في وقت تقترب فيه الحرب الروسية الأوكرانية من دخول عامها الثالث بدون أي مؤشرات على نهايتها، أفادت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بأن الولاياتالمتحدة تدرس منح الأصول الروسية المجمدة بفعل العقوبات على موسكو إلى كييف، مشيرة إلى أن الخطوة غير المسبوقة يمكن أن تقدم طريقة لجعل موسكو تدفع تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا. * سابقة تاريخية في القانون الدولي وذكرت المجلة الأمريكية، خلال تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أمس الثلاثاء، أن ما كان ينظر إليه باعتباره فكرة غريبة قبل عامين (استخدام الأصول الروسية المجمدة في إعادة إعمار أوكرانيا التي مزقتها الحرب) يقترب من أن يصبح واقعاً، فيما قد يمثل سابقة تاريخية في القانون الدولي. وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن المؤسسات المالية في الولاياتالمتحدة لديها أصول مملوكة للدولة الروسية بقيمة حوالي 300 مليار دولار تم تجميدها بداية الحرب، وحال مصادرتها، يمكن أن تساهم بشكل كبير في دفع ثمن الأضرار التي كبدتها الحرب. وقدر البنك الدولي العام الماضي تكلفة تلك الأضرار بأكثر من 400 مليار دولار، وقد ازدادت منذ ذاك الحين. وخلال الأيام الأولى من الحرب، رفضت وزير الخزانة الأمريكية جانيت يلين فكرة مصادرة الأصول الروسية باعتبار أنه ليس "مسموح بها قانونياً"، لكن الفكرة اكتسبت زخماً مؤخراً، ويرجع ذلك جزئياً إلى الهجوم الروسي المستمر على البنى التحتية الأوكرانية، وجزئياً إلى المخاوف المتنامية بشأن المستقبل القريب للمساعدات الأمريكية والغربية إلى كييف. والأسبوع الماضي، قدم مجلس الشيوخ الأمريكي تشريعاً من شأنه أن يسمح بمصادرة أموال الحكومة الروسية المجمدة، بعد إجراء مشابه في وقت سابق بمجلس النواب. ودعمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروع القانون بعد تدقيق دقيق في التداعيات القانونية. *استعداد روسي لمصادرة الأصول وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن المسئولين الروس يستعدون لقتال في حال مصادرة أصول الدولة، مهددين بإجراء قانوني بالمحاكم في أوروبا والولاياتالمتحدة. ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً، الشهر الماضي، يسمح للمستثمرين الروس "مبادلة" أصولهم المجمدة في الخارج بأخرى تابعة لشركات أجنبية مجمدة في روسيا ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، في وقت سابق من الشهر الجاري، الخطوة الأمريكية المحتملة واصفاً إياها ب"قرصنة القرن الحادي والعشرين". لكن حتى مع تنامي الزخم لمصادرة الأصول الروسية، فإنها ليست صفقة محسومة، بحسب "فورين بوليسي"، موضحة أن الولاياتالمتحدة تمتلك جزءاً صغيراً فقط من الأصول الروسية المجمدة – مع تقديرات تتراوح ما بين 40 مليار دولار و60 مليار دولار أو ما نحو ذلك. وتوجد الأغلبية العظمى في أوروبا، لا سيما شركة "يوروكلير" للخدمات مالية في بلجيكا، لكن الاتحاد الأوروبي ومعظم الدول الأعضاء ليسوا متحمسين تجاه فكرة التحرك نحو مصادرة الأموال الروسية، خشية انتقام موسكو. ويتفق مؤيدو مصادرة الأصول على أن هذه الخطوة ستكون أكثر فاعلية إذا تم إجراؤها بشكل جماعي، وليس من قبل بلد أو دولتين، سواء من ناحية حجم الأموال المصادرة أو الدفاع الجماعي ضد أي انتقام محتمل. * مدى قانونية المصادرة لكن قبل أن تتمكن أوكرانيا الوصول إلى تلك الأموال لإعادة الإعمار، لا تزال هناك تساؤلات بشأن قانونية مثل هذه المصادرة. وبحسب "فورين بوليسي"، تتمتع الولاياتالمتحدة بالفعل بسلطة مصادرة أموال الدولة، بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية، أما التشريع الجديد المعروض حاليا على الكونجرس فيهدف فقط إلى توضيح تلك السلطة وتخصيص استخدامها على وجه التحديد لإعادة إعمار أوكرانيا. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن دولاً أخرى، مثل بريطانيا ستحتاج إلى تمرير تشريع جديد لتتمكن من الانتقال من تجميد الأصول إلى مصادرتها. وأوضحت "فورين بوليسي" أن أحد الاعتراضات على الخطة، من كل من موسكو وخبراء القانون الغربيين، أن مثل هذه المصادرة للأصول قد تنتهك الحصانة السيادية لروسيا. ويقول معارضى تلك الخطوة إن مصادر الأموال التي تخص البنك المركزي لبلد ذي سيادة يمكن أن تتعارض مع فكرة أن الدول محصنة بشكل أساسي من سبل الانتصاف القانونية وستكون في حد ذاتها انتهاكاً للقانون الدولي. لكن المؤيدين يرفضون هذه المخاوف، مشيرين إلى أن الحصانة السيادية تنطبق فقط على الدول التي تواجه إجراءات قضائية من قبل دول أخرى، وليس سبل الانتصاف التنفيذية أو التشريعية.