في بعض الأحيان ينجح قدر قليل من السلام في قطع مشوار طويل، اكتشف ذلك الهنود بزعامة المهاتما غاندي كما تعلمها أيضا الأمريكيون السود من مارتن لوثر كينج زعيم الحقوق المدنية. فعلتها أيضا قرية يعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون بوحي من رب أسرة عنيد وابنته التي لم يتعد عمرها 15 عاما، ووثق قصتهم التي لا يعرفها كثيرون فيلم (بدرس) الوثائقي الجديد الذي يأمل صُناعه أن ينشر رسالة مفادها أن السلام يمكن أن يحدث تغييرا حتى في أرض تمزقها الحروب. ومع محاولة الفلسطينيين والإسرائيليين استئناف محادثات السلام حمل الفيلم الذي عرض لأول مرة في نيويورك في مطلع الأسبوع الماضي، ويعرض في شتى أنحاء الولاياتالمتحدة خلال الأسابيع القليلة القادمة معنى جديدا. يظهر الفيلم الوثائقي ثنائي الأب والابنة وهما يقودان مجموعة من القرويين الفلسطينيين وقد انضم إليهم في لفتة ذات معنى بعض الأنصار الإسرائيليين في حملة لا تنطوي على أي عنف للدفاع عن قريتهم الزراعية "بدرس" ضد الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل في عمق أراضي الضفة المحتلة التي احتلتها في حرب عام 1967؛ ليفصل بين السكان الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين. تقع قرية بدرس على بعد 31 كم من رام الله في شمال الضفة الغربية ويوثق الفيلم لعملية الاحتجاج السلمي للمزارعين الفلسطينيين على الجرافات الإسرائيلية وكيف أنهم لم يلجأوا إلى العنف حتى مع اقتلاع الجرافات لأشجار الزيتون حصادهم وثقافتهم الفلسطينية عام 2003 في حملة استمرت 10 أشهر لتغيير مسار الجدار. وقالت جوليا باشا مخرجة الفيلم "إنها قصة قصيرة وقرية صغيرة، لكن هناك الكثير من الدروس التي يمكن تعلمها مما حدث هناك والكثير مما فعلوه في هذا المجتمع يمكن أن يطبق على نطاق واسع". وحتى تسرد القصة وتشحنها بالمشاعر جمعت باشا لقطات صورها المحتجون والقرويون بعد الأحداث، ومزجتها بلقاءات لاحقة مع اللاعبين الرئيسيين سواء من جانب أهل القرية أو من جانب الجيش الإسرائيلي. وقالت باشا "أردنا أن نضع وجوه الجانبين في هذا الصراع في ضمير الناس، "بدرس" بدت كعالم مصغر لرصد الحركة الديناميكية التي تحدث حين يقرر هذا المجتمع استخدام إستراتيجية اللا عنف في المقاومة".