لا يمكن الحديث عن مستقبل كرة القدم بعد عشر سنوات دون الإشارة إلى مستقبل "الحكومة" التي تدير شئون اللعبة في العالم ، ومن سيرأس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" خلفا للسويسري جوزيف بلاتر الذي يشغل هذا المنصب منذ عام 1998. وأشارت مجلة "وورلد سوكر" في تقرير خاص عن مستقبل الفيفا في إطار ملفها المطول عن تنبؤاتها لمستقبل كرة القدم إلى أنه منذ ذلك التاريخ ، لم يفتأ بلاتر في اتخاذ العديد من القرارات المثيرة للجدل الرامية إلى تطوير اللعبة , مثل قراره بإقامة نهائيات كأس العالم عام 2002 لأول مرة في دولتين معا هما اليابان وكوريا الجنوبية ، كما أنه بعد هذا المونديال ، أصدر قراراً بعدم تأهل حامل لقب كأس العالم إلى الدورة التالية مباشرة دون تصفيات , مما جعل البرازيل بطلة كأس العالم 2002 تشارك في تصفيات أمريكا الجنوبية للتأهل لكأس العالم 2006. كما تم في عهد بلاتر اتخاذ العديد من التعديلات في قوانين التحكيم , وأثارت بعض من هذه التعديلات الكثير من الجدل ، مثل رفضه الاستعانة بالفيديو في تحكيم المباريات واحتساب الأهداف بدعوى أنه سيقلل من تأثير الحكام داخل الملاعب ، ولإمكانية التلاعب في شرائط المباريات عن طريق المونتاج. وقبل نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2004 في البرتغال , استحدث بلاتر قاعدة الهدف الفضي والتى حلت محل قاعدة الهدف الذهبي في المباريات التى تمتد للوقت الإضافي ، وأصدر أيضاً قرارا بمعاقبة أي لاعب يخلع قميصه بعد إحراز هدف بالبطاقة الصفراء , متعللاً بأن هذا التصرف خارج عن اللياقة ويؤذي شعور الفريق المنافس. وكان قراره الأكثر جدلاً بعدم لعب مباريات كرة القدم على ملاعب ترتفع فوق سطح البحر لأكثر من 2500 متر , مما أثار عضب واستهجان العديد من دول أمريكا اللاتينية وخاصة بوليفيا وكولومبيا والإكوادور. وفي 2004 ، اقترح بلاتر ان ترتدي السيدات "شورتات" ضيقه خلال مباريات كرة القدم للسيدات لتسهل من حركتهن ، وهو ما أدى إلى غضب بعض السيدات الممارسات للعبة ، ومع ذلك ، والكلام للمجلة ، فلا يملك ممارسو الكرة في أنحاء العالم أمام قراراته سوى السمع والطاعة! وعرف عن بلاتر أيضا تعاطفه مع أبناء أفريقيا , خاصة بعد زيادة ممثلي أفريقيا في كأس العالم إلى خمسة منتخبات ، وبعد قرار منح تنظيم مونديال 2010 إلى جنوب أفريقيا ، ولاقت رعايته لمشروع الهدف استحسان أبناء القارة السمراء , وهو المشروع الذي يهدف إلى تطوير ملاعب أفريقيا ، حيث أهداها أكثر من 200 ملعب نجيل صناعي. ودائماً ما يدعو بلاتر لنبذ التعصب ومحاربته داخل الملاعب , فساند الكاميروني صامويل إيتو بعد تعرضه لهتافات عنصرية في إسبانيا ، وكذلك أصر على حظر إظهار أي عبارات أو إشارات تحمل معان سياسية أو عنصرية أو دينية في ملاعب الكرة أو بعد تسجيل الأهداف. ونتيجةً لكل هذا يبقى بلاتر محل جدل وخلاف واسع بين الكثير من متابعي كرة القدم , ولكن التقرير يتوقع أن هذا "الثعلب" كما يُطلق عليه الكثيرون لن يستطيع الإبقاء على منصبه خلال السنوات القليلة المقبلة , وأنه سيودع مبنى الاتحاد في زيوريخ مع نهاية ولايته الحالية والتي بدأت في مايو 2007 ، وهي الولاية الثالثة له. ويرجع هذا التفكير إلى أن بلاتر نفسه كان قد أكد قبل انتخابه للولاية الثالثة عزمه على عدم الترشح من البداية كرئيس ل"الفيفا" ، ولكنه عدل عن قراره متعللاً بأن هناك بعض الأمور المتعلقة باللعبة والتي يتعين عليه حسمها قبل مغادرته للاتحاد. ولكن عاجلاً أم أجلاً بلاتر سيترك منصبه لعدة أسباب أولها أنه ما زال يُدير صناعة كرة القدم بنفس الأسلوب الذي تلقاه أثناء دراسة إدارة الأعمال في جامعة لوزان في منتصف القرن الماضي , ومن غير الطبيعي أن يستمر إتباع هذا الأسلوب الإداري في صناعة مثل صناعة كرة القدم التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات في عالم تتغيير وتتطور فيه كل الثوابت. وسواء بقي بلاتر أم لم يبقى ، فمستقبل كرة القدم سيكون محصورا بين أيدي ثلاث شخصيات رئيسية – كما تقول وورلد سوكر – أولهم وأقواهم هو الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "الويفا" الذي أظهر قوة غير عادية في هذا المنصب ، وهو بالمناسبة صاحب فكرة الاستعانة بحكم إضافي على خط مرمى لمساعدة الحكام على إتخاذ القرارات المتعلقة باحتساب الأهداف وركلات الجزاء. وثاني الأسماء التي تطرح نفسها على الساحة : الألماني فرانز بيكنباور رئيس نادي بايرن ميونيخ الألماني والذي تولى منصب رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم 2006 بألمانيا وكانت من أنجح الدورات التي أقيمت في تاريخ البطولة. وثالث الأسماء وآخرها هو القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم , وهو أحد الأشخاص المقربين جداً من بلاتر وكان له دور كبير خلال استضافة كوريا واليابان لمونديال 2002 ، غير أن علاقاته مع باقي الدول الآسيوية ربما تهدد فرص ترقيه في مناصب الفيفا. وسواء كان هناك بلاتر أم بلاتيني أو بن همام ، فستظل الفيفا قوية ومسيطرة على شئون اللعبة في العالم ، وسيظل لزاما على رئيسها التفكير في كل ما هو جديد من أجل إسعاد مئات الملايين من عشاق هذه اللعبة ، كما فعل بلاتر.