كامل: محاصيل عديدة مهددة بالاختفاء.. والقطن المحصول الوحيد غير المتأثر بالتغيرات علام: مساهمة مصر فى الانبعاثات لا تتجاوز نصف بالمائة.. لكنها بين أكثر الدول تأثرًا بالاحتباس الحرارى أكد خبراء ومتخصصون فى شئون البيئة، أن التغيرات المناخية التى يشهدها العالم بشكل عام ومصر بشكل خاص، أصبحت تؤثر بشكل سلبى على المحاصيل الزراعية وإنتاج المحاصيل بنسبة تصل إلى 40%، الأمر الذى يهدد الأمن الغذائى للمواطنين. وقال خبير البيئة وتغير المناخ، محمد كامل، إن التغيرات المناخية أكبر التحديات التى نمر بها جميعًا، مشيرا إلى أنها تؤثر على جميع مناحى الحياة وبخاصة على قطاع الزراعة وهو العامل الرئيسى لغذاء الإنسان. وأضاف كامل، ل«الشروق»، أن التغيرات المناخية تؤثر على إنتاجية نحو 40% من المحاصيل عالميًا، بسبب اختلاف درجات الحرارة عن المطلوبة خلال فترة نموه، بل يمتد تأثيرها إلى مخاطر اختفاء بعض المحاصيل. وأوضح أن المحصول الوحيد الذى قد ينجو من هذا الأمر هو القطن؛ لأنه يحتاج إلى درجات حرارة عالية فإن باقى المحاصيل ستتأثر بدرجات الحرارة المرتفعة، لافتًا إلى أنه إذا حدثت سيول فى بعض الأماكن فهذا أيضا يؤثر سلبًا على المحاصيل الزراعية. وعن جهود التكيف والتخفيف فى القطاع الزراعى، أكد أنها تتمثل فى خلق دورة زراعية أخرى؛ فالفلاح يعلم بطبيعة الحال مواسم زراعة كل محصول، فإذا حدث تغير فى درجات الحرارة فى وقت المحصول الرئيسى فلا بد له أن يفكر فى دورة زراعية جديدة. وأوضح أن تم الاتجاه إلى الزراعة المستدامة، وهى تشبه فكرة الصوب الزراعية؛ بمعنى تهيئة المكان المناسب للزراعة وصناعة المناخ المناسب للمزروعات، وهذا يحتاج تكلفة كبيرة تزيد من سعر المحصول المنتج ولكنه اتجاه قائم، وقد يصل لتكلفة أقل مع التطور فى المستقبل. فيما قال رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة، الدكتور محمد فهيم، إن تغير المناخ قضية وجودية، حيث إن تغير المناخ أحيانا يكون تأثيراته ممتدة ومتراكمة، أى أن بعض الأزمات ستنتهى مثل الأزمة الروسية الأوكرانية، إلا أزمة تغير المناخ مستمرة، ولا توجد مبالغة فى وصف هذه الأزمة بأنها وجودية، خاصة أن الزراعة من المفترض أن توفر القوت للشعوب. وأضاف فهيم ل«الشروق»، أن التغيرات المناخية سببت مشكلات كبيرة فى جميع أنحاء الأرض، حيث إن المناطق المعتدلة مناخيًا كانت أبعد ما يكون تغير المناخ بحكم أنها معتدلة مثل أوروبا وجزء من أمريكا الشمالية والصين ووسط آسيا أصبحت فى وسط «المعمعة» مثل السيول والجفاف، وآخر أزمة تعرض لها العالم هى البن، حيث تنمو أشجاره فى مناطق استوائية التى تتميز باستقرار المناخ لكنها تأثرت بشدة. وتابع: «علينا أن نعى أن مساهمة مصر فى الانبعاثات الغازية والكربونية لا تتجاوز نصف بالمائة من الانبعاثات العالمية، وأن مساهمات الدول النامية ومعظم الدول العربية لا تتعدى 6% من الانبعاثات العالمية، لذا فإن دولنا تتأثر فقط بأزمة الاحتباس الحرارى التى لم تتسبب فيها، وتعانى كثيرًا بسببها». وأكد أنه رغم محدودية مصر فى الاحتباس الحرارى مقارنة بدول أخرى، لكنها دولة متأثرة فى بعض القطاعات مثل الزراعة والأمن الغذائى بصفة عامة، ففى مصر هناك محدودية كبيرة فى الموارد ومشكلة فى فجوة بين الاستهلاك والإنتاج فى سلع مهمة مثل الحبوب والزيوت لأن موقع مصر الجغرافى يقع فى منطقة جغرافية صعبة ليس بها موارد زراعية متاحة، وحجم الاستهلاك المحلى من سلع الغذاء كبير، وبالتالى فإن التغيرات المناخية تعمق من هذه المشكلة. وأشار إلى أن مصر من المعروف أن صيفها حار جاف، لكن بدأنا نلاحظ أن الصيف قد يبدأ مبكرا فى بعض الأعوام الأخيرة، مثل عام 2018 والذى بدأ نهاية شهر فبراير، وقد تأخر الشتاء لنهاية شهر مايو فى أعوام لاحقة، وكل هذه التغيرات لها تأثيرات خطيرة بالأخص على قطاع الزراعة، ويؤثر بشكل سلبى عليه. واستطرد: «وعندما يتغير المناخ ويصبح الشتاء طويلًا والطقس باردًا فإن القمح يصاب بالصدأ، ما يضيف إلى المعاناة من أجل الحصول على القمح، خاصة بعد تأثرنا بالأزمة الروسية الأوكرانية، لذا صدرت تعليمات بالالتزام بالخريطة الصيفية للزراعة». من ناحيته، قال الخبير البيئى، خالد علام، إن التغيرات المناخية تؤثر على مواسم الحصاد والزراعة بشكل كبير، حيث يؤدى ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار إلى تقليل الإنتاجية الزراعية وتدهور جودة المحاصيل، فضًلا عن أن تغير المناخ يسبب ظهور آفات وأمراض جديدة تؤثر على الزراعات المختلفة. وأضاف علام ل«الشروق»، أن تغير المناخ يؤثر أيضًا على توقيت زراعة المحاصيل، بحيث يمكن أن يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تقليل فترة نمو المحاصيل وتغير مواعيد الزراعة، موضحا أنه للتغلب على هذه التحديات فيجب اتباع استراتيجيات الاستدامة الزراعية من خلال تشجيع استخدام الممارسات الزراعية المستدامة التى تحافظ على التنوع الحيوى وتحسن جودة التربة وتقلل من استخدام المواد الكيميائية الضارة. ولفت إلى أن استخدام تقنيات الرى الذكى الحديثة تحسن كفاءة استخدام المياه وتقلل من النفايات، إضافة إلى تشجيع التنوع الزراعى وزراعة المحاصيل المتكيفة مع التغيرات المناخية، بجانب استخدام التقنيات الحديثة مثل الزراعة العضوية والزراعة الدقيقة والتحكم فى المناخ لتحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية الزراعية. وبشأن كيفية مواجهة التغيرات المناخية فى الوقت الراهن، قال علام، إنه يجب الحفاظ على قوة الدفع للتنمية الزراعية من خلال قدرتها على التكيف والتعامل مع التغيرات المناخية عن طريق التوسع فى الزراعة الذكية والتنبؤ بسرعة الرياح والآفات والأمراض النباتية والاستعانة بمراكز البحوث لاستنباط محاصيل أكثر تكيفا مع المتغيرات المناخية ذات العمر القصير.