مصادر طبية فلسطينية: ارتفاع عدد جثامين الشهداء المستلمة ل120 بعد الإفراج عن 30 جثمانا    الكرملين: روسيا مستعدة لتقديم كل المساعدة اللازمة للشعب الفلسطينى    موهبة برازيلية جديدة تلفت أنظار مانشستر سيتي    فيريرا يكشف حقيقة رحيل أوشينج وجهاد عن الزمالك وموقفه من المعد النفسي    محامي زيزو ل"اليوم السابع": أدلة مستحقات اللاعب في اتحاد الكرة    غلق وتشميع مركز حضانات ببنى سويف لمخالفة اشتراطات الترخيص وسياسة مكافحة العدوى    الاتحاد الأوروبي يكرّم مي الغيطي بعد اختيارها عضو لجنة تحكيم مهرجان الجونة    يروى تاريخ الإمارات.. متحف زايد الوطنى يفتح أبوابه فى 3 ديسمبر    الأمم المتحدة تدعو باكستان وأفغانستان لوقف دائم للاشتباكات    الدولار يتراجع 5 قروش في ختام تعاملات الأسبوع    عاجل- تفاصيل رفع فائدة التمويل العقاري إلى 8% و12% اعتبارًا من أمس    فيريرا يوضح كواليس ما يدور داخل الزمالك ويؤكد: نحاول منع الشائعات    كأس إنتركونتيننتال.. وفد بيراميدز يتفقد ملاعب قطر قبل مواجهة بطل الأمريكتين    تعليم القاهرة تتابع انتظام الدراسة واستعداد المدارس لامتحانات أكتوبر    رحلة عمرة تبرع من أحد الأشخاص لعم "فوزى" صاحب واقعة مينى باص الدقهلية    الحكم على التيك توكر أوتاكا 29 أكتوبر بتهمة بث فيديوهات خادشة    رئيس الوزراء: النيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المساومة    كلمة مؤثرة في ختام مهمته.. "رئيس النواب": خدمة الوطن شرف لا يدركه إلا من خدمه بقلب نقي ونية خالصة    بعد اكتشاف عملات تاريخية بها.. خبير: الكبسولة الرصاصية النادرة تكشف أسرار تشكيل الهوية السكندرية    فرقة دمنهور المسرحية تعرض ها أم مللت في ملتقى شباب المخرجين على مسرح السامر    رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وقطر للتعاون في المجال الصحي    رجال يد الأهلي يواجه البوليس الرواندي في بطولة إفريقيا    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    طنطا تستقبل عشرات الزوار من السودان للمشاركة في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي    الرياض تحتضن أكبر معرض عقاري مصري "عقارات النيل" بمشاركة كبار المطورين بعروض استثنائية لعملاء المملكة    القافلة الثانية عشرة التي يشرف عليها التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي تستعد للانطلاق نحو غزة    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    استكمالًا لخطة الحماية الاجتماعية: تسليم 219 جهازًا تعويضيًا وكرسيًا متحركًا للمرضى غير القادرين بأسوان    فعاليات بيئية وترفيهية واسعة بمهرجان النباتات الطبية والعطرية ببني سويف    الأمين المساعد لشؤون الواعظات بالأزهر تزور معاهد سيوة    سيف زاهر يشدد علي ضرورة التواصل الدائم مع المواطنين عبر لقاءات ميدانية دورية    آمال ماهر نجمة إفتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية ال33    ريم مصطفى بطلة مسلسل «فن الحرب» ل يوسف الشريف في رمضان 2026    «حظهم وحش».. 3 أبراج تفشل في العلاقات والحب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباريات الأسبوع الحادي عشر    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    بيان عملى وتوعية ميدانية.. الحماية المدنية تستقبل طلاب مدرسة بالمنوفية    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    الأمن السوري يلقي القبض على ابن عم بشار الأسد    خالد مرتجي: وجود ياسين منصور مكسب كبير للأهلي.. وميزانية النادي تخطت ال8 مليار جنيه    عمرو الورداني: مصر قادرة على إطفاء نيران الفتن وصناعة السلام بشرف وعدالة    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    اتحاد طلاب جامعة أسيوط يكرم الدكتور أحمد المنشاوي تقديرًا لجهوده    بعد ملاحظات الرئيس.. النواب يؤجل تطبيق قانون الإجراءات الجنائية إلى 2026    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص بالبحيرة رفع الأجرة وحمّل ركابًا أكثر من المقرر    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    الأولى من نوعها.. جامعة أسيوط تنجح في أول جراحة باستخدام مضخة "الباكلوفين" لعلاج التيبس الحاد بالأطراف    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    نائب محافظ القاهرة يتابع إجراءات التصالح على مخالفات البناء بحي الأميرية ويوجه بسرعة البت فيها    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    جامعة الشارقة: تقليل هدر الطعام يمثل أحد أكثر الإجراءات فعالية في مواجهة التغير المناخي    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    مشكلة الميراث    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن عروس وفن الواو
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 11 - 2009

ولد ابن عروس عام 1780م فى قرية مزاتة مركز قوص بمحافظة قنا، وهى التى اشتهرت منذ الفتح الإسلامى لمصر بأنها كانت محط الرحال للقبائل النازحة من شبه الجزيرة العربية، وقد أدى هذا كما يقول عبدالستار سليم إلى ظهور أثر للهجات القبائل العربية جعل اللسان القنائى أقرب إلى العربية الأم، ولهذا تأثر الشعر المحلى بالقصيدة العربية الوافدة التى كانت القافية سمة أساسية فيها، فولد قالب شعرى شديد الالتصاق بها لكنه باللهجة العامية المحلية، وهو فن الواو الذى اشتهرت به قنا دون غيرها.
وفن الواو رباعية تتكون فى حقيقة الأمر وفقا لرأى إبراهيم أنيس من بيتين فقط من بحر «المجتث»، وأجزاؤه «مستفعلن فاعلاتن» مرتين، لكن الشطرتين الأولى والثانية تنتهيان بحرف واحد كأنه قافية تختلف مع قافية البيتين المشتركة، فيبدو الأمر وكأنه رباعية،حيث يقول ابن عروس مثلا:
ولا حد خالى من الهم حتى قلوع المراكب
ماتقولشى للندل عم وإن كان على السرج راكب
وكان الشاعر لا يكتفى بإلقاء مربع واحد من مربعاته القصيرة على جمهوره، لكنه كان يصمت برهة حتى يتأكد من استيعاب المتلقى للمربع ثم يواصل بادئا بعبارة «وقال الشاعر»، ولهذا كثرت الواوات بين المربعات حتى أصبحت تسمى بفن الواو.
وإذا ذكر فن الواو فلابد من الحديث عن رائده أحمد بن عروس، الذى يقول عنه أحمد سليمان حجاب إنه كان يستخلص قُوتَه بقُوَّتِه فى عصر مملوكى شحيح، وكانت له عصابة من الفاتكين واللصوص لها سطوة عظيمة تخشاها الحكومة ذاتها، وعندما أدركته الشيخوخة خاف أن يلقى ربه بذنوبه فأقلع عن الإجرام وتاب وانقطع للتأمل والعبادة، وأخذ يسير فى الطرقات يلقى المواعظ بين الناس فى مربعات شعرية.
ويمكننا أن نجد لدى ابن عروس نفسه مربعا يلخص رحلته من الإجرام إلى التوبة، حيث يقول:
حرامى وعاصى وكداب عاجز هزيل المطايا
وتبت ورجعت للباب هيا جزيل العطايا
كما أننا قد نلمح أحيانا علامات الزهد على وجه الشيخ الذى أدركته الحكمة بعد زمن طويل كان يجمع فيه المال هو ورجاله بفرض الإتاوات على الضعفاء:
كسرة من الزاد تكفيك وتبقى نفسك عفيفه
والقبر بكره يطويك وتنام فى جار الخليفة
على أننا لا نعدم لدى ابن عروس الزاهد مربعات تعلى من قيمة المال ودوره المهم فى تحقيق النفوذ، حيث يقول مثلا:
الليل ما هواش قصير إلا على اللى ينامه
والشخص لو كان فقير ما حد يسمع كلامه
وأحيانا يصل به الأمر إلى طلب المجاهرة بالعداء للخصم، بدلا من التسامح معه،حيث يقول:
اللى يداديك داديه واجعل عيالك عبيده
واللى يعاديك عاديه روحك ماهياش فى إيده
وهذا يدفعنى إلى تصديق الرواية الدنيوية لا الدينية التى ذكرها أحمد سليمان حجاب أيضا فى تفسير التحول الدرامى لشخصية ابن عروس من الإجرام والسطوة إلى الفلسفة الشعبية والحكمة، وهى رواية تشرح فى الوقت نفسه أسباب تسميته بابن عروس، حيث يروى أنه لما بلغ ابن عروس الستين أحب فتاة دون الخامسة عشرة، ولما كان أهلها يخشون سطوته وافقوا على زواجه، لكن الفتاة قد هربت مع حبيبها قبيل الزفاف بساعات، ودار الخبر بين الناس، ودار صاحبنا فى البلاد بعد انكساره ينشد حكمة تجربته بصوت متهدج، وصار اسمه ابن عروس لأن هذه العروس الهاربة هى التى أنجبته للحياة فى ثوبه الجديد، ولعل المربع التالى يعبر عن هذه التجربة المريرة، حيث يقول:
يا قلبى لاكويك بالنار وان كنت عاشق لا أزيدك
يا قلبى حملتنى العار وتريد من لا يريدك
كما أن هذا يفسر أيضا وجود كثير من المربعات التى هاجم فيها ابن عروس المرأة عموما هجوما شديدا، حيث يقول:
كيد النسا يشبه الكى من مكرهم عدت هارب
يتحزموا بالحنش حى ويتعصبوا بالعقارب
ويقول:
ما ينجدك غير دمك ولا ينفعك غير مالك
واحلف يمين بعد أمك حبيب من النسا ما بقالك
ويقول:
فيهم كما همة البين والبعل مسكين قناها
وفيهم الدابة والتنين ورطه على اللى اشتراها
ويلاحظ على مربعات ابن عروس، أنها تكاد تترجم الأمثال الشعبية فى ثوب شعرى، ولم لا؟ وهذه الأمثال تعبر عن خلاصة الحكمة الشعبية التى يسعى لنشرها، حيث يقول:
كل عيش بملحك وفجلك وعيش عيشة جدودك
واتمد على قد رجلك بلاش تزيد عن حدودك
ويقول:
الندل له طعم مالح وله خصايل ذميمة
القرب منه فضايح والبعد عنه غنيمة
ويقول:
والله ما هى بسعيك ولا بكتر الخطاوى
إلا إذا كان سعدك فى كل خطوة مساوى
وقد تسبب ابن عروس بإبداعه المتميز فى شيوع فن الواو بصعيد مصر، وبخاصة بين أبناء محافظة قنا، وصار له أبناء فى هذا الإبداع مثل الشيخ أحمد محمد القوصى المولود بقنا عام 1860، والذى يقول:
الناس للكف باسطين والكل عاوز نوالك
واللى خضع لك وباس طين للشر هوه نوى لك
ومثل الشيخ حسن عبد الرحيم الفرشوطى المولود بقنا عام 1873م، والذى يقول:
ماله الهوى زاد وَسْمِى من حين بعادهم بدالى
سمت ولدها على اسمى خايف تحبه بدالى
على أن التأثير الأكبر يتمثل فى تعميق المشاركة الوجدانية بين المبدع والمتلقى فى هذا الإبداع الشفاهى، التى سمحت لفن الواو بعد رسوخه باستيعاب القص الملحمى، فكانت السيرة الهلالية الصعيدية التى تم نظمها من خلال مجموعة من مربعات الواو، حيث شاعت هذه السيرة فى صعيد مصر كله، وما زالت تتردد حتى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.