دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية وخبيرة في العلاقات الدولية اشتركت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية مع وكالة أنباء "تاس" الروسية، يوم الجمعة 7 يونيو 2019، في إطلاق أول مذيعة أخبار بتقنية الذكاء الاصطناعي تتحدث اللغة الروسية، وذلك في إطار الاحتفال بالذكرى ال70 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصينوروسيا. جرى عرض مذيعة الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركة سوغو الصينية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، في حضور تساي مينغ تشاو رئيس وكالة أنباء "شينخوا"، وسيرجي ميخايلوف المدير العام لوكالة أنباء "تاس"، خلال الدورة ال23 من منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي. اشتركت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية مع وكالة أنباء "تاس" الروسية، يوم الجمعة 7 يونيو 2019، في إطلاق أول مذيعة أخبار بتقنية الذكاء الاصطناعي تتحدث اللغة الروسية، وذلك في إطار الاحتفال بالذكرى ال70 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصينوروسيا. جرى عرض مذيعة الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركة سوغو الصينية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، في حضور تساي مينغ تشاو رئيس وكالة أنباء "شينخوا"، وسيرجي ميخايلوف المدير العام لوكالة أنباء "تاس"، خلال الدورة ال23 من منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي. وقال تساي "ميزة تلك المذيعة الآلية هي أنها قادرة على ضبط هيئات وأشكال شفتيها وحركاتها وتعبيراتها الوجهية، وفقا لما تقرؤه، كما أنها تواصل تحسين قدرتها الإذاعية عبر التعلم المستمر. وكلما طال عملها، أصبح أداؤها أكثر دقة". وقال ميخايلوف إن المذيعة الآلية تمثل نجاحا عظيما، مضيفا أنه يتطلع إلى المزيد من التعاون وقال تساي "ميزة تلك المذيعة الآلية هي أنها قادرة على ضبط هيئات وأشكال شفتيها وحركاتها وتعبيراتها الوجهية، وفقا لما تقرؤه، كما أنها تواصل تحسين قدرتها الإذاعية عبر التعلم المستمر. وكلما طال عملها، أصبح أداؤها أكثر دقة". وقال ميخايلوف إن المذيعة الآلية تمثل نجاحا عظيما، مضيفا أنه يتطلع إلى المزيد من التعاون مع وكالة أنباء "شينخوا" في مجال الذكاء الاصطناعي وغير ذلك من المجالات، وهو ما يدعو للتساؤل: هل بات الذكاء الاصطناعي مجالا للاتحاد بين روسياوالصين؟ وهل أصبح محددا جديدا في تشكيل العلاقات بين الدول؟ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إن من سيقود الذكاء الاصطناعي سيحكم العالم". كما قال الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند: "الأمم التي ستتحكم في الذكاء الاصطناعي، ستكون بمثابة القوى العظمى في المستقبل". وبالفعل بات الذكاء الاصطناعي إحدى مفردات ومحددات العلاقات الدولية؛ نظرا للتنافس المحموم بين هياكل ومؤسسات المجتمع الدولي، لتحقيق السبق والريادة في النظام العالمي. وبالفعل بدأت العديد من الدول مرحلة التحول نحو الجيل الخامس للإنترنت، منها ما بدأ بالفعل في تقديم الخدمات التجريبية، على أن يبدأ بتدشين الخدمات التجارية خلال هذا العام، مثل: كوريا الجنوبية، والصين، والولاياتالمتحدةالأمريكية، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وسويسرا، وإسبانيا، وفنلندا، وفرنسا، وأستراليا. وسوف تطلقه دول أخرى بحلول عام 2020 مثل: ألمانيا، وكندا، واليابان- ليشهد العالم ثورة حقيقية في مختلف دول العالم نحو تبني تقنيات الجيل الخامس للإنترنت ويتوقع أن يبلغ حجم سوق تقنية الجيل الخامس 251 مليار دولار عالميًّا بحلول عام 2025. ومن هنا صار الذكاء الاصطناعي محددا جديدا في تشكيل العلاقات بين الدول، عبر تأمين نفسها من خلال الاختراقات السيبرانية: سواء جماعات الهاكرز أو الوحدات السيبرانية التابعة لدول في المحيط الدولي. وتستطيع الدول بامتلاك تقنيات الذكاء الاصطناعي التحكم في العالم من خلال مجموعة من الروبوتات الذكية وبعض البرامج الحاسوبية، ولذا تتسارع الدول الكبرى في اقتناء التقنيات الحديثة بما يؤهلها لكسب مكانة تقدمية في هذا المجال، وتتسارع الدول في تسجيل عدد أكبر من براءات الاختراع. وبرز في الفترة الحالية عدد من المفاهيم التي تحدد المدخل الجديد مثل المواطنة الرقمية Digital Citizenship والعملات الافتراضية مثل البيتكوين Bitcoin، والأمن الإلكتروني cyber security. بدأت ملامح هذا الحقل الجديد تتشكل بخطوات تنافسية بين الدول الكبرى، والميل أكثر للصراع عن التعاون، لإدراكها بأن الاستحواذ التقني بهذا المجال تعني سيادة العالم. ولأن مجال العلاقات الدولية يشوبه الكثير من التفاعلات الصراعية في أية مجال منذ بدء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، من حيث الاختراق الفضائي، وإنتاج الأسلحة النووية، ومحاولة كل دولة الانفراد في أية مجال جديد يطرأ على الساحة الدولية. لعل من أبرز التداعيات السلبية للتنافس العالمي في الذكاء الاصطناعي هو: أولا: يلعب الذكاء الاصطناعي دورا مؤثرا في الصدمات العالمية المحتملة مستقبلا بسبب قدرتها على تعطيل شبكات التوصيل، مثل شبكات نقل الطاقة الكهربائية، وأنابيب النفط والغاز، وكابلات الاتصالات تحت البحر، وشبكات التلغراف والسكك الحديدية. كما أن العديد من الهجمات السيبرانية خلال السنوات الماضية أدى إلى زيادة التركيز على الأنشطة السيبرانية، وتأثيرها المحتمل على الاستقرار في الفضاء السيبراني. وفي الوقت ذاته، استمرت النقاشات في الأممالمتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول إمكانية تطبيق القانون الدولي على الفضاء الإلكتروني. وكذلك معايير سلوك الدول المسئولة، وتدابير بناء الثقة. وقد اعتُمدت مجموعة من أدوات الدبلوماسية السيبرانية في الاتحاد الأوروبي، لكن لا تزال التحديات المرتبطة بإسناد مسئولية الأنشطة السيبرانية عائقًا أمام خيارات الردع الفعال. ثانيا: إن الصراع على الذكاء الاصطناعي شجع على تطوير أجيال جديدة ومتقدمة من أنواع الأسلحة المختلفة تفوق سرعة الصوت والضوء وتعتمد على الليزر وعلى الإنسان الآلي بشكل أساسي في صناعتها وتشغيلها، الأمر الذي أدى إلى اشتعال سباق التسلح العالمي بين الدول الكبرى خاصة الولاياتالمتحدةوروسياوالصين حيث قامت تلك الدول في الأعوام الأخيرة بتطوير أسلحة جديدة تقليدية وغير تقليدية ونووية مدمرة وأنواع متقدمة من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وكذلك الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي. ثالثا: أصبح للذكاء الاصطناعي دور محوري في الحرب بين القوى الكبرى، كما حدث في الاتهامات المتبادلة بين الولاياتالمتحدةوروسيا بشأن التدخل في الانتخابات، حيث اتهمت الإدارة الأمريكية في عهد أوباما روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 لصالح أحد المرشحين ضد المرشح الآخر واختراق حواسيب الحزب الديمقراطي وتسريب بيانات أعضائه ومحادثات البريد الإلكتروني والاجتماعات، وهو ما أثر على فرص فوز المرشحة هيلاري كلينتون أمام ترامب، وقد نفت روسيا هذه المزاعم. رابعا: يبرز دور الذكاء الاصطناعي في عملية بناء السياسات واتخاذ القرارات، حيث تقوم عملية صناعة السياسة الخارجية على بناء مدركات وتصورات ذهنية وتوقعات سياسية، بالنسبة للذات أو الخصم أو سياقات العمل السياسي الخارجي، وتقوم أيضا على بناء سياسات طويلة الأمد واتخاذ قرارات لحظية، هذه العملية كانت ولا تزال تنجز بشكل أساسي وفقا لمجموعة من المحددات، النخب السياسية والتفاعلات المؤسسية داخل النظام السياسي، وسيؤدي صعود الذكاء الاصطناعي إلى تعديل آليات وتوازنات تلك القوى الفاعلة، فسوف يزداد ثقل عنصر المعرفة، فتصبح المادة أكثر وفرة، وتتوافر إمكانيات استشعار مبكر للخطر، ومستويات للمعرفة أكثر تعددا وأعمق، وإمكانيات لبناء نماذج وبدائل مختلفة للقرارات والسياسات. خامسا: استغلاله من جانب الجماعات الإرهابية في تصميم برامج حاسوبية تخترق القواعد البيانية الخاصة بالشركات الحكومية أو الشركات المهمة والبنى التحتية، أو تصميم مقاتلات بدون طيار، وهو ما ثبت تنفيذه عبر جماعات إرهابية من خلال استخدام الدرونز. وخاصة "الدرونز البحرية" التي يتوقع تزايد الاعتماد عليها لتعزيز الجهود الرامية إلى فرض القانون في البحار، على الرغم من تكلفتها الباهظة، غير أن تلك التكلفة آخذة في الانخفاض مع مرور الوقت، نظرًا لاشتراك عدد من مكوناتها مع مكونات الهواتف الذكية. يبقى القول بأن الذكاء الاصطناعي بات أحد محددات قوة الدولة الشاملة، فلم تعد قوة الدولة مرتكزة على قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، بل أصبحت قوتها التكنولوجيا وتأثيرها في منظومة التفاعلات العالمية، في إطار التنافس الدولي والصراع ما بين الأحادية القطبية التي تقودها الولاياتالمتحدة والنظام متعدد القطبية الذي تقوده روسياوالصين. الهواجس الأمريكية الحقيقية من التحالف الروسي الصيني: وهذا السبق أدى إلى ظهور هواجس أمريكية من جراء وجود أي تحالف في مجال الذكاء الاصطناعي بين الروس وأمريكا، حيث أعلن هال براند الأستاذ في جامعة جونز هوبكنز أنه استنادا إلى نتائج وكالات الاستخبارات الأمريكية فإن التقارب بين روسياوالصين يهدد الهيمنة العالمية للولايات المتحدة وقد يؤدي إلى تذليل الإمكانيات العلمية والتكنولوجية لواشنطن. وتابع براند بأن تحديد تطور الوضع السياسي في العالم سيتم بواسطة تقنيات جديدة، مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية والبيولوجيا التركيبية، وبالتالي فإن الدولة التي سوف تتصدر في هذه المجالات سوف تحصل على ميزة كبيرة على منافسيها. وأضاف أنه ليس هناك ما يضمن أن الولاياتالمتحدة سوف تأخذ زمام المبادرة في هذا السباق. تأثير الذكاء الاصطناعي على صراع الهيمنة الدولية: مما لا شك فيه أن هناك أهمية كبيرة للذكاء الاصطناعي في العلاقات الدولية، فما تجدر الإشارة إليه أن البحث في هذا المجال مستمر وسريع، والابتكارات فيه عملية مستدامة لا تكاد تنتهي والأهم من هذا كله أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى محاكاة الذكاء البشري تدخل في المجالات الاستراتيجية والحيوية كافة، كقيادة الجيش وهندسة القتال أو المساعدة في الحوكمة وحل مختلف المعضلات في كل الميادين التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والبيئية وغيرها. الذكاء الاصطناعي أولوية بالنسبة للدول المتقدمة التي أصبحت تتسابق بشكل غير معهود وتسخر أموالا وموارد طائلة لتطويره والتميز في هذا المجال الحيوي فأينما ذهبتَ للآلة رأي تقوله، ولعل كل هذه الوظائف السابقة من جعلت من الآلة عنصرًا حيويا وأضفت على الذكاء الاصطناعي البُعد الجيوسياسي، فامتلاك أي دولة آخر التقنيات في مجال الذكاء الاصطناعي سيزيد من قوتها بشكل كبير ضمن النظام الدولي وسيخدم مصالحها وسيوفر عليها عبء الاستنجاد بغيرها للقيام بالعديد من الوظائف السالفة الذكر، بل يمكنها أن توظف هذه التقنيات كأداة لخدمة مصالحها ضمن محيطها الإقليمي أو الدولي. ولعل هذه المزايا تفسر السباق الحاصل الآن بين الولاياتالمتحدةوالصين في مجال البحوث المتعلقة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهو ما يفسر بدوره تعاون دول البريكس بقيادة روسياوالصين والهند، من أجل تطوير المنظومات التقنية والمعلوماتية الهادفة إلى كسر هيمنة الدول الغربية على الساحة الدولية. ففي ظل هذه المفارقة سيزيد التطور الهائل في مجال التكنولوجيات الحديثة عمومًا من تخلف وتبعية دول الجنوب وهذا دون أدنى شك سيخدم مصالح الدول المتقدمة التي ستعمل جاهدة للحفاظ على هذا الوضع للاستفادة من موارد وثروات تلك الدول المتخلفة خاصة إن بقيت هذه الأخيرة تمشي بنفس الوتيرة في كل الميادين أبرزها البحث العلمي. شكل الحروب مستقبلا: من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تحول الحروب المقبلة تحولاًً تدريجيا إلى حروب معرفية، وتغيير نمط الحروب مستقبلا من النمط الكلاسيكي الذي كان قائمًا على تسخير القوة العلمية لخدمة القوة المادية إلى نمط آخر تكون فيه القوة المعرفية قادرة على تحقيق هامش كبير من الاستقلالية، يجعلها تمارس الدور الريادي الذي ظلت تمارسه حتى الآن قوة الردع النووي، على مستوى العلاقات الدولية منذ أربعينيات القرن الماضي. وأخيرا يمكن القول بأن الذكاء الاصطناعي ليس حبيس مراكز الأبحاث أو أفلام الخيال العلمي، بل معادلة جيوسياسية مهمة في النظام الدولي والعنوان الأبرز للنزاعات والحروب المستقبلية التي بدأت بوادرها تطفو على السطح، فمؤخرًا عبرت الولاياتالمتحدة عن مخاوفها بشأن تنامي قوة الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، والهادفة بحسب الخبراء الغربيين إلى جعل الصين الدولة الرائدة في هذا المجال مع حلول سنة 2030.