توقع عدد من الخبراء ارتفاع التضخم لمستويات قياسية جديدة، خلال نوفمبر المقبل، بفعل ارتفاع أسعار البنزين وزيادة سعر الصرف بالسوق الموازية، مؤكدين أن انخفاض معدلات التضخم خلال أكتوبر الماضى، هو تراجع مؤقت، بدعم من اتجاه الحكومة للسيطرة على السلع من خلال مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية. وانخفض معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية خلال شهر أكتوبر الماضى، إلى 38.5%، من 40.3% فى شهر سبتمبر السابق، بينما ارتفع المعدل الشهرى بنسبة 1.2%، وفقا لبيانات سابقة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة فى مطلع الأسبوع الحالى. وكان معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية قد سجل 16.3% لشهر أكتوبر 2022. قال محمد محمود الباحث الاقتصادى، إن تراجع التضخم خلال أكتوبر الماضى هو بمثابة «استراحة محارب» على حد وصفه، مشيرا إلى أن هذا الانخفاض مؤقت ولن يدوم طويلا. وأرجع محمود تراجع معدلات التضخم إلى مبادرة تخفيض أسعار السلع الاستراتيجية المعلنة من قبل مجلس الوزراء فى منتصف أكتوبر الماضى، قائلا: «تأثير المبادرة على معدلات التضخم كان أعلى من التوقعات». وأعلن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولى، فى منتصف أكتوبر الماضى، عن بدء تفعيل مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، مشيرا إلى طرح سبع سلع رئيسية، بأسعار مخفضة بنسب تتراوح بين 15 و25%. وتشمل السلع التى حددها مجلس الوزراء الفول، ومنتجات الألبان، والجبن الأبيض، والزيت الخليط، والمكرونة، والسكر، والعدس. وأضاف الباحث الاقتصادى ل«الشروق» أن المشكلة الرئيسية لزيادة التضخم فى مصر هى عدم استقرار سعر صرف الدولار فى السوق الموازية، متابعا: «كان هناك استقرار نسبى فى سعر الصرف بعدما قامت الحكومة بتوفير العملة الخضراء للسلع الاستراتيجية». ويرى أن شهر نوفمبر الحالى شهد تغيرات عديدة ستجعل معدلات التضخم تعاود الارتفاع وبقوة، خاصة رفع سعر البنزين بنسبة تتجاوز ال14% فى بداية الشهر. وقررت لجنة التسعير التلقائى للمواد البترولية فى مطلع الشهر الحالى، رفع سعر البنزين بنسبة تصل إلى 14.3%، بينما أبقت على سعر السولار دون تغيير. وتم رفع سعر بنزين 80 و92 بقيمة 1.25 جنيه، وبنزين 95 بنحو جنيه واحدا، بينما ظل سعر السولار ثابتا عند 8.25 جنيه للتر. وتابع محمود أن رفع سعر البزين يدل على أنه لا يوجد تنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية، موضحا أنه إذا كان سيتم رفع أسعار الوقود، فكان يجب التنسيق مع لجنة السياسة النقدية حتى يتم رفع أسعار الفائدة لتمتص التضخم المتوقع من صعود سعر البنزين، ولكن ما حدث أن البنك المركزى أعلن بعدها عن تثبيت سعر الفائدة. وأضاف أن ارتفاع سعر الصرف بالسوق الموازية خلال شهر نوفمبر الحالى، أثر على تكلفة الإنتاج، وهو ما سينتقل إلى المستهلك النهائى على شكل تضخم مرتفع فى أسعار السلع. وارتفع سعر صرف العملة الأمريكية فى السوق الموازية، فى بداية شهر نوفمبر من مستويات ال41 جنيها إلى 49 جنيها، قبل أن يتراجع خلال تعاملات الأسبوع الحالى، مرة أخرى إلى 48 جنيها حاليا. وكانت لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى قررت خلال اجتماعها فى 2 نوفمبر الحالى الإبقاء على سعر الفائدة دون تغير عند مستوى 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض. ولم يختلف رأى هانى أبو الفتوح، المدير التنفيذى لشركة راية للاستثمارات المالية، عن رأى محمد محمود، قائلا: «ارتفاع أسعار البنزين وزيادة سعر الصرف فى السوق الموازية سيدفعان التضخم إلى الأمام مرة أخرى بوتيرة أسرع من السابق». وأضاف ل«الشروق» أن ارتفاع أسعار البنزين فقط سيضيف نسبة 0.5 إلى 1% على معدلات التضخم خلال شهر نوفمبر الحالى، لافتا إلى أنه ما زال هناك تأثيرات أكثر شدة نتيجة اتساع الفجوة بين سعرى الصرف الرسمى والموازى. واتفق معهم مصطفى بدرة الخبير الاقتصادى، قائلا: «ما حدث فى معدلات التضخم خلال شهر أكتوبر يسمى بالتراجع المؤقت، أو تقليل وتيرة الزيادة»، متوقعا حدوث ارتفاعات مرة أخرى فى نسب التضخم خلال الشهر الحالى. وتابع: «ارتفاع سعر الصرف فى السوق الموازية سيدفع ضعاف النفوس من التجار إلى وضع هوامش ربح تحوطى على الأسعار تفوق ارتفاع سعر العملة الأمريكية بنسبة كبيرة»، لافتا إلى أن هذا يحدث حاليا بالفعل فى العديد من السلع.