«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التغيرات المناخية» تغير شكل المستقبل فى مصر..
التقلبات المناخية الأخيرة أحدثت خسائر كبيرة وأرقاما صادمة لفلاحى الدلتا
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 07 - 2018

► د. محمد الراعى: مصر تقع فى المرتبة 20 فى التأثر بالتغيرات المناخية.. وفى المرتبة 100 فى تكيفها معها
► مدير مركز معلومات المناخ: قطاع الزراعة الأكثر تضررا لأنه الأكثر هشاشة وضعفا
► تعدد الحيازات الزراعية وكثرتها يُصَعِّب تنفيذ توصيات الحد من آثار التقلبات المناخية
► لدينا لجان ومراكز فى كل الوزارات والهيئات .. والنتيجة على الأرض لا شىء حتى الآن

منذ أكثر من 25 عاما، حين عُقدت أهم قمة للمناخ فى ريو دى جانيرو عام 1992وأعلن العالم، للمرة الأولي، التزامه تجاه الحد من الانبعاثات الغازية لمستويات يمكن السيطرة عليها، ولا تسبب أضرارا لعملية إنتاج الغذاء، ونحن نتحدث عن تأثير التغيرات المناخية على مصر وغرق الإسكندرية والدلتا، واختفاء محاصيل زراعية وتأثر أخري، بسبب التقلبات المناخية الناتجة عن هذه التغيرات.
بعد هذه القمة بسنتين تحديدا شهدت مصر أعنف موجة من السيول، حيث هطلت الأمطار بشكل غير مسبوق، خاصة فى الصعيد، وكان أكبر ضحاياها غرق قرية درنكة بأسيوط، وموت المئات يومها، وأصيبت الحياة فى بعض مناطق مصر بالشلل التام.
كما تسببت الصواعق فى اشتعال العديد من الحرائق، وبلغ عدد المبانى المنهارة والمتصدعة فى أسيوط والمنيا فقط نحو 6000 مبني، كما دمرت السيول آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية، ومن وقتها أصبحت السيول ضيفا دائما على مصر يتكرر كثيرا، ولم يكن ما حدث فى التجمع الخامس سوى استمرار لهذه التغيرات، التى لن تتركنا « فى حالنا» قبل أن يكون لها ضحايا كثر، من ندرة ماء، وأمطار، وحرارة مرتفعة فى غير أوقاتها، ومحاصيل زراعية تتلف، وطرق تنهار، ما لم نستطع التكيف مع هذه التغيرات ونواجهها بمزيد من الخطط الاستباقية لها.
قبل حضور الرئيس السيسى قمة التغيرات المناخية فى باريس، نوفمبر/ ديسمبر عام 2015 أصدر رئيس مجلس الوزراء وقتها المهندس إبراهيم محلب قرارا حمل رقم 1912 لسنة 2015 بتشكيل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية برئاسة وزير البيئة وعضوية ممثلى معظم الوزارات والهيئات المعنية بالتغيرات المناخية، وذلك من أجل العمل على صياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ، ورسم الخطط الوطنية الخاصة به مع إدراج مخصصات مالية سنوية متزايدة تدريجيا فى الموازنة العامة للدولة داخل كل وزارة معنية لمشروعات التكيف مع آثار تغير المناخ وكذلك التخفيف من الانبعاثات.( لم يتم إدراج أى مخصصات مالية خاصة بالتغيرات المناخية فى أى موازنة حتى الآن، بحسب رئيس لجنة الخطة والموازنة، د. حسين عيسي).
وقبل قمة باريس وبعدها تبارت الوزارات والهيئات والمراكز البحثية فى إنشاء لجنة ومركز خاص بالتغيرات المناخية وجمع المعلومات ورسم الخطط وغيرها، والنتيجة أننا أصبح لدينا خبراء فى مجال التغيرات المناخية ولدينا خبرات عديدة، بينما النتيجة على الأرض « لا شيء» والدليل المحاصيل الزراعية التى تنهار فى محافظات مصر، والسيول التى تضرب المحافظات وتجتاح معها المبانى والبشر.
بلا نتيجة
د. محمد الراعى مدير مركز التغيرات المناخية والحد من المخاطر - بجامعة الإسكندرية قال إن مصر لم تأخذ فى الاعتبار التخطيط الاستباقى للتغيرات المناخية، وانتبهت مؤخرا لذلك فى رؤيتها 2030، فقام مجلس الوزراء بإنشاء اللجنة الوطنية للحد من مخاطر الكوارث بمركز معلومات مجلس الوزراء، و أنشأت وزارة الموارد المائية مركزا للتنبؤ بالأرصاد الجوية والتغيرات المناخية، كما أنشأت وزارة الزراعة مركزا لمعلومات تغير المناخ، وأنشأت أكاديمية البحث العلمى والعلوم والتكنولوجيا لجنة للتغيرات المناخية، ووزارة البيئة أنشأت معهدا للتغيرات المناخية، ومعهد الدراسات العليا والبحوث بجامعة الإسكندرية أنشأ مركزين: واحدا للتغيرات المناخية والثانى للاستشعار عن بعد والحد من المخاطر، المركز القومى للبحوث يبحث إنشاء شعبة عن تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة، معهد الدراسات الإفريقية يقوم بدراسة تأثير التغيرات المناخية فى إفريقيا، وكذلك الأكاديمية العربية للنقل البحرى مع هيئة الأرصاد الجوية أنشأتا مركزا للتغيرات المناخية.
والنتيجة أننا نحاول وقف تأثير التغيرات المناخية، ولدينا خبرات وخبراء قادرون على التعامل مع هذه التغيرات، وقمنا بوضع قانون للمشروعات يأخذ فى الاعتبار التغيرات المناخية، لكننا مؤخرا ومؤخرا جدا بدأنا نستوعب حجم تأثير التغيرات المناخية، ففى كل شارع تجد مركزا أو لجنة للتغيرات، لكن النتيجة على الأرض ضعيفة جدا.
وأضاف أن نقص الإنتاج الزراعى بسبب هذه التغيرات سوف يصل إلى نحو 15% فى كل المحاصيل الزراعية عدا القطن، واختفاء بعض أنواع المحاصيل، خصوصا الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية مثل الذرة والقمح والأرز، كما أن التأثير على مصادر المياه كبير جدا، فالمساحة التى ستغمرها المياه فى دلتا النيل تقدر ب 1.4 مليون فدان وهو ما يمثل 25% من الأراضى الزراعية فى مصر التى تبلغ مساحتها 6 ملايين فدان
ورأى د. الراعى أن وزارتى الزراعة والرى هما أكثر وزارتين معرفة بتأثيرات التغيرات المناخية على الزراعة والري، لكن لم تقوما بمجابهة هذه التغيرات والتكيف مع هذه التأثيرات بما يكفى وإن كانت الرى هى الأكثر اهتماما بحماية الشواطيء ، فبدأت وزارة الرى والموارد المائية مشروعا كبيرا للمناطق الساحلية بمصر قامت به وزارة الموارد المائية والرى من خلال بناء حواجز أمواج ودفاعات ساحلية.
المركز ال20.
وأشار إلى أن مصر تحضر قمم المناخ منذ اتفاقية كيوتو 1992 وتأخذ توصيات مطلوب العمل عليها، لكننا لم نستطع تنفيذ هذه التوصيات، حيث تقع مصر فى المرتبة ال 20 فى تأثرها بهذه التغيرات المناخية وهذا مركز متقدم جدا، بينما تقع فى المرتبة ال 100 فى تكيفها مع هذه التأثيرات، وفى تنفيذ التوصيات من خلال منح خارجية توضع فى خطط التكيف مع المناخ.
وتساءل الراعي: هل لدينا إمكانات متوافقة ومتوافرة لمواجهة السيول والاستفادة منها، فخلال السنوات القادمة سوف نشهد ارتفاعا فى درجات الحرارة ونقصا فى معدلات سقوط الأمطار، وليس أمامنا سوى تعويض هذا النقص من مياه السيول، فوفقاً لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغت التقديرات الكمية لغازات الاحتباس الحرارى فى مصر 197 مليون طن عام 2013 وزادت إلى 197.1 مليون طن عام 2014 وهى تمثل 0.56% من إجمالى انبعاثات العالم فى نفس العام، ويعتبر قطاع الكهرباء المصدر الرئيسى لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث بلغت نسبته 40.8% من إجمالى الانبعاثات، يليه قطاع النقل بنسبة 17.6% ثم قطاع الصناعة بنسبة 16.7%، وتقع علينا تأثيرات تصل إلى 15% ولا يزال تعاملنا مع الاعتبارات المناخية ضعيفا للغاية.

الأكثر هشاشة
المدير التنفيذى لمركز معلومات تغير المناخ، الدكتور محمد فهيم، قال: إن مصر لها وضع خاص فيما يتعلق بالتغيرات المناخية، فالموقع الجغرافى للأسف يؤهلها لأن تكون أكثر المناطق تأثرا بتغّير المناخ، فالكل يتحدث عن زيادة درجة الحرارة بمعدل يتراوح من درجة إلى درجة ونصف خلال عشرين عاما، وعليه ينتظر الجميع ذلك، لكن لا يعلم أحد أننا بدأنا بالفعل فى التأثر بهذا الارتفاع الآن، حيث سنشهد تقلبات جوية حادة فى توقيتات لم تعهد المنطقة وجودها، على سبيل المثال، نشهد موجة حارة فى فبراير وأمطارا فى مايو، وهذه التقلبات هى مظهر من مظاهر تغيّر المناخ، ولذلك فإننا حتى نصل إلى زيادة من درجة إلى درجة ونصف زيادة فى درجات الحرارة، سوف نعيش هذه التقلبات دائما، وتأثيراتها على الزراعة والماء والجو والبحر وغيرها فى كل مناحى الحياة.
فمصر التى كانت تتميز بمناخ معتدل، حار جاف صيفا، ممطر معتدل شتاء، لن يبقى كذلك، حيث كان المناخ معتدلا، وسببا فى جذب السيّاح إلى مصر، فسيكون الصيف شديد الحرارة، والشتاء متقلبا من شديد البرودة إلى شديد الحرارة، إلى وجود عواصف ورعد وبرق وغيرها.
وأضاف د. فهيم: يبقى أن أهم قطاع سوف يتأثر بهذه التغيّرات هو قطاع الزراعة، كونه الأكثر ضعفا وهشاشة فى سلسلة الأنشطة الاقتصادية فى مصر، فالمنظومة الزراعية لدينا فقيرة ومعقدة ومتشابكة، وبنيتها التحتية ضعيفة جدا، والتكنولوجيا المستخدمة قديمة جدا وبدائية، يقابلها إنفاق ضعيف وميزانية محدودة لا تلبى التطور المطلوب لمواجهة هذه التغيرات والتقلبات، والنتيجة أن القطاع سيزداد هشاشة وضعفا، وسيتأثر كثيرا بالتغيرات سواء الموجودة الآن أو القادمة، حيث لم يسع بشكل كبير للحد من هذه التأثيرات، فأهم المشكلات التى تواجه الزراعة، وإن كانت بشكل غير مباشر، هى مشكلة الحيازات الزراعية الكبيرة جدا، والمتناثرة جدا، والصغيرة جدا، وهذه من أهم أسباب ضعف هذا القطاع، وهو ما يُصَعِّب من تنفيذ توصيات الحد من تأثر التغيّرات المناخية، وتعطيل السياسات الزراعية المستقبلية، أضف إلى ذلك أن أراضى الدلتا، لأنها فى معظمها فقيرة، سواء القديمة أو الجديدة، وسواء طينية أو رملية، سوف يحتاج الفلاح لشراء كميات كبيرة من السماد الآزوتى لعلاج التربة، وبسبب التقلبات المناخية الأخيرة حدثت خسائر كبيرة وأرقام صادمة جدا للفلاح فى الدلتا، وهناك نقص كبير فى الإنتاجية لمعظم المحاصيل الزراعية وصل فى بعضها إلى 50% مثلما حدث فى محصول المانجو على سبيل المثال.
الخريطة الغائبة
لا تتوقف مشكلة الزراعة عند تلف بعض المحاصيل بل تمتد كما يشير د. فهيم - مشكلة إمدادات المياه، فنحن نتبع نظام الرى بالغمر فى أكثر من 85 % من زراعتنا، وهذا الأسلوب كفاءة الاستخدام فيه لا تتجاوز ال 50%، وهذا الفقد لا نستفيد منه كثيرا، وكان من المفترض أن يتم رسم خريطة مناخية زراعية لمصر تراعى التوزيع المناخى من حرارة ورطوبة وأمطار ورياح وكل من له تأثير مباشر على نمو وإيجابية النبات. هذه الخريطة تكون مطروحة الآن ومستقبلا ومعها خريطة التراكيب المحصولية، بناء على احتياجاتها من المناخ أو مدى تحملها للتقلبات الجوية، ولكن للأسف لم يتم رسم هذه الخريطة، أو تم رسمها ولم يتم تنفيذها، فنحن لا نعلم على وجه التحديد ما الذى تم؟.
ويشير إلى أننا سوف نواجه صيفا شديد الحرارة، سوف يتسبب فى زيادة استهلاك المياه من 20 إلى 30 % عما هو معتاد، وسوف يزداد الأمر فى السنوات المقبلة، معنى ذلك أننا أمام تحد كبير فى زيادة الاستهلاك، فى ظل معاناة كبيرة جدا فى استخدام المياه فى الزراعة، خاصة فى فصل الصيف، وقرار وزارة الرى بتقليل مساحات الزراعات الشرهة للمياه، يصب فى هذا الاتجاه، ولكن كان لابد من اتخاذ هذا القرار بشكل تدريجى ووفق منهجية علمية، لأنه قرار صادم، وضد مصالح المزارعين، وسوف يكون له آثار جانبية كبيرة، وسيتسبب فى ارتفاع كبير فى أسعار هذه المحاصيل خاصة محصول الأرز، حيث إن هذا المحصول هو المحصول المربح الوحيد، فهل تم إجراء دراسات جدية قبل تقليل هذه المساحات وأثرها، وتأثير مساحات الزراعات الشرهة للمياه له تأثير مباشر على المزارع السمكية الموجودة فى الدلتا، حيث إن هذه المزارع تعتمد على مياه الصرف من هذه الزراعات.
المزارع السمكية
وأضاف أنه بالنسبة إلى مزارع الاستزراع السمكى فالمتوقع أن تكون الأكثر تأثراً هذا العام، بسبب تغير المناخ وما يتخلله من تقلبات جوية حادة، فبالنسبة للمزارع السمكية (والتى ينتج عنها نحو مليون و300 ألف طن سنوياً ما يعادل بين 85 90% من الإنتاج السمكي، فزيادة الحرارة سوف تؤدى إلى زيادة نشاط الميكروبات المحبة للحرارة مما يؤدى لزيادة احتمالية حدوث أمراض، فضلاً عن ازدهار الطحالب وما ينتج عنها من أضرار، إضافة إلى النقص المتوقع فى مياه الصرف الزراعى الناتجة عن تقليص مساحات زراعة الأرز هذا العام سوف تؤدى إلى مشكلة كبيرة، حيث إن رصيد المياه فى المصارف الزراعية التى تغذى مساحات المزارع السمكية سوف ينخفض بدرجة كبيرة فى خلال أشهر قليلة من الآن (يوليو وأغسطس وسبتمبر) جراء تخفيض مساحات الأرز الأمر الذى يؤدى الى اضطرار أصحاب المزارع إلى إعادة استخدام نفس المياه الناتجة عن صرف المزارع السمكية والتى قد تنقل الكثير من العدوى بالأمراض.
وطالب د. فهيم باستثمار طاقات الباحثين، وإعادة رسم السياسة البحثية فى مصر، وأن تكون التغيرات المناخية موضع الجد فى كل أى مشروع يتم تنفيذه فى مصر سواء زراعة أو اسكانا أو طرقا والمناطق التى تتعرض للتقلبات الجوية إلخ.
تغيرات حتمية
د. سامح فاروق مكرم استشارى شئون البيئة والمنشآت والموارد المائية رأى أن التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية عن تغيّر المناخ كبيرة ومعروفة منذ سنوات طويلة، حيث تحولت الدورة المناخية، وأصبحت التغيرات حتمية، حيث تمت ملاحظة هذه التغيرات فى درجة حرارة الغلاف الجوي، والمحيط، ورقعة الجليد البحري، و خلال السنوات المقبلة سوف نشهد سقوط أمطار فى أماكن وأوقات لم تكن معروفة من قبل، فأجواء الجزيرة العربية بحرارتها المرتفعة وأمطارها فى غير أوقاتها سوف تحدث فى مصر، وبالتالى تتغير البيئة الزراعية، وسوف تتأثر كل المحاصيل الزراعية، وقد لا نستطيع زراعة محاصيل بعينها طبقا لأحوال الجو.
وأضاف: بالرغم من أننا نمتلك خبرات لا حصر لها فى كل المجالات من الزراعة والصحة والري، فإننا لا نحسن التوظيف، والمفترض تنفيذ توصيات قمم المناخ بشكل دوري، فما حدث فى التجمع الخامس وقطاعات أخرى مثل سيناء وطريق السخنة وغيرها، سيكون أعنف وأعنف خلال السنوات المقبلة، وستقترب الكوارث الطبيعية من مناطق جديدة أخرى وتحدث نفس التأثير وأكثر، واللوم هنا يقع على المتخصصين والخبرات الموجودة فى مصر، فهم يعلمون أن هناك تغيّرات مناخية، وكان الواجب المراقبة والتجهيز لهذه التغيّرات، وقد قامت وزارة الرى بإنشاء مخرّات للسيول تحسبا فى المحافظات الحدودية، للاستفادة من مياه الأمطار والسيول، ونحن فى حاجة إلى استخدام مياه هذه الأمطار التى تهطل فى المحافظات الأخري، فلا توجد دولة تهدر مياهها مثل مصر، وبما أن السيول اقتربت من القاهرة وقريبا فى الدلتا، فبدلا من إنفاق مبالغ خيالية على البنية التحتية، من الممكن إنشاء طرق صرف فرعية، من خلال مواسير على عمق معين تستقبل هذه المياه، وصرفها فى البيارات أو تنكات أو أحواض زراعية، وهى عملية سهلة، ولا تحتاج تغييرا فى البنية التحتية، بحيث استفيد منها، وأتجنب فى نفس الوقت انهيار الطرق والمبانى وغيرها.
تسرب مياه البحر
وبالنسبة للشواطيء قال إن هناك نحرا يحدث لكل شواطيء مصر، أهمها الإسكندرية والعريش، وأحد أسباب انهيار العمارات فى الإسكندرية يرجع إلى تسرب مياه البحر إلى التربة، وهناك كارثة ترتبط بنقص الموارد المائية فى مصر، والتأثير الأكبر على المزارعين فى الدلتا، وقد تحدث هجرة كبيرة لهؤلاء المزارعين، وهناك كارثة فى الطريق، ولابد من البحث عن حلول واستنباط اصناف تتحمل هذه التغيرات مثل الارز المقاوم للجفاف، وقد بدأنا زراعته منذ ثلاث سنوات، ونجح نجاحا باهرا، لكننا لم نستثمر هذا النجاح بالشكل المطلوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.