"الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية    العرجاوي: الغرفة التجارية بالإسكندرية تبحث مع الجمارك و"إم تي إس" ميكنة التصدير    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    نتنياهو وزيارة القاهرة!    مدرب إنبي يعلق على الفوز في لقاء الأهلي بكأس عاصمة مصر    قائمة برشلونة - غياب تشيزني في مواجهة أوساسونا    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    تفاصيل اتهام شاب بالتحرش بفتاة داخل سيارة في الصف    اختناق حتى الموت| العروس تلقى حتفها بعد أسابيع من زفافها بسبب سخان المياه    مصرع وإصابة 5 من أسرة واحدة في قرية الدير جنوب الأقصر.. صور    وزارة السياحة: المتحف الكبير يستقبل ضيوفه بصورة طبيعية وعدد الزوار وصل 15 ألفا    نائب رئيس الوزراء: مستشفى التأمين الصحى الشامل بالعاصمة الجديدة صرح طبى متقدم    عدوك الخفي.. انقطاع النفس أثناء النوم يُسرع شيخوخة القلب    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    خبراء: لولا مصر لتمت تصفية القضية الفلسطينية.. وتحذيرات من كارثة شتوية    ناقلة نفط فنزويلية صادرتها أمريكا شريان الحياة السرى لكوبا.. ما القصة؟    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا لأكثر من 1000 شخص    طقس متقلب وتحذيرات علمية.. لماذا يجب التوقف عن ري الأراضي؟    حماية المستهلك يحرر 129 محضرا بحملات رقابية بالشرقية    شعبة المواد الغذائية: زيادة تصل ل 10 جنيهات في أسعار آيس كريم نستلة    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    «الست» يحقق 7 ملايين جنيه في أول 3 أيام عرضه بالسينمات    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    التنمية المحلية: انطلاق الأسبوع التدريسي ال 19 بمركز سقارة غدًا    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية لضمان جودة الأمصال واللقاحات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    قطاع أمن المنافذ يضبط مخالفات وجرائم تهريب متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط 419 كيلو مخدرات و193 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال يواصل إغلاق المعابر ويمنع إدخال المساعدات    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية كاتب حصل على (نوبل) وفشل أن يصبح رئيسًا لبلاده
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 10 - 2010

الكتابة عن ماريو برخاس يوسا لا يمكن أن تختصرها زاوية واحدة ولو كانت هذه الزاوية بأهمية حصوله على جائزة نوبل للآداب، فتجربة هذا الكاتب البيروفى حافلة فى شتى دروبها بداية من الأدب وحتى السياسة، التى وصل إلى أعلى درجات انخراطه بها بترشيحه لنفسه عام 1990 رئيسا لبيرو، مع يمين الوسط الديمقراطى وخسر لمصلحة البرتو فوجيمورى، الذى اضطر فى نهاية الأمر للفرار من البلاد وأدين بعد ذلك بعدة جرائم.
جولات يوسا السياسية لم تقتصر على تجربة الترشيح على أعلى المناصب السياسية فى بيرو، وإنما المتتبع لتاريخه يجد صولات وجولات بين أطياف السياسة المختلفة، ففى بداية حياته كان من أشد أنصار الحركة الاشتراكية، ومن مؤيدى الثورة الكوبية، لكنه تخلى فى السبعينيات عن هذه المبادئ وندد بنظام فيدل كاسترو الشيوعى، وأيّد بعدها الليبرالية الجديدة ونظام السوق الحرة، وأثارت هذه التحوّلات غضب كثير من المعجبين بأعماله، علاوة على أنه معروف بمواقفه المتعاطفة مع القضية الفلسطينية فسبق أن زار القدس الشرقية المحتلة ورام الله وغزة، وكذلك فإن له مواقف سياسية دافع عنها كثيرا على مدى تاريخه الأدبى العريض منذ روايته الأولى «المدينة والكلاب» 1962، التى تعد أشهر رواياته التى تمت ترجمتها إلى العديد من اللغات، وكذلك روايته «زمن البطل» 1966، التى تعد من أجرأ الأعمال الأدبية التى عرفها أدب أمريكا اللاتينية، ودارت حول كيفية تجنيد بعض الضباط للعمل فى المؤسسات الاستعمارية السرية، للقيام بانقلابات عسكرية لمصلحة القوى العظمى، وكان يقر بأن الرؤساء هم أول من يخونون البلد كلما استشرى الفساد الإدارى فى المرافق الحكومية، وكذلك رواية «حديث فى الكاتدرائية» 1975 التى أثارت جدلا شديدا لاختراقها أسوار منطقة شائكة، وهى انتقاد بعض رجال الدين، الذين لا يكترثون إلا بمصالحهم الخاصة باسم الكنيسة.
فى أحد لقاءاته الصحفية تحدث يوسا بعشق عما تمثله له الكتابة الأدبية، ومحاربته للحظات التوقف، التى ربما تنتابه بعد انتهائه من أحد أعماله، فقال: «أكره هذا الإحساس بالفراغ الذى ينتابنى بعد الانتهاء من كتابة أحد مؤلفاتى، خاصة أن المشروع الواحد قد يستغرق منى سنوات، لذلك لمواكبة واستئناف العمل لا أتوقف أبدا، وأقفز إلى مشروعى الجديد، فأنا لا أحب الاستسلام لشعورى بالنوستالجيا تجاه أعمالى القديمة»، وعندما سأله الصحفى حول ما يمثله له المستقبل أجاب:
«أتمنى أن أظل أكتب للنهاية، وأن أستمتع بهذا الفعل، فأنا لم أشعر قط بذلك الفراغ، الذى يصيب بعض الكتاب بالشلل، فأنا لدى مشروعات ربما تزيد عن الوقت المتبقى لى فى حياتى»، تُرجمت أعمال الأديب البيروفى إلى أكثر من 20 لغة عالمية، كما ترجمت العديد من أعماله إلى العربية، قام بترجمة معظمها صالح علمانى، ومنها «البيت الأخضر»، و«بانتاليون والزائرات»، و«قصة مايتا»، و«ليتوما فى جبال الأنديز»، و«امتداح الخالة»، و«دفاتر دون ريغوبيرتو» و«حفلة التيس»، و«شيطنات الطفلة الخبيثة»، وأصدر المشروع القومى للترجمة له ثلاثة كتب هى «الكاتب وواقعه» و«الجراء» و«الرؤساء».
ولد يوسا فى 28 مارس عام 1936 فى مدينة أريكويبا فى بيرو، نشأ مع والدته وجده فى مدينة كوشاباما فى بوليفيا قبل أن يعود إلى وطنه عام 1946، وعمل صحفيا فى بيرو وفى باريس قبل أن يتفرغ للتأليف، وعاش فى مدريد فى الفترة من عام 1958 حتى عام 1974، حيث حصل على درجة الدكتوراه، وتزوج يوسا فى سن 18 عاما من قريبة له وعاش معها تسعة أعوام، وتناول هذه العلاقة فيما بعد فى روايته «العمة جوليا وكاتب السيناريو»، ونال الجنسية الإسبانية عام 1993، وحصل على عدة جوائز على رأسها جائزة ثربانتس الأسبانية الشهيرة عام 1994، وجائزة القدس 1995، ولا يمكن الحديث عن يوسا دون التوقف عند تجربته المسرحية، التى شغلته واستغرقته خاصة خلال السنوات الأخيرة، من بينها «حقيقة الأكاذيب» والأوديسا وبنيلوبى، وكذلك تجرته الأهم، التى استوحاها من رائعة «ألف ليلة وليلة»، التى عبر فى أكثر من مرة عن شدة ولعه بها، معتبرا أنه لم يوجد فى تاريخ الأدب اسما أكثر إشراقا من شهرزاد أو شهريار، وقام الأديب البروفى الشهير بصياغة رؤية مستوحاة من هذه الملحمة التراثية وقدمها من خلال 7 عروض فى أسبانيا، ويرى يوسا أن أهم ما تحمله «ألف ليلة وليلة» من معانٍ يكمن فى التوظيف الإنسانى للخيال فضلا عن أن جاذبيتها، التى جعلتها تترجم إلى معظم لغات العالم وتظل حية وباقية عبر العصور، «وهو ما لم يتوافر لأى عمل أدبى آخر فى التاريخ حتى الإنجيل أو شكسبير»، حسب قوله، وأكد أن الهدف الأول من تقديمه لها هو الاحتفاء بها باعتباره أدبا رائدا فى ابتكار القصص من أجل تحقيق السعادة، مشيرا إلى أن هذه تعد الرسالة الحقيقية للأدب، التى تكمن فى المقاومة الدائمة للحزن والتعاسة والإحباط.
بالإضافة إلى عوالم الأدب التى خاضها يوسا بجسارة، فإن له مؤلفات أخرى غير روائية على رأسها سيرته الذاتية «سمكة فى الماء» 1993، وكذلك أعمال أخرى تتسم بروح البحث وتحدث فيها عن أدباء آخرين وتأثير كتاباتهم على أسلوبه الأدبى، على رأسهم جون بول سارتر، وأرنست هيمنجواى، وألبرت كامو، وجابريل جارسيا ماركيز، هذا الأخير الذى كانت تربطه به صداقة وطيدة على المستوى الشخصى ولكنها تبددت مع السنين، وإن رفض كلاهما التصريح بالسبب الحقيقى وراء هذا الجفاء تاركين الأمر للمؤرخين، الذين سيقومون برواية هذه العلاقة بين أديبين بقامة ماركيز ويوسا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.