تناولنا في التقريرين الماضيين من سلسلة تقارير ملف مجلة "وورلد سوكر" عن مستقبل كرة القدم شكل اللعبة في المستقبل ، سواء من الناحية الاقتصادية ، أو من حيث التغيرات العلمية والتكنولوجية الهائلة التي ستطرأ على اللاعبين والمدربين والحكام والملعب نفسه بأرضياته ومدرجاته. ولكن ، ماذا عن تكتيكات وفنيات اللعبة نفسها؟ هل ستبقى مهمة المدربين كما هي دون تغيير؟ هل ستطغى الخطط الدفاعية أكثر أم الطرق الهجومية؟ مع المتغيرات التي تعيشيها كرة القدم في الوقت الحالي , والتطور السريع التي يطال اللعبة بكل نواحيها من فنية إلى تسويقية إلى إحترافية إلخ. التقرير التالي يتوقع أنه قبل عام 2019 تحديدا ، ستكون أبرز التحولات التكتيكية هي غلبة الطابع الدفاعي على أداء فرق كرة القدم أكثر فأكثر , ويستدل التقرير على العودة إلى تاريخ اللعبة الذي يؤكد هذا التدرج الطبيعي ، ففي بطولة كأس العالم 1958 التي استضافتها السويد وتوجت البرازيل بلقبها , تم تسجيل 126 هدفا في 35 مباراة ، أي بمعدل 3,6 هدف في المباراة الواحدة ، وبمقارنة هذه الأرقام والإحصائيات بنظيراتها في آخر بطولة كأس العالم في ألمانيا 2006 والتي توجت إيطاليا بلقبها سنجد أن البطولة شهدت تسجيل 147 هدفا على مدار 64 مباراة ، أي بمعدل 2,3 هدف في المباراة الوحدة. وتنم هذه المقارنة الرقمية البسيطة عن أن الأداء الدفاعي يغلب على اللعبة شيئاً فشيئاً ، ولا يوجد دليل على نمو النزعة الدفاعية لفريق كرة القدم أكبر من فوز إيطاليا بمونديال 2006 معتمدةً على قوة وصلابة خط دفاعها وعدم استقبال مرماها لأي أهداف قبل أن تبادر بشن الهجمات المضادة السريعة لتحرز أهداف. وتنذر هذه الأرقام بأن عام 2019 سيشهد انتهاء معظم مباريات كرة القدم بالتعادل السلبي أو بفوز أحد الفرق بهدف واحد , وهو ما يعني أن اللعبة قد تفتقد إلى أحد أهم عوامل الإمتاع فيها وهي الأهداف , فالفرق والأندية سيكون شغلها الشاغل ألا تخسر المباراة , وإذا لم تخسر وتحقق الفوز بطريقة ما فلا بأس , وعندها سيكون الشعار الأول للعبة "خير وسيلة للدفاع هي .. الدفاع"! وتقول المجلة في تقريرها أيضا إنه ربما تعتقد بعض الفرق بأن التعادل بدون أهداف أفضل من الفوز 5-4 ، فتشير إلى أن أي مدرب في العالم لا يعنيه إلا تحقيق الانتصارات مع فريقه , فهذا هو المبدأ الشائع في الوقت الحالي , ولكن الحال قد يكون غير الحال في 2019! السير الأسكتلندي أليكس فيرجسون المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لا أحد بطبيعة الحال يختلف على قدارته , ولكن مع "نجل" فيرجسون الأمر قد يختلف بعض الشيء! فهذا دارين فيرجسون – 37 عاماً - إبن السير فيرجسون الذي اتجه إلى مجال التدريب على نهج والده , وهو يشغل حالياً منصب المدير الفني لفريق بيتربره يونايتد أحد أندية القسم الثالث في إنجلترا. ففي إحدى المباريات التي جمعت فريقه مع بريستول روفرز وتحديداً في المرحلة الخامسة من الدوري انتهت المباراة بفوز بيتربره 5-4 بعد مباراة ممتعة , ولكن الغريب أن دارين لم يكن سعيداً بهذا الفوز الغالي لفريقه ، بل إنه أكد أن المباراة كانت سخيفة ومملة لأنها شهدت تسجيل 9 أهداف من بينهم أربعة أهداف في مرمى فريقه! فكفيف يكون هذا هو تفكير مدرب من الممكن أن يكون مديراً فنياً لأحد أكبر أندية كرة القدم في إنجلترا , كيف يفضل أن يتعادل فريقه أو أن يفوز بهدف أو إثنين على أن يفوز 5-4؟! إن هذا – بحسب ما يقوله التقرير - أكبر على أن تفكير الجيل الجديد من المدربين الصاعدين يميل بشكل أكبر إلى الجانب الدفاعي عن نظيره الهجومي. وكان الفكر الدفاعي قد نشأ في إيطاليا مع بداية عقد الأربعينيات من قبل الأندية الصغيرة والفقيرة في الدوري الإيطالي لمواجهة الأندية الكبرى مثل يوفنتوس وإنتر ميلان التي كانت تتمتع وقتها بإمكانيات مادية وبشرية لم تكن قابلة للمقارنة مع سائر إندية الدوري في هذه الحقبة. وظل هذا الفكر يتطور عبر الزمن , مع ملاحظة أنه يتنامى مع مرور الوقت بالفعل ، بل وأصبح المدربون يرون أن لاعب الوسط الذي لا يؤدي واجباته الدفاعية أفضل من غيره ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل إن المهاجمين ، وخاصة طوال القامة باتوا مطالبين أكثر من أي وقت مضى بالعودة إلى الخلف في الضربات الركنية والثابتة لمراقبة مهاجمي الفريق المنافس في الكرات العالية ، ويطالبهم المدربون أحيانا ببدء الخط الدفاعي من الثلث الهجومي ، بدعوى أن الدفاع يبدأ من هنا! والسؤال الآن مع هذا التفكير الدفاعي السائد والتوقعات , كيف سيكون شكل الأداء الفني والتكتيكي لكرة القدم في 2019؟ وهل ستكون المباريات ممتعة ، بدون أهداف؟!