أبرز تصريحات وزير التعليم عن اهتمام القيادة السياسية بالملف التعليمي    فصل التيار الكهربائي عن بعض قرى دكرنس في الدقهلية الجمعة.. اعرف الأماكن    السلطات الأمريكية: مقتل عنصر من شرطة ولاية ديلاوير في إطلاق نار    إعلام ليبي: وفد حكومي سيتوجه إلى أنقرة لمتابعة حادث تحطم طائرة الحداد    الجيش الصومالي يشن عملية عسكرية بمحافظة شبيلي السفلى    تونس تسحق أوغندا بثلاثية في كأس الأمم الإفريقية 2025    أمم أفريقيا 2025| تونس تبدأ مشوارها بالفوز على أوغندا بثلاثية مثيرة    أخبار مصر اليوم: 6 مليارات جنيه استثمارات "التجارة الداخلية" لإنشاء مناطق لوجيستية، المصريون بالخارج يبدأون التصويت في ال19 دائرة انتخابية ملغاة بانتخابات النواب    كورال "شباب مصري" يحيي حفل غنائي بقصر الأمير بشتاك، الجمعة    وزير السياحة يبحث مع سفير هولندا سبل تعزيز التعاون المشترك في مجالي السياحة والآثار    لهذا تآمروا على غزة ولم يتركوها حتى لمصيرها .. #إبستين مصيدة لا أخلاقية لابتزاز النخب الخليجية    طارق الشيخ: الغناء موهبة من الله فخور بها    محافظ دمياط: قطاع الصحة يشهد طفرة غير مسبوقة فى أعمال التطوير    بفستان أحمر قصير.. إيمان العاصي تثير الجدل في أحدث ظهور    "الوطنية للانتخابات": بدء تصويت المصريين بالخارج بجولة الإعادة في 19 دائرة انتخابية    أحمد رفعت: «الوسط الفني مجاملات وكله محسوبية»    «طلقنى» للجمهور من اليوم !    مقتل 5 من رجال الشرطة في هجوم شمال غرب باكستان    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تعلن تعليمات هامة للطلاب استعدادًا لامتحانات الفصل الدراسي الأول    رئيس الجمارك يوضح آلية التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» ويؤكد استمرارية دور المستخلص إلكترونيًا    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الدفاع الإيطالي: لا خلافات داخل الحكومة بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    الصليب الأحمر: الوضع الإنساني في غزة كارثي والحاجة ملحة لتدفق المساعدات دون عوائق    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    جامعة كفر الشيخ تكرم طلاب «الذكاء الاصطناعي» الفائزين في مسابقة للمطورين    وقف إطلاق النار في مهب الريح ..الاحتلال يعمل على تهجير الفلسطينيين بتفريغ قطاع غزة من مقومات الحياة    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    تفاصيل البروتوكول الموقع بين القومي لحقوق الإنسان والنيابة الإدارية    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    «اليونسكو» تكرم محافظ المنوفية تقديراً لجهوده في دعم التعليم | صور    وزارة «التضامن» تقر قيد 4 جمعيات في محافظتي القاهرة والقليوبية    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    صدام نارى بين الأهلي وغزل المحلة اليوم في كأس الرابطة.. الموعد والقناة الناقلة    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانطلاق مع فرقة فوزى الجزايرلى عام 1917
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 05 - 2009

يختلف مؤرخو «محمد عبدالوهاب» حول تاريخ ميلاده. بعضهم يجعل تاريخ ميلاده بين سنة 1900 وسنة 1901 ولكن البعض يرجح أنه ولد سنة 1897 كما دلت الشهادات المتداولة من أقرب أقرانه وأصدقائه، وكما دلت عليه بداية عمله فى دور البطولة سنة 1921 بمسرح «سيد درويش». وعلى كل حال عندما توفى عبدالوهاب عام 1991 ذكر البيان الحكومى الرسمى أن عمره كان 88 سنة.
ولد فى 13 مارس بحى باب الشعرية، ونشأ فى بيئة دينية، حفظ وجوَّد جانبا من القرآن الكريم. وكان فى الوقت نفسه، يهيم بالغناء، ويستهويه صوت الشيخ سلامة حجازى وعبدالحى حلمى. وهما من أشهر مطربى تلك الفترة واستطاع على حداثة سنه أن يحفظ بعض أعمالهما.
بدأ حياته الفنية عام 1917 بفرقة فوزى الجزايرلى، التى كانت تعمل على مسرح الكلوب المصرى، بحى سيدنا الحسين. كان يغنى خلال فترات الاستراحة بين فصول الروايات القصائد التى حفظها، لقاء بضعة قروش. وكان عبدالوهاب يمارس نشاطه سرا دون أن يعلم أحد من أفراد أسرته، متخذا لذلك اسما مستعارا هو محمد البغدادى، وبالرغم من هذا، تم اكتشاف أمره أكثر من مرة، وقوبل بالعنف من قبل أخيه الشيخ حسن. ولم تجد الشدة والعنف مع عبدالوهاب شيئا، بل زاداه إصرارا على المضى فى طريقه، وكانا حافزا له على مواصلة مشواره.
بداية الشهرة
فى عام 1918 تهيأت لعبدالوهاب الفرصة للعمل بفرقة عبدالرحمن رشدى المحامى فى مسرحية «الشمس المشرقة»، واكتسب خبرة ومرانا ومعرفة. ولكن فرحته لم تدم طويلا.
فقد حدث فى إحدى الليالى أن سمعه أمير الشعراء أحمد شوقى وهو يغنى إحدى قصائد الشيخ سلامة حجازى وهى: «ويلاه ما حيلتى ويلاه ما عملى» فطلب منعه من الغناء حماية له وإشفاقا عليه، مما كان عليه أسوأ الأثر فى نفسية عبدالوهاب.
وفى عام 1921 اختاره سيد درويش للقيام بدلا منه بدور البطولة الغنائية «زعبلة»، فى أوبريت «شهر زاد» الذى كانت فرقته الخاصة تقدمه، على مسرح كازينو دى بارى، أمام مطربة الفرقة «حياة صبرى».
وتفتحت آفاق عبدالوهاب وازدادت خبرته وقدراته من خلال عمله فى فرقة سيد درويش وأتيحت له الفرصة لكى ينهل من فيض فنه. وفى عام 1922 سافر عبدالوهاب مع فرقة نجيب الريحانى فى رحلة فنية إلى الشام، ولكنها لم تحقق النجاح المأمول.
دراسته للموسيقى
بدأ عبدالوهاب دراسته عام 1924 بنادى الموسيقى الشرقى «معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية» فيما بعد، وكان من أساتذته درويش الحريرى ومحمود رحمى «موشحات وإيقاعات ومحمد القصبحى «عود».
عُين عبدالوهاب فى أثناء دراسته بالمعهد مدرسا للأناشيد بمدارس وزارة المعارف عام 1925، حيث كان يلقن التلاميذ الأناشيد الوطنية المشهورة فى ذلك الوقت، مثل «بلادى بلادى» لسيد درويش و«اسلمى يا مصر» لصفر على.
وكان من تلاميذه مصطفى أمين وعلى أمين وصالح جودت وإحسان عبدالقدوس. كما تلقى بعض الدروس فى الموسيقى العالمية فى معهد برجرين عام 1927 على يد الموسيقى الروسى «شتالوف»، وكانت دراسة شخصية تركت فى عبدالوهاب أثر التطلع إلى الموسيقى الأوروبية، ولكنه اعتمد على عصاميته ونبوغه الخاص. وترك التدريس واقتصر على الغناء والتلحين.
احتراف الغناء وعلاقته بالمسرح الغنائى
فى عام 1926 صاغ عبدالوهاب بعض الألحان التى تحمل رؤيته المتجددة، ثم اشترك فى وضع ألحان بعض الروايات المسرحية منها «المظلومة» و«العذارى» لفرقة منيرة المهدية و«قنصل الوز» لفرقة الريحانى و«مراتى فى الجهادية» لفرقة أمين صدقى.
وفى منتصف عام 1926 عهدت إليه منيرة المهدية باستكمال تلحين رواية «كليوباترا ومارك أنطونيو» تأليف يونس القاضى وأمين نخلة وكان سيد درويش قد لحن الفصل الأول منها، وجزءا من الفصل الثانى. قام عبدالوهاب بدور «أنطونيو» أمام منيرة المهدية، على مسرح برنتانيا فى يناير عام 1927.
وكان هذا الحدث، مثار حديث الوسط الفنى، إذ كيف يتولى ملحن مبتدئ، تكملة عمل كبير بدأه سيد درويش فى زمن تألق فيه نجوم المسرح الغنائى كامل الخلعى وداود حسنى وإبراهيم فوزى وزكريا أحمد؟! وكيف يتقاسم مطرب ناشئ الغناء مع منيرة المهدية التى كانت تلقب بسلطانة الطرب فى وقت تألق فيه نجوم الغناء، صالح عبدالحى وزكى مراد وحامد مرسى وسيد شطا؟
وصل عبدالوهاب مسيرته الفنية بنجاح، وأتاح له المسئولون فى معهد الموسيقى العربية، الفرصة للغناء فى حفل افتتاح المعهد فى ديسمبر 1929، وغنى لأول مرة أمام الملك السابق أحمد فؤاد الأول مونولوج «فى الليل لما خلى» وهو من الأغاريد التى نظمها أمير الشعراء أحمد شوقى باللغة العامية، وفيه فجر عبدالوهاب طاقاته الفنية، واستخدم للمرة الأولى آلة الفيولونسيل وآلة الكاستانيت.
وتزوج عبدالوهاب عام 1931 من السيدة زبيدة الحكيم.
عبدالوهاب والسينما
فى عام 1933 اعتزل عبدالوهاب إقامة الحفلات الغنائية على المسرح إلا نادرا، وبدأ مشواره الفنى مع السينما الذى استمر من ديسمبر 1933 حتى عام 1946. وقد أنتج خلال هذه الفترة سبعة أفلام، بدأها بفيلم «الوردة البيضاء 1933» ثم «دموع الحب 1935» و«يحيا الحب 1938» و«يوم سعيد 1940م» و«ممنوع الحب 1942» و»رصاصة فى القلب 1944» .
وكان آخرها «لست ملاكا 1946» وجميع هذه الأفلام من إخراج محمد كريم. وقد ظهر محمد عبدالوهاب مرتين كضيف شرف فى فيلم «غزل البنات 1949» وهو يغنى أغنية «عاشق الروح»، وفى فيلم «منتهى الفرح 1963» وهو يؤدى أغنية «قالوا لى هان الود عليه»، كما استمر فى تلحين بعض أغانى الأفلام لمطربات ومطربين آخرين.
وفى عام 1941 تم الطلاق بينه وبين السيدة زبيدة الحكيم، وفى عام 1944 تزوج من السيدة إقبال نصار حتى عام 1957، ثم تزوج من السيدة نهلة القدسى عام 1958.
علاقته بأحمد شوقى
بدأت صلة عبدالوهاب بأمير الشعراء بصورة حقيقية فى عام 1924، الذى يعد أسعد الأعوام فى حياة عبدالوهاب، بل بداية عهد جديد له.
فقد استمع إليه أمير الشعراء فى حفلة أقامها نادى الموسيقى الشرقى، بفندق سان ستيفانو بالاسكندرية، وهو يغنى دور محمد عثمان الخالد «جددى يا نفس حظك»، وموشح «ملأ الكاسات وسقانى» لمحمد عثمان أيضا. وفى هذه المرة، حاز عبدالوهاب إعجاب شوقى فاستدعاه إلى مقصورته واستقبله باستحسان وطلب إليه أن يتردد عليه فى القاهرة.
تبنى «شوقى» «عبدالوهاب»، وقام برعايته وتوجيهه، وأعد له غرفة خاصة فى داره كرمة ابن هانئ، بالجيزة، أطلق عليها «عش البلبل». وغنى عبدالوهاب من كلمات شوقى وتلحينه طقطوقة «دار البشاير» فى حفل زفاف على شوقى ابن أحمد شوقى عام 1924. وظل عبدالوهاب فى معية شوقى وفى رحابه حتى آخر يوم فى حياته.
ويدين له عبدالوهاب بمآثر لا تعد ولا تحصى، فقد تعرف على أصدقائه من الزعماء والصحفيين والأدباء والشعراء، حتى أصبح لا يخلو منه مجلس من مجالسه، وشجعه على تعلم اللغة الفرنسية وكان يصحبه معه فى رحلاته إلى الشام وباريس، وهيأ له كل وسائل الاستماع إلى الموسيقى العالمية. وظل عبدالوهاب قريبا منه حتى وفاته عام 1932، وغنى فى حفل تأبينه قصيدة «حطموا الأقداح».
فكان شوقى الأب الروحى لعبدالوهاب، وفيا لمعلمه وأستاذه، فلم يتوقف عن غناء أشعاره بعد رحيله، بل كان حريصا على أن تتضمن بعض أفلامه أشعارا لشوقى، منها «النيل نجاشى حليوه أسمر» فى فيلم «الوردة البيضاء»، والمشهد الرائع من مسرحية «مجنون ليلى» الذى لحنه عبدالوهاب بأسلوب أوبرالى وشاركته فيه الغناء أسمهان فى فيلم «يوم سعيد» وفى فيلم «دموع الحب» غنى لابنه الشاعر حسين أحمد شوقى قصيدة «سهرت منه الليالى» التى استعان فيها بإيقاع التانجو الراقص بأسلوب جذاب.
نظرة تخصصية لمشواره الفنى
فى بداية حياته الفنية، كان يقوم بالتقليد والمحاكاة للأسلوب الشائع لأساتذته فى تلك الفترة، وتعد هذه الفترة تعرفا على المقامات العربية والأساليب المختلفة للتلحين فى القوالب العربية.
طور عبدالوهاب فى أسلوب أداء القصائد والأغانى الطويلة والتعبير عن الكلمة والمضمون، فجاء الغناء فى خدمة الشعر مع الاهتمام باللزم الموسيقية والمقدمات الموسيقية.
أبدع عبدالوهاب فى قالب الموال حيث أضاف مجموعة من المواويل العاطفية المحكمة الصياغة والمكتملة البناء. كما اهتم بقالب المونولوج، وبدت ملامح التجديد فى مونولوج «الليل يطول على» وفى مونولوج «فى الليل لما خلى» الذى استخدم فيه الشيللو والكاستانيت بالإضافة إلى التعبير الموسيقى.
ندر غناء عبدالوهاب فى الحفلات العامة بالمسارح منذ سنة 1940، إلا أن عطاءه كان متصلا من خلال تسجيلاته سواء أكانت بالإذاعة، أو على اسطوانات تجارية، وكانت تروى ظمأ عشاق صوته، ومحبى فنه.
كان عبدالوهاب من أوائل الفنانين الذين اتجهوا إلى التأليف الموسيقى الآلى، فاستطاع أن يجعل للموسيقى البحتة أو الخالصة عشاقها الذين يستمتعون بها بقدر استمتاعهم بالغناء، كما استخدم فى بعضها الأصوات البشرية.
وتربت أصوات كثيرة من أهل الغناء فى مصر والوطن العربى على أنغام بدائع عبدالوهاب، وغنى ألحانه عدد كبير من المطربين والمطربات، منهم: فاطمة سرى ومحمد عبدالمطلب ونجاة على وليلى حلمى وعبدالغنى السيد ورجاء عبده وليلى مراد وشهر زاد ونجاة الصغيرة وعبدالحليم حافظ وفايزة أحمد وشادية وصباح ووديع الصافى وسعد عبدالوهاب ووردة وياسمين الخيام وسوزان عطية ومحمد ثروت وتوفيق فريد.
ومن الأصوات التى تبناها عبدالوهاب وقدمها للمستمعين بنفسه محمد أمين ورءوف ذهنى، كما قدم جلال حرب فى فيلم «الحب الأول». وكان عبدالوهاب صاحب مدرسة فى الأداء الغنائى، وفى التلحين وفى التأليف الموسيقى وفى العزف على العود، وتأثر به معظم الملحنين المعاصرين.
وتعانق فن عبدالوهاب مع صوت كوكب الشرق أم كلثوم فى «إنت عمرى» فى 6 من شهر فبراير من عام 1964، وتوالت بعدها الروائع التى غنتها له وبلغ عددها عشرة أعمال.
وواكب فن عبدالوهاب الأحداث الوطنية كافة التى مرت بها مصر، وقدم الكثير من الألحان الحماسية الفردية والجماعية، منها ما غناه بصوته، ومنها ما انفرد بغنائه بعض المطربين والمطربات، ومنها ما شاركت فيه مجموعة من الفنانين والفنانات.
أما ملكة التجديد، التى كان عبدالوهاب يتمتع بها، فلم تفارقه فى أى مرحلة من مراحل حياته الفنية، خاصة فى أفلامه السينمائية، فقد جمل ألحانها ببعض الآلات الموسيقية الغربية، مثل آلة الأكورديون فى قصيدة «سهرت منه الليالى» فى فيلم «دموع الحب»، وآلة البيانو فى قصيدة «الصبا والجمال» فى فيلم «يوم سعيد» والجيتار فى لحن «إنسى الدنيا وريح بالك» فى فيلم «رصاصة فى القلب».
وفى آخر أفلامه «لست ملاكا» الذى شاركته فيه الغناء نور الهدى استخدم آلة الكورنو فى قصيدة «الخطايا»، كما بلغ ذروة النجاح فى توظيف أصوات الكورال فى مهرجان القمح، بأسلوب علمى راق، وأيضا استخدم الماندولين فى لحن «عاشق الروح» فى فيلم «غزل البنات».
وقد تولدت الفكرة الأولى لاستعمال الإيقاعات الغربية فى ألحانه وأغانيه عندما سافر مع أمير الشعراء أحمد شوقى إلى فرنسا عام 1927، وزار الأوبرا واستمع إلى الحفلات الموسيقية. وبدأ يطعم ألحانه بالإيقاع الغربى مع مهارة الاحتفاظ باللحن العربى الأصيل. ومن الإيقاعات الغربية التى استخدمها عبدالوهاب: الفالس، الرومبا، المامبو، السامبا، الكوكاراتشا، التانجو، والفوكس.
واستطاع عبدالوهاب أن يحتفظ بمكان الصدارة فى الغناء والتلحين، ما يقرب من ستين عاما، وذلك بفضل جديته وإخلاصه لفنه وتفانيه وذكائه وفكره الموسيقى المتجدد ودقته البالغة فى انتقاء كلمات ألحانه وتنفيذها وتطلعاته الوثابة، والبحث عن كل ما هو جديد ومبتكر.
توفى عبدالوهاب فى اليوم الثالث من شهر مايو عام 1991. فكان من جيل الملحنين العمالقة فى العصر الحديث. وشيعت جنازته عسكريا بقرار من رئيس الجمهورية حسنى مبارك، وهو تقدير وتكريم غير مسبوق لأى فنان.
تقدير وتكريم
عمت شهرته الآفاق وتعدت الوطن العربى إلى العالمية مما أهله لنيل الأسطوانة البلاتينية من جمعية المؤلفين بفرنسا يوم الخميس 2 فبراير عام 1978م تقديرا لأعماله «مجموعة شركات EMI»، سلمها له محمد حسنى مبارك عندما كان نائبا للرئيس وتزن ربع كيلو جرام من البلاتين، داخل إطار مذهب.
حصل على أوسمة ونياشين أهمها: نيشان النيل عام 1937 من الملك فاروق، وسام الاستقلال الليبى عام 1955، وسام الأرز من لبنان عام 1957، وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1960، قلادة النيل عام 1965، وسام الاستحقاق السورى من الدرجة الأولى عام 1967.
جائزة الدولة التقديرية للفنون عام 1967،القلادة الأولى من الأردن عام 1970، والدكتوراة الفخرية عام 1975، حصل على لقب فنان عالمى من جمعية المؤلفين والملحنين بباريس عام 1983، منحه السلطان قابوس الوسام الأكبر العمانى عام 1984، وأيضا حصل على عصا القيادة الفضية فى «ألبرت هول Albert Hall» بلندن عام 1988، بالإضافة إلى وسام العلوم والفنون عام 1989، كما حصل على الوشاح الأول من الرئيس بورقيبة، كذلك منحته الأردن وسام الاستقلال.
ألقاب عبدالوهاب
مطرب الملوك والأمراء، موسيقار الأجيال.. ومن الألقاب الفخرية: دكتور ولواء.
مناصبه
سنة 1954: تولى منصب نقيب الموسيقيين، ثم رئاسة مجلس جمعية المؤلفين والملحنين لعدة مرات.
سنة 1983: اختير لعضوية مجلس الشورى بالتعيين.
سنة 1983: اختير لعضوية اللجنة الموسيقية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.
سنة 1983: اختير لعضوية مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى.
أقيم لمحمد عبدالوهاب متحف فى مبنى معهد الموسيقى العربية بشارع رمسيس بمدينة القاهرة، وهو المعهد الذى تلقى فيه عبدالوهاب دروسه الموسيقية فى بداية حياته الفنية، ثم تهيأت له بعد ذلك فرصة إحياء حفل موسيقى عام 1929م حضره الملك فؤاد الأول والأسرة المالكة وصفوة من الأمراء والأعيان وغنى فيها مونولوج «فى الليل لما خلى» تأليف أحمد شوقى.
وقد أظهر فى هذا العمل نبوغه وإبداعه مع إضافة بعض الآلات الموسيقية التى لم تكن مستخدمة من قبل.
ويضم متحف محمد عبدالوهاب مجموعة من مقتنياته الشخصية، مثل العود والمقعد.. والجوائز التى منحت تكريما له من مختلف الدول العربية والعالمية، إلى جانب كثير من تسجيلاته ومختلف أعماله الفنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.