يطل جسم رقيق على المارة في سوق جينزا الشهير في طوكيو. ويهز أعضاء جسده، بعيونه من الأزرار السوداء وبطن كبيرة، ويلوح بينما يتأرجح إلى الخلف والأمام. ولا يخاف أحد منه، بل العكس تماما. "لطيف! وجذاب!" هذا ماقالته امرأتان يابانيتان مسنتان وهما فرحتان ووقفتا لالتقاط صور بجانبه. وجوما-تشان هو تميمة مقاطعة جوما المجاورة لطوكيو، ويفترض في الواقع أنها تمثل حصانا. وتتمايل هذه اللعبة المحبوبة بشكل كبير على نحو خطير إلى حد ما أمام مكتب جوما للسياحة، في محاولة لجذب انتباه المارة. وقد تبدو هذه التميمة طفولية للغربيين، ولكن في اليابان فإنها شيئ عادي. والآلاف من ال"يورو-كيارا"، التي تعني حرفيا "شخصيات مسترخية"، يمكن رؤيتها في جميع أنحاء اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم. فالمدن والمقاطعات وعدد لا يحصى من الشركات والمنظمات، وحتى الوزارات الحكومية، لكل منها التميمة الخاصة بها. وهناك حتى مدرسة للأشخاص الذين يقومون بارتداء الأزياء وأداء دور التمائم. ووزارة الدفاع لها تميمتان هما الأمير بيكلز وصديقته بارسيلي. من كان يفكر فى النظر إلى هاتين التميمتين، اللتين لهما "عيون كبيرة مبهجة" و "ابتسامات محبوبة"، بحسب وصف الوزارة ، في الوقت الذي تنشغل فيه اليابان بتعزيز جيشها في مواجهة التهديد من كوريا الشمالية؟ وماذا عن بيبو كون، التميمة التي تستخدمها الشرطة لإظهار أنها لينة العريكة ؟ وهذه التميمة ليست على شكل إنسان أو حيوان ، ويتكون اسمها من المقاطع الأولى للكلمتين الإنجليزيتين وهما بيبول ، ومعناها الشعب و بوليس، ومعناها الشرطة . وكتبت شرطة طوكيو في موقعها على الإنترنت أن أذنها الكبيرة تساعدها على سماع نداءات المواطنين الذين في حاجة للمساعدة، ان عيونها الكبيرة تراقب "كل مكان في المجتمع". على مدار السنوات القليلة الماضية، كان يجرى تصويت وطني للتوصل إلى التميمة الأكثر شعبية، التي يطلق عليها جائزة يورو كيارا الكبرى. ولكن التمائم ليست مجرد شئ لطيف، وانها أيضا نشاط تجاري كبير. فبالنسبة إلى مقاطعات مثل جوما، فإنها جزء لا ينبغي الاستهانة به من صورتها. ويرى خبراء مثل هيرويوكي أيهارا، مؤسس معهد ينتمي إلى شركة صناعة الألعاب بانداي، والذي يركز على صناعة التمائم، أن حب اليابان لها مرتبط بالمعتقدات القديمة وآلهتهم التي لا تعد ولا تحصى. وقال لصحيفة" اساهي شيمبون" ان اليابانيين يرون الآلهة "حتى في الحجارة على جانب الطريق، وفي جذوع الأشجار الميتة". ونتيجة لذلك، فالتمائم " كائنات تتجسد فيها المشاعر والأفكار". ويصف ساداشيج أوكي، أستاذ الإعلام والتسويق في جامعة هوسي، التمائم بأنها "الآلهة الصغيرة". وقال إن التمائم تمنح الشعورب "الراحة" لمجتمع يتعرض لضغوط الحياة اليومية. وتميمة كومامون، هى الممثل الرسمي لمقاطعة كوماموتو فيي كيوشو، وهى مجموعة من الجزر الرئيسية اليابانية الواقعة في اقصى الجنوب الغربي للبلاد، هى التميمة الأبرز. وكومامون تميمة على شكل دب مضحك، أسود يبدو اخرقا إلى حد ما وله وجنات وردية اللون، وتعني كلمة كوما باللغة اليابانية "دب" ولذا فانه جزء من اسم المدينة ومقاطعة كوماموتو. وتميمة كومامون تدر مالا حقيقيا لمقاطعتها وتظهر على عدد لا يحصى من المنتجات، بما في ذلك المواد الغذائية والملابس والحقائب وحتى القطارات. في الواقع، الأعمال التجارية المتعلقة بالتمائم ضخمة لدرجة أن وزارة المالية أعلنت، قبل عامين، عن حملة للحد من عدد التمائم والإنفاق غير الضروري الذي تشجع عليه. ولكن الحملة لم تثمر شيئا – فالبلاد تستعد على قدم وساق لمنافسة سوف يتم اطلاقها قريبا من أجل تصميم تميمة جديدة لدورة الألعاب الأوليمبية لعام 2020 التي سوف تحتضنها طوكيو.