في الوقت الذى يتصاعد فيه الجدل بشأن القيود التى تفرضها ولايات أمريكية على المهاجرين غير الشرعيين، تتعالى أصوات فى مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة مطالبة بإلغاء التعديل رقم 14 للدستور الأمريكى الذى يقضى بمنح الجنسية الأمريكية تلقائيا لأى طفل يولد داخل الحدود الأمريكية. فى الوقت نفسه وقع الرئيس الأمريكى باراك أوباما قانونا جديدا لتخصيص 600 مليون دولار لتأمين الحدود بين الولاياتالمتحدة والمكسيك بهدف التصدى لمشكلة تدفق اللاجئين بصورة غير مشروعة إلى الأراضى الأمريكية. ويؤيد أوباما والديمقراطيون عملية إصلاح شاملة لتشديد الأمن على الحدود لكنها تسمح ايضا لنحو 11 مليون مهاجر غير شرعى يعملون فى الولاياتالمتحدة بالتحرك على طريق الحصول على الجنسية. وطبقا للدستور، من حق أى طفل يولد على الأراضى الأمريكية الحصول على الجنسية الأمريكية بغض النظر عن جنسية والديه، ما عدا أعضاء البعثات الدبلوماسية الأجنبية. ويثير هذا الحق انقساما واضحا بين الأمريكيين، حيث يمكن لابن أو ابنة أسرة مقيمة بصورة غير شرعية فى الولاياتالمتحدة الحصول على الجنسية، فى الوقت الذى لا يستطيع فيه والداه الحصول على أى أوراق أو وثائق حكومية مثل رخصة القيادة أو بطاقة هوية. لكن الطفل فى هذه الحالة يحصل على شهادة ميلاد رسمية من الحكومة الأمريكية، ويستطيع أن يستخرج أهله له جواز سفر أمريكى، ويحق لهذا الطفل بعد بلوغه السن القانونية (18 عاما) أن يطلب حق الإقامة ومن بعده التجنس (بعد مرور 3 5 سنوات) لوالديه وإخوته. وينطبق نفس السيناريو على زوار الولاياتالمتحدة من السائحين أو الطلاب، وتزايدت خلال السنوات القليلة الماضية أعداد القادمين من دول العالم الثالث لولادة أبنائهم فى الأراضى الأمريكية، دون أن تكون هناك أى رابطة حقيقية تربطهم بأمريكا. ومن ثم يتزايد عدد الأمريكيين ممن ليس لهم علاقة طبيعية مع وطنهم، رغم تمتعهم بكل الحقوق، دون قيامهم بأى واجبات وبدون دفع أى ضرائب. ووعد السيناتور الجمهورى من ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسى جراهام، بتقديم «مشروع قرار لتعديل الدستور الأمريكى بما يغير المادة رقم 14»، وذلك رغم علمه بالصعوبة الشديدة التى يواجها مثل هذا المقترح. وأشار زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب الأمريكى جون بوهنر من ولاية أوهايو إلى أن مثل هذا الاقتراح «يستحق أخذه فى الحسبان». ويرجع تاريخ حق منح من يولد على الأراضى الأمريكية الجنسية حتى وإن ولد لأبوين لا يحملان الجنسية لأمريكية إلى عام 1898 بقرار من المحكمة العليا. وقد أقر الكونجرس هذا الحق فى التعديل رقم 14 من الدستور. ومنذ ذلك الوقت تشهد الساحة السياسية الأمريكية بين الحين والآخر محاولات لإعادة النظر فى هذا التعديل لكنها باءت جميعا بالفشل. وتبرز الآن على الساحة السياسية الأمريكية قضية إصلاح نظام الهجرة المثيرة، خاصة مع قرب انتخابات التجديد النصفى للكونجرس المقررة فى الثانى من نوفمبر القادم. وكان قرار ولاية أريزونا الذى بدأ العمل به هذا الشهر، ويسمح بمقتضاه لسلطات الشرطة المحلية بالسؤال عن قانونية وجود من يثيرون الاشتباه ممن يرتكبون أى مخالفات مرورية أو غيرها داخل الأراضى الأمريكية قد أشعلت الجدل حول قضية الهجرة بصفة عامة. وبدأ فى وسط هذا الجدل حول قانون الهجرة، ظهور أصوات بين الجمهوريين تطالب بإعادة النظر فى الدستور الأمريكى، وتعديل البند الذى يمنح الجنسية لكل من يولد داخل الأراضى الأمريكية. ويرى الرئيس الأمريكى باراك أوباما ضرورة القيام بإصلاح شامل يتضمن بنودا عديدة منها الوسائل الكفيلة بدمج ما يقدر ب14 مليون مهاجر غير شرعى بصورة قانونية. وبدون دعم من جانب الحزبين، الديمقراطى والجمهورى لن يكون بوسع أحد حل هذه المشكلة، وكانت آخر محاولة للكونجرس لإقرار تشريع خاص بالهجرة قد منيت بهزيمة فى 2007. وتلح الحاجة الآن لإقرار تشريعات إصلاح شاملة لنظام الهجرة، خاصة مع استمرار تدفق ما يقرب من مليون من المهاجرين غير الشرعيين سنويا. يظهر إحصاء للسكان جرى مؤخرا أن عدد المواطنين الأمريكيين الذين يدعون أن لهم أصولا إثنية أو عرقية تنتمى إلى أقلية معينة أو غيرها، أكثر من الثلث بقليل من سكان الولاياتالمتحدة، أى بنسبة 34 فى المائة، وهذا لا يفوق ما كان عليه الوضع فى السنة السابقة فحسب، بل هو يمثل قفزة بواقع 11 فى المائة عما كان عليه الحال فى عام 2000. ويُؤكد أحدث تعداد سكانى صدر فى الأول من مايو (2008) أن الأقليتين الهيسبانك (متحدثى الإسبانية والبرتغالية)، والآسيوية هما الأقليتان الأسرع نموا فى الولاياتالمتحدة.