القائمة الأولية لمرشحي الأحزاب على المقاعد الفردية بمجلس النواب بالدقهلية    وزير السياحة: تحقيق طفرة في القطاع يتطلب توفير الطاقة الاستيعابية وتعزيز الربط مع الأسواق المستهدفة    نتنياهو: نسقت مع ترامب خطة قلبت الأوضاع في غزة    تواجد سام مرسي ومحمد شريف.. حلمي طولان يُعلن قائمة منتخب كأس العرب في معسكر أكتوبر    بعد غياب طويل.. صبري عبد المنعم يعود للظهور في مهرجان نقابة المهن التمثيلية    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    سعر الطماطم والخيار والخضار بالأسواق اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    إعلام عبرى: إسرائيل تبلغ أمريكا نيتها الإبقاء على وجودها داخل المنطقة العازلة    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد فوز تشيلسي ضد ليفربول.. أرسنال يخطف الصدارة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مظاهرات حاشدة تطالب برحيل بنيامين نتنياهو.. ترامب: لن أتهاون مع أى تأخير من جانب حماس وسأعامل الجميع بإنصاف.. الفنان فضل شاكر يسلم نفسه للجيش اللبنانى    مصر تشيد بالدعم الفرنسي للمرشح المصري في «اليونسكو»    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    آينتراخت ضد البايرن.. دياز وكين يقودان البافاري لانتصار جديد    «الأوقاف» تُطلق البرنامج التثقيفى للطفل    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    غياب لامين يامال ورافينيا.. فليك يعلن قائمة برشلونة ضد إشبيلية في الدوري الإسباني    ثنائي المنتخب السعودي جاهز لمواجهة إندونيسيا    انهيار جزئي بعقار قديم صادر له قرار هدم دون إصابات في الجمرك بالإسكندرية    قافلة عاجلة من «الهلال الأحمر» لإغاثة المتضررين من ارتفاع منسوب مياه النيل في المنوفية    أمطار واضطراب الملاحة.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم الأحد    سطو مسلح على محل فوري في كرداسة.. المتهمون ارتدوا أقنعة واستخدموا بندقيتين خرطوش (تفاصيل التحقيقات)    وزارة الداخلية تكشف حقيقة محاولة خطف طفلة في القليوبية    تغيرات مفاجئة ونشاط للرياح.. تفاصيل حالة الطقس حتى يوم الجمعة المقبل    المحافظات ترفع الطوارئ لمواجهة ارتفاع منسوب مياه النيل: «الوضع مطمئن»    تعرف على برجك اليوم 2025/10/5.. «الأسد»: تبدأ اليوم بطاقة عاطفية.. و«الحمل»: روح المغامرة داخلك مشتعلة    بعد الانتهاء من أعمال الترميم.. افتتاح تاريخي لمقبرة أمنحتب الثالث بالأقصر    رئيس قطاع الآثار: افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث فخر لمصر بعد 20 عامًا من الترميم    اللواء الدويرى: الجهاد الإسلامي حركة وطنية متوافقة مع الموقف المصري في المصالحة    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    ياسمين الخطيب تهاجم الساخرين من فارق العمر في زواج رانيا يوسف: الدين لم يحرّم ذلك    لمتابعة الأداء ومستوى الخدمات.. حملات مرور ميدانية على الوحدات الصحية في إهناسيا ببني سويف    «الصحة» تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر «قلب زايد» بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب في مصر    «مدبولي»: أراضي طرح النهر لا يجوز التعدي عليها بالزراعة أو البناء (تفاصيل)    غدًا .. عرض 4 أفلام نادرة مرمَّمة توثّق لنصر أكتوبر المجيد    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    محافظ شمال سيناء يدعو المواطنين للاحتفال بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    لهذا المشروع.. الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    محافظ المنيا: الدولة تولي اهتماماً كبيراً بصحة المرأة ضمن المبادرات الرئاسية    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    اليوم.. مستقبل وطن يستقبل الأحزاب المشاركة بالقائمة الوطنية استعدادا للانتخابات    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحيح أقلية لكنهم يسيطرون على اقتصادنا
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 04 - 2010

الشيخ محمد عبد العزيز إمام إحدى الزوايا بشارع توفيق جرجس بعين شمس، ومحفّظ للقرآن الكريم في دار للتحفيظ على الجانب الآخر من الشارع، فقد ختم المصحف الشريف في عامين، رغم أنه لم يدرس بالأزهر.
يعيش محمد منذ طفولته وسط زملاء دراسة وعمل من المسيحيين، لكنه يحتفظ بآرائه في "إمكانية التعايش" بين العقيدتين، ولا يتطرق لها أبدا في دروسه.
هنا يتحدث محمد بصراحة عن رأيه في شركاء الوطن، وعما يظن أنهم يعتقدونه تجاهه.
انتهي الشيخ محمد عبد العزيز من صلاة المغرب في مسجد الحرمين بشارع توفيق جرجس، وعبر الشارع في اتجاه دار الرشاد لتحفيظ القرآن، في الدور الأرضي بالعمارة التي يسكنها.
"المسيحيين مسيطرين على الحي".
عبارة صريحة يطلقها الشيخ محمد في بداية الحديث عن "التعايش في عين شمس"، فهو يعيش وسط جيران مسيحيين، "غير المحلات والمخابز، وبتاع السمك، والسوبر ماركت، والصيدلية".
لا ينكر عبد العزيز وجود محلات للمسلمين فى الحى، لكن "هم أكثر"، وأسماء المحلات والأيقونات والصليب في كل مكان تدل على أغلبيتهم.
يعيش الإمام الثلاثينى في عين شمس منذ كان عمره أربع سنوات، ونشأته هناك جعلت وجود المسيحيين حوله فى كل مكان وضع مألوف. خاصة وأنه لم يدرس فى الأزهر مثل والده، لذلك تعايش مع الطلاب المسيحيين في المدرسة الخاصة التي درس بها. وكان متفهما لفكرة الديانة المختلفة، "لما كانوا بيعزلوهم علشان حصة الدين".
يصف عبد العزيز جيرانه إنهم "ناس محترمة جدا، لكن قافلين على نفسهم"، مبررا عدم وجود أى علاقة تجمعهم، ولا حتى الزيارات المتبادلة. يقول إذا قابلهم "صباح الخير"، ويتعجب من ردهم عليه "وعليكم السلام". ولكنهم معذورون في رأيه، فهم لا يتوقعون من مسلم ملتح ينظرون له على "انه متشدد"، أن يلقي تحية الإسلام.
جذور التدين والتشدد
كان وقتها طالبا فى كلية التجارة عمره مازال 19 عاما، عندما شعر بولعه بالقرآن، واستطاع أن يختمه في عامين"الفتح القرآني هبة". وبدأ يؤم الناس للصلاة، في الزاوية الصغيرة، بشارع توفيق جرجس. واعتمد محفظا للقرآن بدار الشيخ الذي منحه إيجاز بالسند.
يبتسم محمد في أسف "شغلي يمنعني من الصلاة بالناس طوال اليوم". عمله كموظف في وزارة العدل يجعله يؤم الناس في صلاتي المغرب والعشاء فقط، "أما صلاة الجمعة فتكون من نصيب شيخ آخر أكبر مني سنا وعلما، لأنه يلقي الخطبة"، التي لم تتطرق ولا مرة إلى علاقة المسيحيين مع المسلمين.
تدين محمد نابع من البيت، فوالده الذي يعمل مديرا فى وزارة العدل أيضا. "متدين ومطلع". وله تأثير واضح عليه. فهو يتذكر مبتسما، كيف كان يتابع مع والده دروس الشيخ الشعراوي في التلفزيون ظهر أيام الجمعة.
يشعر عبد العزيز بحزن لأنه لم يدرس بالأزهر،"لو حد من المصلين سألني، وما عرفتش أجاوب، أرجع إلى كتب الفقه، التي لم أدرسها". وإن كان ينصح الجميع بإتباع الأيسر من الدين. دون النظر إلى مذهب بعينه. "لأن المصريين يتزوجون على مذهب الإمام أبو حنيفة، ويصلون على مذهب الإمام الشافعي".
يرفض التشدد "إلا فى موضع التشدد"، وبالنسبة له يكمن ذلك في المساس بالعقيدة. وهنا يخفض صوته مؤكدا فى صرامة "العقيدة الإسلامية يتم المساس بها بالفعل من قبل بعض المسيحيين في المنتديات المسيحية، والقنوات الفضائية. ويفسر ذلك بأن "دى ناس عندها جهل بالقرآن"، وهم لا يفهمون لغته. لذلك لا يفضل أن يشاهد المسلمون تلك المواقع أو القنوات، لأنه يتوقع أن المسلم المتشدد سيستثار.
أسباب للطائفية
عبد العزيز على يقين من وجود حملات تبشير فى مصر، "بتستغل حاجة الناس"، وتستهدف احتياجات النفس البشرية، و"الإغراءات بالمال أو السفر الى الخارج" والوعود كثيرة بحياة رغدة اذا تركوا الإسلام.
"الحملات دى تمويلها أجنبي"، يقولها عبد العزيز بصوت يصل إلى حد الهمس، ويشبهها بحملات نشر الدعوة الإسلامية التي تتم في جنوب إفريقيا وتمويلها يأتي من الخارج أيضا، لكن "مش عارف مصادر حقيقية أو دول بعينها بتمول الجبهتين".
رغم يقينه "أن المسيحيين في مصر قلة"، إلا أنهم في رأيه أغنياء، "مسيطرون على التجارة والاقتصاد في البلد". والقاعدة الراسخة بداخله أنهم يساعدون بعضهم، وهذا ليس غريبا على حد وصفه، "فاليهود رغم أنهم قلة إلا انهم مسيطرون على أمريكا و العالم".
العلاقة بين مسيحيي مصر والغرب، هى السبب الرئيسي من وجهة نظر عبد العزيز في تضخيم بعض الأحداث العادية، وإعطائها صبغة طائفية من أجل حصول المسيحيين على مزيد من الحقوق عن طريق تدخل أطراف أجنبية.
لذلك يفسر موقفهم بأنهم "بيحبوا يظهروا إنهم مش واخذين حقوقهم"، حتى تتدخل جهات منظمة من الخارج وتساعدهم، ولا يرى أي مبرر لإحساسهم بالاضطهاد، فهم فى رأيه "بياكلوا ويشربوا، وبيشتغلوا ويقبضوا، عايزين إيه تانى؟".
لديهم حرية فى الإعلان عن عقيدتهم بتعليق الصليب والأيقونات في العنق وعلى البيت والمحل، "وده مش من حقهم" طبقا لمعاهدة عمرو بن العاص مع أهل الذمة عندما فتح مصر. ويرى عبد العزيز أنه طبقا لما أقره الدستور المصري، إنهم "يعيشون في دولة إسلامية وهذا يجعلهم تابعا".
يتابع الإمام مستشهدا بأن "السعودية لا تسمح لهم بارتداء الصليب"، وتفرض على النساء المسيحيات الحجاب، في مناطق معينة، وهم في مصر يعيشون بحرية ويعلنون عن عقيدتهم و لا احد يمنعهم "ويقولوا مضطهدين؟".
إخوتي المسيحيون
يعتبر الشيخ محمد نفسه متابعا جيدا للقنوات الدينية، والمفضلة لديه هى قناة "الرحمة"، لأنها في رأيه تتسم بالوسطية ومعظم شيوخها "حرين مش خريجي أزهر"، وهو يفضل الشيخ محمد حسان و الدكتور شهاب الدين أبو زهو. أما خريجو الأزهر في رأيه فهم "متشددون".
علاقات محمد طيبة مع زملائه المسيحيين في العمل،
لكنها لا تتعدى الحدود المرسومة لها، " استحالة يعرف سرى". فعلى الرغم من أن صديقه المسيحى يرسل له تهنئة بكل الأعياد على هاتفه، إلا أن الشيخ يعتبر كل هذه محاولات ليظهر أنه "شخص كويس". ولكنه يرد له هذه التهنئة حتى لا يكون "المسيحي أحسن منى"، وتقتصر التهنئة على عيد الميلاد، ويوم رأس السنة فقط، لأن الإمام لا يعلم باقى الأعياد التي يحتفل بها أقباط مصر.
يحتفظ عبد العزيز بذكرى لا ينساها مع مديره المسيحي الأسبق، الذى علمه المحاسبة.
يبتسم: ما شفتش زيه لا مسلم ولا مسيحي.
قابله الشيخ في بداية تخرجه، كان مديره فى شركة محاسبة. "الراجل دا عايز يعلم اى حد حتى لو مش من دينه". وكان يثير إعجابه أنه يأكل معهم، على عكس عهده بالمسيحيين أنهم لا يحبون الأكل مع المسلمين "ولو عزمت علي مسيحي يقولك صايم".
لكن مديره الذي يراه مختلفا، كان يحترم أيضا مواعيد صلاة المسلمين، "شكيت أنه مسلم"، يتذكر عبد العزيز موقف دخولهم محل عصير قصب، يشغل قرآن، فأغمض الرجل المسيحي عينيه، وأخذ يهز رأسه منصتا بتمعن "وكأنه خشع".
وطفلتي المحجبة
محمد أب لطفلتين هما نور وعائشة، الكبيرة عمرها أربعة أعوام. يرفض احتمال أن تخالط إحداهما صديقة مسيحية، "العادات والتقاليد مختلفة، ممكن تتأثر بها، وما تلبسش حجاب مثلا"، والحجاب فريضة على المسلمة، أما الفتيات المسلمات غير المتحجبات، فهن فى رأيه "عاصيات جاهلات بفروض الدين."
الإمام الملتحى سيربى ابنتيه على إن "المسلم المفروض يحس أنه أحسن"، وليس صعبا أن نشرح للطفل أن لكل إنسان دينه "وما لناش دعوة بيه". ونقنعه الصغير بالمنطق "دى ناس عملت المسيح ربنا، هل يعقل ان نعبد بشرا؟". وبهذه التعاليم لا يخشى من مخالطة ابنتيه للزميلات المسيحيات فى المدرسة.
عبد العزيز ينظر إلى المسيحين على إنهم ليسوا مؤمنين، "ده مش كلامى"، وحجته آيات من القرآن فى سورة المائدة "لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح بن مريم".
سورة المائدة بها ثلاث مواقع تؤكد ذلك، هي الآيات 17، و72 و 73.
مع موعد آذان العشاء، يأتى صوت الأذان من الزاوية الصغيرة، يسرع عبد العزيز فى تفسير الآية القرآنية "كنتم خير امة أخرجت للناس"، على إنها تمنح المسلم شعورا طبيعيا انه الأفضل.
"الاحساس ده مش هيأثر بالسلب على المسيحين"، أو يشعرهم بتفرقة "طالما ان الاحساس ده لا يتحول الى سلوك".
وينطلق الشيخ سريعا ليؤم الناس إلى الصلاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.