رئيس جامعة جنوب الوادي يتابع معدلات الإنجاز لعدد من التطبيقات الإلكترونية    "زراعة الشرقية": مرور ميداني لمتابعة مواقع تجميع وحصاد محصول الأرز    أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    وزير الصناعة: ننسق مع الوزارات المعنية لحل مشكلات مصانع السيراميك والبورسلين وجدولة الديون    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025.. اعرف طن الحديد بكام    14 أكتوبر 2025.. ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    فنزويلا تغلق سفارتها في النرويج بعد أيام من منح نوبل للسلام لزعيمة المعارضة    قمة شرم الشيخ.. الإعلام الأمريكي يبرز كلمة الرئيس السيسي وإشادة ترامب بدور مصر في السلام    أستراليا تشيد بخطة ترامب لإرساء السلام في غزة    هل وافقت حماس على نزع سلاحها لوقف الحرب؟.. مختار غباشي يرد    أستاذ علوم سياسية توضح سبب سعي "ترامب" لتوسيع الاتفاقيات الإبراهيمية بالمنطقة (فيديو)    النحاس: كنت أتمنى قيادة الأهلي في كأس العالم للأندية    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    عاجل|الصحة تغلق مركزًا غير مرخص للتجميل في مدينة نصر تديره منتحلة صفة طبيب    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الألمانية تعزيز التعاون خلال فعاليات قمة برلين    التضامن تطلق حزمة أنشطة تنموية لطلاب الابتدائية بمشروعات السكن البديل    إبراهيم حسن: هناك من يكره وجودنا في منتخب مصر    المصرى يثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسى لإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى    المكسب هو الحل.. ماذا يحتاج المنتخب السعودي والعراقي من أجل حسم التأهل إلى كأس العالم؟    تصفيات المونديال في 3 قارات.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    حملات تفتيش على المنشآت السياحية بالأقصر للتحقق من تطبيق قانون العمل الجديد    مصر تدعم التنمية الزراعية في موريتانيا بإنشاء فرع مركز بحوث بنواكشوط    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    مصرع شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع في الغردقة    الأمن يفحص فيديو لشاب يستعرض بدراجة نارية بطريقة خطرة في أحد الطرق العامة    ذات يوم 14 أكتوبر 1994.. محاولة فاشلة لاغتيال نجيب محفوظ تنفيذا لفتوى ضالة من مفتى الإرهاب عمر عبدالرحمن بسبب رواية «أولاد حارتنا» ومرتكب الجريمة يعترف بأنه لم يقرأها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    الأمم المتحدة تخصص 11 مليون دولار إضافية لدعم العمليات الإنسانية في غزة    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    موعد الإجازة الرسمية المقبلة في مصر للقطاع العام والخاص (5 أيام بأكتوبر عطلة أسبوعية)    بحضور وزير الزراعة السوري.. «سويلم» يفتتح الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    مدير منظمة الصحة العالمية يعلن دخول 8 شاحنات إمدادات طبية إلى غزة    بسبب اللقاء المرتقب بين ترامب وشي جين بينج.. أسعار النفط تغلق على ارتفاع    توفير أكثر من 16 ألف يومية عمل ضمن اتفاقية تحسين مستوى المعيشة بالإسكندرية    توتر داخلي وعدم رضا.. حظ برج الدلو اليوم 14 أكتوبر    ارتياح بعد فترة من التوتر.. حظ برج القوس اليوم 14 أكتوبر    إسعاد يونس: خايفة من الذكاء الاصطناعي.. والعنصر البشري لا غنى عنه    بعد استبعاد أسماء جلال، هنا الزاهد مفاجأة "شمس الزناتي 2"    أحمد التايب للتليفزيون المصرى: مصر تحشد العالم لدعم القضية الفلسطينية    «شرم الشيخ» تتصدر مواقع التواصل ب«2 مليار و800 ألف» مشاهدة عبر 18 ألف منشور    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    التفاح والقرنبيط.. أطعمة فعالة في دعم صحة الكلى    4 طرق لتعزيز قوة العقل والوقاية من الزهايمر    علماء يحذرون: عمر الأب يحدد صحة الجنين وهذا ما يحدث للطفرات الجينية في سن 75 عاما    قرار جديد للشيخ سمير مصطفى وتجديد حبس صفاء الكوربيجي.. ونيجيريا تُخفي علي ونيس للشهر الثاني    ضبط 10 آلاف قطعة باتيه بتاريخ صلاحية مزيف داخل مخزن ببني سويف    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    محافظ قنا يشهد احتفالية قصور الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر    قرار من النيابة ضد رجل أعمال نصب على راغبي السفر بشركات سياحة وهمية    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الكوميديا في عصر الذكاء الاصطناعي
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 09 - 2023

تظاهر العديد من كتاب الكوميديا الأمريكية فى شهر مايو الماضى، للمطالبة بتحسين أحوالهم المادية والوظيفية فى ظل وجود أنظمة الذكاء الاصطناعى.. إذ يخشى كتاب السيناريو من احتمالية خسارة وظائفهم فى ظل وجود تقنيات ال AI. فى ضوء هذا، نشرت جريدة «فايننشال تايمز» مقالا للكاتبة جيليان تيت، تناولت فيه محاولة بعض الفرق الكوميدية الأمريكية الاستعانة بالروبوتات فى العروض الفكاهية لإضحاك الجماهير، مما يثير تساؤلا، هل تستطيع الأدوات المؤتمتة تقديم عروض كوميدية تماما مثل البشر؟ لذلك، أشارت الكاتبة إلى احتمالية ظهور فئة جديدة من الوظائف مستقبلا، ألا وهى صانع الكوميديا بالاشتراك مع الذكاء الاصطناعى... نعرض من المقال ما يلى:
بداية، تعج الشوارع المحيطة بمحطة جراند سنترال فى نيويورك، بالأشخاص مع ظهور جو توبلين، أحد أفضل كتاب الكوميديا التلفزيونية فى المدينة، البالغ من العمر 69 عاما، يرتدى السراويل الرياضية الفضفاضة وقبعة الشمس وقميصًا أبيض قائلا: «نقابة الكتاب فى حالة إضراب!»، ويضيف توبلين «نحن نتظاهر»، موضحًا أنه يعتصم مع أعضاء نقابة الكتاب الأمريكيين «WGA» أمام استوديوهات NBC فى روكفلر بلازا.
صراحةً، هناك تطور ملفت للنظر فى حبكة القرن ال21 للكوميديا، حتى مع مخاوف الاتحاد من أن الاستوديوهات قد تستخدم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعى لخفض الوظائف، فإن توبلين نفسه يتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدى من أجل الضحك.
للتوضيح، عندما طور العالم البريطانى آلان تورينج، فى الخمسينيات من القرن الماضى، «لعبة التقليد» التى عُرفت فيما بعد باسم «اختبار تورينج» لمعرفة ما إذا كانت أجهزة الكمبيوتر تستطيع إقناعنا بأنها قادرة على التصرف مثل البشر، حذر من أنه سيكون من الصعب للغاية على الآلات اجتياز هذه اللعبة من خلال إظهار روح الدعابة. والسبب هو أن الكوميديا تعد مثالا بليغا ومعقدا للثقافة الإنسانية، والتى على عكس لعبة الشطرنج لا يمكن تعريفها منطقيا بسهولة. وكما كتب تونى فيل، عالم الكمبيوتر الأيرلندى، فى كتابه «ذكاؤك هو أمرى»، فإن النكتة «مثل خدعة سحرية»، لأنك عندما تشرحها ببرود، فإنها تتوقف عن العمل.
لكن توبلين يعتقد أن التطورات الأخيرة فى مجال الذكاء الاصطناعى، من النوع الذى أدى إلى ظهور أدوات مثل ChatGPT، تخترق الآن هذه الحواجز والتحديات. فمثلا، شهد مهرجان إدنبرة هذا الشهر عروضًا لا يضحك فيها الكوميديون على الروبوتات فحسب، بل يضحكون معها.
توضح الكاتبة أن الكوميديا تنشأ من كيفية استجابة البشر لمخرجات الذكاء الاصطناعى، ومن لعبة يخمنون فيها ما هو بشرى أم لا، وهذا هو اختبار تورينج الحديث.
لكن هل يمكن لهذا التقليد أن يجعلنا نضحك حقا؟ أم يمكن اعتبار هذه الأدوات المؤتمتة هى النسخة الكوميدية من موسيقى المراهقين السطحية، التى سرعان ما ستفقد بريقها وتصبح مملة فيما بعد؟ إذا تمكنت الروبوتات من اختراق هذه القلعة الثقافية البشرية، فإن فكرة التُميز البشرى برمتها تواجه خطرا حقيقيا.
• • •
فى سياق متصل، النكات تلخص تعقيد المياه الثقافية التى نسبح فيها جميعًا. بمعنى أوضح، اسأل نفسك: لماذا بالضبط تضحك على أى شىء؟ فى اليونان القديمة، اعتقد الفيلسوف أفلاطون أن السبب فى ذلك هو أن النكات تعكس وتعيد إنتاج التسلسل الهرمى الاجتماعى: فالأشخاص الأقوياء يحبون الضحك على الضعفاء.
ومع ذلك، اعتقد فيلسوف القرن التاسع عشر آرثر شوبنهاور، بدلا من ذلك أن «سبب الضحك فى كل حالة هو الإدراك المفاجئ ل«التناقض»، أى الرغبة فى التوفيق بين التناقضات الموجودة دائمًا فى خرائطنا الثقافية. يتفق العديد من علماء النفس المعاصرين مع هذا الرأى، حيث ينظرون إلى الفكاهة كأداة تطورية لحل التوتر والموضوعات المثيرة التى نتجاهلها عادة، أو الصمت الاجتماعى.
الشىء الوحيد الذى يتفق عليه جميع طلاب الفكاهة تقريبًا هو أن النكات تقوى الروابط بين الأفراد. يعود السبب إلى أن الكوميديا تعتمد عادة على افتراضات مشتركة، وإن كانت فى كثير من الأحيان نصف مخفية. وبالتالى فإن ما تجده مجموعة مضحكة، لا تراه مجموعة أخرى مما يعنى أنك إذا فهمت المراد من النكتة، فأنت من المطلعين على بواطن الأمور، وإذا لم تفعل ذلك، فأنت لست كذلك. فالضحك يعتمد على السياق.
وهذا يجعل الأمر صعبًا على الروبوتات، أو هكذا كان يبدو. عندما تطور مجال الذكاء الاصطناعى فى النصف الثانى من القرن العشرين، بحث العلماء عن قواعد متسقة حول كيفية عمل الفكر البشرى، والتى يمكن تكرارها عبر تسلسل من الرموز. يعمل هذا النظام الرمزى بشكل جيد نسبيًا فى معالجة المشكلات المنطقية والعالمية، لكن الأمر يختلف مع الثقافة الإنسانية.
إذن، مع أن العلماء كانوا يحاولون استخدام أجهزة الحاسوب لتوليد النكات منذ فترة ويدعى هذا المجال الفكاهة الحسابية إلا أن النتائج كانت ضعيفة جدا.. إذ تقتصر على التورية. لكن حدث تحول كبير مؤخرًا فى كيفية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعى. يعد أحد الأسباب فى هذا التحول، هو تطوير باحثى جوجل براين Google Brain فى عام 2017، شكلا جديدًا من الذكاء الاصطناعى يستخدم ما يسمى بالمحولات لمراقبة ما يفعله البشر على نطاق واسع، عبر البيانات (أو «نماذج اللغة الكبيرة»)، ثم يستخدم التحليل الإحصائى لتكراره.
النقطة الأساسية التى يجب فهمها هى أنه فى حين حاولت أنظمة الذكاء الاصطناعى القديمة تقليد الفكر البشرى من خلال إنشاء مجموعة عالمية من القواعد المنطقية المصنوعة بشريا، فإن الذكاء الاصطناعى الإحصائى يحاكى ببساطة الأنماط التصاعدية التى يلاحظها، حتى لو بدت غير منطقية مثل طفل يتعلم لغة، أو أجنبى يحاول التأقلم مع ثقافة جديدة.
لكن هل هذا يعنى أن الروبوتات يمكن أن تكون مضحكة؟ قبل بضعة أسابيع، ذهبت الكاتبة إلى حانة عصرية فى بروكلين لمعرفة ذلك. كان هذا المكان المظلم الصاخب، المليء بجيل الألفية، يستضيف عرضًا قدمته فرقة من خبراء الذكاء الاصطناعى الذين تحولوا إلى فنانين كوميديين المعروفين باسم ComedyBytes، والتى تشكلت فى أواخر العام الماضى. تضع هذه الفرقة إنسانًا واحدًا فى مواجهة روبوت يستخدم إحدى أنظمة الذكاء الاصطناعى مثل ChatGPT. هذا النوع من العروض لا يحدث بعفوية وتلقائية مثل العروض البشرية. حيث تدرب فرقة «كوميدى بايتس» ComedyBytes الروبوتات الخاصة بها عن طريق إدخال الرسائل النصية إلى ChatGPT، واختبار استجابة الروبوت لهذه الرسائل، ثم تنسيق النكات والتفاعلات المضحكة. بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يتم كتابة الأداء، لأنه لا أحد يعرف بالضبط كيف سيستجيب الروبوت للأمر، ومع ذلك لا يتم العرض عشوائيًا مثل المحادثة البشرية.
فى بعض الأحيان، يتم انتهاك حقوق الملكية لبعض المشاهير من خلال تدريب هذه الروبوتات باستخدام أقوال وأعمال منسوبة لأشخاص بعينها، مثلا الممثلة الكوميدية سارة سيلفرمان. حيث انضمت سيلفرمان مؤخرًا إلى الدعاوى القضائية الجماعية مع اثنين من المؤلفين المرفوعة ضد OpenAI وMeta بسبب انتهاكهما المزعوم لحقوق الطبع والنشر لأنهما استخدما كتابها لتدريب أدوات الذكاء الاصطناعى الخاصة بهما. وفى حين أن نتيجة هذه الدعاوى لا تزال غير واضحة، فإن التحديات القانونية مثل هذه قد تؤدى فى النهاية إلى قص أجنحة عالم كوميديا الذكاء الاصطناعى، تمامًا كما تهدد استخدام الذكاء الاصطناعى لإنشاء الموسيقى.
إذا كان الأمر كذلك، فإن هذا ينطوى على نتيجتين إضافيتين: أولا، قد لا يكون الذكاء الاصطناعى هو الذى يدمر وظائف الكتّاب؛ وبدلا من ذلك، يمكن للآلات أن تكون بمثابة مساعدين لهم. ولهذا السبب، لا يرى توبلين أى تناقض فى حقيقة أنه يعمل على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعى الخاصة به والمشاركة فى إضراب نقابة الكتاب.
ثانيا، بقدر ما يبدأ البشر والروبوتات فى إلقاء النكات معًا، فقد يساعد هذا فى بناء بعض الجسور بين الجمهور والتكنولوجيا. بعد كل شىء، إذا كانت الكوميديا واحدة من الأشياء التى تعكس إنسانيتنا وتحددها، فقد يكون من الأسهل على الناس قبول أدوات الذكاء الاصطناعى إذا كانت بارعة خاصة عند التعامل مع المهام التى تتطلب التعاطف، مثل التدريس أو التمريض. «نحن نواجه وباء الوحدة. ويصر توبلين على أنه «إذا تعلم أحد مرافقى الذكاء الاصطناعى الفكاهة، فقد يساعد ذلك فى مكافحة مرض الوحدة».
جوهر القول، سيكون هناك فئة جديدة من الوظائف مستقبلا وهى صانع الكوميديا بالذكاء الاصطناعى. وهذا بالطبع هو السبب وراء تخلى توبلين، وفيل، وميروفسكى، وستابلز وآخرين عن صمتهم وسرد النكات الآن حتى لو لم يكن من الواضح مَن سيضحك أخيرا.. البشر أو الروبوتات.
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص الأصلى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.