"حتى لو متّ، أفكاري وكتبي حية باقية لا تموت".. تمر اليوم الكرى السنوية الأولى لرحيل الكاتبة والروائية نوال السعداوي، إذ رحلت عن عالمنا في 21 مارس 2021، والتي أمضت عقودا من عمرها مدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، من خلال مقالاتها وكتاباتها ومحاضراتها، وواجهت سلسلة من التحديات لتابوهات المجتمعية والعادات والتقاليد التي تقيد حرية المرأة في المجتمعات العربية. اشتهرت السعداوي، بمحاربتها لظاهرة ختان الذكور والإناث، ووصفت في كتابها "الوجه العاري للمرأة العربية" خضوعها لعملية "الختان"المؤلمة على أرضية الحمام بينما وقفت والدتها إلى جوارها، وناضلت السعداوي طوال حياتها ضد ختان الإناث، حتى تم تجريم عادة "ختان الإناث في مصر" عام 2008. عبر مسيرتها الطويلة، آراءً جريئة ومثيرة ♦النشأة ولدت نوال السعداوي في 27 أكتوبر عام 1931 بقرية كفر طحلة إحدى قرى مركز بنها التابع لمحافظة القليوبية. كانت الطفلة الثانية من بين تسعة أطفال، أصرّ والدها على تعليم جميع أولاده، وكان والدها مسؤولاً حكومياً في وزارة التربية والتعليم، وكان من الذين ثاروا ضد الاحتلال البريطاني لمصر والسودان كما شارك في ثورة 1919، وكعقاب له تم نقله لقرية صغيرة في الدلتا وحرمانه من الترقية لمدة 10 سنوات. استمدت منه احترام الذات ووجوب التعبير عن الرأي بحرية ودون قيود مهما كانت النتائج، كما شجعها على دراسة اللغات، توفي كلا والديها في سن مبكرة لِتُحملَ نوال العبء الكبير للعائلة. ♦ مسيرة حافلة تخرجت نوال من كلية الطب جامعة القاهرة في ديسمبر عام 1955 وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة وتخصصت في مجال الأمراض الصدرية وعملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني. خلال عملها طبيبةً لاحظت المشاكل النفسية والجسدية للمرأة الناتجة على الممارسة القمعية للمجتمع والقمع الأسري. ففي أثناء عملها طبيبةً في مكان ميلادها بكفر طحلة، لاحظت الصعوبات والتمييز الذي تواجهه المرأة الريفية. ونتيجةً لمحاولتها للدفاع عن إحدى مرضاها من التعرض للعنف الأسري، نُقلت مرة أخرى إلى القاهرة لتصبح في نهاية المطاف المدير المسؤول عن الصحة العامة في وزارة الصحة. في عام 1972 نشرت كتاب بعنوان "المرأة والجنس"، مواجهة بذلك جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة كالختان والطقوس التي تقام في المجتمع الريفي للتأكد من عذرية الفتاة، وأصبح ذلك الكتاب النص التأسيسي للموجة النسوية الثانية، وكنتيجة لتأثير الكتاب الكبير على الأنشطة السياسية أقيلت نوال من مركزها في وزارة الصحة، لم يكتف الأمر على ذلك فقط فكلفها ذلك أيضا بمركزها كرئيس تحرير مجلة الصحة، وكأمين مساعد في نقابة الأطباء. من عام 1973 إلى عام 1976 اهتمت نوال بدراسة شؤون المرأة ومرض العصاب في كلية الطب بجامعة عين شمس. ومن عام 1979 إلى 1980 عملت مستشارةً للأمم المتحدة في برنامج المرأة في أفريقيا (ECA) و الشرق الأوسط (ECWA). أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982، كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، استطاعت نوال أن تنال ثلاث درجات فخرية من ثلاث قارات، ففي عام 2004 حصلت على جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوروبا، وفي عام 2005 فازت بجائزة إينانا الدولية من بلجيكا، وفي عام 2012 فازت بجائزة شون مأكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا. شغلت نوال السعداوي العديد من المناصب مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة في القاهرة، الأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة، غير عملها كطبيبة في المستشفي الجامعي. كما نالت عضوية المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. وأسست جمعية التربية الصحية وجميعة للكاتبات المصريات. وعملت فترة رئيسة تحرير مجلة الصحة بالقاهرة، ومحررة في مجلة الجمعية الطبية. ♦ أعمالها الأدبية بدأت نوال الكتابة مبكرًا، فكان أول أعمالها عبارة عن قصص قصيرة بعنوان «تعلمت الحب» (1957) وأول رواياتها «مذكرات طبيبة» (1958). ويُعد كتاب «مذكراتي في سجن النساء» (1982) من أشهر أعمالها. صدر لها أربعون كتابا أعيد نشرها وترجمة كتاباتها لأكثر من 20 لغة وتدور الفكرة الأساسية لكتابات نوال السعداوي حول الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحي ثقافية واجتماعية وسياسية. في عام 1972، نشرت أول أعمالها غير القصصية بعنوان "المرأة والجنس"، ومن أعمالها أيضا: الأنثى هي الأصل، الرجل والجنس، المرأة والصراع النفسي، كانت هي الأضعف، الغائب، الوجه العاري للمرأة العربية، الأنثى هي الأصل.