حملة مكثفة لرفع المخلفات وتجميل شوارع بورفؤاد: رئيس المدينة يتابع جهود النظافة بالمساكن الاقتصادية    محافظ القليوبية يناقش مشروع الخريطة الرقمية التفاعلية لخريجي "كريتيڤا"    حكومة غزة: اختطاف الطبيب الهمص جريمة حرب وإسرائيل مسئولة عن حياته    بيراميدز يكشف تفاصيل إصابة زلاكة    محمد شريف يقود هجوم الأهلي في ودية الملعب التونسي    ريال مدريد يجدد اهتمامه بمدافع ليفربول    مايكروسوفت تطلق إصلاحا لثغرة أمنية خطيرة في برنامج شير بوينت    وزير الصحة يتفقد تطوير مستشفيات الأورام والتل الكبير التخصصي ومركز طب الأسرة بالمحسمة القديمة    فحص عيادات وصيدليات فنادق البحر الأحمر وغلق فوري للمخالفين بعد شكاوى السائحين    مدير الإغاثة الطبية في غزة: القطاع يعاني من حالة جوع قاسية لم يشهدها من قبل    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    حلال أم حرام؟.. عالم أزهري يوضح حكم أرباح السوشيال ميديا    بأكثر من 3000 مونوجراف.. هيئة الدواء تطلق دستورًا دوائيًا وطنيًا بمعايير عالمية    أبو يطرح ألبوم «توبة» على طريقة الغناء الشعبى وسط أجواء حقيقية (فيديو)    نيجيريا تعلن دعم ترشيح الدكتور خالد العنانى لمنصب مدير عام اليونسكو    بيان مشترك ل25 دولة: حرب غزة لابد أن تنتهي الآن.. ومعاناة المدنيين غير مسبوقة    «المسرحجي الفصيح».. ندوة بالمهرجان القومي للمسرح تحتفي ب أحمد عبدالجليل    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    تهنئة من هيئة قضايا الدولة لرئيس مجلس الدولة بمهام منصبه    جريمة أسرية في القليوبية.. والمباحث تكشف اللغز    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا لرئيس الوزراء    دارين حداد: "المداح نجح بالتعب مش بالكرامات"    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    وزير الثقافة يجتمع بمقرري لجان المجلس الأعلى ويؤكد: آلية جديدة تعيد للمجلس دوره كعقل مفكر للوزارة    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    لقطات حديثة لسد النهضة تكشف ما تخفيه إثيوبيا، البحيرة ممتلئة والأعمال مستمرة لتغطية التسرب    محافظ المنوفية يتفقد شركة صيانة الآليات بميت خلف لمتابعة منظومة العمل.. صور    لتعويض رحيل محمد إسماعيل ل الزمالك.. زد يطلب التعاقد مع مدافع المحلة    شعبة الأدوية تحذر من بوادر أزمة في سوق الدواء وتستغيث برئيس الوزراء    طريقة عمل الشيش طاووق بتتبيلة لا تقاوم    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    حزب الجبهة الوطنية يعقد مؤتمرًا حاشدًا بكفر شكر لدعم مرشحه لانتخابات الشيوخ    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    الزراعة تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها للمواطنين بأسعار مخفضة فى الجيزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 39 متهما ب«خلية العملة»    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    «مدبولي» يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    منتخب السلة يواجه إيران في افتتاح منافساته ببطولة بيروت الودية    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    زعيم المعارضة الإسرائيلية: نهاجم في الشرق الأوسط حيثما نشاء دون سياسة واضحة    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلم وقبطى
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 01 - 2010

لى صديق تعرفت عليه منذ خمسين عاما، عندما جاء إلى لندن ليلتحق بنفس الكلية التى كنت أدرس بها، ثم تزاملنا بعد ذلك فى العمل، وأصبح من أحب أصدقائى إلىّ.
لم ألاحظ قط، منذ تعرفت عليه لأول مرة، أن اختلاف دينه عن دينى، له أى أثر فى تصرفاته إزائى، أو إزاء أصدقائنا المشتركين من المسلمين، كما لم يكن له أى أثر فى تصرفاتى نحوه. كان كل منا ينظر إلى اختلافنا فى الدين مثلما ننظر مثلا إلى اختلافنا فى الطول والقصر، أو فى حجم الأنف أو الأذن، لا علاقة له بالمرة بتقييم كل منا للآخر.
كان يمتاز عنا جميعا برقته البالغة. يظهر ذلك فيما يبدو عليه من فرح بلقائك، وباستعداده للتعبير الصريح عن هذا الفرح، كما لاحظت عاطفيته الشديدة فى معاملته لأخته كلما جاءت إلى لندن لزيارته.
كان قليل الكلام ولكنه مستمع ممتاز (ويبدو أننا جميعا نحب المستمع الجيد أكثر مما نحب المتكلم الجيد)، وكان يدخل السرور على قلوبنا بضحكته المجلجلة إذا صدر من أحدنا كلام مضحك، كما كان أكثرنا صبرا على من كان كثير الكلام مثلى. لهذا وغيره من الأسباب لم تكن صحبتنا تكتمل إلا بوجوده.
أدهشتنى معرفته الواسعة بالشعر العربى، وعشقه لشعر المتنبى عشقا، وقدرته على إلقاء شعره بنطق صحيح وجميل. لم أكن أتوقع هذا من رجل متخصص فى الاقتصاد، إذ لم ألاحظ على معظم من عرفت من الاقتصاديين أى حب أو تقدير للأدب من أى نوع كان صديقى هذا استثناء فى هذا الأمر أيضا.
كنا فى لندن فى سنوات الناصرية، وكان معظمنا متحمسا بشدة لسياسة عبد الناصر الاقتصادية وسياسته الخارجية، بما فى ذلك فكرة القومية العربية. وكان صديقى هذا ناصريا متحمسا أيضا، ولا أذكر أن حماسنا للقومية العربية والوحدة كان يسبب له أى ضيق. لم أجد أى غرابة فى هذا فى ذلك الوقت، فعندما كنت عضوا فى حزب البعث فى الخمسينيات، كان من زملائى فى الحزب أقباط ومسيحيون من مصر ومن الدول العربية الأخرى، وكانوا مؤمنين بالقومية العربية وبمزايا الوحدة. بل كان رئيس حزب البعث نفسه وصاحب فكرته، الذى أحببناه كلنا حبا جما ووثقنا بصدقه، مسيحيا سوريا (ميشيل عفلق). وكان الأستاذ ميشيل (كما كنا نسميه) يؤمن إيمانا راسخا بأنه لا نهضة للعرب إلا بتحقيق الوحدة، واختار كشعار للحزب عبارة (أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة).
لم يكن هذا بالطبع موقف جميع الناشطين السياسيين من الأقباط، حتى خلال الحقبة الناصرية. فالدكتور لويس عوض مثلا، كان لا يخفى بالمرة رفضه لفكرة القومية العربية، إذ كان شعوره الوطنى وحبه لأمته محدودا بالحدود السياسية لمصر وحدها. ولكن لويس عوض لم يكن يرى لبلده طريقا للنهضة إلا فى التغريب، ومن ثم كان متحمسا لاقتفاء أثر أوروبا خطوة بخطوة، ومن كان هذا رأيه لم يكن ليتحمس كثيرا للوحدة العربية، مثلما كنا نحن الذين نطمح إلى تحقيق النهضة بطريقة تستلهم التراث ولا تتنكر له.
مع مرور الزمن منذ السبعينيات، حدث ما كان لابد أن يصيب أصدقاءنا الأقباط بكثير من خيبة الأمل والقنوط. فمع تكرار أحداث ما يسمى ب«الفتنة الطائفية». كان من الطبيعى جدا، ومن المفهوم تماما أن يتوجس الأقباط خشية من أى دعوة «لاستلهام التراث»، وأن يزداد خوفهم من أن تؤدى الوحدة العربية إلى ترسيخ فكرة «الأقلية والأغلبية»، وإلى تعميق شعورهم بالاغتراب بدلا من إزالته. هكذا فسرت ذلك التغير الذى لحق بموقف صديقى من الخوض معى فى أى مناقشة سياسية لها علاقة من قريب أو بعيد بالقومية العربية أو الوحدة، وكأنه يخشى من أن يؤثر الاختلاف فى السياسة على صداقة وطيدة عمرها خمسون عاما.
كان هذا واحدا من أسباب كثيرة لشعورى بالصدمة والإحباط عندما سمعت بخبر الاعتداء على الأقباط، ومقتل ستة منهم فى نجع حمادى فى الأسبوع الماضى. كان الخبر مأساويا من كل ناحية، خاصة أنه حدث أثناء خروج الأقباط من كنيستهم، وفى ليلة عيدهم. تخيلت شعور صديقى لدى سماعه بالخبر، الذى لابد أن يزيد شعوره بالاغتراب عمقا. كنت واثقا من أنه لن يفتح الموضوع معى، كما لا أجرؤ أنا أيضا على فتحه. كنت واثقا أيضا من أن ما حدث لا يمكن أن يترك أثرا على شعور كل منا إزاء الآخر. ولكن كم هو من المحزن ما أصاب به هذا الحادث أملنا فى تحقيق نهضة لهذا البلد، سواء قامت هذه النهضة على استلهام التراث أو على التغريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.