أكدت المؤسسة الإعلامية الألمانية "دويشه فيلة"، أن ظاهرة ارتداء النقاب، شهدت منذ سنوات انتشارا متزايدا في صفوف المصريات، وذلك على الرغم من الضغوط التي تمارسها الحكومة المصرية على مرتديات النقاب سواء في الجامعات أو المؤسسات الحكومية. ويرجع البعض هذه الظاهرة إلى تأثير القنوات الفضائية الدينية على المصريين، ويرى آخرون أن النقاب يعبر عن مواقف رافضة للمفهوم السائد للإسلام في البلاد. ويلاقي النقاب في مصر إقبالا متزايدا في السنوات الأخيرة، خاصة من قبل الفتيات والشابات وذلك إلى جانب انتشار الحجاب في صفوف المسلمات في مصر. النقاب عنوان التشدد الديني يفسر أندرياس ياكوبز، رئيس مكتب مؤسسة "كونراد آديناور" بالقاهرة – وهي مؤسسة سياسية ألمانية غير هادفة للربح-، هذه الظاهرة الجديدة في المجتمع المصري، بأنها تعكس مواقف رافضة لما تروج له الدولة من مفهوم للإسلام، فالحكومة المصرية تتبع تقليديا نهجا إسلاميا معتدلا. ويعكس ارتداء النقاب من وجهة نظر ياكوبز أسلوبا جديدا في الحياة يتميز بالتشدد، الذي أصبح يشكل –على حد قوله- جزءا من هوية جديدة لفئة من المجتمع المصري. ويشير إلى أن ارتداء النقاب كاد يكون مجهولا تماما في مصر قبل سنوات، فيما انتشر في غضون بضعة أعوام في الشوارع المصرية، ويقول: عندما تقرر الفتيات والنساء في مقتبل العمر ارتداء النقاب، فإنهن يعبرن من خلال ذلك عن رفضهن للمنهج الديني المتبع تقليديا في بلادهن. وأصبحت ظاهرة النقاب تثير قلق الحكومة والمؤسسة الدينية الرسمية في مصر، حيث يوصف النقاب بأنه تعبير عن الغلو والتشدد وبعيدا عن أصول الدين ومنهجه. و يراقب أندرياس ياكوبز منذ سنوات تطور ظاهرة ارتداء النقاب في الشوارع المصرية ولاحظ أن الجدل الذي يدور حول النقاب والمساعي الرامية إلى حظره في الجامعات المصرية، يحتدم في مصر بقوة أكبر مما يحدث في أوروبا، حيث أثارت ظاهرة النقاب في الأشهر الماضية جدلا واسعا في كل من بلجيكا وفرنسا على سبيل المثال. من جهتها، ترى إيمان مندور، عضو مجلس أمناء مركز قضايا المرأة المصرية، أن انتشار ظاهرة النقاب في الشوارع المصرية يعود بالدرجة الأولى إلى القنوات الفضائية الدينية، التي تروج لإسلام سلفي متشدد، يرى أن ارتداء النقاب فريضة إسلامية ويعود من جهة أخرى إلى تأثير المذهب الوهابي القادم من السعودية والذي يروج له العمال المصريون العائدون من السعودية. النقاب يثير قلق الحكومة والأزهر وكان شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي هو الذي كان قد أثار الجدل قبل نحو عام في مصر، عندما طلب أثناء جولة تفقدية في أحد المعاهد الأزهرية من تلميذة منقبة في الصف الإعدادي نزع النقاب، واصفا إياه بأنه "عادة ولا علاقة له بالإسلام" وأعلن حظره داخل المعاهد التابعة للأزهر، وحذت حذوه الجامعات المصرية وفرضت حظرا على ارتداء النقاب أثناء الامتحانات، معللة قرارها بأن النقاب يحجب وجه الطالبة وبالتالي يتعذر التثبت من هويتها قبل دخول قاعات الامتحانات. وبالرغم من ذلك فإن عشرات الطالبات المنقبات رفضن الامتثال لقرار الجامعات ورفعن دعوى قضائية، طالبن فيها بإلغاء قرار وزارة التعليم العالي، القاضي بمنعهن من دخول الامتحانات وهن محجبات الوجوه. وعندما أيد القضاء المصري قرار الجامعات بحظر النقاب أثناء الامتحانات خرجت مئات الطالبات المنقبات للاحتجاج ضد قرار المحكمة والمطالبة بالتراجع عن قرار تأكيد الحظر، وعلى الرغم من أن ظاهرة ارتداء النقاب في الجامعات والشوارع المصرية لا تزال محدودة نوعا ما، إلا أنها من وجهة نظر أندرياس ياكوبز ليست موجة عابرة، بل هي كما يقول "تعبير عن مواقف احتجاجية سوف تشهد تزايدا واضحا في المستقبل القريب".