رئيس جامعة قناة السويس يتفقد لجان الاختبارات الإلكترونية    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    "جسور التفاوض ودور الوساطة في دعم مناخ الاستثمار".. إصدار جديد ل"الاستثمار"    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    وفاة شخص وإصابة آخرين بقصف على حي سكني في حلب    مجموعة منتخب الفراعنة| تعادل إيجابي بين جنوب أفريقيا وأنجولا في الشوط الأول    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    مصرع شابين في حادث مروع بصحراوي قنا    طلاب الأزهر يحتفلون ب«العربية» وسط الآثار المصرية    منة شلبي تقدم واجب العزاء في الفنانة سمية الألفي    أعراض بسيطة ل6 أمراض شتوية تتفاقم سريعا فما هي؟    الحكومة الإسرائيلية تصادق على مقترح إغلاق إذاعة الجيش    مصلحة الضرائب: حزمة التسهيلات الثانية تستهدف توسيع القاعدة الضريبية    "نيويورك بوست": إدارة ترامب تستدعي 48 سفيرا لإدارة بايدن في الخارج    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    4 دوافع أمام محمد صلاح للفوز بأمم أفريقيا    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    طبيب الأهلي: عبد القادر ينفذ المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    وزير الخارجية يؤكد الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري وبناء الوعي العام    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    بن زايد وإيلون ماسك يرسمان ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من أبوظبي    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    مصطفى مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    روائح رمضان تقترب    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تهدد حرب التكنولوجيا بين واشنطن وبكين التقدم العالمى؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 06 - 2024

يشهد العالم حاليا حربا تكنولوجية متصاعدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، بينما تشارك فيها أوروبا أيضا، لكن على استحياء، ولاسيما مع تراجع جهودها للحفاظ على التفوق التكنولوجى بسبب حالة من الركود لديها فى هذا المجال. وبينما تسعى تلك القوى الكبرى فى تلك الحرب إلى حماية نفسها من التبعية التكنولوجية، فإن ذلك قد يقود إلى تهديد التقدم والرفاهية فى العالم عبر تشظيه إلى عوالم تقنية متنافسة.
فى هذا السياق، طرح الكاتب الألمانى فولفجانج هيرن كتابا فى العام 2024 بعنوان: «الحرب التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة والموقف الأوروبى تجاه المنافسة»، يناقش خلاله الدور التاريخى لتلك القوى الكبرى فى دعم مسيرة التقدم التكنولوجى، وأهم المجالات التكنولوجية التى تتصارع حولها خاصة الحوسبة الكمومية، والذكاء الاصطناعى، والتكنولوجيا البيولوجية وغيرها، كما تطرق إلى مخاطر هذا الصراع وجدوى التعاون بين القوى فى المجال التكنولوجى.
• • •
تتبَّع الكتاب فى بدايته الإسهامات المعرفية والتكنولوجية للولايات المتحدة والصين وأوروبا؛ إذ أشار إلى أن واشنطن أسست للتطور التكنولوجى العالمى الحديث عندما انطلقت منها الثورة الصناعية الثانية عبر اكتشاف الكهرباء، والثورة الصناعية الثالثة ببدء استخدام الكمبيوتر. تلا ذلك ابتكارات كالإنترنت والرقائق الإلكترونية. ويرجع هذا النجاح الأمريكى إلى توافر عناصر المعرفة (الجامعات والجهات البحثية) ورأس المال. أما الصين فقد أسهمت فى التطور التكنولوجى تاريخياً خلال الفترة بين (960 - 1279 ميلاديا) من خلال اختراع الورق، وفن الطباعة، ومسحوق البارود والبوصلة المغناطيسية، ثم تلا تلك الفترة هبوط سريع لأسباب منها، حروب الأفيون، ونهاية الإمبراطورية، والحروب الأهلية، إلى أن قامت الصين بتكثيف الجهود لتحقيق تعافٍ بطىء بداية من 1978، ثم الصعود بقوة خلال العقدين الأخيرين.
بدورها، شهدت القارة الأوروبية الثورة الصناعية الأولى منذ مائة عام، كما حققت السبق فى العلوم الطبيعية والطب آنذاك، لكن هناك تراجعا ملحوظا حاليا فى مجالات تكنولوجية عدة عند المقارنة مع الصين والولايات المتحدة، وطال ذلك صناعات أوروبية رائدة، كصناعة السيارات؛ إذ تتخلف الشركات الرائدة، كفولكس فاجن فى مجالى القيادة الذاتية والآلية.
• • •
طرح الكتاب عدة مجالات تكنولوجية تظهر فيها الصراعات بين القوى الكبرى، وهى على النحو الآتى:
الذكاء الاصطناعى: تهدف تطبيقات الذكاء الاصطناعى إلى محاكاة العقل البشرى فى أنماط تفكيره ومعالجته للبيانات؛ مما يجعل أداء المهام المعقدة منوطا به. وتوفر الولايات المتحدة الدعم للشركات المعنية فى هذا المجال، وكان ثمرة ذلك إطلاق (ChatGPT) فى عام 2022 الذى يمكن استخدامه للحصول على إجابات عالية الجودة والدقة حول شتى الموضوعات. فى المقابل، حظرت الصين ذلك التطبيق، وأنشأت آخر مُحاكٍ له يسمى «إيرنى بوت Ernie Bot» تم إطلاقه عام 2023. أما الجهود الأوروبية للاستثمار فى الذكاء الاصطناعى فبدت مخيبة للآمال؛ إذ قدمت وزيرة البحث الألمانية خطة عمل تهدف إلى استثمار قرابة 1.6 مليار يورو بحلول عام 2025 فى ذلك المجال.
الرقائق الإلكترونية: تستخدم أشباه الموصلات أو الرقائق الإلكترونية فى صناعة مختلف الأجهزة ذات التقنية المنخفضة والمرتفعة، بدءا من الغسالات حتى الصواريخ، وهى تُعد اختراعا أمريكيا ظهر فى خمسينيات القرن العشرين، لكن هناك شركتين تحتكران حاليا هذا المجال، هما: سامسونج فى كوريا الجنوبية و(TSMC) فى تايوان، ولا يمكن لكل من بكين وواشنطن وأوروبا منافستهما، على الأقل على المدى القريب.
التحول الرقمى: يهدف التحول الرقمى إلى تضمين التقنيات التكنولوجية فى العمليات والتفاعلات التجارية والاجتماعية. وتهيمن واشنطن وبكين على هذا المجال، فالأولى هى المؤسس الرئيسى لعمالقة الإنترنت الأربعة جوجل وآبل وفيسبوك وأمازون، بينما أسهمت الثانية بثلاثة عمالقة منافسين، هم: بايدو، وعلى بابا، وتنسنت، فيما تتذيل أوروبا قائمة الشركات الرائدة مثل: زالاندو وأوتو.
توليد الطاقة: تسعى الدول لاستغلال التكنولوجيا فى توفير طرق واعدة آمنة لتوليد الطاقة منها، الاندماج النووى (إنتاج شمس اصطناعية) الذى تستند فكرته على دمج نواتين ذريتين خفيفتين من نظائر الهيدروجين كالديوتيريوم والتريتيوم لإنتاج نواة ذرية واحدة أثقل لعنصر جديد هو الهيليوم، كما يحدث على سطح الشمس. ويصاحب هذا الاندماج انبعاث كميات طاقة تبلغ 4 أضعاف نظيرتها التى تنتج عن تفاعلات الانشطار النووي.
وعلى الرغم من صعوبة استخدام الاندماج فى توليد الطاقة فى المستقبل القريب حتى عام 2050، فإن الدول لا تدخر جهدا لتطوير هذه التقنية؛ إذ قامت الصين بتطوير عدة مفاعلات للاندماج النووى آخرها «توكاماك» التجريبى المتقدم والمصمم لتوفير درجات حرارة تصل إلى 120 مليون درجة مئوية عام 2022. وتهتم الولايات المتحدة أيضا بدعم الأبحاث المرتبطة بذلك المجال، وعقد الشراكات كما جرى مع اليابان فى العام الحالى لتسريع جهود تطوير الاندماج النووي. وتبذل أوروبا جهودا ملموسة أيضا فى هذا المجال من خلال المشروع الأوروبى اليابانى المشترك «جيه تى 60 إس إيه» عام 2022.
التكنولوجيا الحيوية والطب: وهى تطبيقات تكنولوجية تختص بالرعاية الصحية الرقمية والأطعمة الجينية والمقص الجينى (CRISPR)، وهو يشير إلى تقنية تستخدم لقص وتعديل الحمض النووى بشكل مستهدف؛ إذ يمكن إدخال الجينات، أو إزالتها، أو تعطيلها، سواء فى النباتات أم الحيوانات أم البشر؛ مما يجعل استخدامه عرضة للمساءلة الأخلاقية، خاصة إذا ما تم تطبيقه على البشر.
ولا توجد حتى الآن قوانين مقيدة لاستخدام تلك التقنية فى الولايات المتحدة والصين؛ إذ تستخدمها الصين فى مجال الزراعة لضمان إنتاج الأطعمة الجينية وتوفير الغذاء المطلوب لشعبها، بينما أجازت الولايات المتحدة استخدام أول علاج ناتج عن تلك التقنية لمرض فقر الدم المنجلى أواخر العام الماضى، بينما يواجه استخدام تلك التقنية فى أوروبا قواعد قانونية صارمة وفقاً لحكم محكمة العدل الأوروبية 2018.
براءات الاختراع والعنصر البشرى: تأتى الولايات المتحدة على رأس القائمة فى هذا المجال، بما لديها من جامعات ومراكز بحثية ورأس مال، بينما قدمت الصين قرابة 3 ملايين براءة اختراع فى عام 2023، لم يتم قبول سوى 10% منها. وتُعد ألمانيا قوة أوروبية فى مجال براءات الاختراع، إلا أنها تشهد تراجعاً فى الآونة الأخيرة وفقا لتقرير الحكومة الألمانية عن استراتيجية المستقبل للبحث والابتكار.
ولأن العنصر البشرى الحلقة الأهم فى تطوير التكنولوجيا وتسجيل براءات الاختراع، تسلك القوى الكبرى سبلاً عدة لإعداد العنصر البشرى، خاصة فى مجالات الرياضيات وعلوم الحاسوب والعلوم الطبيعية والتكنولوجيا، لكنها تعانى فجوة هائلة بين العرض والطلب. إلا أن الصين لديها ميزتان تنافسيتان، هما تخرج أعداد هائلة كل عام من الجامعات، وانتهاج سياسة نشطة فى إرسال الطلاب والعلماء إلى الخارج للدراسة والتدريب ثم استدعاؤهم مرة أخرى عند الحاجة إليهم.
ووفقا للكتاب، لا يمكن حصر الصراع التكنولوجى بين القوى الكبرى على المجالات السابقة فقط؛ إذ هنالك مجالات أخرى واعدة. ففى المجال العسكرى يمكن تصنيع طائرات قتالية مُحاربة من دون طيار والروبوتات العسكرية ذاتية التشغيل التى تتخذ القرار فى ساحة الحرب ذاتيا دون الحاجة لتدخل الإنسان. على الصعيد الحضرى، يمكن إنشاء مدن ذكية تعتمد على إنترنت الأشياء للقيام بوظائفها بسرعة ودرجة عالية من الدقة، كتسهيل حركة المرور فى تلك المدن وترشيد الطاقة المستخدمة والرصد البيئى لأية مخاطر بيئية محتملة.
ختاما، يشدد الكاتب على الأهمية الحتمية للتعاون التكنولوجى بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا خاصة فى الظروف التى يعانيها الكوكب الآن من تغير المناخ وأزمات الطاقة والهجرة، ولاسيما أن استمرار الحرب التكنولوجية سيؤدى إلى ارتفاع عالمى فى الأسعار وانخفاض فى معدلات الرفاهية وتراجع الإنتاج الإجمالى العالمى بنسبة 7% وفقا لحسابات الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولى.
فمن المتوقع أن تؤدى الحرب التكنولوجية الراهنة بين بكين وواشنطن إلى التشظى التقنى، إذ قد ينشأ عالمان تكنولوجيان مختلفان، أحدهما أمريكى والآخر صينى، كما حدث ذلك بالفعل مع الإنترنت، وهو ما سينتج عنه ازدياد التكلفة للمستهلكين والمنتجين وتباطؤ التطور المرجو لمنع التبادل المعرفى والتقنى بين العالمين.
وبينما يتفهم الكاتب حاجة الدول لحماية اقتصادها وتقدمها التكنولوجى من السقوط فى فخ التبعية، فإنه يرى أن الحل هو اتباع نهج يهدف لتقليل تلك المخاطر بتنويع العلاقات مع فاعلين دوليين عدة وتكوين التحالفات وليس قطع العلاقات التجارية والتقنية، كما حدث بين الولايات المتحدة والصين فى الحرب التجارية التى شنها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.
هبة محيى
مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
النص الأصلى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.