أعلنت "هيئة أبوظبي للثقافة والتراث" يوم السبت أنها اختيرت لترجمة مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى العربية. وصدرت مذكرات الرئيس الفرنسي السابق في باريس، بعنوان "كل خطوة يجب أن تكون هدفا"، في 506 صفحة. وحصل "مشروع كلمة" التابع لهيئة أبوظبي للثقافة على حقوق ترجمة ونشر الكتاب إلى العربية، بشكل حصري. ونفدت "المذكرات" في الكثير من المكتبات وتخطت المبيعات رقما قياسيا تجاوز 200 ألف نسخة. ويأتي صدور الكتاب في مناخ سياسي يضج بالأحداث، من التحضير للاستحقاقات الانتخابية التي ستجري في الأشهر الثلاثة المقبلة، إلى المحاكمات والاتهامات الموجهة إلى بعض القادة السياسيين الفرنسيين . ويغطي كتاب المذكرات الذي يضم 24 فصلا السنوات الثلاث والستين الأولى من حياة شيراك، منذ ولادته عام 1932 حتى انتخابه رئيسا للجمهورية عام 1995، وفيها يتطرق لأهم الأحداث التي عاشها والتي أثرت في مساره، تشكل هذه المرحلة الأولى حقبة المسئوليات السياسية حتى وصوله إلى ماتينيون على رأس الوزارة الأولى، تحت حكم جيسكار ديستان، ثم رئاسة فرانسوا ميتران، على أن يتناول الجزء الثاني لاحقا المرحلة الرئاسية، مرورا بسياسة فرنسا الخارجية، وانتهاء بعزوفه عن الترشح لفترة رئاسية ثالثة. ويأتي في بداية المذكرات لمحة عن حياة شيراك ومساره وكيف نشأ في أسرة متواضعة ليصل إلى أعلى المسئوليات في الدولة، وهنا تبرز صورة لشريكة حياته ، برناديت ، التي التقاها أثناء الدراسة بمعهد العلوم السياسية والتي تردد أهلها في تزويجها من طالب "يساري" متمرد ليست له أي وضعية اجتماعية، ومر شيراك بمرحلة شيوعية، حيث كان بائعا لجريدة لومانيتيه الناطقة باسم الحزب الشيوعي. تزوجا عام 1956، ومنذ ذلك التاريخ لم تفارق برناديت زوجها إلى اليوم. وتحدث شيراك في هذه المذكرات عن مرحلة صعبة في حياته لأول مرة، وهي فقدانه لابنته لورانس في ريعان صباها بعد أن أودى بها بسرعة مرض غريب عام 1973،و إنه "جرح ما زال يحمله إلى اليوم ويتجنب الحديث عنه". ويعترف شيراك في كتابه بفضل الرئيس الفرنسي السابق الراحل جورج بومبيدو عليه واصفا إياه بِ"الأب الروحي"، ومؤكدا أنه لولا بومبيدو لما وصل إلى ما هو عليه. واسترجع شيراك ذكريات علاقاته مع شخصيات دولية، وكشف عن أحداث تتعلق بالسياسة الخارجية، ومنها الكثير مما يهم العالم العربي. وخص شيراك الرئيس العراقي الراحل ، صدام حسين ، بفقرة تلخص علاقته الحميمية بالعالم العربي، كما تحدث عن سياسة التوازن التي سعت فرنسا إلى الحفاظ عليها دائما في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة التوازن بين إيران ، في عهد الشاه ، والعراق تحت قيادة صدام حسين . ويكشف الرئيس الفرنسي السابق في الكتاب سرا لا يعرفه الكثيرون وهو أن صدام الذي طرد الإمام الخميني من منفاه العراقي، نصح شيراك، عبر رسالة نقلها السفير العراقي في باريس، بألا يمنح اللجوء للإمام الخميني. وكان تحذير صدام كالتالي: "احذروا جيدا، اتركوه يتوجه إلى ليبيا، لأن ما سيصرح به في فرنسا سيكون له صدى دولي مدو، في حين أن ما سيقوله في ليبيا ، لن يسمعه أحد".