استهجن الدكتور محمد البرادعى، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، ما تضمنه الهجوم الذى انطلق ضاريا عليه فى صفحات الصحافة القومية من اتهام له بأنه قدم الدعم لقرار إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش بغزو العراق عام 2003. وأوضح د. البرادعى فى تصريحات خاصة ل «الشروق» أن هذا الاتهام عارٍ تماما من الصحة مشيرا الى وثيقتين بالغتى الدلالة فى هذا الصدد، قام بتوفيرهما ل «الشروق». الوثيقتان هما نصا تقريران قدمهما البرادعى لمجلس الأمن، الأول بتاريخ 27 يناير 2003، والثانى بتاريخ 7 مارس من العام نفسه. وتكشف القراءة الممحصة للوثيقتين عن أن البرادعى قدم فيهما حججا قوية ومتتابعة تستبعد امتلاك عراق صدام حسين لأسلحة تدمير شامل، ومن ثم تنقض الذريعة الأساسية لدى الإدارة الأمريكية لشن العدوان العسكرى على العراق. ففى تقريره المؤرخ 27 يناير 2003، وبعد شرح للإجراءات التى اتخذتها الوكالة فى التفتيش والتحقق فى شأن البرنامج النووى العراقى، يستنتج رئيس الوكالة وقتها أن «حتى يومنا هذا لم نجد دليلا واحدا على أن العراق قد استأنف برنامجه للتسلح النووى، منذ القضاء على ذلك البرنامج فى التسعينيات». وكان البرادعى قد استهل تقريره بتوضيح أن الوكالة كانت قد تأكدت من انتهاء برنامج التسليح النووى العراقى خلال الفترة السابقة على توقف عملية التفتيش فى ديسمبر 1998، وأن متابعتها خلال الأربع السنوات التالية لذلك من خلال المراقبة عن بعد لم تسفر عن أى شىء يفيد بأن هذا الوضع قد تغير، إلى أن استؤنف التفتيش المباشر عقب صدور قرار مجلس الأمن 1441 فى نوفمبر 2002. ويذكر أن الإدارة الأمريكية وقتها كانت تضغط بقوة على الوكالة لتعلن مراوغة العراق وعدم تعاونه مع برنامج التفتيش، لتستخرج مسوغا قانونيا للغزو. غير أن تقرير البرادعى يبدو وكأنه يرد مباشرة على الدعاوى الأمريكية مصرا على «أن عملنا يتقدم بصورة متواصلة، ويجب أن يسمح له بالاستمرار فى مساره الطبيعى». ويضيف مؤكدا انه فى حال استمرار العراق فى تعاونه مع الوكالة «سيمكننا خلال الأشهر المقبلة أن نقدم تأكيدات عالىة المصداقية بأن العراق لا يمتلك برنامجا للتسلح النووى». ويخلص قائلا: «الأشهر المقبلة يمكن أن تشكل استثمارا قيما فى السلام، لأنها يمكن أن تعاوننا على تجنب الحرب». وفى تقريره بتاريخ 7 مارس يبدو البرادعى كمن يقدم دحضا مباشرا للذرائع الأنجلوأمريكية للغزو الذى بدأ بعدها بأسبوعين تقريبا. يقول البرادعى فى تقريره: «بعد ثلاثة أشهر من التفتيش التدخلى لم نعثر حتى يومنا هذا على أى دليل أو مؤشر معقول لإحياء برنامج التسلح النووى فى العراق». ويضيف أن العراق فى الفترة السابقة على التقرير أبدى استعدادا عاليا للتعاون مع الوكالة معبرا عن أمله فى مواصلة العراق لذلك المستوى من التعاون والتفاعل. ويخلص: «إن المعرفة التفصيلية التى تراكمت لدى خبراء الوكالة بالامكانات العراقية، بالاضافة الى الالتزام الفعال من قبل الدول بمساعدتها على أداء مهمتها، فضلا عن التقدم فى الفترة الأخيرة فى مستوى تعاون العراق، هذا من شأنه أن يساعدنا على التوصل إلى تقييم موضوعى وعميق للقدرات العراقية فى المجال النووى»، ومن ناحية أخرى, جدد البرادعي التعبير عن استعداده للترشح لرئاسة الجمهورية في مصر, شرط ضمان نزاهة انتخابات الرئاسة, وذلك في حوار مع فريد زكريا, رئيس تحرير مجلة نيوزويك, في الحلقة الأخيرة من برنامجه الحواري ذائع الصيت, الذي أذاعته ال"سي.إن.إن" يوم الأحد. كما أعرب البرادعي في الحوار قناعته بأن "الأمور ليست على ما يرام في مصر, وأن السلام الاجتماعي فيها مهدد بالخطر". كما أكد الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنه في كل الأحوال , وسواء رشح نفسه للرئاسة أم لا, فإنه سيفعل ما في وسعه بوصفه مواطنا مصريا حتى "تسير الأمور في الطريق الصحيح".