تواصل الجدل حول محتوى البيان الذى أصدره الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، الذى لخص فيه شروط ترشحه للرئاسة المصرية فى عام 2011، من إشراف قضائى كامل على الانتخابات، إلى رقابة دولية وإعادة صياغة الدستور وغيرها، مستمرا فى الأوساط السياسية والإعلامية. وكما توقعت «الشروق» فى عددها أمس فإن مطالب البرادعى كانت سببا فى هجوم رؤساء مجالس وتحرير الصحف القومية عليه وبدت أمس وكأن طاحونة الهجوم قد انطلقت ضد الرجل بجميع أنواع الأسلحة من معظم الكتاب المحسوبين على الحكومة، التى بدأت بالتشكيك فى حصوله على جنسيات أجنبية بجانب المصرية، وهو ما نفاه البرادعى فى تصريحات خاصة ل«الشروق» أمس، ثم أثار رؤساء تحرير الصحف الحكومية قضية جديدة يتهمونه فيها بأنه وقف ضد بلاده لمصالح أمريكية وغربية وأنه باع هويته للأجندة الإيرانية، وأنه كان له دور فى دعم قرار أمريكا بغزو العراق عام 2003، وهو ما فتح باب الجدال على الساحة الدبلوماسية أيضا. ورفض أحمد ماهر وزير الخارجية الأسبق الخوض فى الحديث عن الرجل أو الإدلاء بأية تصريحات فى هذا الشأن وقال «لا أحب أن أدلى برأيى الآن ولن أعلق على شىء ولن أكون جزءا من هذه الهيصة»، مضيفا «اسألوا أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الحالى أو عمرو موسى أمين الجامعة العربية فهو دفعته». من جهته قال السفير الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق «هذه اتهامات جاهزة تلقى على كل من ينوى الترشح للرئاسة ولو أنا رشحت نفسى هيقولوا إن أنا كمان مزدوج الجنسية وإنى متعاون مع إيران وتسببت فى أزمة العراق». وحول ما قيل عن أنه يعمل لصالح أمريكا، أضاف الأشعل: «عين البرادعى فى الخارجية عام 1964 ثم سافر بعدها بأعوام للاستفادة من منحة أمريكية بجامعة نيويورك وحصل على الدكتوراه من هناك، ثم التحق بعدها بمعهد «يونيتار» وانطلق منه إلى مكتب الوكالة الدولية للطاقة النووية بنيويورك ثم إلى مقرها بالنمسا مستشارا قانونيا، وبعدها أصبح مديرا عاما للوكالة فى 1997 خلفا لهانز بليكس المفتش النووى المعروف». وواصل «ولكى يتم ترشيح البرادعى مديرا عاما للوكالة لابد أن ترشحه دولة فرشحت مصر السفير محمد شاكر، بينما رشحت أمريكا البرادعى ووقتها حاول الدكتور مصطفى الفقى أن يجعل البرادعى مرشح مصر إلا أن الدولة رفضت ثم فاز البرادعى بالمنصب». ووصف الدكتور الأشعل موقف البرادعى من قضية غزو العراق بأنه كان مشبوها إلى حد ما، وأنه كان على البرادعى أن يوضح الأمر لعموم الناس، وقال «كان البرادعى على رأس لجنة التفتيش على الأسلحة النووية فى العراق وكان يعمل معه فى اللجنة ضابط مخابرات أمريكى يدعى سكوت ريتر وحين انتهى عمل اللجنة قدم البرادعى تقريره إلى مجلس الأمن الذى أكد أن العراق خال من الأسلحة النووية»، ثم قدم الضابط استقالته وكتب قصته مع لجنة البرادعى فى كتاب قال فيه «إن البرادعى لم يجد أسلحة نووية بالفعل لكن بعض أعضاء اللجنة قاموا بوضع علامات فى الأماكن الحيوية لتراها الطائرات الأمريكية حين تضرب العراق دون علم البرادعى». وأردف «وقتها طالب البرادعى العراق بأن تفتح بقية الأماكن المغلقة أمام اللجنة لتتم مهمتها لأنه شعر بأن الجانب الأمريكى متحفز للحرب وأن قوات أمريكا بالخليج جاهزة لذلك أراد إغلاق الطريق عليها، لكنه بعدها هدد فى تقرير لمجلس الأمن أنه إذا أغارت أمريكا على العراق سوف يستقيل ولم يفعل وهذا ما جعل موقفه مشبوها ومشوشا». واستكمل «وما أكد ذلك أنه أتى فى أغسطس الماضى 2009 وأعلن أنه يشعر بالذنب لأنه أحس أنه كان سببا فى غزو العراق». وطالب الأشعل فى النهاية بألا يشكك أحد فى وطنية أو مصرية البرادعى لمجرد أنه طالب بضمانات نزاهة الانتخابات التى يطالب بها الجميع. وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية «مواقف الدكتور محمد البرادعى الدولية لا تشينه بل على العكس فهى كانت أفضل بكثير جدا من بقية الموظفين الدوليين، حتى فى أزمة العراق وإيران، وفى النهاية فإن الدول الأعضاء فى هيئة الطاقة الذرية، هى التى صنعت تلك القرارات وبالتالى لا تجب محاسبته على تلك المواقف». وأضاف د.نافعة «من الواضح جدا أن الحكومة مضطربة وأن النظام ضعيف جدا ويرتعش من أقل حركة حول وصول البرادعى للسلطة، وتساءل: لماذا لا يسمح الدستور بترشيح كل من يجد فى نفسه الكفاءة؟ مضيفا أن المادة 76 من الدستور فصلت على مقاس شخص واحد هو جمال مبارك.