طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان يوم الخميس السلطات السورية بوقف القمع الذي تمارسه ضد مواطنيها الأكراد، داعية واشنطن والاتحاد الأوروبي إلى ربط تحسين علاقتهما بسوريا بتحسينات ملموسة في حالة حقوق الإنسان في هذا البلد. وندد التقرير الصادر بعنوان "إنكار الوجود: قمع الحقوق السياسية والثقافية للأكراد في سوريا" بجهود السلطات السورية الرامية إلى حظر وتفريق التجمعات المطالبة بحقوق الأقلية الكردية أو الاحتفالات الثقافية الكردية" و"اعتقال الزعماء السياسيين الأكراد وتعرضهم لسوء المعاملة خلال الاعتقال". وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش، إنه "في الوقت الذي تعكف فيه بلدان أخرى في المنطقة كالعراق وتركيا على تحسين معاملة أقلياتها الكردية، لا تزال سوريا تقاوم التغيير"، مضيفة "في الحقيقة، سوريا معادية بشكل خاص لأي تعبير سياسي أو ثقافي كردي". ويطالب الأكراد الذين يقدر عددهم بمليون ونصف مليون شخص ويمثلون 9% من عدد سكان سوريا بالاعتراف بلغتهم وبثقافتهم وبحقوقهم السياسية. وينفي أكراد سوريا، الذين يقيمون بشكل أساسي في شمال البلاد على الحدود المتاخمة لتركيا والعراق، وجود أي نوايا انفصالية لديهم. وأكدت المنظمة انه "منذ عام 2005 قمعت قوات الأمن السورية ما لا يقل عن 14 تجمعا سياسيا وثقافيا كرديا عاما في أغلبها تجمعات سلمية، وكثيرا ما لجأت قوات الأمن إلى العنف لتفريق الحشود". وأضافت أن "قوات الأمن لم تمنع التجمعات السياسية لدعم حقوق الأقلية الكردية فقط، بل وأيضا قمعت التجمعات للاحتفال بعيد النيروز (رأس السنة الكردية) وغيره من الاحتفالات الثقافية". وأكدت أن "قوات الأمن أطلقت النار على الحشود وتسببت بوفيات في حالتين على الأقل"، مضيفة أن "قوى الأمن السورية قامت منذ 2005 بقمع 15 اجتماعا سياسيا وثقافيا سلميا على الأقل وذلك باللجوء إلى العنف لتفريق المجتمعين". وقالت سارة ليا ويتسن أن "الحكومة السورية ترى التهديد في كل مكان، حتى في الاحتفالات برأس السنة الجديدة التي تجري في القرى". وأضافت "إذا كانت الحكومة السورية ترغب في علاقات أفضل مع أقليتها الكردية، فعليها أن تعالج شكاويهم المشروعة بدلا من محاولة إسكاتهم". وأشار التقرير المدعم بالوثائق إلى "اعتقال ومحاكمة 15 من القياديين السياسيين الأكراد البارزين منذ العام 2005". وأضاف: "حيث لا وجود لقانون للأحزاب السياسية في سوريا، فإن أيا من الأحزاب السياسية، ناهيك عن الأحزاب الكردية، غير مرخص لها. وتبعا لذلك، فان أي عضو في أي حزب، بما فيها جميع الأحزاب الكردية، عرضة للاعتقال لعضويته في منظمة غير مرخصة، وهي جريمة بموجب قانون العقوبات السوري". وأكد التقرير أن محكمة الجنايات في دمشق حكمت في 15 نوفمبر على ثلاثة من قياديي حزب آزادي الكردي، الذين يطالبون بوضع حد للتمييز ضد الأقلية الكردية، بالسجن لثلاث سنوات بتهم "إضعاف الشعور القومي" و"إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة". وقال أن "12 معتقلا سابقا من أصل 30 قابلتهم هيومان رايتس ووتش قالوا أن أجهزة الأمن قامت بتعذيبهم"، مؤكدا أن "معظم هؤلاء المعتقلين أحيلوا إلى محاكم عسكرية، حيث يمكن أن يدانوا بتهم أمنية مبهمة وفضفافة، عادة ما تكون نشر أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها إضعاف الشعور القومي والإقدام على أفعال أو أقوال تدعو إلى اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية لضمها إلى بلد آخر". وأكدت المنظمة أن "المضايقات التي يتعرض لها هؤلاء النشطاء تستمر حتى بعد الإفراج عنهم، حيث تواصل أجهزة الأمن استدعاءهم للاستجواب، وكثيرا ما تمنعهم من السفر خارج البلاد. وحضت المنظمة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على "إيصال استنكارها الشديد لطريقة معاملة سوريا لأقليتها الكردية، والتأكيد على أن إحراز المزيد من التقدم في علاقاتها مع سوريا يتوقف على تحسينات ملموسة في حالة حقوق الإنسان" في هذا البلد. ودعت هيومان رايتس ووتش الحكومة السورية إلى "إطلاق سراح المعتقلين بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع"، و"تعديل أو إلغاء الأحكام الأمنية المبهمة الفضفاضة الواردة في قانون العقوبات السوري والتي تقيد حرية التعبير بصورة غير مشروعة. كما دعتها إلى "التحقيق مع المسئولين الذين يزعم أنهم قاموا بتعذيب المعتقلين أو أساؤوا معاملتهم"، و"سن قانون يعترف بحق إنشاء الأحزاب أو المنظمات السياسية، وإنشاء لجنة انتخابية مستقلة لتسجيل الأحزاب السياسية الجديدة"، و"تشكيل لجنة للنظر في مظالم الأقلية الكردية في سوريا".