فيلم "حبي الأول والوحيد" my one and only ، من إنتاج عام 2009، وسوف يعرض في القاهرة في الاسابيع القادمة، وسبقت مشاركته في الدورة السابقة لمهرجان برلين الذي أقيم في فبراير الماضي! الفيلم بطولة رينيه زيلويجر، وكيفين باكون، وأخرجه "ريتشارد لوركرين" عن سيناريو لتشارلي بيتر، ويقال إن قصة الفيلم مستوحاة من حكايات عن والدة الممثل الشهير جورج هاملتون الذي شارك في إنتاج الفيلم، ولم ينكر أو يؤيد علاقة قصة الفيلم بحياته الخاصة! ورغم أن الفيلم لايتعرض لأي قضايا سياسية، إلا أن بداية التترات تؤكد أننا في منتصف الخمسينات من القرن العشرين، وبداية الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي، وزحف خطر الشيوعية الذي كان الهاجس الأعظم للإدارة الامريكية!في تلك الاجواء المشحونة سياسياً، تبدأ قصة السيدة "آن ديفيرو" أو رينيه زيلويجر، وهي سيدة علي قدر واضح من الجمال، أم لشابين في سنوات المراهقة، هما بيكر 18 سنة، وجورج 15 سنه، وكل منهما له أب مختلف، ومع ذلك فهما يعيشان في حالة من الوئام مع أمهما ووالد الابن الثاني "جورج"، وهو مؤلف موسيقي، وصاحب فرقة تجوب الولاياتالمتحدة لتقديم عروضها، ورغم أن العلاقة بين آن ديفيرو، وزوجها تبدو مستقرة، إلا أن الزوجة التي وصلت لسن الأربعين، لم تعد قادرة علي احتمال نزوات زوجها" كيفين باكون" الذي يجاهر بعلاقاته النسائية المتعددة، وعندما تعود" آن ديفيرو" الي منزلها في إحدي الليالي وتجد امرأة في فراش زوجها، تقرر أن تهجره نهائيا وتقسم ألا تعود له مطلقا، وتصطحب ولديها معها، وتنفق معظم مدخراتها علي شراء سيارة كاديلاك، وتسعي للسفر الي عدة ولايات بحثا عن زوج جديد ميسور الحال يصلح أن يكون أبا لولديها، ولايمانع من الإنفاق علي ثلاثتهم بنفس راضية! لكن طبعا تكتشف أن مثل هذا الرجل لايمكن أن يوجد إلا في الاحلام! أفلام الطريق فيلم "حبي الأول والوحيد" من أفلام الطريق، أو تلك الأفلام التي تجري أحداثها عند انتقال البطل أو أبطال العمل، بالسيارة من مكان لآخر سعيا لتحقيق هدف ما، والأحداث تروي من البداية من وجهة نظر الابن الاصغر جورج الذي يبدو وكأن التجربة قد جعلته ينضج قبل الأوان، ويحاول رغم صغر سنه أن يستوعب تصرفات أمه التي يمكن أن يفسرها البعض بالجنون أو المجون!تتعرف الأم علي أحد ضباط الجيش، يعجب بها، ويغدق عليها بأمواله، ولكنها تلحظ سوء معاملته لولديها، بل انه يسرف في قسوته عليهما بطريقه سادية، فتشتبك معه في عراك، وتترك له هداياه، وتهرب بولديها قبل ان يلحق بهما، وينطبق عليها المثل القائل" تطلع من حفرة، وتقع في دحديرة" حيث تقابل رجلا آخر يدعوها للعشاء، وتعتقد من هيئته أنه ربما يكون في حالة يسر مادي، ولكنها تفاجأ به يطلب منها أن تقرضه بعض المال، ثم عندما تعتذر له بأن ماتملكه يمكن أن يكفي احتياجتها هي وأبنائها لمدة شهر علي الأكثر، ويغافلها الرجل ويسرق من حقيبتها كل ماكانت تحمله، وعندما تجلس في أحد البارات تبكي حظها، تلتقي برجل يجلس وحيدا فتحاول ان تقيم معه أي نوع من الحوار لتحكي له مأساتها ربما يشفق عليها أو يساعدها أو تجد فيه زوجاً محتملا، تكتشف انه مخبر يعمل في الفندق، ويوجه إليها تهمة محاولة إغوائه جنسيا، وتجد نفسها وقد وقعت في قضية دعارة، تخرج منها بكفالة، مما يزيد حالتها النفسية سوءا، فتحاول أن تعمل نادلة في كافيتيريا، علي الطريق السريع، وتتعرض لسخافات من الزبائن، تحتملها في البداية، ولكن عندما يزيد الامر عن الحد، تستخدم يدها للدفاع عن نفسها، وينتهي بها الأمر بالطرد من عملها، ويحاول ابنها جورج أن يقنعها بالعودة لوالده، ولكنها ترفض تلك الفكرة نهائيا، وتخبره أنها لايمكن أن تطلب منه المساعدة ولو كان آخر رجل باق علي وجه الأرض، ويعاندها الحظ في كل مرة تحاول أن تجد مخرجا. غيرة وحسد وتضطر للذهاب لشقيقتها الكبري التي تغار منها، وتحسدها، لأنها أقل منها جمالا ولم ترزق بأطفال رغم سعيها لذلك بكل الوسائل والطرق، ويصر الابن جورج أن يستقر مع خالته ليلتحق بمدرسة مناسبة، وترفض الام، وهنا يواجهها الابن المراهق بمدي أنانيتها وإنها لم تفكر فيه يوما، وانها لاتعرف شيئا عن حياته، وفي واحد من أجمل مشاهد الفيلم يسألها في تحد: هل تعرفين أغنيتي المفضلة؟ هل تعرفين اللون الذي أحبه؟ هل تعرفين الكتاب الذي قرأته وتأثرت به؟ وتفشل الأم في الإجابة عن تلك الاسئلة وتشعر بالحرج أمام شقيقتها، فتقول لابنها وهي تحاول أن تسيطر علي دموعها حتي لاتخذلها، وتظهر مدي ضعفها: أنا لا أعرف أغنيتك المفضلة، أو اللون الذي تحبه، أو الكتاب الذي تأثرت به، ولكني أحبك أكثر من أي إنسان في الدنيا. ثم تتركه وتغادر مع ابنها الاكبر، وتستمر في رحلتها في البحث عن رجل مناسب، ولايحتمل الصبي فراق أمه، فليحق بها بعد عدة أيام! تصل "آن ديفيرو" إلي مدينة هوليوود وتلتحق بالعمل بين المجاميع "كومبارس"في أحد الافلام التي تجري أحداثها في مصر القديمة أثناء بناء الأهرامات!! ويلفت جمالها نظر أحد المشاركين في الإنتاج، فتستغل الفرصة وتخبره أن ابنها الأكبر أكثر منها موهبة في مجال التمثيل وتسعي لأن يعمل "بيكر"في الفيلم، ولكنه يفشل، ويقوم الابن الاصغر "جورج" بمحاولة انقاذ الموقف، ويؤدي الدوربدلا من شقيقه، فينال إعجاب المخرج الذي يجد فيه مشروع فنان شاب! وتبدأ رحلة جورج مع النجومية، ويصبح هو الرجل الذي تبحث عنه "آن ديفيرو" ليساعدها في تحمل نفقات الحياة، وذلك بعد أن فشلت مع أربعة عشر رجلا قابلتهم في رحلة حياتها! كوميديا الشجن رغم أن "حبي الأول والوحيد" MY ONE AND ONLY يصنف بين الافلام الكوميدية، إلا أنه يحمل الكثير من مواقف الشجن التي قدمتها "رينيه زيلويجر" ببساطة وتلقائية جمعت فيهما بين البراءة والعناد والانكسار، أما الممثل المراهق" لوجان ليرمان " الذي أدي شخصية الابن الاصغر جورج، فهو يتمتع بموهبة فذة في الأداء تمكنه من ان يصبح واحدا من نجوم فن التمثيل، وسبق له مشاركة "راسل كرو" في فيلم "قطار 3وعشرة المتجه الي يووما"، كما شارك جيم كاري في فيلم "رقم 23"، وميل جيبسون في فيلم "ماذا تريد النساء"، وكان أول افلامه مع ميل جيبسون ايضا عندما لعب دور احد أبنائه السبعة في فيلم "الوطني " أو PATROIT! أما المخرج «ريتشارد لوركران» فقد أعاد إحياء سنوات الخمسينات من خلال المباني وموديلات السيارات، والإضاءة التي تميل للون البني، واشهر موسيقي تلك المرحلة، والأزياء وتسريحات الشعر والماكياج، ولكن الأهم من كل ما سبق إدارة الممثلين، والاهتمام باللقطات القريبة والمتوسطة التي تقتحم أدق المشاعر، وتركز علي ابتسامة تخفي حالة من الشجن والعذاب، أو نظرة مترددة أو متحدية، مع اهتمام بحركة الطريق الذي هو مسرح الأحداث في تلك النوعية من الأفلام! النجم المخضرم جورج هاملتون ساهم في إنتاج الفيلم الذي يحكي فصولا من حياته، وخاصة العلاقة بين والده الموسيقي الذي توفي بأزمة قلبية وهو بين أحضان إحدي صديقاته، وأمه التي لفت الولاياتالمتحدة بحثا عن زوج يقبل الانفاق عليها وعلي ابنائها. هل مثل هذا الفيلم يدين حياته أو يجعله يشعر بالخجل او الدونية ! أم يفتخر بأنه رغم تلك الظروف المعقدة استطاع أن يجد طريقه بين غابة هوليوود ويصبح نجما لامعا؟؟ مثل هذا السلوك يصعب ان يحدث مع نجم أو نجمة من مصر أو حتي من العالم العربي، فنحن نعتقد ان كل ما يمر بحياة المشاهير من صعوبات وأزمات هي فضائح لابد من التستر عليها وإخفائها، ولذلك فنجومنا يتجنبون ذكر أي شيء عن تاريخهم، وإن اضطروا للبوح فهم يقدمون وقائع كاذبة لاتمت للحقيقة بصلة، وهذا أحد الفروق الكثيرة بيننا وبينهم!