وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر، نعم إنا لله وإنا إليه راجعون غيبت الأقدار رمزا شيعى الهوى مسلم الهوية هو سماحة الإمام محمد حسين فضل الله.. هذا العالم الفذ الذى يعرف للألوهية علاها، وللنبوة هيبتها وهداها، وللفقه والفقهاء حدود خشيتها وتقواها، ذلكم محمد حسين فضل الله الذى يفهم معنى الجهاد الحق ومعنى قول الله تعالى (وجاهدوا فى الله حق جهاده) فيقرر يرحمه الله قائلا ماذا يكون الجهاد إذا لم تجاهد إسرائيل فإن غياب الأقصى وعلو إسرائيل هما «ترمومتر» إيمان الأمة وحضارتها. ذلكم الراعى المؤسس لحزب الله الشيعى فى لبنان، هذا الحزب الذى يتولى وحده عبء التوازن مع إسرائيل فضلا عن حراسته للبنان من أن تتخطفها قوى كثيرة تختلط سياساتها بين الهوس الطائفى والارتماء فى أحضان الخارج على حساب لبنان وعروبته. فإذا عبرنا عن رضائنا بقضاء الله وقدره إقرارا بحكمته وانتظارا لمثوبته، فإنما ندعوا الله أن يفرج عنا ربنا كربة من أشد كرب الدنيا ألا وهى بقاء المطبع المتفيق على منبر منابر المساجد فى مصر، فهل من تعديل وزارى يغيب تلك الممارسة الشائنة الخارجة على إجماع الفقهاء وأهل الرأى؟ وإذا ذكرنا التقريب بين المذاهب فإنما يذكر أمثال حسين فضل الله أهل التقريب العملى وليس أهل الاستهلاك الإعلامى فها هو يرحمه الله يؤكد كثيرا فى كتبه وخطبه وفتاويه تزييفه لأسطورة اتهام بعض الشيعة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب بكسر ضلع السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنهما...هذا هو افتاء التقريب بين المذاهب والتقارب مع الحق وتصحيح التشيع كنفحة حب لبعض آل البيت دون البعض ورفض صريح لهذا الهوس الداعى لنبذ بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وإذا سمعته يخطب فى عاشوراء رافضا ما يحدثه بعض المتشيعين من سفك للدماء وطقوس جهل وبلاء لأدركت أن الرجل يرحمه الله كان واعيا ألا يتحول الحب إلى تقديس ولا القداسة لهرطقة، ولا الهوى والميل إلى دين يتبع. وحينما تقلب فيما تركه من فقه تجد آثارا دالة على عقلية فقهية راشدة تفهم الوحى الإلهى فى ضوء البيان النبوى بعيدا عن الأهواء، فمع أنه يحمل أعلى رتبة فى المناخ الشيعى رتبة آية الله العظمى تجده يفتى بجواز تقليد كل من صح علمه وإن لم يكن هو الأعلم أو الأفقه.. ففى هذه الفتوى تجد قوة فقهية سمحة تشتبك فى علاقة جدلية رفيعة المستوى مع نظرية ولاية الفقيه بما يطلعك على أن الرجل حقيق التقارب والتقريب غير متمترس بعصمة مدعاة. وإذا كنت أنعى الرجل الفقيه فمن حقه أن أفسح المجال لكلامه الذى يعبر عن فقهه فها هى بعض مقولاته: إن اعتبار اليهود فلسطين وطنا لهم هو أسطورة لا أكثر. أوباما يستحق نوبل للخداع، لأن أقواله أقوال بلا أفعال. الأعمال التخريبية ليست من الإسلام فى شىء. النقاب ليس واجبا. أمريكا لن تخرج قريبا من العراق إلا إذا كان خروجا شكليا. الحراك السياسى فى إيران صورة واضحة على اتساع مساحة الديمقراطية. آفة التقريب تسييسه على حساب الفكر والثقافة. الوحدة بين السنة والشيعة هى السبيل لصد الاجتياح الصليبى والأمريكى. المشكلة البارزة لأمتنا فى أمراء السياسة وعروشها. إن العرب قد استقالوا من القضية الفلسطينية. وهو يرى يرحمه الله أن عوامل تفرقة الأمة تتمثل فى الهوس الطائفى، الاستعمار، القومية المستوردة، العصبية الإقليمية، الشعارات دون تفعيل فإذا تأملنا عناوين مقالاته فى نشرته الأسبوعية وجدت نفسك أمام فقيه موسوعى مفكر يؤمن بالنص ويدرك الواقع، ويجتهد أن يدخل الواقع طيعا تحت مظلة النص، وأستعرض معك بعض عناوين مقالاته: دور الدين فى المجتمع الإنسانى، الفقيه والمثقف، الفقيه والسلطة، الدين وعوامل الجمود والتطور، بين هيمنة التعصب وحرية الفكر، العلاقة بين الإسلام والغرب، الحوار الإسلامى الغربى (العوائق والشروط)، الإسلام وقدرته على التنافس الحضارى. ومن مقالات معايشته للأحداث: فلسطين أو الموت، المقاومة هى أشرف الجهاد، الخطاب الإسلامى والتيارات المعاصرة، تربية العقل بين الإيمان وتحديات العصر، الملكية الفكرية بين الشرع والقانون، السياسات المستوردة... إلخ. أى رجل هذا يرحمه الله فهل نأسى لرحيله أم نحزن لوجود المطبعين على منبر المنابر المصرية فاللهم غوثك..