تسعى ليبيا التي اعتاد زعيمها معمر القذافي على الإدلاء بمداخلات مثيرة للجدل أمام أقرانه العرب، إلى منح المزيد من الصلاحيات لرئاسة القمة العربية خلال تلك التي تستضيفها بلاده للمرة الأولى السبت والأحد في سرت. وكان القذافي قد تميز خلال القمم العربية السابقة التي حضرها بتصريحاته المثيرة للجدل. وقال دبلوماسي عربي طلب عدم كشف هويته: "هذه المرة الوضع مختلف. القذافي يستضيف القمة وكل خطوة أو تصريح غير محسوب يمكن أن يؤدي لفشل القمة". وكان الزعيم الليبي قد انسحب من الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الأخيرة في الدوحة وذهب لزيارة متحف. وفي قمة 1988 شوهد وهو يرتدي قفازا أبيض في يده اليمنى. وأشير حينها إلى أنه كان يسعى لتفادي مصافحة "من تلطخت أيديهم بالدماء". وفي القمة التي تلتها، جلس إلى جانب العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، وكان يدخن السيجار. وكان القذافي قد هدد، بسبب خيبة أمله في الزعماء العرب، بمغادرة الجامعة العربية وأصبح يركز اهتمامه على أفريقيا. وقال مصدر ليبي طلب عدم كشف هويته: "نريدها قمة جدية للم الشمل ورص الصفوف ونريد تفادي أي مناوشات"، مضيفا غير أن الأمر ليس دائما بيدنا، في إشارة إلى احتمال أن تأتي المناوشات من دولة أخرى. وأشارت اللافتات المرفوعة في "مجمع قاعات واجادوجو" مقر انعقاد القمة، وعلى طول الطريق الممتدة من مطار سرت إلى المدينة، إلى توجه القيادة الليبية الساعي إلى تفادي الخلافات. ومن هذه الشعارات "لا وقت للخلافات، إنه وقت العمل العربي المشترك"، و"مصلحة الأمة فوق الخلافات". وقال مصدر دبلوماسي عربي للوكالة الفرنسية إن ليبيا ستعرض على القمة "منح المزيد من الصلاحيات لرئاسة القمة". كما أكد محمد الطاهر سيالة نائب وزير الخارجية الليبي: "أن ليبيا تتحدث دائما عن تطوير المنظومة العربية وعمل الجامعة"، وهي لذلك تسعى إلى "تفعيل مجلس الأمن والسلم بحيث تصبح هناك آليات وعن صلاحيات الرئاسة وليس أن تكون (محصورة) في اجتماع قمة يعقد وينفض". وأكد أن رئاسة القمة التي ستتولاها بلاده يجب أن "يكون لها دور فاعل بين فترات انعقاد القمة وأن تقود العمل في الأمانة العامة للجامعة". وأشار المصدر الدبلوماسي العربي إلى أن ليبيا ستقترح إنشاء "مفوضية عربية" على غرار المفوضية الأوروبية وتلك الأفريقية مع تعيين وزير عربي "للشئون الخارجية" واستحداث منصب مسئول مكلف بالدفاع. أما التجهيزات الميدانية، فقد اجتهد العمال حتى ساعة متأخرة من مساء الأربعاء في تنظيف وإنهاء أشغال الطرقات، وخصوصا تلك المؤدية إلى مقرات قادة الدول وضيوف القمة. وتعززت الإجراءات الأمنية في مدينة سرت الهادئة عادة، وهي مسقط رأس العقيد القذافي والتي يمضي فيها معظم فترات السنة وحيث تنظم أيضا الأحداث الكبرى في ليبيا، رغم طاقة الاستضافة الفندقية المحدودة فيها. وسيتم استضافة عدد كبير من الصحفيين الذين يغطون القمة في سفينة سياحية استقدمتها السلطات إلى ميناء هذه المدينة الصغيرة المطلة على المتوسط.