد احتفظ زكى بعضويته بالحزب دون ممارسة نشاط تنظيمى، أملا فى أن تتغير الأمور. قال زكى: «أنا فى الوفد وسأظل فى الوفد، لكنى ابتعدت عن ممارسة العمل التنظيمى بعد وفاة فؤاد سراج الدين لأن الوفد، فى تصورى، دخل تحت مظلة النظام». وأضاف: «كنا نأمل خيرا فى السيد البدوى أن يحدث التغيير المنشود لكنه خيب ظننا، وأعتقد أن الوفد ما زال تحت عباءة النظام». وأردف زكى: «هناك جهات سيادية اخترقت الأحزاب وتلعب فى مقاديرها بشكل جذرى، وهذا يصعب المهمة على الشرفاء لكننا لا نيأس». يأمل زكى فى أن يتغير الوفد ليصبح حزبا مبنيا على الشفافية والديمقراطية، ولا يتحرك بناء على توجيهات من جهات سيادية لأن التغيير فى الوفد هو بداية التغيير الشامل فى مصر. ومن وجهة نظر زكى، فإن ما حدث داخل الوفد هو انتصار أصحاب المصالح على أصحاب المبادئ، قال: «قد تكون لبعض قياداته مصالح مع النظام، وبالتبعية فإنه يغلب مصالحه على مبادئ الوفد». الدكتور عبدالمجيد العبد، عضو الهيئة العليا الأسبق لحزب الوفد، وصاحب أحد الشركات الاستثمارية، استقال من الوفد عقب تولى نعمان جمعة، ولا يرى أن هناك اختلافا كبيرا بين جمعة وبين المجموعة، التى ترأست الوفد بعده، ويصف ما يحدث داخل الحزب الآن بأنه «نوع من التهريج». يرى العبد أن المجموعة التى تقود الوفد الآن هى نفسها، التى كانت تقف بجوار نعمان جمعة ضد مطالب الوفديين فى إجراء تعديلات على لائحة الحزب لتكون ديمقراطية، ثم انقلبوا على جمعة وأقصوه. وأن الوفد لم يعد حزبا ليبراليا بقدر كونه حزبا تابعا للحكومة فى ظل عدم وجود رؤية ليبرالية واضحة. خلال فترة نعمان جمعة، كما يقول العبد، كان يتم إقصاء أى شخص يعترض على سياسات الحكومة. «هل تثق فى مثل هؤلاء؟»، يتساءل الوفدى القديم. وأكد العبد أن اللعبة السياسية لم تعد تشجع على العمل السياسى، فالأمر أشبه بفريقين يلعبان، أحدهما يرتدى شورتات والآخر يحمل مدافع رشاشة، وإذا لم تتوافر الشروط العادلة لمنافسة سياسية عادلة، فالاشتراك فى الانتخابات لا جدوى منه. الدكتور سامى سليم، رئيس لجنة الوفد السابق بمرسى مطروح، أحد الذين أقصاهم الدكتور نعمان جمعة عن الوفد، لكنه كغيره من الوفديين مازال محتفظا بعضويته فى الحزب. سليم يرى أن الاستفتاء، الذى حدث داخل الحزب مؤخرا حول قرار خوض الانتخابات، أظهر أن الحزب منقسم، فهناك 47% عارضوا المشاركة، وهؤلاء هم الأصوات التى تقف مع التغيير وتعارض اختراق النظام للحزب. وقال: «المشاركة تعطى الحكم شرعية لا يستحقها».«حب البيئة» وراء ترشيح أمين «الخضر» فى مصر القديمة ارتبطت فرص الفوز فى دائرة مصر القديمة «دائما» بمرشحى الحزب الوطنى، وهو ما يثبته تتبع تاريخ مقعدى مجلس الشعب فى الدائرة على مدى عقود، إلا أن الأمر على ما يبدو قد تبدل هذه المرة، والملفت للنظر أن ذلك لم يتم من خلال أى من الأحزاب المعتادة على المنافسة، أو من خلال مرشحى جماعة الإخوان أو حتى المستقلين. الصورة التى على وشك أن تتبدل، سببها دفع حزب الخضر بأحد أعضائه من أبناء الدائرة، وهو إبراهيم عابدين، أمين حزب الخضر فى مصر القديمة، والذى عدل عن ترشحه فى دائرة المنيل حتى لا يصطدم بالنائب مجدى علام «لأنه من المهتمين بالبيئة» بحسب عابدين، والذى يقول: «انضمامى لحزب الخضر فى الأساس نابع من اهتمامى بالبيئة، وهو ما شجعنى على خوض منافسات مجلس الشعب حتى أتمكن من تحقيق مشروع (من أجل القاهرة) الذى تقدمت به للمحافظة وأسعى من خلاله لحل مشاكل العاصمة البيئية من خلال الجهود الذاتية». ويضيف عابدين: «من خلال عضويتى فى مجلس محلى المحافظة، كونت مع 14 من زملائى فى مصر القديمة ما يشبه اللجنة لمراقبة الانتخابات، ورصد أى محاولات للتزوير». يمكنكم متابعة مزيد من التغطيات من خلال مرصد الشروق لانتخابات برلمان 2010 عبر: مرصد الشروق عبر فيس بوك مرصد الشروق عبر تويتر