بعد أيام قليلة من نهاية عمله رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عاد محمد البرادعى ليفتح ملف ترشحه لرئاسة مصر، لكنه اختار هذه المرة أن يوجه شروطه للترشح، بعد المطالبات المتعددة من قوى سياسية معارضة، للشعب المصرى. وقال البرادعى فى بيان، تلقت «الشروق» نسخة منه، إنه يقبل الترشح إذا ما رأت أغلبية المصريين أن ذلك فى مصلحة الوطن، لكنه أضاف أن موقفه من ذلك يتحدد أيضا على أساس عدد من العناصر منها ضمانات العملية الانتخابية بما فيها إشراف قضائى كامل ورقابة دولية من الأممالمتحدة، وإنشاء لجنة قومية مستقلة تشرف على العملية، كما طالب بيان البرادعى بوضع دستور جديد يكفل الحريات وحقوق الإنسان. «إذا ما قررت الترشح لهذا المنصب الرفيع، وهو الأمر الذى لم أسع اليه، فسيكون ذلك إذا رأت الغالبية العريضة من أبناء الشعب المصرى بمختلف انتماءاته أن ذلك سيصب فى مصلحة الوطن»، واعتبر الرئيس السابق للوكالة الدولية، أن من يتولى هذا المنصب فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر «يجب أن يكون رئيسا توافقيا يلتف حوله الجميع». ودعا البرادعى لإزالة «مختلف العوائق الدستورية والقانونية المقيدة لحق الغالبية العظمى فى الترشح، ولكى تكون هناك فرصة متكافئة وحقيقية أمام الجميع دون اعتبارات حزبية أو شخصية». وحذر من أن استمرار هذه العوائق سينزع الشرعية عن الانتخابات، «وستكون نهايتها فى أغلب الأمر معروفة مقدما مثل أسطورة إغريقية». وكان التعديل الدستورى الذى أدخل عام 2005، قد فرض على أى شخص يرغب فى ترشيح نفسه للرئاسة فى مصر أن يكون عضوا لمدة عام على الأقل فى هيئة قيادية لأحد الأحزاب الرسمية التى مضى على تأسيسها خمس سنوات على الأقل. أما إذا كان المرشح للرئاسة مستقلا فيتعين عليه الحصول على تأييد 250 عضوا منتخبا فى المجالس التمثيلية، وهو ما يصعب من عملية ترشح البرادعى وآخرين تم طرح أسمائهم كالأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذى لم يستبعد هو الآخر ان يرشح نفسه. وجدد بيان البرادعى الدعوة لتوفير ضمانات لنزاهة الانتخابات، وفى مقدمتها «إنشاء لجنة قومية مستقلة ومحايدة تتولى تنظيم جميع الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية»، بالإضافة إلى الإشراف القضائى والرقابة الدولية من الأممالمتحدة، إلى جانب تنقية الجداول الانتخابية وحياد الإعلام، وهى إجراءات وصفها بيان البرادعى إنها تمثل «رسالة واضحة لعالمنا المتشابك إن هناك عملية إصلاح وتغيير حقيقية فى مصر»، على حد تعبير البيان. وتتقاطع هذه الضمانات مع مطالب للمعارضة المصرية بتعديل المادتين 76 و77 من الدستور باعتبارهما أكبر العوائق أمام حرية الترشح وشفافية التصويت. وكانت أحزاب وقوى مصرية معارضة عديدة قد أثارت مسألة ترشح البرادعى وأبدت استعدادها لتأييده، كان آخرها حركة مصريون من أجل انتخابات حرة فى تصريحات للمستشار محمود الخضيرى أمس الأول. وانفردت «الشروق» فى أكتوبر الماضى بنشر بيان ينفى فيه البرادعى رفضه الترشح قائلا إنه سيدرس الأمر بعد انتهاء مهمته فى الوكالة، ثم عاد وصرح لقناة «سى إن إن» الأمريكية بأنه لا يستبعد الأمر بشرط نزاهة الانتخابات، بينما نقلت وكالات الأنباء عنه فور انتهاء ولايته أنه سيتفرغ لأسرته وللكتابة. ولم ينس البرادعى أن يشير إلى ضرورة وضع دستور جديد كأساس «لبناء دولة مدنية عصرية، تقوم على الحداثة والاعتدال والحكم الرشيد». وأضاف البيان هذا الدستور الجديد يجب أن يقوم على «توازن دقيق ورقابة متبادلة بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.. وعلى قناعة أن الدين لله والوطن للجميع». كان استطلاع للرأى أجراه موقع «الشروق» الإلكترونى منتضف أكتوبر الماضى قد كشف أن الأغلبية العظمى ممن شاركوا تستبعد أن يقدم الدكتور محمد البرادعى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية على ترشيح نفسه لمنصب الرئاسة فى مصر. وردا على سؤال طرحه الموقع يقول: «هل تتوقع أن يرشح الدكتور محمد البرادعى نفسه للرئاسة فى مصر؟» أجاب 78% من زائرى الموقع بالقول إنه «لن يرشح نفسه»، بينما توقع 13% تقريبا أن يرشح البرادعى نفسه مستقلا، وتوقع 9،5% فقط أن يختار الرجل ترشيح نفسه للرئاسة عن طريق أحد الأحزاب المعارضة. وشارك فى الاستطلاع 3630 مشاركا من مصر ومن مختلف أنحاء العالم حتى موعد غلق باب التصويت فيه عصر أمس.