رغم التحذيرات المتكررة دوليا ومحليا من التأثيرات الخطيرة المتوقعة على مصر بسبب ظاهرة الاحتباس الحرارى وما يترتب عليها من تغيرات مناخية، إلا أن الإستراتيجية التى ستنتهجها الحكومة المصرية إزاء هذا الخطر لا تزال غامضة وغير معروفة خلال 2010، مما يثير تساؤلات العديد من العلماء والمهتمين بهذه القضية خاصة بعد أن ظهر الاهتمام العالمى قبل وأثناء مؤتمر كوبنهاجن بضرورة مواجهة التغيرات المناخية ومساعدة الدول المتأثرة على اتخاذ إجراءات وقائية. يقول دكتور سمير المفتى الخبير البيئى والأمين العام الأسبق لمعهد بحوث الصحراء إن خطة مصر فى التعامل مع قضية التغيرات المناخية غامضة رغم وجود لجنة برئاسة وزير الدولة لشئون البيئة لوضع إستراتيجية لهذا الغرض، مضيفا أن التحرك الواضح ينصب كله على آلية التنمية النظيفة المدرجة فى بروتوكول كيوتو التى تساعد فى الاستفادة من المتاجرة فى سوق الكربون العالمى بحصة مصر من انبعاثات الاحتباس الحرارى التى لا تتجاوز 0.6% من الإجمالى العالمى. ويشير المفتى إلى أن الدول التى يجب أن تهتم بآلية التنمية النظيفة من المفترض أن تكون دولا ذات نسبة انبعاثات عالية وليست دولة مثل مصر لا تصل نسبتها إلى 1%، موضحا أن ما يجب الاهتمام به أكثر هو محاولة التكيف مع الآثار المتوقعة من نقص فى الموارد المائية، واحتمالات غرق أجزاء من الدلتا، وتهجير سكانها. كانت تقارير دولية ومحلية حذرت من أن مصر تواجه خطر غرق ما بين 15 إلى 20% من دلتا نهر النيل منها أجزاء من الإسكندرية، و البحيرة وكفر الشيخ بسبب ارتفاع مستويات البحار مما سيهدد بتدمير أجزاء من أفضل الأراضى الزراعية فى مصر وتهجير ما بين 3 إلى 4 ملايين شخص خلال ما بين 20 إلى 30 عاما، علاوة على نقل بعض المحاصيل لأماكن مختلفة، وانخفاض إنتاجية الأسماك. ويوضح دكتور المفتى أن هناك جهودا تتم على مستوى وزارتى الزراعة لاستنباط سلالات جديدة من المحاصيل لتوفير إنتاجية أعلى فى حال غرق الأراضى الزراعية، وأيضا وزارة الصحة لبحث الأمراض الموجودة فى دول مثل السودان والتى من المتوقع أن تنتقل لمصر بسبب التغيرات المناخية، لكن لا توجد خطة واضحة لمواجهة آثار التغيرات المناخية. وحاولت «الشروق» مقابلة المسئولين عن ملف التغيرات المناخية فى وزارة الدولة لشئون البيئة لمعرفة خطتها فى المرحلة المقبلة إلا أنه لم يكن متاحا. ويرى المفتى أنه على مصر مطالبة الدول المتسببة فى ظاهرة الاحتباس الحرارى مساعدتها على التكييف مع الآثار المتوقعة، مثل توفير التمويل اللازم لتحلية مياه البحر فى حال تحقق التوقعات بنقص موارد نهر النيل بنسبة 76%، أو بناء سدود ورفع مستوى الدلتا لتفادى غرقها بمياه البحر. وعلى الصعيد العالمى يرى دكتور سامر المفتى أنه على الرغم من الفشل «المتوقع» لقمة كوبنهاجن للمناخ التى عقدت فى ديسمبر الحالى، فإن النتائج التى وصلت إليها القمة يمكن أن تعد بمثابة خطوة للأمام يمكن أن تكمل الطريق فيما بعد فى المؤتمرات المقرر عقدها فى ألمانيا بعد 6 أشهر وبعدها فى المكسيك نهاية 2010. يقول المفتى «النجاح الوحيد لقمة كوبنهاجن كان مشاركة الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى رغم الاختلاف مع الكونجرس قادت الولاياتالمتحدة العالم للمرة الأولى للوصول اتفاقية وإن كانت غير ملزمة، وتحديد قيمة للمساعدات أكبر مما كان معروضا من دول أخرى».