رئيس مجلس النواب ينتقد تأخر الحكومة في إرسال تعديلات قانون التعليم    جامعة أسيوط تُعلن فتح باب الترشح لمنصب عميد كلية التجارة    وزير الإسكان يتابع موقف توفيق الأوضاع بالأراضي المنضمة لأحوزة عددٍ من المدن الجديدة    البرلمان يوافق رسميًا على المادة الثانية من قانون الإيجار القديم.. 7 سنوات للوحدات السكنية و5 لغير السكنية    وزير التموين: مصر تبنّت نهجًا استباقيًا لإعادة بناء المنظومة الغذائية    "سكن لكل مواطن".. شراكة إستراتيجية بين "الصحفيين" و"المصرف المتحد"    كامل الوزير يلتقي نائب رئيس الستوم لمتابعة آخر مستجدات الخط السادس للمترو    بأمر من الرئيس.. إيران تعلق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسميًا    ممداني: ترامب هددني بسحب الجنسية ولن أقبل الترهيب    الجيش الإسرائيلي: القبض على خلية "إرهابية" تديرها إيران في جنوب سوريا    وزير الأوقاف ووزيرة التجارة والصناعة الفلبينة يبحثان تسريع دخول سلع البلدين للأسواق    لاعب ريال مدريد: طريقة لعب تشابي مرهقة    "نورا عصام" طالبة علوم رياضية قناة السويس تُتوج بنوط الامتياز من الرئيس السيسي    جمال عبدالحميد يهاجم إمام عاشور ويُعلق على رحيل زيزو    ارتفاع عدد ضحايا انقلاب سيارة محملة بالطوب بالمنيا إلى 3 وفيات و4 مصابين.    مصرع سيدة إفريقية صدمتها سيارة بالتجمع الأول    الأمن يضبط المتهمين في مشاجرة الأسلحة النارية بالقاهرة    نرمين الفقى عضو لجنة تحكيم المسابقة الدولية بمهرجان الغردقة لسينما الشباب    وزير الإسكان يعقد اجتماعًا لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    "الألفى" تشارك في الاجتماع الإقليمي للسكان بالدقهلية.. وتوصيات بخفض الإنجاب    ضبط 62.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تكريم خاص من الزمالك.. عقد شيكابالا يُصرف بالكامل في حال الاعتزال    البورصة المصرية تستهل بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات اليوم 2 يوليو 2025    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية بالمنافذ والاطمئنان على الحالة العامة بالشوارع في بلقاس    «أنغام وشيرين».. من أزمة صوت مصر لمهرجان موازين    فيلم "ريستارت" ل تامر حسني يواصل تصدره للمركز الثاني بشباك تذاكر السينمات    خطاب 3 يوليو لحظة مفصلية في استعادة الوطن وتثبيت مؤسسات الدولة    ضوابط منح الترخيص المؤقت للحضانات    تعرف على مكافآت لاعبى الهلال بعد التأهل التاريخى فى مونديال الأندية    كندا تسعى لإعفاء كامل من الرسوم الجمركية الأمريكية فى محادثات مع واشنطن    مهرجان إعلام 6 أكتوبر للإنتاج الإعلامي يكرم الفنان محمد صبحي    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. تعرف علي التفاصيل    انطلاق امتحان الأحياء لطلاب الثانوية الأزهرية علمي بكفر الشيخ    أمن سوهاج يكشف غموض العثور على فتاة جثة هامدة داخل منزلها بأخميم سوهاج    الأعلى للجامعات يعلن إضافة عدد من البرامج الدراسية الجديدة بكليات الجامعات الحكومية    الهيئة الوطنية للانتخابات تُعلن آلية الكشف الطبي لمرشحي انتخابات الشيوخ    كل ما تريد معرفته عن مدارس البترول بعد الإعدادية.. بدائل الثانوية العامة 2025    "افتخروا بالأحمر".. نجم الأهلي السابق يوجه رسالة قوية: الهلال مشروع دولة    الخميس.. حفل تأبين الناقد الراحل محمد السيد إسماعيل بالقليوبية    إعلام الاحتلال عن مصدر: المقترح الجديد لا يتضمن تعهدا واضحا بإنهاء الحرب    توقعات الأبراج في شهر يوليو 2025.. أحداث مثيرة تنتظر كل برج    لماذا يستحب صيام يوم عاشوراء؟    فيديو- أمين الفتوى يوضح أحكام القصر والجمع في الصلاة: متى يجوز ومتى لا يجوز    شوبير يكشف آخر تطورات صفقات الأهلي الصيفية ومصير وسام أبو علي    ضمن منظومة «التأمين الصحي الشامل».. 112 وحدة جاهزة لخدمة أهالي أسوان    عكاوي يوجه بتقديم خدمة طبية متميزة لمنسوبي جامعة جنوب الوادي    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    قرارات حاجة لمحافظ الدقهلية في مفاجئة لمستشفى بلقاس..صور    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025: استقرار محلي بعد ارتفاع عالمي    سبب وفاة المطرب أحمد عامر.. وموعد تشييع الجنازة    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    لحظة بلحظة.. بروسيا دورتموند ضد مونتيري 2-1    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن عروس وفن الواو
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 11 - 2009

ولد ابن عروس عام 1780م فى قرية مزاتة مركز قوص بمحافظة قنا، وهى التى اشتهرت منذ الفتح الإسلامى لمصر بأنها كانت محط الرحال للقبائل النازحة من شبه الجزيرة العربية، وقد أدى هذا كما يقول عبدالستار سليم إلى ظهور أثر للهجات القبائل العربية جعل اللسان القنائى أقرب إلى العربية الأم، ولهذا تأثر الشعر المحلى بالقصيدة العربية الوافدة التى كانت القافية سمة أساسية فيها، فولد قالب شعرى شديد الالتصاق بها لكنه باللهجة العامية المحلية، وهو فن الواو الذى اشتهرت به قنا دون غيرها.
وفن الواو رباعية تتكون فى حقيقة الأمر وفقا لرأى إبراهيم أنيس من بيتين فقط من بحر «المجتث»، وأجزاؤه «مستفعلن فاعلاتن» مرتين، لكن الشطرتين الأولى والثانية تنتهيان بحرف واحد كأنه قافية تختلف مع قافية البيتين المشتركة، فيبدو الأمر وكأنه رباعية،حيث يقول ابن عروس مثلا:
ولا حد خالى من الهم حتى قلوع المراكب
ماتقولشى للندل عم وإن كان على السرج راكب
وكان الشاعر لا يكتفى بإلقاء مربع واحد من مربعاته القصيرة على جمهوره، لكنه كان يصمت برهة حتى يتأكد من استيعاب المتلقى للمربع ثم يواصل بادئا بعبارة «وقال الشاعر»، ولهذا كثرت الواوات بين المربعات حتى أصبحت تسمى بفن الواو.
وإذا ذكر فن الواو فلابد من الحديث عن رائده أحمد بن عروس، الذى يقول عنه أحمد سليمان حجاب إنه كان يستخلص قُوتَه بقُوَّتِه فى عصر مملوكى شحيح، وكانت له عصابة من الفاتكين واللصوص لها سطوة عظيمة تخشاها الحكومة ذاتها، وعندما أدركته الشيخوخة خاف أن يلقى ربه بذنوبه فأقلع عن الإجرام وتاب وانقطع للتأمل والعبادة، وأخذ يسير فى الطرقات يلقى المواعظ بين الناس فى مربعات شعرية.
ويمكننا أن نجد لدى ابن عروس نفسه مربعا يلخص رحلته من الإجرام إلى التوبة، حيث يقول:
حرامى وعاصى وكداب عاجز هزيل المطايا
وتبت ورجعت للباب هيا جزيل العطايا
كما أننا قد نلمح أحيانا علامات الزهد على وجه الشيخ الذى أدركته الحكمة بعد زمن طويل كان يجمع فيه المال هو ورجاله بفرض الإتاوات على الضعفاء:
كسرة من الزاد تكفيك وتبقى نفسك عفيفه
والقبر بكره يطويك وتنام فى جار الخليفة
على أننا لا نعدم لدى ابن عروس الزاهد مربعات تعلى من قيمة المال ودوره المهم فى تحقيق النفوذ، حيث يقول مثلا:
الليل ما هواش قصير إلا على اللى ينامه
والشخص لو كان فقير ما حد يسمع كلامه
وأحيانا يصل به الأمر إلى طلب المجاهرة بالعداء للخصم، بدلا من التسامح معه،حيث يقول:
اللى يداديك داديه واجعل عيالك عبيده
واللى يعاديك عاديه روحك ماهياش فى إيده
وهذا يدفعنى إلى تصديق الرواية الدنيوية لا الدينية التى ذكرها أحمد سليمان حجاب أيضا فى تفسير التحول الدرامى لشخصية ابن عروس من الإجرام والسطوة إلى الفلسفة الشعبية والحكمة، وهى رواية تشرح فى الوقت نفسه أسباب تسميته بابن عروس، حيث يروى أنه لما بلغ ابن عروس الستين أحب فتاة دون الخامسة عشرة، ولما كان أهلها يخشون سطوته وافقوا على زواجه، لكن الفتاة قد هربت مع حبيبها قبيل الزفاف بساعات، ودار الخبر بين الناس، ودار صاحبنا فى البلاد بعد انكساره ينشد حكمة تجربته بصوت متهدج، وصار اسمه ابن عروس لأن هذه العروس الهاربة هى التى أنجبته للحياة فى ثوبه الجديد، ولعل المربع التالى يعبر عن هذه التجربة المريرة، حيث يقول:
يا قلبى لاكويك بالنار وان كنت عاشق لا أزيدك
يا قلبى حملتنى العار وتريد من لا يريدك
كما أن هذا يفسر أيضا وجود كثير من المربعات التى هاجم فيها ابن عروس المرأة عموما هجوما شديدا، حيث يقول:
كيد النسا يشبه الكى من مكرهم عدت هارب
يتحزموا بالحنش حى ويتعصبوا بالعقارب
ويقول:
ما ينجدك غير دمك ولا ينفعك غير مالك
واحلف يمين بعد أمك حبيب من النسا ما بقالك
ويقول:
فيهم كما همة البين والبعل مسكين قناها
وفيهم الدابة والتنين ورطه على اللى اشتراها
ويلاحظ على مربعات ابن عروس، أنها تكاد تترجم الأمثال الشعبية فى ثوب شعرى، ولم لا؟ وهذه الأمثال تعبر عن خلاصة الحكمة الشعبية التى يسعى لنشرها، حيث يقول:
كل عيش بملحك وفجلك وعيش عيشة جدودك
واتمد على قد رجلك بلاش تزيد عن حدودك
ويقول:
الندل له طعم مالح وله خصايل ذميمة
القرب منه فضايح والبعد عنه غنيمة
ويقول:
والله ما هى بسعيك ولا بكتر الخطاوى
إلا إذا كان سعدك فى كل خطوة مساوى
وقد تسبب ابن عروس بإبداعه المتميز فى شيوع فن الواو بصعيد مصر، وبخاصة بين أبناء محافظة قنا، وصار له أبناء فى هذا الإبداع مثل الشيخ أحمد محمد القوصى المولود بقنا عام 1860، والذى يقول:
الناس للكف باسطين والكل عاوز نوالك
واللى خضع لك وباس طين للشر هوه نوى لك
ومثل الشيخ حسن عبد الرحيم الفرشوطى المولود بقنا عام 1873م، والذى يقول:
ماله الهوى زاد وَسْمِى من حين بعادهم بدالى
سمت ولدها على اسمى خايف تحبه بدالى
على أن التأثير الأكبر يتمثل فى تعميق المشاركة الوجدانية بين المبدع والمتلقى فى هذا الإبداع الشفاهى، التى سمحت لفن الواو بعد رسوخه باستيعاب القص الملحمى، فكانت السيرة الهلالية الصعيدية التى تم نظمها من خلال مجموعة من مربعات الواو، حيث شاعت هذه السيرة فى صعيد مصر كله، وما زالت تتردد حتى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.