يسعى البنك المركزى وفق القانون رقم 88 لسنة 2003 استهداف التضخم كهدف أساسى من أهداف السياسات النقدية التى يتبعها، ويعمل للحفاظ على مستويات مناسبة للأسعار فى الأجل المتوسط من خلال التحكم فى السياسات النقدية للدولة، لكن الخبراء يؤكدون أن المركزى وحده ليس قادرًا على ذلك وأنه يجب تغيير سياسات الدولة وسعيها لخفض معدلات تضخم الأسعار. وتراجع معدل التضخم السنوي الأساسي إلى 8.86% في مايو الماضي مقابل 9.11% في ابريل ، محققا معدلاً شهرياً سالباً قدره 0.23% مقابل معدلاً قدره 0.25% خلال ابريل ، وفقا لموقع البنك المركزي، فى الوقت الذى سجل فيه معدل التضخم العام السنوي لأسعار المستهلكين تراجعا إلى 8.2% مقابل 8.9% خلال ابريل ، محققا انخفاضاً شهرياً قدره 0.73% مقابل ارتفاعاً قدره 0.60% خلال ابريل السابق عليه وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. أحد الأسباب الحقيقة لارتفاع معدلات التضخم خلال 2013 لتتخطى ال13% تمثل في ارتفاع فاتورة الواردات والتى سجلت 44 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى الجارى وفق البنك المركزى، مقابل 43,6 مليارًا خلال نفس الفترة من العام المالى السابق عليه، خاصة فى ظل ندرة الدولار وارتفاع أسعاره بالسوق الموازية. اختلف المصرفيون حول الانخفاض الذى يشهده مؤشر التضخم، حيث يرى البعض أنه مؤشر جيد على نجاح السياسة النقدية للبنك المركزى، بينما يرى آخرون أنه انخفاض مؤقت وليس حقيقى فى ظل استمرار أزمة الدولار وندرته وعدم قدرة المجمعات الاستهلاكية على تلبية متطلبات كافة فئات الشعب. طارق حلمى، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، أكد أن الانخفاض الذى شهده المؤشر العام لأسعار المستهلكين خلال شهر مايو الماضى ووصوله إلى 8.9% تقريبًا يرجع لعدة أسباب أهمها انخفاض الطلب على بعض السلع نتيجة انتهاء الامتحانات المدرسية، حيث كان الطلب مرتفعًا على بعض السلع مثل "البيض واللبن" أثناء فترة المدارس. ولفت إلى أن الانخفاض سيرجع فى الأساس إلى ارتفاع معدلات عرض بعض السلع الغذائية مع انخفاض الطلب، موضحًا أن الانخفاض الحالى مؤقت وأن المؤشر سيأخذ طريقه فى الارتفاع مرة أخرى بسبب اعتماد الدولة على السلع المستوردة واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ليزيد عن السبع جنيهات بالسوقين الرسمية والسوداء. تابع حلمى "لم تحدث سيطرة كاملة على أسعار الدولار فى سوق الصرف، خاصة مع استمرار انخفاض الموارد المالية بالعملة الأجنبية للدولة وانخفاض المعروض منها فى الأسواق وبالتالى فانخفاض التضخم مؤقت"، مستدلا بارتفاع أسعار سلع شهر رمضان بنسبة 20% تقريبًا بسبب أزمة الدولار. ونوه حلمى إلى أن قيام البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة ثلاث اجتماعات خلال 2013 يعد أحد أسباب ارتفاع معدلات التضخم لهذه المستويات حيث تسبب فى ارتفاع نسبة السيولة المتواجدة فى السوق وبالتالى زيادة الطلب على السلع وارتفاع أسعارها، لكن البنك المركزى مضطر لتنشيط الإقراض والاستثمار. وطالب بضرورة بدء النظام الحالى بتشجيع الإنتاج وزيادته لأنه السبيل الوحيد للحد من التضخم. من جانبه قال علاء سماحة، رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى السابق، أن انخفاض التضخم خلال الفترة الأخيرة مؤشر جيد نسبيًا خاصة بعد وصوله إلى مستويات تعدت ال12% خلال 2013. وأضاف أن محاربة التضخم تستدعى زيادة الإنتاج وخفض التكلفة وفاتورة الواردات وبالتالى انخفاض الأسعار بشكل عام، متوقعًا أن يبدأ مؤشر التضخم فى الانخفاض مع بدأ تنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية بالتعاون مع شركة آرابتك الإماراتية. وأشار إلى أن مشروع المليون وحدة سيُساهم فى زيادة فرص العمل المتوفرة وزيادة القوة الإنتاجية لتلبية طلبات المشروع، مشددًا على أن سوق الإنشاءات له تأثير كبير على إزدهار الاقتصاد المصرى. من جهتها قالت بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية ورئيس شركة المشورة للاستشارات المالية، أن انخفاض أسعار التضخم دليل على نجاح السياسات النقدية للبنك المركزى التى تقوم على الحفاظ على استقرار الأسعار خلال الفترة الأخيرة، خصوصًا عقب الارتفاعات المتتالية التى شهدها مؤشر التضخم خلال العام الماضى. وأشارت فهمى إلى أنه رغم عدم تضمن مؤشر البنك المركزى للتضخم بعض السلع التى يتغير سعرها باستمرار إلا أن الانخفاض جيد ويدل على بدء تحسن الأسعار فى السوق المصرية. ولفتت إلى أن سعى الحكومة لتوفير السلع بأسعار أقل من المتداولة فى السوق من خلال المجمعات الاستهلاكية وقيام القوات المسلحة ببيع بعض السلع من خلال سيارات متنقلة ساهمت فى هذا الخفض ، فى محاولة لمحاربة ارتفاع الأسعار فى الأسواق المختلقة. وطالبت الحكومة بزيادة مراقبتها للأسواق لمحاربة غلاء الأسعار الذى يلتهم أموال المواطنين ولا يشعرهم حتى بالسياسات المالية التى تتبعها الحكومة لتحسين مستوى معيشتهم مثل رفع الحد الأدنى للأجور. وأكدت الخبيرة المصرفية أن ارتفاع أسعار الدولار وعدم توافره فى السوق الرسمية أحد أسباب ارتفاع التضخم بسبب اعتماد مصر بصورة كبيرة على السلع المستوردة نتيجة انخفاض الإنتاج المحلى، موضحة أنه كلما ارتفعت الفاتورة الاستيرادية فى ظل ندرة الدولار فإن مؤشر التضخم سيتخذ طريقه نحو الصعود. ونوهت إلى أن نجاح البنك المركزى فى السيطرة مؤقتًا على أسعار الدولار وتوفيره بالسوق الرسمية لسد متطلبات السلع الأساسية، وانخفاض أسعاره فى السوق الموازية أحد أسباب تراجع مؤشر التضخم.