* تحويل النص الروائى لعمل فنى وجماهيرى صعب.. وتحويله يحتاج ل«حريف» يخوض السيناريست وائل حمدى مغامرة سينمائية جديدة من خلال فيلم «أنف وثلاث عيون» الذى سيعرض بعد أقل من أسبوعين، عرض أول، فى برنامج «روائع عربية» بالدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى، هذا الفيلم المأخوذ عن رواية الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس، والذى سبق وتم تناولها فى فيلم يحمل نفس الاسم عام 1972، ولعب بطولته كل من محمود ياسين وماجدة وميرفت أمين ونجلاء فتحى. يدخل وائل هذه التجربة وهو يحمل فى جعبته النجاح الكبير الذى حققه مع فيلم «هيبتا» إنتاج عام 2016، المأخوذ أيضا عن نص روائى، وقدم بعده تجربة ناجحة، ومختلفة تماما من خلال الفيلم الكوميدى، الجرىء فى فكرته «بشترى راجل» بطولة نيللى كريم ومحمد ممدوح.. حول العودة للكتابة للسينما مرة أخرى بعد غياب نحو 7 أعوام، وسر حماسه للأفلام المأخوذة عن نص روائى، وعودته للدراما الرمضانية وللأعمال الكوميديا، تحدث السيناريست وائل حمدى ل«الشروق» وكانت البداية حينما قال: لم أبتعد عن السينما بإرادتى، فالظروف الإنتاجية هى المتحكمة فى الأمر، فلدى العديد من الأعمال الجاهزة سواء على مستوى السينما أو الدراما التليفزيونية، فمن بين ثلاثة أعمال لى، يتم إنتاج عمل واحد فقط، بدليل أننى كتبت سيناريو فيلم «أنف وثلاث عيون» منذ عامين، ولم يخرج للنور إلا مؤخرا، فالامر برمته يرجع للإنتاج. ألا ترى أن كلامك يتعارض مع شكوى الجهات الإنتاجية المستمرة أننا نعانى من أزمة ورق؟ أسمع هذا الكلام كغيرى وأشعر باندهاش كبير، وأؤكد أنه كلام غير صحيح بالمرة، فلدينا فى مصر مجموعة رائعة من كتاب السيناريو، وأستطيع أن أرصد 20 اسما الآن من كتاب السيناريو الممتازين، وعليه فنحن لا نعانى من أزمة ورق، ولكن مشكلتنا الحقيقية هى أننا ليس لدينا منتج يجيد قراءة السيناريوهات، والبحث عن موضوعات مختلفة، وأتمنى أن تحرص شركات الإنتاج على وجود لجان قراءة لديها، قادرة على انتقاء واختيار الأعمال، فإذا أردت ان تقدم فيلما جيدا، لابد أن تقرأ جيدا. البعض يرى أن تقديم أعمال مأخوذة عن نص روائى بها استسهال وتؤكد صحة مزاعم الجهات الإنتاجية أنه يوجد أزمة ورق، فما ردك؟ بداية الفيلم أو المسلسل المأخوذ عن نص روائى لا يعد استسهالا بالمرة، بالعكس فالتجربة مليئة بالتحدى والعقبات، أهما أن الناس تخلط بين القصة والفيلم، وتشاهد العمل بتوقعات كثيرة مسبقة، وبترقب وتصيد للأخطاء، وهذه مشكلة كبيرة، وأنا لست مؤلفا، أنا بالأساس «سيناريست» ومهمتى تقديم معالجة درامية مناسبة للنص الذى أعمل عليه، وللعلم فليس كل رواية يجوز تحويلها لفيلم أو مسلسل، حتى لو كانت ناجحة بشكل كبير، فالمهم أن محتواها قابل للمعالجة الدرامية، وهنا يأتى دور السيناريست، فوفقا لدرجة حرفيته، ومهنيته يستطيع تقديم عمل جيد. هل نجاحك مع تجربة «هيبتا» هو الذى شجعك على تكرارها؟ مع فيلم «هيبتا» عشت أجواءً مليئة بالقلق، فكنت على يقين أن جمهور الرواية سيكون فى مقدمة الجمهور الذى سيشاهد الفيلم بالسينمات، وخشيت أن يشعر بحالة إحباط بعد المشاهدة، وهنا سأكون فى موقف صعب، ومعى الجهة الإنتاجية أيضا، والحمد لله، لقد فاق النجاح الذى حققه الفيلم طموحاتى وتوقعاتى، أما عن تكرار التجربة مع «أنف وثلاث عيون» فكنت على وشك الاعتذار عنه، فبعد أن عرضت علىَّ الجهة المنتجة كتابة سيناريو وحوار هذا الفيلم، سعيت لقراءة الرواية مرة أخرى، وبعد القراءة شعرت أننى لا أستطيع تقديم شىء مختلف عما قدمه الفيلم الذى أخرجه الراحل حسين كمال، فقد كان ملتصقا بالرواية تقريبا، وظللت متعطلا بعض الوقت لأننى لم أجد مدخلا مختلفا، إلا أن وجدته وشرعت على الفور فى الكتابة. هل هذا يعنى أنك مستعد للمقارنة مع فيلم «أنف وثلاث عيون» الذى تم تقديمه قبل أكثر من 50 عاما تقريبا؟ المقارنة غير واردة، فكما ذكرت أننى قدمت معالجة مختلفة تماما، وأستطيع أن أؤكد أن فيلم «أنف وثلاث عيون» الذى أخرجه أمير رمسيس، ولعب بطولته كل من ظافر العابدين وأمينة خليل، وصبا مبارك وسلمى أبوضيف، هو بمثابة فصل جديد بالرواية لم يكتبه إحسان عبدالقدوس، ولا يتعارض مع النص الأصلى. وما سبب عدم تغيير اسم الرواية الذى سبق وتم استخدامه فى فيلم سابق إذا كان هناك اختلاف كبير بينهما؟ بشكل عام لا دخل لى فى اختيار أسماء أعمالى، لأننى لا أجيد اختيار الاسم، ولكن حينما سئُلت عن رأيى، قلت إننى أفضل الاحتفاظ بنفس العنوان تحية للرواية الأصلية، ولأبطال إحسان عبدالقدوس، وتمنيت أن نكتب تحت اسم الفيلم «فصل رابع» كما حدث فى فيلم «هيبتا» حينما كتبت بجوار الاسم «المحاضرة الأخيرة» فى إشارة إلى أن الفيلم ينسب لكاتبه صاحب الرؤية الجديدة له، لكن لم تتحقق أمنيتى، وتم الاكتفاء باسم الرواية فقط. ما صحة الأخبار التى تشير إلى أن فيلمك القادم مأخوذ عن نص روائى أيضا؟ أخبار صحيحة تماما، فلقد انتهيت من كتابة المعالجة الدرامية لرواية «كوندالينى» للكاتبة ميرنا الهلباوى، والفيلم فى مرحلة ترشيح الأبطال حاليا، وهو أول تجربة سينمائية للمخرج محمد سلامة، ومن إنتاج هانى أسامة، منتج فيلم هيبتا، وهناك أفلام أخرى لى ليست مأخوذة عن نص روائى، منها فيلم مختلف تماما، تدور أحداثه فى إطار الكوميديا السوداء، لكن لا أستطيع الإفصاح عن أى تفاصيل خاصة به حاليا. لماذا تميل دوما للسينما المختلفة عن السائد فى كل تجاربك السابقة، والملفت أن جميعها لا تعتمد على نجوم شباك كما هو الحال فى آخر أفلامك «أنف وثلاث عيون»؟ الأصل أن تكون السينما مختلفة ومتنوعة، ومع هذا فالأعمال التى قدمتها، عُرضت علىّ من قبل المنتجين الذين يحسب لهم البحث على أرض مختلفة عن السائد، وفى نفس الوقت البحث عن المكسب، فلا يوجد منتج لا يسعى وراء تحقيق أرباح، ولا يعنى أننا نقدم فيلما مختلفا ألا نحقق أرباحا، وهذه نقطة فى غاية الأهمية، أما فيما يخص أبطال هذه الأعمال، فأرى أن الأدوار تنادى أصحابها، وسعيد جدا بمجموعة أبطال «أنف وثلاث عيون» وأرى أن النجومية الطاغية للفنان، قد تكون مضرة للعمل، أكثر من فائدة وجوده، فربما بسبب نجوميته يساعد على التسويق، ولكن الأداء قد يأخذ العمل لطريق آخر، وتجاربى السابقة أثبتت أن فكرة «نجم الشباك» ليست كلمة السر وراء نجاح الأعمال، بدليل أن فيلم «هيبتا» ورغم أنه كان يضم أسماءً فنية معروفة، لكن بلغة الإيرادات لم يكونوا نجوم شباك، ومع هذا حقق الفيلم نجاحا كبيرا. هل كنت تعلم أن السيناريست تامر حبيب كان المرشح الأول لكتابة «أنف وثلاث عيون»؟ عرفت هذه المعلومة بعد تعاقدى على العمل وكتابة المعالجة الخاصة به، وعلى الفور اتصلت به، وتامر هو واحد من ألطف الزملاء فى هذه المهنة، وأعتز به كثيرا، وفى المكالمة قالى لى إن ارتباطه بالفيلم لم يكتمل لظروف ما، ولم يحصل توفيق، وتمنى لنا النجاح. بعيدا عن السينما ما آخر أخبارك الخاصة بالدراما التليفزيونية؟ أستعد للعودة لموسم دراما رمضان بعد غياب سبعة أعوام تقريبا، وهى فترة غياب متعمدة بسبب حالة الإرهاق الشديدة التى كنت أعانى منها بسبب كتابة الأعمال أثناء تصويرها، وهى عملية مرهقة للغاية، لكن الأمر مختلف تماما هذا العام، فبعد تعاقدى على كتابة المسلسل الكوميدى «بابا جه» بطولة الفنان أكرم حسنى بالتعاون مع صديقى السيناريست محمد إسماعيل أمين، كان هناك حرص أن نكتب الحلقات أولا، ثم نبدأ التصوير، وبالفعل شرعنا فى كتابة حلقات المسلسل الذى يدور أحداثه فى 15 حلقة، وأتوقع أن نبدأ التصوير شهر ديسمبر المقبل. من صاحب فكرة مسلسل «بابا جه»؟ الفنان أكرم حسنى، والفكرة مأخوذة عن فيلم كورى، ووقع الاختيار علىّ أنا ومحمد إسماعيل أمين لتمصيرها، فكما ذكرت نحن كتاب سيناريو مهمتنا وضع معالجات درامية مناسبة للأفكار والنصوص حتى لو تم تداولها من قبل، وفكرة الاقتباس لا تعيب أى عمل، وهو أمر لا يستوجب أن نشعر بخجل حتى لا نعلن عنه، خاصة أن كثيرا من الأعمال العالمية تم اقتباسها، وجائزة الأوسكار الوحيدة التى فاز بها المخرج العالمى مارتن سكورسيزى كانت عن فيلم the departed، المأخوذ عن فيلم صينى يحمل اسم «شئون جهنمية». بمناسبة أنك أحد كتاب السيناريو الذين كانوا وما زالوا أبناء ورش الكتابة، ما ردك على الاتهام الموجه لكم بأنكم أفسدتم الدراما التليفزيونية؟ تهمة باطلة تماما، فورش الكتابة هى الأصل فى كتابة الأعمال الجيدة، والاستثناء أن تكتب عملا ناجحا بشكل منفرد، وما قدمه أساتذتنا الكبار أمثال أسامة أنور عكاشة وغيره من أبناء جيله، كان استثناءً، وتأكيدا لكلامى هذه الفجوة الكبيرة فى المستوى بين أعمالنا والأعمال العالمية التى تعتمد كلها على ورش الكتابة، وللعلم ففى فترة الستينيات كان يتم الاستعانة بورش كتابة، وكم من الأفلام حملت تيتراتها أسماء كبار المؤلفين الذين يتعاونون فى كتابة سيناريو وحوار الفيلم الواحد، فالعصف الذهنى مطلوب خاصة فى المسلسلات، فعن نفسى أستطيع كتابة سيناريو فيلم منفردا، ولكن يستحيل أن أفعل الأمر ذاته فى مسلسل تدور أحداثه فى 15 أو 30 حلقة، ولذا نجد أن معظم الأعمال الناجحة فى السنوات الأخيرة تستند على ورش كتابة، منها المسلسل الرائع «هذا المساء»، ومسلسل «موجة حارة» الذى شرفت بكونى أحد أعضاء ورشة كتابته مع مريم نعوم التى منحت الفرصة من خلال ورشتها لجيل رائع من كتاب السيناريو. أخيرا فى ظل هذه الأجواء الصعبة التى نعيشها والمشاهد الدموية التى نشاهدها كل يوم بسبب المجازر التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، كيف تكتب عملا كوميديا فى هذه الظروف القاسية؟ أكتب بصعوبة شديدة، ولا أستطيع الانفصال عما يحدث حولى، فأنا متابع يوميا للأحداث، إما عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، أو عبر شاشة التليفزيون، لكن فى النهاية لابد أن نعمل، فأنا رجل مهمته تقديم خدمة ترفيهية، نعم أجد صعوبة فى الكتابة، لكن لا أجعل الحزن يسيطر علىَّ لدرجة تمنعنى عن العمل، فلو كل إنسان استسلم لحالة الحزن سوف تتعطل الحياة.