أكدت المحكمة الإدارية العليا، في حكمها النهائي، بطلان العقد الموقع بين محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان السابق، ورجل الأعمال هشام طلعت، الخاص بإنشاء مشروع مدينتي السكني على مساحة 20 كيلو متر بالقاهرة الجديدة بلا مقابل نقدي، البيع مجحف بحق الدولة، وبمقارنته بعقود البيع الأخرى يتبين مقابل البيع ضئيلا ولا يتناسب مع القيمة المباعة أو حجمها أو مساحتها البالغة 8 آلاف فدان. وأضافت المحكمة أن العقد لا يتناسب مع أسلوب الدفع البسيط على 20 سنة بالمخالفة لعمليات البيع الأخرى التي تمت في ذات المنطقة وذات الفترة الزمنية، كما يناقض هذا السعر الأسعار السائدة على مدار السنوات الماضية في أراض مجاورة لذات الأرض. وكان النائب العام قد حفظ الشهر الماضي بلاغا من 43 عضوا بمجلس الشعب قد اتهم الوزير السابق بإهدار 250 مليار جنيه من المال العام بسبب التعاقد، وجاء في قرار الحفظ أن الوزير باع الأرض بضعف سعرها لهشام طلعت. وشددت المحكمة على أن التصرف في أرض مدينتي أمر عجيب ومحط شكوك، وأحيط بملابسات لا يعلم أحد عنها شيئا، وأهدر مبادئ تكافؤ الفرص بين المواطنين ورجال الأعمال، وحرمت الجميع من فرصة المزايدات وتوفير مبالغ ضخمة لخزينة الدولة. وشددت المحكمة على أن "صحارى مصر وأراضيها كنوز ومعين لا ينضب، جدير بأن تحميه الدولة، ولا يجوز أن يهدر البعض بأثمان بخسة، لأن الحكومة مخولة فقط في التصرف في هذه الأراضي باعتبارها مؤتمنة عليها، وليست مالكا لها، فهي ملك للشعب، فلا يحق للحكومة أن تتصرف فيها كما تشاء، بل عليها الالتزام بالشروط والقوانين دون استثناء. صدر الحكم برئاسة المستشار منير جويفل، نائب رئيس مجلس الدولة وعضو المجلس الخاص. وواصلت المحكمة بأن هيئة المجتمعات كانت تشن حملات إعلانية ضخمة لبيع أراضيها، وأقبل رجال الأعمال على شراء الأراضي بأسعار مرتفعة، لكن ذلك لم يحدث خلال منح أرض مدينتي لسبب غامض. وأكدت المحكمة أن الوزير السابق خالف القواعد الآمرة لقانون المزايدات وقانون هيئة المجتمعات، حيث نص قانون الهيئة أن التخصيص بالأمر المباشر يكون فقط للأفراد والهيئات الحكومية وللنقابات، وليس للمستثمرين ورجال الأعمال وشركات المقاولات. وأضافت المحكمة أنه كان يجب على الوزير السابق إقامة مزاد علني لكل رجال الأعمال حتى يتقدموا بأفضل تقييم لسعر الأرض؛ مما يدر على الدولة مبالغ ضخمة، وهو ما حدث في أراضٍ غربَ مشروع مدينتي بالقاهرة الجديدة. وقالت المحكمة إن الطريقة التي أبرم بها الوزير السابق العقد أمر يثير سحبا من الشك حول كيفية التصرف في المال العام وتخصيصه للغير ولمستثمر بعينه، في الوقت الذي أقبل فيه رجال الأعمال الوطنيون والأجانب على مزايدات بيع الأراضي في وضح النهار فزادت مخصصات الدولة؛ مما يؤكد أن إبرام العقد أهدر القوانين واللائحة العقارية وأبسط مبادئ الإدارة الرشيدة. وأكدت المحكمة أن الوزير السابق بصفته رئيس هيئة المجتمعات العمرانية تخلي بشكل كامل عن حقوق الهيئة في أرض مشروع مدينتي الواردة بالمادة الثانية من قانونها الخاص، وتخلت الهيئة عن دورها الإشرافي، وأوكلت اختصاصاتها لشركة بعينها هي شركة هشام طلعت بالمخالفة للأحكام القانون.