خلال ساعات.. نتيجة تنسيق المرحلة الثانية للجامعات 2025 (الرابط الرسمي)    التعليم: كتاب رياضيات أولى ابتدائي خطوة غير مسبوقة في تاريخ التعاون مع اليابان    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    وزير الري يتابع تطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي وصيانة خزان أسوان وبواباته    انخفاض الأربو والروس، أسعار الكتاكيت والبط اليوم الإثنين في بورصة الدواجن    إطلاق دفعة من يرقات الجمبري في بحيرة قارون لإعادة تأهيلها    انخفاض عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025 (الجرام يبدأ من3067)    البورصة تتلون بالأحمر في مستهل تعاملات الإثنين    كامل الوزير يستقبل السفير الياباني بالقاهرة لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات المشتركة    رئيس الوزراء يتابع جهود توفير التغذية الكهربائية لمشروعات التنمية الزراعية بالدلتا الجديدة    مصر ترحب بإعلان أستراليا اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    حاكم مقاطعة نيجني نوفجورود الروسية يؤكد مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في هجوم أوكراني بطائرات مسيرة    فيريرا يحسم موقف عمرو ناصر من لقاء المقاولون    بالأسماء.. 3 تغييرات في تشكيل الأهلي أمام فاركو (تفاصيل)    حالة الطقس اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025.. موجة شديدة الحرارة والعظمى تصل ل45    إحالة 5 عاطلين بتهمة سرقة الشقق السكنية والمحلات بالقاهرة للمحاكمة    الصور الأولى لحريق نشب بسيارة ملاكي في نفق السلام (صور)    «الداخلية»: ضبط متهم بتهمة انتحال صفة صاحب شركة للنصب على مواطن بالقاهرة    «الشهيد محمد مبروك والعبور إلى المستقبل».. موضوعات مادة اللغة العربية بالصف الثاني الإعدادي 2025- 2026    ضبط 144 ألف مخالفة مرورية و176 حالة تعاطي مخدرات بين السائقين    معرض دولي للكاريكاتير يحتفي بالنيل في عيده    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    ضمن دوري المكتبات.. لقاءات عن سيناء بقصر ثقافة الغربية    وزير الصحة يستقبل مستشار الرئيس الكولومبي لبحث تقديم المساعدات الطبية للفلسطينيين    تقديم مليون 975 ألف خدمة طبية ضمن حملة «100 يوم صحة» بالشرقية    الدفاع الجوي الروسي يُسقط 5 طائرات مسيرة أوكرانية فوق موسكو    الأمم المتحدة: خطة إسرائيل بشأن غزة "فصل مروع" من الصراع    المالية: دعم جهود تمكين القطاع الخاص المصري مع والتوسع بالأسواق الأفريقية    تحرير 950 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    11 أغسطس 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    تعرف على مباريات اليوم في الدور الرئيسي ببطولة العالم تحت 19 عامًا    محافظ المنيا: المعلم سيظل رمزًا للعطاء وصانعًا للأجيال    السياحة والآثار: وادي الملوك بالأقصر آمن والمقابر لم تتأثر بالحريق    محمد شاهين: ظهرت في كليب إيهاب توفيق وطفولتي كانت مع جدتي    مؤتمر صحفي لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.. الثلاثاء    إعلام إسرائيلي: الجيش سيعرض خلال أسبوعين خطة شاملة لاحتلال غزة    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    من التشخيص للعلاج .. خطوات لمواجهة سرطان المبيض    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    أحرج " يويفا "بتعليقه علي استشهاد سليمان العبيد. .. محمد صلاح صوت فلسطين فى ملاعب أوروبا    انطلاق فعاليات مبادرة "أنا أيضا مسئول" بجامعة جنوب الوادى    شيري عادل تخطف الأضواء وتعتلي منصة التكريم في مهرجان إبداع بحضور وزير الشباب والرياضة وكبار المحافظين    د.حماد عبدالله يكتب: "الفن" والحركة السياسية !!    التيك توكر "داني تاتو" أمام النيابة: مهنة رسم التاتو عالمية ولم أجبر أي سيدة على الظهور معي    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    بعد قرار جون إدوارد.. عبدالله السعيد يتدخل لحل أزمة نجم الزمالك (تفاصيل)    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    فلسطين تطالب بتحرك عربى فعّال لمواجهة جرائم الاحتلال    جمال العدل: الزمالك هو الحياة.. ولا نية للترشح في الانتخابات المقبلة    نجم الزمالك السابق لمصراوي: الفريق قدم مباراة جيدة أمام سيراميكا.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة الآن    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث عن سياسة مصر الخارجية والأذان فى مالطة
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 08 - 2010

تساءل الدكتور عبدالمنعم سعيد فى مقاله بجريدة الأهرام الأسبوع الماضى، لماذا لا يهتم المثقفون المصريون بقضايا السياسة الخارجية، ولماذا لا يحاولون البحث عن كيفية استفادة مصر من هذا الظرف التاريخى لتعظيم مصالحها الإستراتيجية. والسؤال مهم لأن الإجابة عنه سوف تكشف عمق الأزمة التى تواجهها مصر فى أوضاعها الخارجية والداخلية، وتقودنا إلى البحث فى إستراتيجية تغيير هذه الأوضاع، وما إذا كانت قوى المعارضة السياسية والاجتماعية تملك مثل هذه الاستراتيجية.
هل نحن لا نهتم حقا بسياسة مصر الخارجية، أم أننا يائسون من إمكان تغييرها فى ظل النظام القائم؟
من الواجب تعريف من نحن، وأعتقد أن الدكتور عبدالمنعم سعيد لا يوجه اللوم للكتاب الذين يعبرون عن وجهات نظر حكومة الحزب الوطنى، ولكنه يقصد تحديدا المثقفين المستقلين الذين انشغلوا بقضايا التغيير السياسى فى مصر فى الآونة الأخيرة، وأعتبر نفسى واحدا منهم، لذلك فإنى أوضح موقفى، وهو فى جانب منه شخصى بحت، وفى جانبه الآخر أشترك فيه مع هؤلاء المثقفين الذين يقصدهم الكاتب، الذى أكن له كل محبة واحترام، على الرغم من اختلاف وجهات نظرنا بالنسبة لكثير من الموضوعات، أظن أنه يعرف ذلك جيدا. والجانب الشخصى فى إجابتى على سؤاله هو أننى بالفعل مولع بقضايا السياسة الخارجية، وهى ليست تحديدا تخصصى الأكاديمى، ولكنى اكتسبت هذا الولع انطلاقا أولا من فضول شخصى، والذى تغذى بدراستى للدكتوراه فى خارج مصر فى معهد يسمى معهد الدراسات الدولية، وفى مدينة أغلب سكانها من الأجانب، هى جنيف، المقر الأوروبى للأمم المتحدة ولكثير من المنظمات الدولية، والتى عشت فيها أكثر من عقد من الزمان، واستمتعت بصداقة كثيرين التقيتهم فيها من كل قارات العالم، وقد استمر هذا الولع بالسياسة الدولية بعد عودتى إلى مصر.
هذا هو الجانب الشخصى فى الموضوع، ولكن جانبه العام من ناحية أخرى أشترك فيه مع كثيرين مثلى لا يراودهم أمل فى أن يتمكن نظام الحكم الحالى من إدارة أى سياسة خارجية رشيدة، وقد شرحت غياب البوصلة فى سياسة مصر الخارجية فى مقال سابق بصحيفة الشروق، أضيف فى هذا المقال كيف يغيب الرشد عن سياستنا تجاه إيران التى اختصها الكاتب فى مقاله الأخير، وكيف أن الحكومة المصرية تتردد فى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى مع إيران إلى مستوى السفارة الكاملة، ولأسباب لا يقوم عليها دليل ،على الرغم من أن المملكة العربية السعودية، والتى لها أن تخشى على استقرارها الداخلى من أصداء الثورة الإيرانية، تقيم مع إيران علاقات دبلوماtسية كاملة، وتتبادل معها الزيارات على أعلى المستويات، وأضيف كذلك عبث الأسباب التى تجعل الحكومة المصرية تستقبل رئيس وزراء إسرائيل، ثم رئيس دولتها، وترفض فى نفس الوقت لقاء الرئيس السورى، أختم ببناء السور الفولاذى على حدودنا مع غزة، الذى لا أجد له سندا من مصالح مصر الإستراتيجية ودورها الإقليمى قبل أن أرفضه وبشدة لاعتبارات أخلاقية محضة.
وأنا أتوجه للكاتب باعتباره متخصصا فى السياسة الخارجية، هل تنبع هذه المواقف من رؤية لمصالح مصر القومية، أم أنها تنطلق فقط من حسابات ضيقة، شكلتها أولا أجهزة ليس لها باع كبير فى السياسة الخارجية، ثم حرص على عدم إغضاب الولايات المتحدة وإسرائيل. وهل يمكن مع هذه الحسابات الضيقة والأجهزة التى تقدم المشورة فى غير اختصاصها أن تكون هناك سياسة خارجية أكثر رشدا وأكثر جرأة؟ ألا يقفز إلى الذهن إمكان أن تتعاون مصر وإيران على نحو يعظم من مصالح كل شعوب المنطقة؟ هل يمكن أن نستفيد من مواقف إيران المساندة لحقوق الفلسطينيين ليكون موقفنا أكثر صلابة فى مواجهة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بدلا من الرضوخ لتنازلات تسهم فقط فى تعميق الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية؟، بل هل يمكن لنا أن نتعلم من براعة الإيرانيين فى التعامل الناجح حتى الآن مع تعقيدات السياسة الدولية. وأظن أن التقارير الأخيرة تشير إلى تراجع الحديث عن عمل عسكرى أمريكى أو إسرائيلى ضد إيران لمدة عام مقبل على الأقل.
التغيير السياسى شرط ضرورى لانتهاج سياسة خارجية رشيدة، وهكذا فنظرا لأنه ليس من المتوقع أن تتغير هذه المواقف فى سياستنا الخارجية مع استمرار نظام الحكم القائم أيا كان الشخص الذى سيرشحه الحزب الحاكم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتى من الأرجح أن تتم بنفس الأساليب المعهودة فى كل الانتخابات السابقة، لذلك لا يعول مثلى أو غيرى من أصحاب المواقف غير الحزبية على قدرة نظام الحكم هذا على انتهاج سياسة خارجية رشيدة تتسم بالجرأة والابتكار والواقعية خدمة لمصالح مصر القومية ونضع آمالنا على إمكان أن يكون هناك تغيير سياسى حاسم فى مصر نحو أوضاع أكثر ديمقراطية.
ولكن مثل هذا الأمل قد لا يصمد كثيرا أمام غياب الرؤية الاستراتيجية لدى قوى المعارضة فى مصر بجميع فصائلها، فمواقفها أقرب إما إلى التسليم بأن سيطرة الحزب الحاكم على مقاليد السلطة فى مصر هى قضاء لا مفر منه، ومن ثم يجب ترتيب أوضاعها وأساليب تحركها على هذا الأساس، وهذا هو موقف أحزاب المعارضة الرئيسية، ويقترب منه موقف الإخوان المسلمين، أو أنها تكتفى بردود فعل انفعالية لا يبدو منها أنها تخدم أى غرض سوى الظهور بمظهر البطولة، وأقول الفارغة، لأن البطل الحقيقى هو من يضحى إذا كانت هناك ضرورة للتضحية، خدمة لهدف، وليس فقط للتنفيس عن غضب موقوت.
وأهمية هذه الرؤية الاستراتيجية هى أنها وحدها هى التى يمكن أن تحسم الخلاف القائم بين أحزاب وقوى المعارضة حول الانتخابات المقبلة، هل تقاطعها أم تشترك فيها. هل تخدم المقاطعة الهدف الاستراتيجى الخاص بتغيير النظام القائم نحو أوضاع أكثر ديمقراطية. وهل مدى الرؤية الاستراتيجية لقوى المعارضة هو عام أو عامان على الأكثر، أم أن مثل هذا التغيير الاستراتيجى هو أمر يطول أمده نسبيا لعدة سنوات. وهل فكرت هذه القوى فى الاستفادة من تفوقها المعنوى على النظام الحاكم لإضعاف تماسكه وقدرته على استخدام صغار الموظفين فى أجهزة الإدارة فى تمرير التزوير فى الانتخابات. لن يقدر النظام الحاكم على مجابهة النداء على كل المشاركين فى ترسانة انتخاباته بأن المشاركة فى التزوير هى «شهادة زور» تنهى عنها الشرائع السماوية وفى مقدمتها الإسلام والمسيحية، ومن ثم فإن من يشارك فى التزوير يحل عليه غضب السماء فى الدنيا والآخرة.
ألا تكون المشاركة فى الانتخابات هى فرصة لتوسيع القاعدة الشعبية لقوى المعارضة ولبناء أحزابها وتنظيماتها ولكشف التزوير؟ ألا تتعلم قوى المعارضة فى بلادنا من تجارب قوى المعارضة فى قارات العالم الأخرى فى أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا جنوب الصحراء، أم أنها غير قادرة على التفكير المتعمق، وامتلاك النفس الطويل، واتخاذ الخطوة الأولى الصحيحة على طريق الألف ميل.الذى أرجو ألا يطول كثيرا. عندما يحدث هذا التغيير الديمقراطى فى مصر يكون الحديث عن السياسة الخارجية مجديا، أما قبل ذلك فهو مثل الأذان فى مالطة. لا يسمع به أو عنه أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.