يجب إجراء دراسات علي التغيرات المناخية وتأثيرها ولا نقف مكتوفي الأيدي الأمر هذه الظاهرة هذا مما يطالب به عدد من علماء الجيولوجيا وعلي رأسهم د.رشدي سعيد أحد أهم علماء الجيولوجيا في العالم والذي يؤكد ارتفاع منسوب سطح البحر بسبب التغيرات المناخية التي سيشهدها العالم خلال السنوات القادمة والتي تأتي في ظل ارتفاعات درجات الحرارة. هذه الظاهرة يرجعها د.رشدي إلي نظرية الاحتباس الحراري، فجو الأرض نتيجة لتزايد النشاط الانساني عليه ستزداد درجة حرارته وستحدث تغيرات في مناطق توزيع الأمطار والمناطق الصالحة لزراعة المحاصيل، ستؤدي تلك الارتفاعات إلي ذوبان الجليد مما سيرفع من منسوب سطح البحر ويغرق المناطق الساحلية والعامرة بالسكان في العالم كله. وحول أسباب تلك الارتفاعات التي ستحدث في درجات الحرارة فإن د.رشدي سعيد يوضح أنها ترجع إلي تزايد بعض الغازات في الجو ومنها غاز ثاني أكسيد الكربون والذي تزايدت نسبته بسبب استخدام الفحم والغاز والبترول خلال العصر الصناعي، كما زادت نسبة غاز الميثان أيضا زيادة كبيرة بسبب عمليات التحلل العضوي التي صاحبت التزايد السكاني، فاتساع مساحات زراعة الأرز وانتشار حظائر تربية الماشية وتضخم مساحات القمامة خارج المدن وازدياد حرائق الغابات زادت من نسبة غاز الميثان في الجو حتي تضاعفت منذ منتصف القرن التاسع عشر، ويعتقد الكثير من العلماء أن زيادة هذه الغازات في جو الأرض ستؤدي إلي ارتفاع درجة حرارتها. ومما يثير القلق حسب كلام د.رشدي أن هذه الزيادات الكبيرة في غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان تصاحبها زيادة كبيرة في غاز أكسيد النيتروز وهو أحد غازات "الصوبة الزجاجية". الذي زاد وجوده في الجو نتيجة ازدياد استخدم المخصبات الازوتية في الزراعة ويضيف د.رشدي أن هذه الزيادات أدت إلي قلق المهتمين بشئون البيئة وطالبتهم الحكومات باتخاذ إجراءات حاسمة علي المستوي الدولي للاقلال من غازات "الصوبة الزجاجية". ويؤكد د.رشدي سعيد أنه علي الرغم من أن هناك الكثير من العلماء ممن يعتقدون جزما بأن العالم في طريقه إلي الدفء، إلا أن هناك عدداً آخر يعتقدون أن ميزان الطبيعة معقد أشد التعقيد وأنه كامل ومتزن ولديه القدرة علي تصحيح مساره كلما تعرض للخلل وأن الذي يحكم التغيرات المناخية العالمية عوامل كثيرة بالاضافة إلي عامل زيادة غازات "الصوبة الزجاجية" في جو الأرض. وعن المعدل المتوقع أن يرتفع به منسوب البحار يؤكد د.رشدي أن العلماء اختلفوا في تقدير منسوب الارتفاع المنتظر في منسوب البحر من مليمتر إلي سنتبمتر في السنة ولكن المنتظر أن يكون الارتفاع متدرجا ويمكن التعامل معه. ويكشف عالم الجولوجيا الكبير أنه لا يوجد حل لمواجهة هذا الأمر إلا بتقليل معدلات ثاني أكسيد الكربون في الهواء عن طريق استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والقضاء علي استخدام البترول وغيره من المصادر التي تؤدي إلي تزايد معدلات التلوث في البيئة. وحول أهم الآثار الضارة التي يمكن أن تحدث في حال صدقت التوقعات وحدث ارتفاع لمنسوب البحر فإن يؤكد د.رشدي يؤكد أن هذا الأمر سيؤدي إلي غرق الدلتا والأراضي المحيطة بها بما فيها البيوت والزراعات. وتوضح الدكتورة سلوي مرسي "مدير مركز دراسات البيئة والموارد الطبيعية بمعهد التخطيط القومي" أن خر التقارير العلمية العالمية أوضحت أنه إذا كانت درجة حرارة الأرض ارتفعت بنسبة صغيرة في القرن الماضي فإنه من المتوقع أن ترتفع بمقدار درجتين أو ثلاث في عام 2050. خطورة ارتفاع درجة حرارة الأرض في رأي د.سلوي ترجع إلي الآثار السلبية المتعددة المترتبة علي ذلك وأهمها كمية الأمطار المتساقطة علي بعض المناطق أو زيادتها في البعض الآخر بالاضافة إلي زيادة معدل ذوبان الجليد ومن ثم ارتفاع سطح البحر مما قد يؤدي إلي غرق العديد من الجزر والمناطق الواقعة علي مستوي منخفض عن سطح البحر في العالم. وتضيف د.سلوي أن الدراسات والبحوث المختلفة أشارت إلي أن التغيرات المناخية المتوقعة سوف يكون لها آثار متعددة علي العديد من المناطق والقطاعات الاقتصادية في مصر مثل الموارد المائية والزراعة والصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات الأخري. حيث تؤكد الدراسات أن التغيرات المناخية سوف تؤدي إلي تناقص مياه الأمطار مما سيكون له أثر كبير علي انخفاض كمية مياه الأنهار ومن بينها نهر النيل ومن المتوقع أيضا أن تتأثر المناطق الساحلية المختلفة، بارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلي ذوبان الجليد في المناطق القطبية من ثم ارتفاع سطح البحر. وتضيف دكتورة سلوي أن الدراسات المختلفة تشير إلي أن ارتفاع سطح البحر في المناطق الساحلية علي شواطئ البحر المتوسط سوف يكون لها آثار سلبية علي بعض المدن الساحلية حيث ستتأثر في مصر كل من الاسكندرية وبورسعيد والعريش وتطالب د.سلوي بضرورة التخطيط لحماية هذه المدن وسكانها واستثماراتها الصناعية المختلفة من الآثار المحتملة للتغيرات المناخية في هذه المناطق. وتضيف مدير مركز دراسات البيئة أن قطاع السياحة سوف يتأثر أيضا بهذه التغيرات المناخية لأن ارتفاع درجة الحرارة سيؤثر علي العديد من المناطق السياحية المختلفة وعلي الثروة السمكية وبعض الكائنات الحية البحرية في البحر الأحمر مثل الشعب المرجانية نتيجة تغير الأنظمة الايكولوجية لهذه المناطق الساحلية. كذلك من المتوقع أن تؤدي التغيرات المناخية إلي التأثير علي قطاع الصحة فارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلي انتشار بعض الأمراض. وتؤكد د.سلوي أنه رغم اتفاق العديد من العلماء علي أن ظاهرة التغيرات المناخية هي حقيقة علمية لا مفر منها وأنه سيترتب عليها العديد من الآثار المختلفة إلا أنهم اختلفوا علي موعد حدوث هذه الآثار هل بعد 50 أو 60 أو 100 عام؟ وعن المطلوب لمواجهة تلك الظاهرة تؤكد د.سلوي أنه لابد من وضع خطط مستقبلية تتضمن سيناريوهات مختلفة توضح الآثار المحتملة لهذه التغيرات المناخية وكيفية مواجهتها، كما يجب مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في مناقشة هذه المشكلة للوصول إلي حلول عملية لمواجهة هذه التغيرات المرتقبة. ويجب أيضا الاهتمام بالدراسات الخاصة بهذه الظاهرة وذلك عن طريق إنشاء مركز للدراسات والمعلومات الخاصة بالتغير المناخ وأثره علي مصر وذلك للوصول إلي وضع نماذج رياضية دقيقة تساعدنا علي التنبؤ بأثر هذه التغيرات المناخية علي مصر خلال السنوات القليلة القادمة. كما يجب العمل علي زيادة الوعي البيئي وتفعيل دور الجمعيات الأهلية والاعلام مع ضرورة استخدام الطاقات البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للحد من انبعاثات الغازات التي تتسبب في ارتفاع درجة حرارة الجو.