في محاولة لتطويق الأزمة التي فجرها تلويح محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" بالاستقالة احتجاجًا على عدم تصعيد الدكتور عصام العريان لمكتب الإرشاد، قررت الجماعة التعجيل بإجراء انتخابات لاختيار مرشد جديد خلال شهر، بدلا من الانتظار حتى يناير القادم كما هو محدد سلفًا، في خطوة تأتي في ظل مخاوف من أن تؤدى حالة الاستقطاب الحاد بين الطامحين للجلوس على كرسي المرشد إلى مزيد من الخلافات وحدوث انشقاقات فى صفوف الإخوان. يأتي القرار رغم أن الجماعة كانت قد قررت في وقت سابق تأجيل الانتخابات الداخلية، بما فيها الانتخابات المقررة لاستكمال مجلس الشورى العام، بسبب تزايد الضربات الأمنية ضد الجماعة واعتقال عدد كبير من أعضاء مجلس شورى الإخوان ورؤساء وأعضاء المكاتب الإدارية بالمحافظات المختلفة. وتنص لوائح الجماعة على قيام أعضاء مجلس شورى الجماعة (البالغ عدد أعضائه 100 عضو) ومكتب الإرشاد (16 عضوا) بالتصويت لاختيار المرشد، لكن الجماعة تخشى من تعرض قياداتها للاعتقال في حال تواجدها في مكان واحد للتصويت. وطرحت الجماعة سيناريوهات بديلة لمواجهة الحصار والضغط الأمني ضد الجماعة في حال العجز عن إتمام انعقاد مجلس الشورى، ومن بينها أن يتم قصر الانتخاب وعملية التصويت على ال 16 عضوا الحاليين بمكتب الإرشاد، والاستغناء نهائيا عن تصويت أعضاء مجلس الشورى 100 عضو. وتجيز اللائحة الداخلية قصر الانتخاب على أعضاء مكتب الإرشاد، إذا رأى أعضاؤه أن الانتخاب عن طريق تمرير الورقة الدوارة على أعضاء مجلس الشورى العام بالمحافظات سيستغرق وقتا أطول مما يرغب أعضاء مكتب الإرشاد، وذلك لحسم مسألة اختيار من سيخلف المرشد الحالي مهدي عاكف. ومن بين الأسماء المطروحة بقوة لخلافة المرشد الحالي، النائب الأول للمرشد الدكتور محمد السيد حبيب والدكتور محمود عزت الأمين العام والدكتور محمد بديع والدكتور محمد مرسي والحاج جمعة أمين. إلى ذلك، أثار اعتراف النائب الأول للمرشد الدكتور محمد حبيب في مقابلات صحفية ومنها تصريحاته لفضائية "الجزيرة" بما نشرته الصحف حول الأزمة بين عاكف وأعضاء مكتب الإرشاد وقرار المرشد بالتخلي عن مهامه لنائبه الأول، حالة غضب واستياء شديدين فى صفوف الإخوان وأعضاء مكتب الإرشاد، خاصة وأن كلامه يعد اعترافا من أعلى مسئول بالجماعة بتفاصيل الأزمة. في سياق متصل، أكد المفكر السياسي الدكتور رفيق حبيب، المقرب من جماعة "الإخوان" أن عاكف غير مقتنع على الإطلاق بالموقف الذى تبناه مكتب الإرشاد من قضية تصعيد العريان لذلك قرر تفويض نائبه محمد حبيب للقيام بمهامه، وهو ما وصفه بأنه "تصرف ديمقراطي" من عاكف الذي رفض الاستمرار فى رئاسة مؤسسة رفض كل أعضاؤها قراراته، وهو ما يعتبر انتصارا للديمقراطية والشورى حتى ولو على حساب المرشد نفسه. وطالب حبيب جماعة "الإخوان" بإعادة كتابة اللوائح الخاصة بها للحيلولة دون تكرار أزمات جديدة على غرار الأزمة التي تفجرت في قضية تصعيد العريان, وقال إن وجود مهدي عاكف كان بمثابة ميزان لحفظ التوازن داخل الجماعة، خاصة وأنه كان وسطا بين الجناح التنظيمي والجناح السياسي الإصلاحي، مشيرا إلى أن المرشد بإمكانه التراجع وإلغاء التفويض الصادر لنائبه الأول فى أية لحظة. وختم: الإخوان الآن على المحك وعليهم أن يواجهوا المشكلة وحلها لأنهم لن يستطيعوا الاستمرار فى ظل المناخ السائد حاليا، وحذر من أن الجماعة ستدفع ثمنا باهظا إذا استمر المناخ السائد حاليا.