يشهد السوق المصرية موجة جديدة من ارتفاعات أسعار السلع الغذائية وذلك مع تزايد توقعات الخبراء والمنظمات العالمية بزيادة فى أسعار المواد الغذائية العالمية خلال الفترة المقبلة بعدما أصدرت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» تقريرا أكدت فيه أن مؤشر الأغذية وهو سلة غذاء تضم الأغذية الأساسية من حبوب ولحوم ومنتجات ألبان وسكر سجل ارتفاعا لمدة اربعة اشهر متتالية. وأكدت النشرة الشهرية الاقتصادية لمركز معلومات مجلس الوزراء على زيادة الأسعار العالمية لبعض السلع مثل السكر الذى زاد بنحو 80 % خلال عام 2009، 6 % خلال شهر نوفمبر مقارنة بأكتوبر الماضى وكذلك زيادة أسعار الذرة الصفراء وفول الصويا وغيرها من السلع. وفى السوق المحلية سجلت أسعار السلع الغذائية ارتفاعا بلغ متوسطه نحو 16 % خلال العام الجارى وفقا لرصد ميدانى أجراه باحثون بجامعة القاهرة عام 2009 خاصة فى أسعار اللحوم التى زادت بمعدل 15% والأسماك بنسبة 10% فيما رصدت دراسات لجمعيات حماية المستهلك فى مختلف المحافظات قدمت لجهاز حماية المستهلك زيادات ملحوظة فى اسعار السكر والأرز واللحوم والزيوت والبيض مؤكدة على ورود تعليمات جديدة من الموردين لتجار التجزئة خلال الأسبوع الماضى بزيادات فى أسعار الشاى والزيت وبعض السلع الأخرى. وكانت منظمة الفاو قد حددت عدة أسباب سوف تساهم فى ارتفاع الأسعار مستقبلا منها انخفاض مستويات أرصدة الحبوب العالمية، وبوار المحاصيل لدى البلدان المصدرة الكبرى إلى جانب تزايد الطلب على السلع الزراعية لإنتاج الوقود الحيوى. المشكلة محلية وليست عالمية خبراء الاقتصاد والزراعة المصريون أكدوا على أن مشكلة ارتفاعات أسعار السلع الغذائية فى مصر أغلبها يعود إلى أسباب داخلية. حيث أشار الدكتور حمدى عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد إلى أنه فى فترة انخفاض أسعار السلع عالميا وقت وقوع الأزمة المالية رصد جهاز التعبئة العامة والإحصاء زيادة فى أسعار السلع فى السوق المحلية بنسبة 20 % بما يعنى أن أسباب الأزمة داخلية بما يتطلب تشديد الرقابة وتحديث وسائل هذه الرقابة بأساليب تكنولوجية إلى جانب إحياء دور الدولة فى حماية المستهلك من جشع التجار والمستغلين بالاهتمام بالمجمعات الاستهلاكية وطرح سلع بأسعار مخفضة 15% كما حدث خلال شهر رمضان واتباع أساليب مؤقتة لمواجهة موجات الزيادات المتوقعة مثل حظر تصدير بعض السلع كما حدث فى الأرز. وأشار إلى مسئولية المستهلك فى هذا الإطار وذلك بالامتناع عن الشراء وقت ارتفاعات الأسعار خاصة مع بداية المواسم الزراعية التى تشهد زيادة مغاليا فيها فى السعر بما يعنى تأجيل الشراء لوقت يزيد فيه العرض مع ترشيد الاستهلاك. وعلى المستوى الإستراتيجى يرى عبدالعظيم ضرورة زيادة الإنتاج الزراعى بالتركيز على زيادة إنتاجية الفدان باستخدام الأساليب العلمية الحديثة خاصة فى المناطق الصحراوية وإعادة النظر فى التركيب المحصولى والاهتمام بالمحاصيل الحقلية أكثر من زراعة الفاكهة والخضر، مشيرا إلى أن أغلب السلع الأساسية تقوم على الزراعة والإنتاج الحيوانى. بينما تشير الدكتورة أمنية حلمى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أنه برغم الأزمة المالية العالمية، فإن هناك عوامل تدفع الأسعار العالمية للغذاء نحو الارتفاع وان احتمالات تكرار أزمة الغذاء العالمى واردة وبصورة أشد بما قد يؤثر على المستهلكين الفقراء فى مصر من ارتفاع تكلفة المعيشة لأن الغذاء يستحوذ على 54 % من انفاق الأسر المصرية الأكثر فقرا بما يفرض على الحكومة دعم اسعار الغذاء لصالح المستهلكين وتوجيه الدعم لمستحقيه. مشيرة إلى أن أغنى 20 % من المصريين يستولون على 24 % من دعم السلع بينما أفقر 20 % يستفيدون من 18% من هذا الدعم وهو مايلقى بعبء إضافى على الدولة لأن مصر مستورد صاف للغذاء بدليل انخفاض معدلات الاكتفاء الذاتى عام 2007 وارتفاع صافى واردات مصر من الغذاء كالقمح والذرة والسكر خلال عام 2008 فى الوقت الذى تواضعت فيه نسبة تغطية الصادرات للواردات الزراعية والغذائية 34 % فقط خلال الفترة من 2003 2007 وتشير أمنية إلى أن ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء أدى إلى زيادة قيمة صافى الواردات الغذائية لمصر وخاصة الحبوب بمعدلات عالية. الاستثمارات الزراعية هى الحل نسبة الاستثمارات الحكومية فى الزراعة لاتزيد على 3 % وقضية الأمن الغذائى ترتبط بالزراعة بحسب الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة مضيفا أن المؤسسات الدولية اتفقت على ضرورة العودة للزراعة. وللمرة الأولى يصدر تقرير عن البنك الدولى يوصى بالاهتمام بالزراعة بعد الأزمة المالية العالمية مشيرا إلى أن مواجهة ارتفاعات أسعار الغذاء تتطلب زيادة الاستثمارات الزراعية لافتا إلى أن الحكومة تسعى لرفع معدل النمو الزراعى السنوى من 3 % إلى 5 % مشيرا إلى أن قطاع الزراعة حقق زيادة فى الإنتاج من السكر، والأرز، والحبوب والذرة إلى جانب الاكتفاء الذاتى من البيض والدواجن رغم أزمة إنفلونزا الطيور. وموضحا أن نسبة العجز فى الاكتفاء الذاتى من السكر وصلت إلى 70 % ومن اللحوم 70 % بينما يصل الاكتفاء الذاتى من الزيوت إلى نسبة تتراوح ما بين 10 20 % وقال من المستهدف رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الغذائية الإستراتيجية من 60 % إلى 80 % وأن للأمن الغذائى مفهوما أوسع من الاكتفاء الذاتى حيث يمكن تصدير سلع ذات ميزة نسبية مقابل استيراد سلع فى حاجة اليها مضيفا أنه يصعب زرع الأرض بالكامل قمحا لتوفير الخبز ويجب تغيير نمط الاستهلاك. حيث يصل متوسط استهلاك المواطن المصرى من القمح إلى 180 كيلو فى السنة وهو من أعلى معدلات الاستهلاك فى العالم بينما يعزف المصريون عن استهلاك الخضر والفاكهة، جمعيات حماية المستهلك عليها دور فى توعية المستهلكين لمواجهة ارتفاعات أسعار السلع الغذائية وفقا لما يؤكده فوزى المصرى رئيس مجلس إدارة الجمعية الأهلية لحماية المستهلك موضحا دورها فى إعداد الدراسات الخاصة بتفاوت الأسعار بين محال التجزئة، مشيرا إلى دراسة قامت بها الجمعية لرصد أسعار العديد من السلع الأساسية شملت الأرز، والمكرونة، والدقيق، والسكر، والزيت، والسمن النباتى، واللبن، والبيض، والدواجن، واللحوم، والشاى، وبعض البقوليات. وقال إن نتيجة الدراسة أكدت تقارب أسعار السلع وتكاد تكون متشابهة فى محافظات الدلتا، كما أشار إلى رصد الدراسة ارتفاعات كبيرة فى أسعار السكر بأسمائه التجارية المختلفة بارتفاع غير عادى مقارنة بالأسعار خلال العام الماضى. كذلك سجلت الدراسة ارتفاعا فى أسعار اللحوم بأنواعها رغم انخفاض أسعار الأعلاف ليصل أقل سعر لكيلو اللحم 38 جنيها وقد قفز فى بعض المحافظات إلى 48 جنيه للكيلو وأشار إلى انخفاض فى أسعار الدقيق عن العام الماضى وما قبله ورغم ذلك لم تتأثر اسعار الخبز الفينو أو المخبوزات المختلفة التى شهدت استقرارا وأكد المصرى خطأ الربط بين الأسعار العالمية والأسعار المحلية، مؤكدا أن السوق المصرية لا تستجيب لانخفاضات الأسعار العالمية بينما تستجيب سريعا لأى تغيرات تدفع بالأسعار إلى الزيادة.