رئيس جامعة أسيوط يفتتح المعرض والحفل السنوي للأقسام العلمية بكلية التربية النوعية    البنوك تحقق أرباحا بقيمة 152.7 مليار جنيه خلال 3 أشهر    في أول هجوم نهارا.. إسرائيل تعلن إطلاق إيران صواريخ نحوها وتفعيل حالة التأهب في عدة مناطق    كريم رمزي: مروان عطية نجح في ايقاف خطورة ميسي    توقعات بتأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد العالمية بسبب الضربات الإسرائيلية الإيرانية    محافظ المنيا عن امتحانات الثانوية العامة: اليوم الأول مر بلا شكاوى    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية Nile TV    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بسبب وفاة شقيقها: الله يرحمك يا روحي    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تجديد تعيين جيهان رمضان مديرا عاما للحسابات والموازنة بجامعة بنها    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    المصرف المتحد الأفضل للحلول الاستثمارية في مصر خلال 2025    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    فيلم "شرق 12" يشارك في الدورة الثامنة من أيام القاهرة السينمائية    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    بالأرقام.. كل ما قدمه أحمد زيزو في أول ظهور رسمي له بقميص الأهلي في مونديال الأندية    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التغيرات المناخية» تغير شكل المستقبل فى مصر..
التقلبات المناخية الأخيرة أحدثت خسائر كبيرة وأرقاما صادمة لفلاحى الدلتا
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 07 - 2018

► د. محمد الراعى: مصر تقع فى المرتبة 20 فى التأثر بالتغيرات المناخية.. وفى المرتبة 100 فى تكيفها معها
► مدير مركز معلومات المناخ: قطاع الزراعة الأكثر تضررا لأنه الأكثر هشاشة وضعفا
► تعدد الحيازات الزراعية وكثرتها يُصَعِّب تنفيذ توصيات الحد من آثار التقلبات المناخية
► لدينا لجان ومراكز فى كل الوزارات والهيئات .. والنتيجة على الأرض لا شىء حتى الآن

منذ أكثر من 25 عاما، حين عُقدت أهم قمة للمناخ فى ريو دى جانيرو عام 1992وأعلن العالم، للمرة الأولي، التزامه تجاه الحد من الانبعاثات الغازية لمستويات يمكن السيطرة عليها، ولا تسبب أضرارا لعملية إنتاج الغذاء، ونحن نتحدث عن تأثير التغيرات المناخية على مصر وغرق الإسكندرية والدلتا، واختفاء محاصيل زراعية وتأثر أخري، بسبب التقلبات المناخية الناتجة عن هذه التغيرات.
بعد هذه القمة بسنتين تحديدا شهدت مصر أعنف موجة من السيول، حيث هطلت الأمطار بشكل غير مسبوق، خاصة فى الصعيد، وكان أكبر ضحاياها غرق قرية درنكة بأسيوط، وموت المئات يومها، وأصيبت الحياة فى بعض مناطق مصر بالشلل التام.
كما تسببت الصواعق فى اشتعال العديد من الحرائق، وبلغ عدد المبانى المنهارة والمتصدعة فى أسيوط والمنيا فقط نحو 6000 مبني، كما دمرت السيول آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية، ومن وقتها أصبحت السيول ضيفا دائما على مصر يتكرر كثيرا، ولم يكن ما حدث فى التجمع الخامس سوى استمرار لهذه التغيرات، التى لن تتركنا « فى حالنا» قبل أن يكون لها ضحايا كثر، من ندرة ماء، وأمطار، وحرارة مرتفعة فى غير أوقاتها، ومحاصيل زراعية تتلف، وطرق تنهار، ما لم نستطع التكيف مع هذه التغيرات ونواجهها بمزيد من الخطط الاستباقية لها.
قبل حضور الرئيس السيسى قمة التغيرات المناخية فى باريس، نوفمبر/ ديسمبر عام 2015 أصدر رئيس مجلس الوزراء وقتها المهندس إبراهيم محلب قرارا حمل رقم 1912 لسنة 2015 بتشكيل المجلس الوطنى للتغيرات المناخية برئاسة وزير البيئة وعضوية ممثلى معظم الوزارات والهيئات المعنية بالتغيرات المناخية، وذلك من أجل العمل على صياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ، ورسم الخطط الوطنية الخاصة به مع إدراج مخصصات مالية سنوية متزايدة تدريجيا فى الموازنة العامة للدولة داخل كل وزارة معنية لمشروعات التكيف مع آثار تغير المناخ وكذلك التخفيف من الانبعاثات.( لم يتم إدراج أى مخصصات مالية خاصة بالتغيرات المناخية فى أى موازنة حتى الآن، بحسب رئيس لجنة الخطة والموازنة، د. حسين عيسي).
وقبل قمة باريس وبعدها تبارت الوزارات والهيئات والمراكز البحثية فى إنشاء لجنة ومركز خاص بالتغيرات المناخية وجمع المعلومات ورسم الخطط وغيرها، والنتيجة أننا أصبح لدينا خبراء فى مجال التغيرات المناخية ولدينا خبرات عديدة، بينما النتيجة على الأرض « لا شيء» والدليل المحاصيل الزراعية التى تنهار فى محافظات مصر، والسيول التى تضرب المحافظات وتجتاح معها المبانى والبشر.
بلا نتيجة
د. محمد الراعى مدير مركز التغيرات المناخية والحد من المخاطر - بجامعة الإسكندرية قال إن مصر لم تأخذ فى الاعتبار التخطيط الاستباقى للتغيرات المناخية، وانتبهت مؤخرا لذلك فى رؤيتها 2030، فقام مجلس الوزراء بإنشاء اللجنة الوطنية للحد من مخاطر الكوارث بمركز معلومات مجلس الوزراء، و أنشأت وزارة الموارد المائية مركزا للتنبؤ بالأرصاد الجوية والتغيرات المناخية، كما أنشأت وزارة الزراعة مركزا لمعلومات تغير المناخ، وأنشأت أكاديمية البحث العلمى والعلوم والتكنولوجيا لجنة للتغيرات المناخية، ووزارة البيئة أنشأت معهدا للتغيرات المناخية، ومعهد الدراسات العليا والبحوث بجامعة الإسكندرية أنشأ مركزين: واحدا للتغيرات المناخية والثانى للاستشعار عن بعد والحد من المخاطر، المركز القومى للبحوث يبحث إنشاء شعبة عن تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة، معهد الدراسات الإفريقية يقوم بدراسة تأثير التغيرات المناخية فى إفريقيا، وكذلك الأكاديمية العربية للنقل البحرى مع هيئة الأرصاد الجوية أنشأتا مركزا للتغيرات المناخية.
والنتيجة أننا نحاول وقف تأثير التغيرات المناخية، ولدينا خبرات وخبراء قادرون على التعامل مع هذه التغيرات، وقمنا بوضع قانون للمشروعات يأخذ فى الاعتبار التغيرات المناخية، لكننا مؤخرا ومؤخرا جدا بدأنا نستوعب حجم تأثير التغيرات المناخية، ففى كل شارع تجد مركزا أو لجنة للتغيرات، لكن النتيجة على الأرض ضعيفة جدا.
وأضاف أن نقص الإنتاج الزراعى بسبب هذه التغيرات سوف يصل إلى نحو 15% فى كل المحاصيل الزراعية عدا القطن، واختفاء بعض أنواع المحاصيل، خصوصا الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية مثل الذرة والقمح والأرز، كما أن التأثير على مصادر المياه كبير جدا، فالمساحة التى ستغمرها المياه فى دلتا النيل تقدر ب 1.4 مليون فدان وهو ما يمثل 25% من الأراضى الزراعية فى مصر التى تبلغ مساحتها 6 ملايين فدان
ورأى د. الراعى أن وزارتى الزراعة والرى هما أكثر وزارتين معرفة بتأثيرات التغيرات المناخية على الزراعة والري، لكن لم تقوما بمجابهة هذه التغيرات والتكيف مع هذه التأثيرات بما يكفى وإن كانت الرى هى الأكثر اهتماما بحماية الشواطيء ، فبدأت وزارة الرى والموارد المائية مشروعا كبيرا للمناطق الساحلية بمصر قامت به وزارة الموارد المائية والرى من خلال بناء حواجز أمواج ودفاعات ساحلية.
المركز ال20.
وأشار إلى أن مصر تحضر قمم المناخ منذ اتفاقية كيوتو 1992 وتأخذ توصيات مطلوب العمل عليها، لكننا لم نستطع تنفيذ هذه التوصيات، حيث تقع مصر فى المرتبة ال 20 فى تأثرها بهذه التغيرات المناخية وهذا مركز متقدم جدا، بينما تقع فى المرتبة ال 100 فى تكيفها مع هذه التأثيرات، وفى تنفيذ التوصيات من خلال منح خارجية توضع فى خطط التكيف مع المناخ.
وتساءل الراعي: هل لدينا إمكانات متوافقة ومتوافرة لمواجهة السيول والاستفادة منها، فخلال السنوات القادمة سوف نشهد ارتفاعا فى درجات الحرارة ونقصا فى معدلات سقوط الأمطار، وليس أمامنا سوى تعويض هذا النقص من مياه السيول، فوفقاً لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد بلغت التقديرات الكمية لغازات الاحتباس الحرارى فى مصر 197 مليون طن عام 2013 وزادت إلى 197.1 مليون طن عام 2014 وهى تمثل 0.56% من إجمالى انبعاثات العالم فى نفس العام، ويعتبر قطاع الكهرباء المصدر الرئيسى لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث بلغت نسبته 40.8% من إجمالى الانبعاثات، يليه قطاع النقل بنسبة 17.6% ثم قطاع الصناعة بنسبة 16.7%، وتقع علينا تأثيرات تصل إلى 15% ولا يزال تعاملنا مع الاعتبارات المناخية ضعيفا للغاية.

الأكثر هشاشة
المدير التنفيذى لمركز معلومات تغير المناخ، الدكتور محمد فهيم، قال: إن مصر لها وضع خاص فيما يتعلق بالتغيرات المناخية، فالموقع الجغرافى للأسف يؤهلها لأن تكون أكثر المناطق تأثرا بتغّير المناخ، فالكل يتحدث عن زيادة درجة الحرارة بمعدل يتراوح من درجة إلى درجة ونصف خلال عشرين عاما، وعليه ينتظر الجميع ذلك، لكن لا يعلم أحد أننا بدأنا بالفعل فى التأثر بهذا الارتفاع الآن، حيث سنشهد تقلبات جوية حادة فى توقيتات لم تعهد المنطقة وجودها، على سبيل المثال، نشهد موجة حارة فى فبراير وأمطارا فى مايو، وهذه التقلبات هى مظهر من مظاهر تغيّر المناخ، ولذلك فإننا حتى نصل إلى زيادة من درجة إلى درجة ونصف زيادة فى درجات الحرارة، سوف نعيش هذه التقلبات دائما، وتأثيراتها على الزراعة والماء والجو والبحر وغيرها فى كل مناحى الحياة.
فمصر التى كانت تتميز بمناخ معتدل، حار جاف صيفا، ممطر معتدل شتاء، لن يبقى كذلك، حيث كان المناخ معتدلا، وسببا فى جذب السيّاح إلى مصر، فسيكون الصيف شديد الحرارة، والشتاء متقلبا من شديد البرودة إلى شديد الحرارة، إلى وجود عواصف ورعد وبرق وغيرها.
وأضاف د. فهيم: يبقى أن أهم قطاع سوف يتأثر بهذه التغيّرات هو قطاع الزراعة، كونه الأكثر ضعفا وهشاشة فى سلسلة الأنشطة الاقتصادية فى مصر، فالمنظومة الزراعية لدينا فقيرة ومعقدة ومتشابكة، وبنيتها التحتية ضعيفة جدا، والتكنولوجيا المستخدمة قديمة جدا وبدائية، يقابلها إنفاق ضعيف وميزانية محدودة لا تلبى التطور المطلوب لمواجهة هذه التغيرات والتقلبات، والنتيجة أن القطاع سيزداد هشاشة وضعفا، وسيتأثر كثيرا بالتغيرات سواء الموجودة الآن أو القادمة، حيث لم يسع بشكل كبير للحد من هذه التأثيرات، فأهم المشكلات التى تواجه الزراعة، وإن كانت بشكل غير مباشر، هى مشكلة الحيازات الزراعية الكبيرة جدا، والمتناثرة جدا، والصغيرة جدا، وهذه من أهم أسباب ضعف هذا القطاع، وهو ما يُصَعِّب من تنفيذ توصيات الحد من تأثر التغيّرات المناخية، وتعطيل السياسات الزراعية المستقبلية، أضف إلى ذلك أن أراضى الدلتا، لأنها فى معظمها فقيرة، سواء القديمة أو الجديدة، وسواء طينية أو رملية، سوف يحتاج الفلاح لشراء كميات كبيرة من السماد الآزوتى لعلاج التربة، وبسبب التقلبات المناخية الأخيرة حدثت خسائر كبيرة وأرقام صادمة جدا للفلاح فى الدلتا، وهناك نقص كبير فى الإنتاجية لمعظم المحاصيل الزراعية وصل فى بعضها إلى 50% مثلما حدث فى محصول المانجو على سبيل المثال.
الخريطة الغائبة
لا تتوقف مشكلة الزراعة عند تلف بعض المحاصيل بل تمتد كما يشير د. فهيم - مشكلة إمدادات المياه، فنحن نتبع نظام الرى بالغمر فى أكثر من 85 % من زراعتنا، وهذا الأسلوب كفاءة الاستخدام فيه لا تتجاوز ال 50%، وهذا الفقد لا نستفيد منه كثيرا، وكان من المفترض أن يتم رسم خريطة مناخية زراعية لمصر تراعى التوزيع المناخى من حرارة ورطوبة وأمطار ورياح وكل من له تأثير مباشر على نمو وإيجابية النبات. هذه الخريطة تكون مطروحة الآن ومستقبلا ومعها خريطة التراكيب المحصولية، بناء على احتياجاتها من المناخ أو مدى تحملها للتقلبات الجوية، ولكن للأسف لم يتم رسم هذه الخريطة، أو تم رسمها ولم يتم تنفيذها، فنحن لا نعلم على وجه التحديد ما الذى تم؟.
ويشير إلى أننا سوف نواجه صيفا شديد الحرارة، سوف يتسبب فى زيادة استهلاك المياه من 20 إلى 30 % عما هو معتاد، وسوف يزداد الأمر فى السنوات المقبلة، معنى ذلك أننا أمام تحد كبير فى زيادة الاستهلاك، فى ظل معاناة كبيرة جدا فى استخدام المياه فى الزراعة، خاصة فى فصل الصيف، وقرار وزارة الرى بتقليل مساحات الزراعات الشرهة للمياه، يصب فى هذا الاتجاه، ولكن كان لابد من اتخاذ هذا القرار بشكل تدريجى ووفق منهجية علمية، لأنه قرار صادم، وضد مصالح المزارعين، وسوف يكون له آثار جانبية كبيرة، وسيتسبب فى ارتفاع كبير فى أسعار هذه المحاصيل خاصة محصول الأرز، حيث إن هذا المحصول هو المحصول المربح الوحيد، فهل تم إجراء دراسات جدية قبل تقليل هذه المساحات وأثرها، وتأثير مساحات الزراعات الشرهة للمياه له تأثير مباشر على المزارع السمكية الموجودة فى الدلتا، حيث إن هذه المزارع تعتمد على مياه الصرف من هذه الزراعات.
المزارع السمكية
وأضاف أنه بالنسبة إلى مزارع الاستزراع السمكى فالمتوقع أن تكون الأكثر تأثراً هذا العام، بسبب تغير المناخ وما يتخلله من تقلبات جوية حادة، فبالنسبة للمزارع السمكية (والتى ينتج عنها نحو مليون و300 ألف طن سنوياً ما يعادل بين 85 90% من الإنتاج السمكي، فزيادة الحرارة سوف تؤدى إلى زيادة نشاط الميكروبات المحبة للحرارة مما يؤدى لزيادة احتمالية حدوث أمراض، فضلاً عن ازدهار الطحالب وما ينتج عنها من أضرار، إضافة إلى النقص المتوقع فى مياه الصرف الزراعى الناتجة عن تقليص مساحات زراعة الأرز هذا العام سوف تؤدى إلى مشكلة كبيرة، حيث إن رصيد المياه فى المصارف الزراعية التى تغذى مساحات المزارع السمكية سوف ينخفض بدرجة كبيرة فى خلال أشهر قليلة من الآن (يوليو وأغسطس وسبتمبر) جراء تخفيض مساحات الأرز الأمر الذى يؤدى الى اضطرار أصحاب المزارع إلى إعادة استخدام نفس المياه الناتجة عن صرف المزارع السمكية والتى قد تنقل الكثير من العدوى بالأمراض.
وطالب د. فهيم باستثمار طاقات الباحثين، وإعادة رسم السياسة البحثية فى مصر، وأن تكون التغيرات المناخية موضع الجد فى كل أى مشروع يتم تنفيذه فى مصر سواء زراعة أو اسكانا أو طرقا والمناطق التى تتعرض للتقلبات الجوية إلخ.
تغيرات حتمية
د. سامح فاروق مكرم استشارى شئون البيئة والمنشآت والموارد المائية رأى أن التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية عن تغيّر المناخ كبيرة ومعروفة منذ سنوات طويلة، حيث تحولت الدورة المناخية، وأصبحت التغيرات حتمية، حيث تمت ملاحظة هذه التغيرات فى درجة حرارة الغلاف الجوي، والمحيط، ورقعة الجليد البحري، و خلال السنوات المقبلة سوف نشهد سقوط أمطار فى أماكن وأوقات لم تكن معروفة من قبل، فأجواء الجزيرة العربية بحرارتها المرتفعة وأمطارها فى غير أوقاتها سوف تحدث فى مصر، وبالتالى تتغير البيئة الزراعية، وسوف تتأثر كل المحاصيل الزراعية، وقد لا نستطيع زراعة محاصيل بعينها طبقا لأحوال الجو.
وأضاف: بالرغم من أننا نمتلك خبرات لا حصر لها فى كل المجالات من الزراعة والصحة والري، فإننا لا نحسن التوظيف، والمفترض تنفيذ توصيات قمم المناخ بشكل دوري، فما حدث فى التجمع الخامس وقطاعات أخرى مثل سيناء وطريق السخنة وغيرها، سيكون أعنف وأعنف خلال السنوات المقبلة، وستقترب الكوارث الطبيعية من مناطق جديدة أخرى وتحدث نفس التأثير وأكثر، واللوم هنا يقع على المتخصصين والخبرات الموجودة فى مصر، فهم يعلمون أن هناك تغيّرات مناخية، وكان الواجب المراقبة والتجهيز لهذه التغيّرات، وقد قامت وزارة الرى بإنشاء مخرّات للسيول تحسبا فى المحافظات الحدودية، للاستفادة من مياه الأمطار والسيول، ونحن فى حاجة إلى استخدام مياه هذه الأمطار التى تهطل فى المحافظات الأخري، فلا توجد دولة تهدر مياهها مثل مصر، وبما أن السيول اقتربت من القاهرة وقريبا فى الدلتا، فبدلا من إنفاق مبالغ خيالية على البنية التحتية، من الممكن إنشاء طرق صرف فرعية، من خلال مواسير على عمق معين تستقبل هذه المياه، وصرفها فى البيارات أو تنكات أو أحواض زراعية، وهى عملية سهلة، ولا تحتاج تغييرا فى البنية التحتية، بحيث استفيد منها، وأتجنب فى نفس الوقت انهيار الطرق والمبانى وغيرها.
تسرب مياه البحر
وبالنسبة للشواطيء قال إن هناك نحرا يحدث لكل شواطيء مصر، أهمها الإسكندرية والعريش، وأحد أسباب انهيار العمارات فى الإسكندرية يرجع إلى تسرب مياه البحر إلى التربة، وهناك كارثة ترتبط بنقص الموارد المائية فى مصر، والتأثير الأكبر على المزارعين فى الدلتا، وقد تحدث هجرة كبيرة لهؤلاء المزارعين، وهناك كارثة فى الطريق، ولابد من البحث عن حلول واستنباط اصناف تتحمل هذه التغيرات مثل الارز المقاوم للجفاف، وقد بدأنا زراعته منذ ثلاث سنوات، ونجح نجاحا باهرا، لكننا لم نستثمر هذا النجاح بالشكل المطلوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.