يوم الأحد الماضى، صحا سكان عزبة رستم فى شبرا الخيمة على أصوات فرقعة وشرز كهربائى وروائح دخان وصراخ من البيوت، «الكهرباء جت عالية فحرقت لنا الأجهزة». تجلس عزة أمام الكوافير الخاص بها، وسط جمع من النساء والرجال، وتحكى عن الليلة التى لن تنام فيها العزبة. السابعة مساء، انقسم شارع الجنزوى بالعزبة إلى جزءين، الأول انخفض فيه التيار بشدة ليحل الظلام فى البيوت، أما الجانب الثانى فزاد فيه التيار بشكل كبير أدى إلى دمار الأجهزة الكهربية. «كمبيوتر ورسيفر وخمس لمبات فى التليفزيون»، بعيدا عن الجمع كان يجلس الرجل الأشيب يعدد خسائر منزله، يصمت برهة قبل أن يتذكر أن «التليفزيون 29 بوصة». بحسرة يبدأ فى حساب خسائره التى قاربت 5 آلاف جنيه، «يعنى يا إما يقطعوا الكهربا ونعيش فى ضلمة أو تيجى عالية ويخربوا بيتنا»، يتمتم صاحب الشعر الأبيض ثم يعود لصمته الحزين. عزة ربة المنزل تتابع أزمة الكهرباء الحالية من التليفزيون. منذ أسابيع اتبعت وزارة الكهرباء سياسة القطع المتكرر للتيار الكهربى لفترات محددة تخفيفا للأحمال على محطات توليد الكهرباء. «الأزمة كانت متوقعة، لكن مافيش ميزانية علشان نبنى محطات جديدة»، كما يوضح مصدر مسئول بشركة القناة لتوزيع الكهرباء. الحل الوحيد من وجهة نظره للخروج من أزمة الصيف الحالى، التى تسببت فيها موجة الحر الشديدة والاستهلاك الكثيف، «هى أربع محطات كهرباء بشكل عاجل». كان وزير الكهرباء حسن يونس قد أعلن فى برنامج «ملف خاص»، يوم الأربعاء الماضى بالقناة الأولى المصرية عن عقوبة مشددة للموظفين فى حالة قطع التيار الكهربى أكثر من ساعة واحدة، مؤكدا أن بداية سبتمبر المقبل سوف يتم حل الأزمة بشكل كبير. تتذكر عزة أن أول ليلة فى رمضان، كان الجميع أمام التليفزيون ينتظر رؤية الهلال «والمفتى لسه بيقول نعلن أن الغد هو..، اتقطع النور وبقينا مش عارفين بكرة رمضان ولا لأ»، ولم ترجع الكهرباء إلا قرب الفجر، «جارتى حضرت السحور على نور كشاف الموبايل»، فأسعار الكشافات الصينية زادت مؤخرا «40 جنيها على ثمن الكشاف اللى كان بمائة جنيه». عندما تنقطع الكهرباء فالحياة تتوقف بالنسبة لعزة، «حتى الفرن بيقف ما بنلاقيش عيش». أيام كثيرة لا يعمل فيها صلاح يسرى صاحب فرن الفينو القريب، «الكهرباء بتقطع وإحنا بنعجن»، ومع حرارة الجو يفسد العجين، ويخسر 500 جنيه فى المرة الواحدة، ثمن الدقيق والزيت والسكر والعمالة، «والضرائب لما تيجى تحاسبنى مالهاش دعوة بقى الكهرباء بتقطع وإنا بخسر قد إيه». حاليا توصل صلاح إلى حل للمشكلة، هو يستعين بسلك كهرباء طويل يسحب به تيار كهربى موجود فى أى منطقة مجاورة، «وبحمل على العداد مش ناقصين غرامات». تكة خفيفة تنطلق من اللمبة بمحل الكوافير، تحمل البشرى «الكهرباء جت يا عم يحيى ربنا سترها»، عزة تنقل بشارتها للمحيطين وتخص عم يحيى المسئول عن المجمع الاستهلاكى لشبرا الخيمةالجديدة. ملامح القلق المرسومة على وجه عم يحيى فارقته فقط عندما سمع صوت ضجيج موتور المبرد القديم، ليطمئن على اللحوم والزبد «دى عهدة بأكثر من ألف جنيه، لو جرى لها حاجة الحكومة تأخذ تمنها من راتبى»، فى تلك الحالة لن ينجو العامل إلا بورقة من شركة الكهرباء تثبت أن انقطاع التيار الكهربى هو السبب. عم صلاح يسكن فى الساحل، لا تزيد انقطاع الكهرباء عن نصف ساعة، «أصل الساحل متحوطة بأربعة أعضاء مجلس شعب، مش ممكن يقطعوا النور كتير»، أما حوارى شبرا من وجهة نظر أصحابها «غلابة وسكان درجة ثالثة». مصدر مسئول بشركة القناة لتوزيع الكهرباء أوضح أن هناك جدولا لقطع التيار الكهربى يتم تطبيقه بشكل يومى على مناطق القرى والأحياء الفقيرة وبصورة أقل على المناطق الراقية، «بنقول لنفسنا نيجى على الناس الغلابة مش هايتكلموا، لكن الأحياء اللى فيها مسئولين مانقدرش».