قرأت بتعجب مشاكل الكتب المدرسية التى نجد معضلة فى توزيعها حتى بعد بدء الدراسة ثم مشكلة الكتب الخارجية التى قال لى صديق مازحا: «هو لو الواحد اتمسك ومعه كتاب خارجى فى أمريكا يُقبض عليه اتجار أم تعاطى؟!» وهو ما دفعنى لأن أعرض لحضراتكم كيف يتعامل الأمريكان مع مشكلة الكتب المدرسية والكتب الخارجية. الغريب أنه رغما عن أنهم يملكون من الموارد المادية ما لا نملك فإنهم أكثر حرصا منا على الموارد التى يعتبرونها محدودة؛ فمثلا الأمريكان لا يعطون الكتب للطلبة كى يستخدموها ثم يبيعونها بالكيلو. ولنأخذ مثالا كتاب «تاريخ العالم» الذى هو أقرب إلى كتابى التاريخ والجغرافيا اللذين يدرسهما الطالب المصرى فى الصف الثالث الاعدادى؛ فابنتى لا تملك الكتاب المقرر عليها والذى هو مرجع تتسلمه على سبيل العهدة واسمها مكتوب على الغلاف الداخلى للكتاب وقبل اسمها أسماء طلاب آخرون استعاروا الكتاب من قبل فى سنوات سابقة. إذن الكتاب المدرسى فى الولاياتالمتحدة ما هو إلا مرجع يستعيره الطالب ويذاكر منه ويعيده فى آخر السنة، وإن ضاع منه أو مزقه فإن عليه أن يدفع ثمنه. وهذه الفكرة تدرب الطلاب على احترام الملكية العامة وحقوق الغير. ثانيا: لا يوجد فى الولاياتالمتحدة، فيما أعلم، سلاح التلميذ والتوقعات المرئية وهذه الكتب التى تهدف إلى تبسيط وتلخيص المواد الدراسية، وإنما هناك ما هو أقرب إلى مراجع أخرى تضيف للكتاب المدرسى وتطوره. فالعقلية التى يطورها الأمريكان هى عقلية الطالب الباحث فى مراجع وليس عقلية الطالب الحافظ لملخصات. والفرق بينهما كبير؛ فالباحث مطالب بأن يطور أدوات تمكنه من التحقق من مصادر المعلومات ومناقشة مدى اتساقها ومن ثم تطوير عقلية ناقلة للمعرفة ثم ناقدة لها كمقدمة ضرورية للعقلية المبتكرة بعد أن تكون استوعبت المعلومات ونجحت فى تكوين رؤية متسقة لها. وللتوضيح طلبت مدرسة «الدراسات الاجتماعية» من ابنتى بعد أن قرأت فصلا كاملا عن الديانة اليهودية أن تكتب مقالا يجيب عن عدد من الأسئلة، بعضها لا إجابة لها فيما قرأت وبالتالى عليها أن تستعين بمراجع أخرى سواء من مواقع النت أو من مكتبة المدرسة. وبالمناسبة كل كتاب مقرر له موقع على النت فيه نص الكتاب وخرائط وأشكال ملونة وشرح من أساتذة مدربين لزيادة التوضيح، فضلا عن أسئلة متدرجة المستوى. هذا فقط لمن يعنيه أمر مصر.