«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تواجه تحديات التغيرات المناخية
وسط فيضانات وأعاصير وحرائق تجتاح العالم
نشر في الوفد يوم 01 - 09 - 2021

لا يخفى على أحد التغير الواضح فى المناخ العالمى خلال الأعوام القليلة الماضية بشكل عام، ومناخ مصر بشكل خاص، حتى بدأ المواطنون يشعرون بظواهر جوية جديدة غير معتادة سواء فى فصل الشتاء أو الصيف. فالكل يشعر بتراجع مدة فصل الشتاء مع برودة شديدة فى الجو تختلف عن المعتاد، وطول مدة فصل الصيف مع ارتفاع شديد فى درجات الحرارة، مما جعل الحديث عن ظاهرة التغير المناخى يفرض نفسه بشدة خلال الأيام القليلة الماضية، مع موجة الحر القوية التى شهدتها مصر، وحرائق الغابات والفيضانات التى شهدتها دول عربية وأوروبية.
تأثير التغير المناخى السلبى لا يقتصر على الشعور بالبرودة أو الحرارة الشديدة فقط، وإنما يمتد لأوجه ومجالات متعددة داخل المجتمع أهمها قطاع الزراعة والأغذية، وهو قطاع حيوى رئيسى فى كل دول العالم.
هذا التأثير ظهر واضحًا هذا العام فى مصر، خاصة مع محاصيل الخضر والفاكهة مثل المانجو والزيتون اللذين اختفا تقريبا من الأسواق، مقارنة بالأعوام الماضية، فضلا عن ارتفاع أسعارهما بالإضافة لارتفاع أسعار معظم الخضر والفاكهة الأخرى. فالتغير المناخى يؤثر بشدة على الزراعة، لأنها تعتمد على درجات الحرارة والرطوبة والرياح، فضلاً عن المياه، فارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد يعنى زيادة الاحتياجات المائية للنباتات، وبالتالى التسبب فى أزمة مياه إضافية بجانب الأزمة التى تعيشها مصر حاليا.
كما أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى حرق الثمار ونضجها قبل موعدها، فضلا عن التأثير على مرحلة الإزهار، ونقص إنتاجية المحاصيل وفقا لدرجة احتمالية كل محصول مقارنة بالآخر، ما يستتبعه من ارتفاع تكاليف الزراعة ونقص المعروض وارتفاع الأسعار على المستهلك النهائى، ولذلك فخطورة التغير المناخى كبيرة على القطاع الزراعى، ويجب الحذر منها والتنبيه إليها مبكرا من الآن..
فى السطور التالية نفتح ملف التغيرات المناخية وتأثيرها على مصر، وأفضل سبل مواجهتها.
الزراعة.. أكبر المتضررين فى الصيف والشتاء
الزراعة هى أكثر القطاعات تأثرا بالتغيرات المناخية، حسب الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة، مشددًا على أن التغير المناخى سواء فى موجات الحرارة العالية فى فصل الصيف أو البرودة الشديدة فى فصل الشتاء، يؤثر بشكل سلبى على المحاصيل الزراعية.. ويقول: هناك طاقة حرارية كبيرة تصاحب موجات الحرارة العالية خلال فصل الصيف تتسبب فى زيادة الاحتياجات المائية للنباتات والمحاصيل، وخاصة النباتات التى فى مراحل حرجة من النمو، مثل النباتات المشتولة والمزروعة حديثا كالطماطم والباذنجان والكوسة والفلفل وغيرها، أو التى فى مراحل التخصيب وتكوين الثمار وهى مراحل حساسة تحتاج فيها المحاصيل إلى تقريب فترات الرى قدر المستطاع، مع إضافة بعض المركبات المهمة لضمان استمرار العصارة.
وأوضح رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة، أنه من الممكن الرى مرتين صباحا ومساء فى المحاصيل المزروعة داخل الأراضى الجديدة التى تعمل بنظام الرى بالتنقيط، مع البعد تماما عن الرى أثناء فترة الظهيرة، مشيرا إلى أن أفضل توقيت للرى هو بعد غروب الشمس وفى منتصف الليل حتى نعطى للتربة فرصة البرودة بعد تعرضها لأشعة الشمس والحرارة المستمرة طوال النهار.
ويؤكد «فهيم» أن هناك بعض الثمار وخاصة فى الفاكهة مثل المانجو والرمان تتعرض ثمارها بكثرة لمشكلة «لسعة الشمس» أثناء ارتفاع درجات الحرارة، لأن الثمرة نفسها تكون معرضة للشمس طوال اليوم، وهذه اللسعة تتسبب فى انخفاض جودة الثمار، وبالتالى تحدث مشكلات تسويقية كثيرة للمنتج النهائى، كما أنه بعد انتهاء الموجة الحارة قد يحدث تعفن فى بعض الأجزاء من الثمرة التى تضررت من الحرارة، وبالتالى من المهم جدا على مزارعى هذه الأنواع من الفاكهة اتباع «نظام التكييس» للثمرة وخاصة فى الجزء المواجه للشمس، أو رش بعض المركبات المعروفة لديهم لأنها تؤدى إلى تكوين طبقة رقيقة بيضاء تعكس أشعة الشمس وتحمى الثمار بقدر كبير.
ولمواجهة مشكلة التغير المناخى، أشار «فهيم» إلى أن الدولة تحركت ووقعت بروتوكولا مؤخرا تحت رعاية رئيس الوزراء والبنك المركزى لإتاحة قرض لصغار المزارعين لتحديث نظم الرى فى الأراضى القديمة بدون فائدة لمدة 10 سنوات، تتحمل فيه الدولة عبء الفائدة بدلا من الفلاح الذى لن يدفع سوى أصل القرض فقط بعد العشر سنوات، لأن أول حل وإجراء علمى ضد تغير المناخ هو توفير المياه للمحاصيل، فاحتياجات النباتات المائية تزداد بنحو 30% أثناء زيادة درجات الحرارة.
وأوضح أنه للحصول على هذا القرض، فإن الفلاح يجب عليه الذهاب إلى الجمعية الزراعية بضمان حيازته، ويقدم طلب تحديث نظام الرى فى الزمام الخاص به، ولكن ذلك لن يتم إلا من خلال تبطين وزارة الرى للترع وتطوير المساقى والمراوى حتى مأخذ الغيط أولا، ثم قيام وزارة الزراعة بتصميم شبكة رى لكل أرض تكون مناسبة لها، وبعدها يذهب الفلاح للبنك للحصول على القرض.
وأضاف: بعد ذلك يدفع الفلاح الأموال للمقاولين أو الشركات التى ستنفذ شبكة الرى التى صممتها الوزارة، ثم تدريب المزارع على استخدام الشبكة للمحصول الذى ستتم زراعته فى أرضه، مشيرا إلى أن تحديث الرى فى الأراضى القديمة يزيد الإنتاجية أيا كان المحصول.
من جانبه، قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن التغيرات المناخية تؤثر على المحاصيل وخاصة فى مراحل الإزهار. وأضاف «أبو صدام» أن هذا التأثير ينتج عنه انتشار الأمراض الزراعية ونقص الإنتاجية، وبالتالى ارتفاع فى أسعار المحاصيل للمستهلك النهائى، قائلاً «أكبر دليل على هذا محصول المانجو هذا العام»، وأضاف قائلا: «مش موجودة وأسعارها غالية جدا».
وأوضح نقيب الفلاحين أن التغير المناخى فى الصيف وما يصاحبه من ارتفاع لدرجات الحرارة يؤثر سلبا على المساحة الكلية المخصصة للزراعة، لأنه كلما ارتفعت درجات الحرارة زاد احتياج الأرض إلى المياه، والتى تتأثر كمياتها هى الأخرى بالحرارة المرتفعة سواء بالبخر أو نقص كمياتها أساسا، فضلا عن زيادة احتياج الأرض إلى الأسمدة والمستلزمات الزراعية التى سترتفع أسعارها نتيجة الإقبال الكبير عليها، ما يؤدى فى النهاية إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك.
وأشار إلى أن هذا التغير يؤدى أيضاً إلى حرق الثمار ونضجها قبل موعدها، ولذلك يجب على وزارة الزراعة إصدار توصيات للفلاحين أكثر حداثة وتطورا، لأن ما تصدره الآن أصبح لا يجدى نفعا.
وللتغلب على هذه المشكلة، طالب أبو صدام الحكومة بضرورة تغيير طرق الزراعة والرى، والتوسع فى مشروعات الصوب الزراعية، وتحديث نظم الرى لتصبح بالتنقيط والرش بدلا من الغمر حاليا، إضافة إلى استنباط أصناف تتحمل درجات الحرارة العالية، واستيرادها من الخارج إذا لم تكن متوافرة فى مصر.
وأضاف: لابد من الرى فى أوقات الليل حتى الفجر أثناء ارتفاع درجات الحرارة والتسميد الجيد، إلى جانب الزراعة فى مواعيدها المحددة، وإصدار نشرة مناخية زراعية حتى
يعلم الفلاح ظروف الطقس ويأخذ احتياطاته».
تقارير دولية تحذر: 10٪ تراجعاً فى الناتج المحلى المصرى عام 2050
لأن تداعيات التغيرات المناخية لم تعد خافية على أحد، ولأن مواجهتها مبكرا يقلل من آثارها، استعدت الحكومة المصرية لمواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية فى رؤية مصر 2030، إضافة إلى قيام العديد من الوزارات ومنها وزارة الزراعة بإنشاء مراكز متخصصة لرصد التغيرات المناخية وآثارها واتخاذ التدابير والإجراءات للحد من الأخطار المترتبة على ذلك.
من جهته، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن التغير المناخى وخاصة ارتفاع درجة الحرارة يؤثر سلبا على إنتاجية أغلب المحاصيل، ولكن كل محصول حسب مقاومته لدرجة الحرارة.
وأضاف «صيام» أن القمح مثلاً قد تقل إنتاجيته بنسبة 18% والذرة 19% والأرز 11% عام 2050، ورأينا هذا العام تأثير التغير على محاصيل المانجو والزيتون، مشيرا إلى أن العامل الرئيسى فى التأثير السلبى هو أن درجة الحرارة تكون غير ملائمة لتوقيت زراعة المحصول، ولذلك من الممكن تأخير بدء الزراعة عن موعدها بفترة معينة بناء على أبحاث يتم إجراؤها، قائلا «يعنى القمح بيتزرع فى نوفمبر ممكن نؤخره أسبوعين بناء على أبحاث وهكذا مع باقى المحاصيل».
وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى أن من ضمن التأثيرات أيضاً زيادة أزمة المياه، لأن ارتفاع الحرارة يعنى زيادة الاحتياجات المائية للنبات، فالقمح مثلا يحتاج إلى 2000 متر مياه فى الظروف العادية للفدان، ولكن قد يحتاج بعد ذلك إلى 2200 متر.
على الجانب الآخر، هناك بعض المحاصيل لن تتأثر بالتغير المناخى مثل القطن، بل العكس سيزيد إنتاجه بنسبة 29% لأن القطن محصول صيفى لا يتأثر بارتفاع درجات الحرارة، هذا ما أكد عليه جمال صيام.
وأشار «صيام» إلى أن الصوب الزراعية تساعد فى التغلب على أزمة التغير المناخى، لأنها زراعة محمية تحجب كل المناخ الطبيعى «حرارة ورياح ورطوبة»، وبالتالى تحمينا من التغير ونتحكم بالكامل فى درجات الحرارة والرطوبة وكميات المياه، إضافة إلى أن الإنتاجية الخاصة بكل محصول تزيد، ولكنها تحتاج رأسمال ضخم لن يستطيع صغار الفلاحين تحمل تكلفته، إذ إن تكلفة الصوبة على مساحة فدان واحد تتراوح بين 800 ألف ومليون جنيه.
وحول تداعيات هذه الظاهرة، يؤكد الدكتور سرحان سليمان الباحث فى معهد بحوث الاقتصاد الزراعى – مركز البحوث الزراعية، والمشارك فى العديد من الأبحاث الدولية عن المناخ وتأثيره على مصر، أنه من المتوقع أن خسارة القاهرة من الإنتاج الزراعى تصل ل30 مليار جنيه بحلول عام 2030، ما يشكل تهديدًا على الأمن الغذائى فى البلاد خاصةً أن العديد من المحاصيل ستتأثر بهذه التغيرات، فضلًا عن زيادة انتشار الأوبئة والفيروسات خلال الخمس سنوات القادمة.
وقال «سليمان» إن سبب هذه الظاهرة هو ارتفاع نسبة انبعاث الغازات الدفيئة وأهمها غاز ثانى اكسيد الكربون، والمسئول عنها كل من الدول الصناعية المتقدمة والزراعة والتى تساهم بنحو 30٪ من الغازات، فأكثر من 40% من غاز الميثان يتأتى من انحلال المواد العضوية فى حقول الأرز المغمورة بالمياه، كما أن التوسع الزراعى مسئول عن 80% من انبعاثات أكسيد النترون الناجم عن تحلل الأسمدة.
وأشار إلى أن ما شهده العالم هذا العام من ارتفاع شديد فى درجات الحرارة، عجّل من وتيرة التنبؤات بزيادة من درجة إلى درجة ونصف مئوية خلال الثلاثين عامًا المقبلة، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة ستكون خلال الخمس سنوات المقبلة، وهو ما ينذز بمزيد من الكوارث والمخاطر البيئة والصحية.
وأضاف أن مصر من أكثر الدول تأثرًا بهذه التغيرات والتى كانت بدايتها فى عامى 2010 و2015 بعد ارتفاع درجات الحرارة عن معدلها الطبيعى، بعد أن تضررت بشدة عدة مزارع تتركز فى وادى النيل والدلتا، والمناطق الجديدة ما أدى إلى زيادة حادة فى الأسعار. كما تأثرت الإنتاجية الزراعية بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وقال «سليمان»: من المتوقع انخفاض متوسط نصيب الفرد من الموارد الزراعية فى مصر بنحو 7.3٪ بحلول عام 2030، بالمقارنة بنظيره فى عام 2011، وفقد ما بين نحو 12 إلى 15% من مساحة الأراضى الزراعية، أما الموارد المائية ستنخفض بنحو 17.88 مليار متر مكعب، بما يعادل نحو 20% من الموارد المائية المتاحة، علاوةً على ارتفاع منسوب سطح البحر مما يهدد بغرق العديد من المدن المصرية مثل الإسكندرية ودمياط وبلطيم وغيرها.
وفقا لدراسة أنجزتها شبكة البحوث لفيميز لقياس آثار تغير المناخ فى مصر فى عام 2050 فإن العواصف وموجات الحر والفيضانات سيكون لها تأثير مدمر على مصر، ويؤكد التقرير أنه إذا لم تتخذ أى إجراءات وقائية فإن التغير المناخى سيقلل من الناتج المحلى الإجمالى لمصر بنسبة تصل إلى 10٪ فى عام 2050.
خبراء: المواجهة ممكنة.. والبداية من البحث العلمى
خلال افتتاحه للمدينة الصناعية الغذائية «سايلو فودز» بمدينة السادات مؤخرا، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن درجات الحرارة المرتفعة تؤثر على المحاصيل الزراعية، ولذلك تسعى الدولة إلى إحداث توازن فى الأسعار، قائلا: «بنحاول نخلى الأسعار متوازنة».
أما السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، فقد قال خلال ورشة للتغيرات المناخية وتأثيراتها فى قطاعى الزراعة والمياه بالمنطقة العربية، أن العالم يواجه الآن عددا من التحديات المرتبطة بظاهرة التغيرات المناخية وانتشار التصحر والتى قد يكون بعضها بسبب الظروف البيئية الطبيعية، والبعض الآخر قد يكون بسبب التدخل البشرى ومن هنا يعتبر تغير المناخ من أخطر القضايا التى تؤثر فى التنمية المستدامة.
وأضاف «القصير» أنه يستوجب علينا جميعا ونحن نحاول رفع طموحاتنا فى التصدى لهذه الظاهرة مراعاة أهمية التوازن بين جهود خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحرارى والملوثة للمناخ، وبين جهود التكيف مع آثار المناخ وأهمية توفير وسائل وآليات التنفيذ من التكنولوجيات وبناء القدرات.
وأكد الوزير أن هناك ارتباطا وثيقا بين التغيرات المناخية وقطاع
الزراعة، حيث يؤثر تغير المناخ فيها من خلال العديد من المتغيرات مثل معدلات الحرارة وسقوط الأمطار وتوقيتها والتقلبات المناخية وموجات الحرارة والبرودة والتداخل ما بين الفصول ومعدلات تبخر المياه، لذلك أصبح من الضرورى اتخاذ إجراءات وتدابير وتنفيذ برامج تتماشى مع الآثار المتوقعة على إنتاجية ونوعية المحاصيل، وإحداث تغيير جذرى فى آلية إنتاج الغذاء وإدارة الأراضى وتعزيز التعاون بين جميع الدول للتخفيف من كل هذه الآثار السلبية ودعم الدول الأكثر احتياجا إلى التأقلم مع هذه التغيرات.
وشدد الوزير على أهمية دور البحث العلمى فى مجال استنباط أصناف جديدة قادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية، ونظم رى حديثة تعتمد على تقنيات صديقة للبيئة إضافة إلى إيجاد حلول عملية وواقعية.
وحول سبل تفادى التداعيات المناخية الخطيرة، أكد أن الزراعة الذكية أفضل حل للأزمة وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة والملوحة العالية والجفاف ويكون موسم نموها قصيرا لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها، بالإضافة إلى تغيير مواعيد الزراعة بما يلائم الظروف الجوية الجديدة، وكذلك زراعة محاصيل فى المناطق المناخية المناسبة لها مثل زراعة أصناف من القمح تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، إلى جانب التوسع فى زراعة المحاصيل الشتوية مثل العدس والفول.
كما اقترح تقليل مساحة المحاصيل المسرفة فى استهلاك المياه مثل الأرز وقصب السكر وزراعة محاصيل بديلة تعطى نفس الغرض مثل بنجر السكر، علاوةً على ضرورة إدارة المياه، ومكافحة التعرية، وحرث التربة لصيانتها، واستخدام نظم الرى الأكثر فاعلية وتوفير حماية أفضل للمناطق الساحلية والمزارع، من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ.
وأشار إلى ضرورة التوجه إلى الزراعة الذكية والدقيقة التى تعتمد على استخدام التقنيات الحديثة مثل الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية ونظم الذكاء الاصطناعى، وذلك بهدف رفع كفاءة الإدارة الزراعية للمحاصيل ابتداء من تجهيز الأرض وحتى عمليات الحصاد، مشيرًا إلى أن هذه التقنيات الحديثة تسهم فى عمليات مراقبة المحاصيل والتعرف على الآفات ونوعيتها.
يذكر أن مصر اتخذت خطوات جادة للتصدى للتغيرات المناخية، حسبما أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، من بينها إجراءات متنوعة على المستوى المؤسسى بإعادة هيكلة المجلس الوطنى للتغيرات المناخية الذى أصبح يرأسه رئيس مجلس الوزراء، أو على مستوى السياسات حيث يتم إعداد استراتيجية تغير المناخ حتى 2050، كما تم تحويل القطاع المصرفى المصرى ليواكب التطورات العالمية، بوضع شروط لتمويل المشروعات بحيث لا يتم تمويل أى مشروعات تزيد من حدة تغير المناخ.
يضاف إلى ذلك مبادرات تهدف للحد من آثار التغيرات المناخية ومنها المبادرة الرئاسية لتحويل المركبات للعمل بالوقود النظيف (الغاز الطبيعى، الكهرباء)، والأتوبيسات الكهربائية والنقل الجماعى، وتقوم بتنفيذ برنامج ضخم للطاقة المتجددة، ومن المستهدف أن تصل الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة إلى حوالى 42% بحلول عام 2035، علاوةً على تنفيذ إحدى أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية فى العالم بقدرة إجمالية تبلغ 1.5 جيجاوات.
مصر ال16 عالمياً فى قائمة الأكثر تضرراً من التقلبات الجوية
حرائق.. فيضانات.. وخسائر بالمليارات وضحايا بالملايين فى عدد من دول العالم بدءًا من سيبيريا شرقا إلى بوليفيا وولاية كاليفورنيا الأمريكية غربا، مرورا بالجزائر وتونس فى شمال أفريقيا، واليونان فى جنوب أوروبا.. هكذا حال العالم فى الأيام الأخيرة، وهذا الحال دفع البعض لوصف الصيف الحالى «بالأكثر قسوة على الإطلاق» منذ بدء تسجيل متوسط درجة حرارة الكوكب، أى قبل 142 عاما.
وأظهرت البيانات المسجلة عن وكالة فيدرالية أمريكية معنية بمراقبة الغلاف الجوى والمحيطات أن متوسط درجة الحرارة زاد بنحو 0.93 درجة مئوية، عن متوسط درجة الحرارة فى القرن العشرين وهو 15.8 درجة مئوية.
هذه الأرقام بقدر ما أرعبت العالم من سرعة وتيرة التغيرات المناخية وتأثيرها الكارثى، إلا أنها أوجدت نوعًا من الجدل بين علماء البيئة والمناخ، حسبما أكد ل«الوفد» الرئيس محمد عيسى الرئيس السابق للأرصاد الجوية، أن علماء البيئة رأوا التغيرات المناخية وارتفاع الحرارة هذا العام أمرا طبيعيا وليس نتيجة النشاط البشرى.
وأضاف أن قوة الاحتباس الحرارى ليست فقط المؤثرة على درجة حرارة العالم بل توجد قوى عديدة مثل الإشعاع الشمسى وتغيره من عام لآخر وكذلك قوى التيارات البحرية والبراكين وشكل اليابس، مشيرًا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى ترتفع فيها درجات الحرارة بهذا الشكل ففى عام 1878 شهد العالم ارتفاعا شديدا فى درجات الحرارة.
لكن علماء المناخ يرفضون وصف التغير بالطبيعى بحسب ما أشار «عيسى»، مُرجعين السبب للعامل البشرى والتطور الصناعى والتكنولوجى الذى أدى إلى زيادة الغازات الدفيئة وعلى رأسها ثانى أكسيد الكربون والتى لها دور فى تأخر خروج الإشعاعات تحت الحمراء من الغلاف الجوى وارتدادها مرة اخرى ما يؤدى إلى رفع درجة حرارة طبقات الغلاف الجوى السفلى وسطح الأرض.
وتشير تقارير دولية إلى أن هناك مجموعة من المخاطر ستترتب على استمرار التغيرات المناخية على شتى بلدان العالم، وقال معهد الاقتصاد الألمانى إن التغيرات المناخية تسببت فى الثلاثين عاما الأخيرة فى خسائر اقتصادية فادحة، ويقدر خبراء الاقتصاد أن خسائر شركات التأمين بسبب الكوارث الطبيعية السنوية المحتملة على المدى القريب بحوالى 115 مليار دولار، منها 65 مليارا الخسائر الأمريكية و35 مليار دولار خسائر أوروبا وحوالى 15 مليار خسائر اليابان.
وكشف تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية أن ظاهرة تغير المناخ وإفرازاتها الجانبية سوف تفرض أوضاعا خطيرة على الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى بعد وقوع أكثر من 400 مليون نسمة تحت ظروف معيشية متدهورة بسبب الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة عدد السكان، وتردى النشاط الاقتصادى، مما يتسبب فى ظهور وبروز مشكلات متعددة فى أغلب قارات العالم خلال الفترة ما بين (2010-2030).
كما يشير التقرير الصادر عن البنك الدولى فى 7 فبراير 2007 إلى أن كل ارتفاع إضافى لمنسوب مياه البحر قدره 39 بوصة سيؤدى إلى الكثير من الأضرار العالم وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن الضرر الأعظم سيكون من نصيب بعض الدول مثل مصر، وفيتنام.
ويؤكد التقرير ذاته أن ذلك سيؤدى إلى تحويل 56 مليون شخص على الأقل فى 84 دولة نامية إلى لاجئين، بجانب تضرر نحو 30% من البنية الساحلية فى أفريقيا، وهو ما سيؤثر مباشرة على صناعة السياحة، بالإضافة إلى تأثر الناتج المحلى الإجمالى للقارة الأفريقية بنسبة 2.38%، وسيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص.
بعيدًا عن السجال حول المتسبب فى ارتفاع درجات الحرارة هذا العام لمستوى غير مسبوق، إلا أنه هناك أُمنية عالمية ومصرية – أيضاً- بأن ينتهى هذا الصيف الحار فى أسرع وقت، وبخاصة أن موجة الحر وصلت لذروتها فى الأيام الأخيرة، وهو ما أرجعه وحيد سعودى المتحدث الرسمى باسم هيئة الأرصاد الجوية فى تصريحات ل«الوفد»، إلى عدة عوامل أبرزها تأثير منخفض الهند الموسمى على معظم محافظات مصر، نتج عنه ارتفاع قياسى فى درجات الحرارة، وارتفاع فى نسبة الرطوبة، مما أدى إلى الشعور بارتفاع درجات الحرارة على مدار اليوم سواء فى فترات النهار أو الليل.
ونفى «سعودى» صحة ما تردد حول قدوم الشتاء مبكرًا هذا العام، مشيرًا إلى أن فصل الشتاء سيبدأ فعليا فى 22 ديسمبر القادم.
وأكد «سعودى» أنه لا صحة لما تدواله البعض بخصوص أن التغير المناخى قد يُحدث فيضانات فى مصر، مشيرًا إلى أنه الفيضانات المتوقع حدوثها سببها زيادة فى وارد مياه النيل الأزرق نتيجة لهطول أمطار غزيرة على الهضبة الإثيوبية.
فى نفس السياق، أكدت تقارير المنظمات الدولية أن مصر ستكون من أكثر الدول تضررًا من التغيرات المناخية، وأن الأضرار يمكن أن تصل إلى غرق أكثر من ثلث دلتا النيل نتيجة ذوبان جليد القطبين الشمإلى والجنوبى ونحر مياه البحر الأبيض والمتوسط للشواطئ، وفى حالة حدوث هذا السيناريو الكارثى سيتعين على مصر تهجير عدد يتراوح بين 15 و20 مليون نسمة، كما سيتعين عليها مواجهة تبعات فقد أكثر من 15% من أخصب أراضيها ومنتجاتها الزراعية.
من جانبه أشار الدكتور مجدى علام، منسق برنامج تغير المناخ بوزارة الزراعة، إلى أن مصر تحتل المرتبة رقم 16 عالميًا للدول الأكثر تأثرًا بمخاطر التغيرات المناخية، والأولى عربيًا والثالثة أفريقيًا فى الدول المتأثرة بظاهرة التغيرات المناخية، موضحًا أن مصر تتعرض لانقلاب مناخى واختفاء فصول مناخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.