«مازالت مصر مليئة بالشرفاء»، «لاتزال مصر بخير»، تلك نماذج من تعليقات كل من قرأوا عناوين الصحف الصادرة صباح يوم 6 يوليو الماضى، حيث زفت للناس خبرا مشرفا وحدثا بعث فى قلوبهم الأمل من جديد. كان الخبر هو أن مسئولا بالدولة رفض الرشوة ورفض إغراءات المال مقابل مخالفة القانون، وكان بطل الخبر هو اللواء علاء عبدالعزيز، رئيس حى دار السلام. وكانت التفاصيل أن رئيس الحى رفض رشوة مقدمة من مواطنين يعملان بدول عربية بوساطة عضو مجلس محلى نظير استخراج تراخيص للبناء على قطعة أرض فضاء مملوكة للدولة. حيث تقدم علوانى الشريف، يعمل بدولة الكويت، وأحمد عبدالله، يعمل بالإمارات، بطلب لرئيس حى دار السلام لاستخراج ترخيص لقطعة أرض كائنة فى 11 شارع الإمامين بعزبة خير الله قاما بشرائها بعقود ابتدائية من مواطنين آخرين، وتبين من الفحص أن هذه الأرض من أملاك الدولة ولا يجوز التصرف فيها ولا البناء عليها. عرض المتهمان بوساطة أحد أعضاء المجلس المحلى بحى دار السلام، رشوة قيمتها 80 ألف جنيه على رئيس الحى بصورة مبدئية لحين الانتهاء من استخراج التراخيص لدفع مبلغ آخر. أبلغ رئيس الحى الرقابة الإدارية بالواقعة، وطلبت الرقابة من رئيس الحى مجاراة مقدمى الرشوة والوسيط، وإيهامهما بإمكانية قبولها بشرط زيادة مبلغ الرشوة ووافق المتهمان، وتم الاتفاق على مقابلة الوسيط عضو المجلس الشعبى المحلى والمتهمين بأحد المطاعم لتسلم مبلغ الرشوة حيث أعدت الرقابة الإدارية كمينا لضبطهما. وفى أثناء تقديم الرشوة داهمت الرقابة الإدارية المكان، وتمكنت من إلقاء القبض على المتهمين متلبسين بتقديم الرشوة. بالأمس، زفت الصحف إلى الناس خبرا بطله أيضا رئيس حى دار السلام، ولكن البطولة هذه المرة كانت مختلفة. البطل الذى قاد الأجهزة الرقابية لضبط مقدمى الرشوة إليه، قالت نفس الأجهزة أنها ضبطته متلبسا بتقاضى الرشوة، وذكرت التحقيقات أنه كان يتقاضى الرشاوى منذ فترة طويلة بشكل يومى. تفاصيل خبر الأمس قالت إن الرقابة الإدارية ألقت القبض على رئيس الحى ومساعده، وأمين شرطة، واثنين من موظفى الحى أثناء تلقيهم رشاوى مالية من أحد الأشخاص، لإنهاء بعض التراخيص الخاصة بأحد العقارات بدون ترخيص، وتم تسجيل الواقعة بالصوت والصورة. وبلغت قيمة تلك الرشاوى قرابة 70 ألف جنيه فى اليوم الواحد، وأمرت النيابة بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وإخلاء سبيل رئيس الحى بضمان محل إقامته. بعد 110 أيام، من رفضه قبول الرشوة، ذهب رئيس حى دار السلام إلى نفس المكان الذى ألقى فيه بثلاثة متهمين فى شهر يوليو الماضى، وبنفس التهمة، البعض يؤكد أنها «مؤامرة» على الرجل لإقصائه عن الحى والتخلص منه، فيما يرى آخرون أن الفساد هو البطل الأوحد فى كل الحالات، وفى كل الأماكن.
