العلم وحده لا يكفى لكى نوجد إنسانا ناجحا. لكن هناك أساليب أخرى كثيرة تصنع نجاح الشخصية. وتساهم إلى حد بعيد فى نموه الفكرى. من بين هذه الأساليب الاستماع إلى الموسيقى، والغناء. وبطبيعة الحال الأمر سوف يكون أفضل لو أن كل شخص منا تعلم كيف يلعب على إحدى الآلات الموسيقية. فى الماضى كان من الطبيعى أن تستمع إلى صوت البيانو والكمان، والعود، والجيتار، والقانون يخرج من البيوت المصرية. وكان الناس يستمعون إلى كل ألوان الموسيقى، والغناء. كانوا يسمعون أم كلثوم، وعبدالوهاب، وعبدالحليم، وهم يقدمون الأغنية العربية الكلاسيكية. وفى نفس الوقت كانوا يستمعون إلى الفرانكوآراب من محمد فوزى، ومنير مراد. والأصوات ذات الطبيعة الخاصة مثل أسمهان، وليلى مراد، وعبدالمطلب. إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية العالمية. وبالطبع إلى الجاز، والبوب، والبلوز، وغيرها من الأشكال الغربية. كان المستمع المصرى لديه ثقافة الاستماع عالية جدا. وقدرته على التذوق فاقت كل الحدود، وكنا فى نفس الوقت نمتلك نهضة معمارية، واقتصادية، ورياضية. كانت مصر فى كل شىء متقدمة. الآن ماذا يحدث؟ على النقيض تماما الشعب لم يعد يسمع سوى تامر حسنى أو شىرين، ونانسى، واليسا وهيفاء.. أغنية تنتشر تخطف كل قنوات السمع التى يمتلكها الإنسان منا. وبالتالى تظهر أغنية، وتموت معها مئات الأغانى الأخرى.. وبالتالى هناك أسماء كثيرة كبيرة فى عالم الغناء. أصبح شبابنا يسخر منهم. ويردد عبارة « يا عم كبر هو ده بيعمل إيه دلوقتى». تصوروا هذا الكلام يقال على أسماء، كل اسم فيهم يمتلك موهبة تساوى جيلا من الموجود الآن. لأنهم تربوا على ثقافة سمعية جيدة. واستمعوا إلى كل الأشكال الغنائية والموسيقية. لذلك من الطبيعى أن نجد جمهور الموسيقى العربية فى مصر لا يتعدى نسبة 1٪ من المستمعين. فى الوقت الذى لا يتعدى حضور حفلات الغناء الأوبرالى، والموسيقى الكلاسيكية التى يلعبها الأوركسترا السيمفونى ال1200 شخص من تعداد دولة يصل سكانها نحو 75 مليون نسمة. وأحيانا يحضر حفلات الأوركسترا جمهور يعد على أصابع اليد الواحدة. رغم أن خروج هذا الحفل للنور يساوى ملايين الجنيهات. إذن هناك نظرة متخلفة للموسيقى فى مصر. مشكلة عدم التذوق الموسيقى. والاستماع إلى لون واحد من الغناء. وعدم وجود ثقافة سمعية متى نصفق، ومتى نسمع؟.. وغيرها. كل هذه القضايا سببها، عدم اقتناع الدولة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم بأهمية حصة الموسيقى فهى إن وجدت وأشك فى ذلك تتحول إلى حصة للنميمة، وهو ما يعطى انطباعا لدى الطفل بأن هذا الأمر «هايف». ولا يتطلب اهتمامه. وبالتالى يتكون لديه إحساس داخلى يولد فى هامش الشعور، ويتنامى مع تقدم العمر ومرور الوقت بأن وجود الموسيقى أو عدم وجودها فى حياة الإنسان منا فى مصر سواء. وبطبيعة الحال أصبح الشاب يفقد حاسة السمع ويتعامل بشكل سيئ يصل إلى حد السخرية منها... وهو أمر مهين.. وأعتقد أن المدارس الأجنبية فى مصر أوجدت حالة أخرى استفاد منها كل الدارسين فيها. لأن هذه المدارس تسعى إلى استقطاب متخصصين لتدريس الموسيقى، وبالتالى تكون شخصية التلميذ متزنة. ولنا عودة فى ملف كامل عن حصة الموسيقى.