كريستيانا بيكر - هناك سوء فهم متعمد لسلوك الإسلام .. والإعلام الغربي وراء تشويه الصورة كانت من أكبر وأشهر المذيعات في قناة "إم تي في" الألمانية الشهيرة ولديها كل ما تتمناه مراهقة في سنها: الشهرة والمال والوظيفة المرموقة، ولكن رغم كل هذا كانت تشعر دائمًا بأن شيئا ما ينقصها وكانت تبحث باستمرار عن هذا النقص حتى وجدته، كانت في زيارة إلي إحدى الأسر المسلمة التي تعرفهم في ألمانيا وهناك سمعت عندهم الموسيقي الصوفية لأول مرة فدخلت قلبها وشعرت بهذه الموسيقي أكثر من أي نوع آخر من الموسيقي التي كانت تحبها باعتبارها مذيعة كبيرة في قناة متخصصة في الموسيقي، وبدأت تبحث عن معرفة أكثر عن الإسلام فقابلت بعد ذلك مسلمين في عدد من الدول الإسلامية التي زارتها وشعرت أنهم دافئين جدا وكرماء وحين ذهبت إلي باكستان وجدت هناك- كما تقول- كرما بالغا رغم ان اهلها فقراء وهو الإحساس الذي لم تشعر به لدي اغني أغنياء أوروبا ممن كانت تعرفهم وتزورهم وجدت في هؤلاء الناس احتراما كبيرا لله سبحانه وتعالي، حيث إنهم يقدمون الله في كل شيء يقولون إن شاء الله، وبسم الله، فشعرت بأن الله معهم دائما، وبدأت تقرأ كتب عن الإسلام خاصة وأنها كانت تعرف من خلال ثقافته الغربية التي تشبعت بها أن الإسلام ضد المرأة ولكنها فوجئت حين عرفت أكثر أن هذا الدين لديه حلول لكل المشاكل وان ما من دين أنصف المرأة وأعزها كالإسلام فقررت أن تشهر إسلامها وتذهب إلي الأراضي السعودية لأداء المناسك وتترك الشهرة والنجومية وتتفرغ للدعوة إلي الله لتصبح بهذا داعية كبيرة إلي الإسلام. إنها المذيعة الألمانية الجنسية كريستينا بكر والتي أصبح اسمها بعد الإسلام زهرة وهي تعيش الآن في لندن وتعمل مذيعة بالتليفزيون في برامج سياحية وتقدم برامج أخري تتعلق بالأديان التقيناها ودار هذا الحوار: ** بداية ماذا كان موقف أسرتك حين أشهرت إسلامك.. كيف تلقوا هذا الخبر؟ اعترف انه كان أمرا صعبا جدا، فأسرتي لم تفهمني في البداية وسألوني لماذا أفعل هذا؟ ولماذا أترك كل ما وصلت إليه من أجل الإسلام؟ ولكن حين استمعوا إليّ بدءوا يتفهمون موقفي وبدءوا يحترمون عقيدتي الجديدة فمثلا حين عرفوا أن الإسلام يحرم لحم الخنزير لم يعد يقدم لي ولا الخمور أيضا. ** وما التحدي الأكبر لكي في رحلة الإيمان التي خضتها بجسارة؟ بطبيعة الحال كان التحدي الأكبر الذي واجهني هو عملي في ال"إم تي في"، فقد كنت أقدم برنامجا شهيرا جدا وألتقي بشباب وأحوز شهرة طاغية وأموال وفيرة وبعد إسلامي ذهب كل هذا ولم أعد أتعامل مع الأغاني أو الشباب وتركت الوظيفة طبعا وبدأت الصحافة تتحدث عني وتقول: هل أنا أناصر الإرهاب، ولكن مع الوقت بدأت الصحافة تتفهم موقفي وحين ذهبت إلي الحج والعمرة كتبت الصحافة الألمانية حديثا طيبا عن هذا وبدأ منذ ذلك الوقت مردود أفضل في ألمانيا. ** ومتى كانت اللحظة التي مس فيها الإيمان قلبك وقررت إشهار إسلامك؟ بعد أن استمعت إلي الإنشاد الديني في منزل أسرة صديقة ومست قلبي بشدة، من وقتها عاهدت نفسي أن أحافظ علي هذه القيم التي يأمر بها هذا الدين، كما قرأت كتاب "الإسلام قدر الإنسان" وتعرفت علي مؤلفه بعد ذلك وصار أستاذي وهو الشيخ حسن إيتون، وهو الكاتب البريطاني والدبلوماسي السابق جاي ايتون الذي أعلن إسلامه عام 1951 وكان وقتها يعيش في مصر حيث يعمل محاضراً في قسم الأدب الإنجليزي بالجامعة، فتعرف علي الإسلام فأسلم، وألّف كتبا كثيرة منها "الإسلام وقَدَر الإنسان" الذي يعد نقطة تحول في حياة كثير من البريطانيين بل إن تأثيره وصل إلي بلاط الملكة اليزابيث الثانية التي وافقت علي تعديل جديد في قانون الخدمة داخل القصر الملكي وسمحت للموظفين المسلمين بتأدية صلاة الجمعة في أوقات العمل الرسمية. ** حدثينا عن شعورك لحظة وصولك إلي الأراضي المقدسة وأداء المناسك؟ حين ذهبت إلي السعودية تذوقت طعم المناسك لأول مرة وأحسست بها ونفس الإحساس وجدته في المدينة، وأكثر ما أثر في حين ذهبت إلي الكعبة وأديت العمرة والحج وشعرت بإحساس الإسلام، وكانت بالنسبة لي تجربة فريدة. فقد قابلت ورأيت بشراً من كل الجنسيات والألوان والأعراق بأزيائهم المختلفة وكذلك في المدينة وبلغاتهم المتنوعة، فقد شعرت أن الكون كله جاء إلي هناك كما كان السلوك الإنساني عاليًا في حميميته ووده وصفائه وسعيه إلي التعاون والخدمة. وقد شعرت بأن الجميع إخوة حقيقة وشعرت بسعادة ورضي فوق الوصف وظللت أدعو لنفسي ولأقاربي وأصدقائي. ** حديثينا عن كتابك من ال"إم تي في" إلي مكة؟ نعم هذا الكتاب اردت به ان يكون جسرا بين الاسلام والغرب واردت من خلاله ان اصحح بعض المفاهيم الخاطئة عن الاسلام مثل انه ليس ضد المراة ولايظلمها ولايوجد تمييز ضدها كما رويت من خلاله رحلتي مع الايمان. ** ولكن كمسلمة وداعية ألاحظ انكِ لا تلتزمين بالحجاب الكامل ولكن تضعي غطاء خفيفا للرأس فلماذا؟ لا أنكر أن الحجاب فريضة دينية لكن ارتداء الحجاب بشكل كامل بالنسبة لإنسانة تعيش في أوروبا مدعاة لأن تكون محل أنظار الناس والتساؤل وإن شاء الله سيأتي يوم وأغطي شعري بشكل معتدل ومقبول. ** يتعرض الإسلام لحملات تشويه كبيرة في الإعلام الغربي كيف ترين هذه الحملات؟ عدم المعرفة بالإسلام هي السبب الرئيسي لهذه الحملات فالخوف دائما يكون ممن هو غير معروف والإسلام ليس معروفا للغرب بشكل كاف وبالصورة الصحيحة فهناك سوء فهم لطبيعة وتعاليم الإسلام ويقدم عبر وسائل الإعلام خاصة أن وقوع جريمة تفرد له الصحف المساحات وكذلك الإذاعات وتتجاهل الأشياء الايجابية، لذلك فأنا أطالب وسائل الإعلام الغربية بدلا من التشدق بالمطالبة بالحوار والتفاعل أن يراجعوا أنفسهم وما يقدمونه.