ما بين 1920 وهو العام الذى ولد فيه الشيخ نصر الدين طوبار وبين التحاقه بالإذاعة عام 1956 واعتماده قارئا ومبتهلا، تكمن رحلة تكوينه وإعداده، التى بدأت من الدقهلية مسقط رأسه حيث اكتشف والده منذ طفولته جمال صوته فقرر تحويله من المدرسة الخديوية إلى المدرسة الأولية ليتعلم اللغة العربية ويحفظ القرآن الكريم. وبعد إلحاح من أصدقائه ومعارفه تقدم الشيخ الجليل للإذاعة لكنه رسب ست مرات، وكان المشايخ وقتها ينصحونه بضرورة الاهتمام بالموسيقى كعلم وليس فقط كموهبة وكذلك دراسة المقامات الصوتية مثل البياتى والصبا والنهاوند والحجاز والسيكا على أيادى متخصصين. وهكذا التحق الشيخ بمعهد الموسيقى العربية ودرس فيه مبادئ الموسيقى وكان من الأوائل على دفعته ووجد تشجيعا كبيرا من موسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب والسيدة أم كلثوم وبزغ نجمه فى الابتهالات والتواشيح فتقدم لاختبارات لجنة قراءة القرآن والإنشاد الدينى ونجح فى المرة السابعة. وتم اعتماده قارئا فى إذاعة القرآن الكريم عام 1956 أى وهو فى السادسة والثلاثين من عمره. وكان أول تعيينه مقرئا للقرآن ومنشدا للابتهالات بمسجد الخازندار بشبرا، وهو المسجد الذى شهد فترة تألق وشهرة للشيخ. ثم اختير من قبل الرئيس الراحل أنور السادات مشرفا وقائدا لفرقة الإنشاد الدينى التابعة لأكاديمية الفنون بمصر.اشتهر طوبار بمسحة حزن فى صوته كانت تنال إعجاب المستمعين وهو ما دفعه إلى التركيز بقوة على الابتهالات والأدعية أكثر من أدائه للتواشيح اتكأ فيها بشدة على الخشوع أكثر من اتكائه على التلوين النغمى والأداء الطربى فجاء أداؤه مستدرا للدمع من العيون أكثر منه مرضيا لأصحاب المزاج الطربى ومحبى «القوالة». صدع صوت طوبار فى أماكن عديدة أهمها قاعة «ألبرت هول» بلندن وذلك خلال المؤتمر الإسلامى الدولى فى السبعينيات، وهى نفس القاعة التى اختارها العندليب عبدالحليم حافظ عام 1968 لغناء أغنية المسيح الشهيرة التى يعرض من خلالها القضية الفلسطينية إلى جانب بعض أغانيه ذات الطابع الفلكلورى.كان إنشاده فى ألبرت هول سببا فى شهرته العالمية فقد كتبت عنه صحيفة ألمانية تعبيرا شهيرا ترجمته الصحف المصرية آنذاك حيث قالت «صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب». يعتبر الشيخ نصر الدين أول من أنشد ابتهالا مخصوصا لأبطال حرب أكتوبر خلال حرب 1973 وهم «سبح بحمدك الصائمون» و«انصر بفضلك يا مهيمن جيشنا». اخترق طوبار بصوته أجواء بيت المقدس يوم أن أنشد فى حفلة بالمسجد الأقصى حيث كان ضمن الوفد الذى اختاره الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى الزيارة التاريخية عام 1977إلى القدس، وكان ذلك يوم العيد فأخذ الشيخ نصر الدين يكبر للعيد بنفسه بينما يردد بعده المصلون بالمسجد الأقصى. أصبح الشيخ طوبار أحد أضلاع مثلث رمضان الشهير المكون منه ومن الشيخ محمد رفعت والشيخ سيد النقشبندى. وقدم خلال رحلته الطويلة مع الإنشاد ما يقرب من مائتى ابتهال ومدح منها «يا مالك الملك» و«مجيب السائلين» و«ما بين زمزم» و«إليك خشوعى» و«هو الله» و«يا ديار الحبيب». فاضت روح الشيخ «نصر الدين طوبار» إلى رب العالمين فى السادس من شهر نوفمبر عام 1986.