كشفت «استقالة» محمد مهدى عاكف مرشد جماعة الإخوان المسلمين، و«تفويضه» لنائبه الأول د. محمد حبيب للقيام بأعماله، لحين انتخاب مرشد جديد فى يناير المقبل، عن العديد من الأزمات التى واجهت الجماعة خلال العام الماضى. فمنذ الانتخابات التكميلية لمكتب الإرشاد، التى صعد على أثرها 5 أعضاء جدد يحسب معظمهم على تيار «القطبيين» الذى يقوده د.محمود عزت أمين عام الجماعة، والبيت الإخوانى لا يخلو من أزمة. قضية تصعيد د.عصام العريان مسئول الملف السياسى لمكتب إرشاد الجماعة لم تكن هى الأزمة الوحيدة التى اندلعت داخل الجماعة فى الفترة الماضية، فلم تكن إلا «القشة التى قصمت ظهر البعير»، بحسب وصف قيادات إخوانية. مصادر إخوانية أكدت ل«الشروق» أن عاكف مرشد الجماعة حاول جاهدا أن يقلل من حدة الخلافات، وأن يجمع الأطراف المتباينة على كلمة سواء، لكن محاولاته أخفقت، وهو الأمر الذى دفعه إلى اتخاذ قراره الأخير بعد إصابته بحالة من الإحباط واليأس من إصلاح ذات البين، وأسر إلى أحد رفاقه من مؤسسى الجماعة الأسبوع الماضى بأنه ينوى ترك منصبه وتفويض نائبه الأول للقيام بمهامه، حتى يتم انتخاب مرشد جديد فى يناير الماضى. وكشفت المصادر عن بعض الأزمات التى واجهها عاكف ودفعته لاتخاذ قراره خلال هذا العام «عام المحن»، حسب تعبير المصادر، منها الوثيقة التى أعدها خيرت الشاطر النائب الثانى للمرشد ومجموعة الإخوان المحبوسين فى سجن طرة على ذمة القضية العسكرية، التى حملت نقدا حادا لأداء مكتب الإرشاد. وقالت المصادر إن «الوثيقة التى جاءت فى 70 ورقة انتقدت اهتمام مكتب الإرشاد بتماسك كيان التنظيم على حساب تطوير أساليب الدعوة وتربية الكادر الإخوانى ولغة الخطاب الموجهة إلى الشباب من غير الإخوان». واعتبرت تلك الوثيقة أن الإغراق فى التفاصيل التنظيمية على حساب التفاعل مع القوى السياسية الأخرى وعلى حساب الحراك السياسى داخل الصف الإخوانى، أدى إلى تراجع الجماعة سياسيا، داعية إلى تجديد الدماء ودفع قيادات تربوية جديدة ودعوية مختلفة فى الصف الإخوانى. وكشفت المصادر عن أزمة أخرى تصاعدت عقب الانتهاء من إجراء انتخابات مجلس شورى المحافظات والمكاتب الإدارية، حيث شكك البعض فى نزاهة نتائج تلك الانتخابات، مطالبين بإعادتها، وعقدت بعض الاجتماعات لاحتواء تلك الأزمة منها الاجتماع الذى عقده المكتب الإدارى لإخوان البحيرة بحوش عيسى وألقى القبض فيه على مسئول المكتب محمد سويدان والدكتور جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق عن الجماعة. وأشارت المصادر إلى الخلاف الحاد الذى نشب بين ورثة محمد هلال عضو مكتب الإرشاد الذى وافته المنية الشهر الماضى وبين المكتب الإدارى لإخوان الدقهلية بسبب أمور مالية خاصة بمكتب المحاماة الذى كان يملكه هلال، وزار نائب المرشد على أثر هذا الخلاف المنصورة فى محاولة لرأب الصدع. وترى المصادر أن تلك الخلافات وغيرها أخطر على كيان الجماعة من كل الضربات الأمنية التى وجهت لها خلال الأشهر الماضية. وقال مفكر إسلامى كبير قريب من الجماعة تحفظ على ذكر اسمه «أظن أن الصراعات الداخلية هى الخطر الحقيقى على الإخوان». واعتبر هذا المفكر أن الصراعات الداخلية ستضعف القدرة العملية للإخوان ،لاسيما فى المجال التعليمى والتربوى والثقافى، وقال: «بدلا من العمل كتيار واحد، ستعمل الجماعة كتيارين متضاربين يحاول كل تيار جلب أنصار أكثر فى مجال معين»، مؤكدا أنه لو صحت تلك الخلافات فالجماعة فى مرحلة «يمكن وصفها بالتفكيك».